الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احتج الشافعي في قوله الجديد بحجة نقلية واهية أوردتها في الرسالة المذكورة وبينت ضعفها.
[تمام المنة ص (377)]
ما هو مصرف زكاة الركاز
[قال الإمام في تعقباته على الشيخ سيد سابق رحمه الله في فقه السنة]:
قوله: «مصرف الخمس» .
قلت: ذكر فيه قولين مشهورين:
أحدهما: أن مصرفه مصرف الزكاة.
والآخر: مصرفه مصرف الفيء.
وليس في السنة ما يشهد صراحة لأحد القولين على الآخر ولذلك اخترت في «أحكام الركاز» أن مصرفه يرجع إلى رأي إمام المسلمين يضعه حيثما تقتضيه مصلحة الدولة وهو الذي اختاره أبو عبيد في «الأموال» .
وكأن هذا هو مذهب الحنابلة حيث قالوا في مصرف الركاز: «يصرف مصرف الفيء المطلق للمصالح كلها» .
[تمام المنة ص «377»]
تعريف الركاز، وهل الثروات التي في الأرض كالنفط تدخل فيه؟ وهل للشعوب حق من هذه الثروات التي تستخرجها الدول
؟
السؤال: حابين نسمع وجهة نظرك فيما يتعلق بموضوع الركاز.
الشيخ: فيما يتعلق بموضوع؟
السائل: الركاز.
الشيخ: الركاز؟
السائل: نعم.
الشيخ: آه.
السائل: بالنسبة لما يقال: بأنه حينما يكون عند دولة مال أو نفط أو ثروة، تكون هذه لعامة المسلمين ما عدا نسبة مُعَيّنة، حابين أنه رأيك في انطباق هذا الكلام على العصر الحالي، معظمها لا تطبق الإسلام كنظام حكم، وشعوبها -أيضاً- هي شعوب مسلمة كأفراد، ولكن ليست دول إسلامية، فهل ينطبق الحكم العام على هذا الموضوع، وكيف يكون الحكم في العصر الحالي؟
الشيخ: أظن البحث السابق يصلح جواباً لمثل هذا السؤال، لأنني لا أجد فيه شيئاً جديداً، إلا ما يتعلق بتفسير الركاز، وأنا سأتولى تفسير الركاز، لكن الذي طرح السؤال بأي معنى طرحه للركاز، لعله هناك ما ينبغي أن أتكلم بشيء آخر غير تفسير الركاز.
السائل: بالنسبة للثروات التي تحت الأرض؟
الشيخ: بعامة، يعني.
السائل: وبخصوص النفط بصفته الشيء الأكبر في الوقت الحاضر.
الشيخ: يقول الرسول عليه السلام: «وفي الركاز الخُمُس» وهو الطرف الأخير من حديث أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخُمُس» والمهم بطبيعة الواقع الكلام على هذه الفقرة الأخيرة، ولكني سُقْتُ الحديث بتمامه لفائدتين اثنتين:
الأولى: فائدة عامة، لعل بعض الحاضرين يكون هذا الحديث يطرق سمعه لأول مرة، وهو قوله عليه السلام:«العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» .
والفائدة الثانية هي: أن في الفقرة التي قبل الأخير وهي قوله عليه السلام: «والمعدن جبار» ما يساعدنا على الفهم الصحيح في الركاز، لأن العلماء اختلفوا في تفسير الركاز على قولين اثنين:
القول الأول: وهو الصحيح الذي لا ريب فيه، أنه دفين الجاهلية، الركاز هو دفين الجاهلية، أي: كنز مدفون قبل الإسلام، أما الكنز الذي دُفِن بعد الإسلام فليس ركازاً.
وبالتالي فالمعدن الذي خلقه الله عز وجل في الأرض، مهما كان ثميناً فضة أو ذهباً أو بلاتيناً، هذا ليس ركازاً، هذا معدن، ولذلك لما قال عليه السلام:«والمعدن جبار» فلو أراد بقوله عليه السلام: وفي الركاز الخمس كان يقول: وفيه الخمس. لكنه لم يَرِد.
المعنى الثاني: وهو الذي يقوله أبو حنيفة ومن تبعه: الركاز هو المعدن المدفون بخلق الله في الأرض.
