الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصيام في الدول التي لا ليل فيها أو يقصر فيها الليل
سؤال: الفطر من غياب الشمس حتى بزوغ الفجر حوالي خمس ساعات في بلد أجنبي في السويد كيف يرى سيدي الشيخ توقيتات الصيام؟
الشيخ: الأمر سهل، أولاً: يجب النظر في تلك البلدة هل فيها غروب شمس، كما يبدو الجواب نعم.
طيب، هل فيها ظهور الشفق الأحمر ما أدري، فإن كان هناك الشفق يظهر في تلك البلدة فلا يختلف الحكم عن أي بلد آخر الِّلي فيه الليل أطول من خمس ساعات، المهم أن الوقت يوقت بغروب الشمس بالنسبة للمغرب، وبغروب الشفق الأحمر بالنسبة للعشاء، المسألة هنا لا إشكال فيها إن شاء الله.
[أما] إذا افترضنا كما نسمع أيضا، وذُكِر آنفاً: أنه بعض البلاد يستمر الشمس طالعة شهورًا يعني وكذلك الليل فَيُقَدَّر تقديرًا، وذلك بالنظر إلى أقرب البلاد المجاورة لتلك البلدة التي يستمر فيها الشمس أو الليل وفيها ليل ونهار.
فحينذاك يُقَدَّر تقديرًا، يعني مثلا أقرب بلدة كم يستمر وقت الغروب غروب الشمس، إلى أن يطلع الشفق الأحمر، نفترض مثلا ساعة أو ساعتين أو أقل على ذلك يتعامل أهل البلدة التي فيها نهار شهور طويلة أو ليل شهور عديدة.
وهكذا فالمسألة إذًا سهلة، تعود إلى تقدير أهل البلاد الساكنين فيها، بالقياس إلى بلاد المجاورين لها.
لكن في صورةٍ ممكن أن تُعالج، بل ضروري أن تعالج، وهو أنه قد يكون النهار واضح والليل متميز في بلدة من تلك البلاد التي أنت تسأل عنها، مع الفارق الكبير بين طول الليل وطول النهار.
فنقول مثلا: نفترض مع المبالغة أو بدون مبالغة، يكون النهار عشرين ساعة مش هكذا أنت تريد الموضوع؟ طيب، ويكون الليل أربع ساعات، هل يصومون
عشرين ساعة؟
الجواب: ما دام أنهم يرون الفجر ويرون غروب الشمس، فلا بد لهم من الصيام، ولو كثرت الساعات وبلغت العشرين أو قريبا من ذلك.
ولكن لا يخفى أن أيَّ حكم شرعي، إنما هو في حدود «اتقوا الله ما استطعتم» .
فمن كان يستطيع أن يصوم في تلك البلاد عشرين ساعة، ما دام اليوم بعد طلوع الفجر يبلغ هذه الساعات، فلا بد لهم من الصيام.
وأنا في اعتقادي أن الأمر هناك سهل؛ لأن الصعوبة إنما تُتَصَوّر بالنسبة للبلاد الحارة التي يتعرض فيها الإنسان الصائم إلى الشرب من الماء.
أما في البلاد الباردة فالصيام الطويل لهذه الساعات الكثيرة، ليس صعبا كما أتصور أنا الموضوع.
مع ذلك فنحن نضع القاعدة: فمن لا يستطيع أن يصوم فحكمه أحد الأمرين.
إما أن نُلحقه بالشيخ العجوز الفاني الذي لا يستطيع أن يصوم ولو في البلاد المعتدلة، مع هذا يُكَفِّر عن كل يوم إطعام مسكين.
وإما أن يستطيع أن يستغل الوقت الذي ينقلب طول النهار إلى نهار قصير فيَسْهُل عليه الصيام، فيقضي يومئذٍ ما فاته من الصيام، شأنه في ذلك شأن المريض الذي يُرْجَى شفاؤه، وليس المريض الميؤوس شفاؤه، فالمريض الميئوس شفاؤه يُلحق بالشيخ العاجز الفاني، فيُكَفِّر عن كل يوم إطعام مسكين، أما المريض الذي يرجى شفاؤه فهو كما قال تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184].
فهؤلاء الناس الذين يعيشون في ذلك الوقت الطويل نهاره، وفي رمضان، منهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع أن يصوم أداءً.
فالذي لا يستطيع أن يصوم أداءً يصوم قضاءً إن استطاع، وإلا فحكمه حكم العاجز الذي يُكَفِّر عن كل يوم إطعام مسكين.
(الهدى والنور /18/ 35: 37: .. )