هذا التفسير خَطَّأه علماء الفقه، وبخاصة الحجازيين منهم، وأهل اللغة قاطبة مجمعون على أن الركاز هو دفين الجاهلية.
وعلى ذلك: فإذا استحصل أو عثر مسلم على ركاز، فقد فرض فيه الشارع الحكيم الخُمُس كما فرض على الزكاة بالمائة اثنين ونص.
كما لا يجوز، من أجل هذا أنا قلت: أن الجواب عن هذا السؤال يؤخذ من البحث السابق، لا يجوز للحاكم أن يأخذ في الزكاة أكثر مما فرضه الله، ما يجوز أن يأخذ بالمائة خمسة بدل بالمائة اثنين ونصف، ما يجوز أن يأخذ بدل أربعين رأس من الغنم عشرين رأسًا من الغنم، وهكذا، لأن هذا تغيير لحكم الله، فإذا قال عليه
الصلاة والسلام: «وفي الركاز الخمس» فهو كقوله: «في الفضة العشر» «في الزرع المزروع بعلاً العشر، وفي المُسَقي سقياً نصف العشر» كل هذه حدود تدخل في عموم قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229].
أما المعادن التي تُسْتَحْصُل بأتعاب يقوم بها العامل، فهذه ليس عليها أيَّ زكاة، وإنما إذا توفر لديه مال وحال عليه الحول وقد بلغ النصاب، فعندئذٍ تجري عليه أحكام الزكاة.
فإذا عرفنا هذا التفصيل، عدنا إلى البحث السابق في المصلحة المرسلة، فإذا جَدَّ هناك عدوان على المسلمين، ولم يكن في بيت مال المسلمين ما يكفي لِصَدِّه، فيؤخذ قلنا آنفاً من أغنياء المسلمين ما يتناسب مع غناهم.
فإذا فرضنا رجلاً حديث عهد بالعثور على ركاز، فيجوز للحاكم أن يأخذ منه أكثر من الخُمُس في هذا الأمر العارض، أما أن يُجْعَل نظاماً عاماً وقانوناً مستمراً، فيعود البحث إلى القسم الأول والثاني من المصالح المرسلة، هذا جوابي عن هذا السؤال.
السؤال: فيه تفصيل، يعني: النفط الآن الذي يظهر بكميات هائلة جداً، وتستكثر الدولة وتتملك الأراضي، وتصرف من أجل استخراجه، من هذا المنطلق هو ملك للدولة، باعتبار أن الدولة هي صاحبة الأرض وهي صاحبة الاستثمار، لعل السؤال الذي أنا فهمته والذي كنا نتناوله ومطروح: أن هناك من يقول: إن المعادن المدفونة في باطن الأرض، والتي الله سبحانه وتعالى أوجدها، هناك من يقول إن للناس عامةُ الناس حق في هذه المعادن، يعني: هذا المطروح الآن، وبالتالي هي ليست ملكاً أو حكراً على أسرة تحكم الدولة، أو أنها ليست حكراً على الدولة حتى، وإن كانت لا تحكمها أصلاً، وبالتالي يجب أن يعود مردود مبيعاتها أو خيراتها على كافة المواطنين، على عكس ما يتم الآن، لأن الدولة وممثلة ببعض الأسر، حتى إذا لم يكن هناك أسر هي المالك الوحيد، وبالتالي تقسمها كما شاءت، بمعنى: أنه إذا كانت هي ملكاً للدولة، والدولة تفيد منها باقي المسلمين فلن يكون هناك حاجة لفرض ضرائب، أو ستكون حصيلة الزكاة مثلما ما حصل، مثلما تفضلت على أيام
عمر بن عبد العزيز أنه لم يكن هناك فقراء، ولكن ما نراه الآن أنه على رغم من ثراء الدولة، وعلى رغم من وجود بترول فهناك فقراء.
الشيخ: في اعتقادي أن البحث الفقهي لا ينبغي أن يُعالج على ضوء واقع من شخص أو حكومة، وإنما يُبْحَث عارياً عن أيّ انتساب لشخص أو دولة، فالحكم في هذه المسألة هو كما قلت آنفاً: جواباً مختصراً، لكن هذا التفصيل الذي أنت شرحته -آنفاً- يقتضيني أن أدخل أنا بدوري في شيء من التفصيل، ليس هناك في الإسلام الصحيح المستقى من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلفنا الصالح، ليس هناك شيء اسمه أملاك دولة، وإنما الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام:«الأرض أرض الله، والبلاد بلاد الله، فمن أحيا أرضاً مواتاً فهي له» فقوله عليه السلام: «من أحيا أرضاً مواتاً فهي له» يبطل ما يسمى اليوم في كثير من الدول العربية، بأملاك الدولة.
اللهم إلا إذا اعتبرنا الدولة شخصاً وهمياً معنوياً، فتضع يدها على بعض البلاد والأرض، لمصلحة الأمة لا لمصلحة بعض الأفراد، فهي تكون ملكاً لها بشرط أن تبادر إلى إحيائها، أما إذا وضعت علامات في الخرائط الرسمية عندها: أنه القطعة الفلاني ممتدة من حدود كذا إلى حدود كذا شرقاً وشمالاً وجنوباً .. إلخ، ثم عاشت هذه الأراضي بوراً، فهي ليست أملاك دولة، ويحق لأي فرد من أفراد المسلمين أن يحيى ما شاء منها.
فالدولة إذاً: هنا كشخص معنوي كما قلت، إذا أحيت أرضاً من هذه الأراضي فهي حكمها حكم أي فرد من أفراد الأمة، أما أن تُحَدّدها وأن تُعَطِّلها فذلك ليس إحياء، فيجوز لأي فرد حينذاك أن يأتي إلى أيِّ مكان من أيِّ أرض أن يحييها.
وطريقة الإحياء لا تخفى على الجميع أنها ليست بالزرع وبنضح الماء أو جلبه إليها، وإنما يكون باستخراج ما فيها أيضاً، في باطنها من المعادن، لهذا أنا قلت: الحكم واحد، لا يجوز للدولة أن تضع يدها على أرض مملوكة بزعم أن فيها خيرات، والدولة بحاجة إليها.
فمن هنا يجب أن نفرق بين الأرض المملوكة، فلا يجوز للدولة أن تضع يدها إلا في ظروف نادرة جداً جداً، وتأخذها بثمنها.
وهذا مما يحسن ذكره: أن الدولة السعودية تطبق هذا الإنفاق بسخاء على كثير من الأراضي، بل والعقارات التي تضع يدها عليها، فإنها تُعَوِّض مالكيها بمثل أو بأحسن من ثمن المثل، ولكن المصادرة هذه خلاف الأصل.
فإذا فرضنا أن إنساناً عنده أرض ورثها من آبائه وأجداده، فأراد أن يستثمرها، فحفر فيها بئراً، يقصد أن ينضح منها ماء، وإذا بالبئر بئر بترول، هنا الآن النظام الاشتراكي الذي انغَشَّ به بعض الدعاة الإسلاميين، وألَّفوا أكثر من كتاب واحد فيما علمت بعنوان:«الإشتراكية الإسلامية» وأباحوا في مثل هذه الكتب للدولة أن تضع يدها على مثل هذه الأرض التي نضح منها مالكها بديل الماء بترولها، هذا لا يجوز؛ لأنها خلاف الشرع، كأي مصادرة لمال المسلم ولكل ما يملكه.
ومن أشهر الكُتَّاب الإسلاميين الذين سلكوا سبيل الإشتراكيين في مثل هذه القضية أي: تجويز استملاك الدولة لبعض الأراضي المملوكة، لأن فيها معدن أو فيها بترول، هو الكاتب المشهور المعروف «بمالك بن نبي» ثم جاء من بعده الشيخ «مصطفى السباعي» رحمهم الله جميعاً، ألف رسالته أو كتاب:«الإشتراكية الإسلامية» ونحى هذا المنحى.
وهذا في الواقع أثر من آثار ما نأخذه على كثير من الجماعات الإسلامية الحزبية، فضلاً عن بعض الكُتَّاب المعاصرين الذين ينطلقون في فقههم من قاعدة يتبرأ منها الإسلام براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وهي قول الكفار:«الأصل الغاية تبرر الوسيلة» .
فبهذه القاعدة الباطلة يُشَرِّعون للناس رُؤَىً كثيرة وكثيرة جداً، هي مخالفة للأحكام الإسلامية، منها ما كنا في صدده آنفاً، أنهم يُسَوِّغون أن يمتلكوا أراضي مملوكة، وليست محياة فقط، بل مملوكة بطريقة مشروعة، كالإرث والبيع والشراء ونحو ذلك، التوسع في هذا الموضوع هو من مشاكل واقع العالم الإسلامي اليوم.
أما ما جاء في كلام أخينا سابقاً، من أن بعض الأمراء يستغلون النفط أو البترول الغزير في بعض البلاد، فهذا الاستغلال إن كان على الطريقة السابقة، وهذا ما لا أعتقده أي: أرض مشاعة وليس عندهم أرض مشاع، هي أراض مملوكة للدولة، فإذا كان هناك أرض مشاعة بور، لا يملكها أحد لا فرد ولا دولة، فحينئذٍ أيَّ فرد من أفراد الشعب، سواء كان ما يسمى أميراً أو كان مأموراً، فإذا اقتطع أرضاً من هذه الأراضي التي ليست مملوكة، بل هي تدخل في عموم الحديث السابق:«الأرض أرض الله والبلاد بلاد الله» «فمن أحيا أرضاً مواتاً فهي له» فلا فرق حينذاك: بين من يُسَمّى أميراً أو يُسَمَّى مأموراً.
لكن ما أشرت إليه ليس كذلك، فهم يستخدمون الناس في سبيل النفط أو البترول، ثم يتحكمون في التصرف فيه حسب رغباتهم ولا أقول: شهواتهم، هذا ليس من قبيل:«من أحيا أرضاً مواتاً فهي له» .
ولذلك: فيجب أن نُفَرِّق بين الحكم الشرعي، وبين الحكم الإستنباطي المخالف للشرع من جهة، وبين استغلال بعض الأحكام الشرعية للمصالح الشخصية من جهة أخرى ..
مداخلة: ..
الشيخ: هذا القول، وأنا لا أخالفك في هذا، كما أنك لم تخالفني ولن تخالفني في قولي: إننا نقول نرى الشمس تطلع ونرى الشمس تغرب، ونبني وراء شروقها وغروبها أحكاماً شرعية، لكننا لا نبني أحكاماً شرعية على قولنا علمياً، إن الشمس لا تشرق ولا تغرب، صح؟
إذاً: لا ينبغي نحن في أحكامنا الشرعية أن نتعمق، وندخل العلم النظري الفكري في تطوير بعض الأحكام الشرعية التي لدينا، وربما أفهم من جوابك السابق وتصحيحك لكلامي، أن الشمس لا تشرق ولا تغرب، أنك ستوافقني أيضاً على ما سأقول: إننا حينما نرى الشمس فوق ذروة الجبل وقِمَّة الجبل، هي في الحقيقة العلمية لا تزال وراء الجبل، إنما الأشعة العلمية هي التي رفعتها فأظهرتها
لنا فوق الجبل، نصحح هذا أم ما مر عليك هذا؟
مداخلة: ما مر علي.
الشيخ: عجيب والله! كيف يمر هذا على الشيخ وما يمر على الشاب، أنا قرأت هذا في بعض المجلات، وفي هذه النظرية عقلت شيئاً نشاهده بأعيننا أيضاً، حينما نكون في بحيرة هادئة نلقي فيها عصاة مستقيمة، نراها معوجة، صح؟
مداخلة: صح.
الشيخ: هذا تقول فيه صح أيضاً، فماذا تعليل هذا؟ هو الآشعة الضاربة على .. أي نعم، هكذا عَلَّلوا، لأن قضية الشمس حينما تكون على رأس الجبل، هي ما تكون على رأس الجبل، إنما الأشعة هي التي ترفعها، هذا بالنسبة للنظر المجرد.
المهم: فهل ندخل هنا هذه النظرية العلمية، حينما نرى الشمس على قمة الجبل، ونقول بطبيعة الحال: طلعت الشمس، وبطبيعة الحكم الشرعي خرج وقت الفجر، صح؟
لكن العلم يقول: لا، الشمس ما طلعت، نحن ندع العلم يمشي في طريق، وشرعنا كما لا يقف في طريقه أيضاً العلم، لا يجوز له أن يقف في طريق شرعنا، وبهذا نجمع بين الآراء المتضاربة.
بهذه المناسبة التي مهما حاول الشيخ «محمد عبده» في مصر أن يوفق بين الحقيقة والشريعة، لا أعني الحقيقة الصوفية، لكني أعني الحقيقة العلمية، لكن التقى محمد عبده مع الصوفية في التعبير، حاول أن يُوَفِّق بين الحقيقة الشرعية والحقيقة العلمية، فيقول: العلم والشرع لا يختلفان ولا يتضدان، ولا يتعارضان، وهذا حق.
ولكن ليس حقاً حينما قال بأنه إذا تعارضت حقيقة شرعية مع حقيقة علمية، وجب تأويل النص الشرعي للحقيقة العلمية، هنا نحن نقول: لا، نحن ندع الشرع يمشي وندع العلم يمشي، ولا حاجة بنا أن نُؤَول العلم من أجل الشرع، ولا الشرع من أجل العلم، والأمثلة سبقت آنفاً.
فإذاً: الحديث: «المؤمنون شركاء في ثلاثة» هذه الثلاثة ليست مملوكة، السر في هذا الحديث هو: أن هذه الأشياء الثلاثة ليست مملوكة، إنما هي مشاعة، فلا يجوز لإنسان أن يضع يده على بحر، ويقول: هذا أنا امتلكته، أو على نهر ويقول: أنا امتلكته، أو على غابة ويقول: أنا امتلكتها، لا، هذه الناس كلهم مشاع فيها، بل كما قلت لكم آنفاً: لا فرق بين الدولة وبين فرد من أفراد هذه الدولة، الدولة سواء مع الأفراد تماماً، ولكن اذهب إلى أرض ميتة فأحيها فإذا أحييتها فأنت مالكها، أما الأرض التي أحياها الله بالزرع أو الماء فهذه مشاعة، ولا يجوز لأحد أن يضع يده عليها، فهذا أظن جواب ما سألت، ولعي انتهيت.
مداخلة: جزاك الله خيرًا.
الشيخ: وإياك، جاء دور الأستاذ علي.
السؤال: [لو قسنا البترول على الحطب الذي يولد] النار، باعتبار أنه الحطب كان مصدر للطاقة، البترول الآن أصبح أهم بكثير من الحطب .. الطاقة، فالقياس يعني العقل والقياس ..
الشيخ: قياس مع الفرق، هذا إذا كان هناك عقل، -آنفاً- أنا سبق الجواب عن هذا، لو تأملت معي فيما قلت لأغناك عن طرح مثل هذا السؤال، فرقنا بين الغابات وبين البحار وبين الأنهار الجارية التي خلقها الله كذلك، قلنا: لا يجوز لإنسان أن يأتي ويضع يده ويلقاها لقمة سائغة، لكن قلنا: ائت إلى أرض بور وأحيها، فهي ملك لك، فالآن أنت، وقلنا: أحيها فهي ملك لك، لأنك أحييت بجهدك وبتعبك، أنت الآن تأتي إلى البترول الذي يحتاج وقد نسيت وما أسرع ما نسيت إلى شركات لنضح البترول من جوف الأرض، فجعلت هذا البترول كالأشجار في الغابات أو المياة في البحور أو في الأنهار، فماذا هذا القياس؟
هذا القياس كما يقول ابن حزم رحمه الله وهو كما نعلم جميعاً ينكر القياس أصلاً وتفريعاً، ولكنه حينما يناقش خصومه ويناقشهم في إثباتهم لبعض الأحكام بالقياس، فله جملة ممكن نعتبرها كليشة مختومة، يقول: القياس كله باطل، ولو كان
منه حق لكان هذا منه عين الباطل، وهذا قياسك عين الباطل، لأنك تقيس ما كان من عمل الإنسان وخلقه أظن ما فيه مانع من هذا التعبير؟
مداخلة: نعم ما فيه مانع.
الشيخ: أحسنت تقيس ما كان من عمل الإنسان، وما كان من خلقه، على ما كان من خلق الله وتدبيره، هذا لو كان في القياس حق، لكان هذا منه عين الباطل.
مداخلة: يعني: أنت فرقت باعتبار: هذا السائل ميسور الحصول عليه مثل أشجار الغابة، وبين هذا الذي يحتاج إلى الجهد والمال.
فهمت عليك أن فارق الجهد والمال الذي يدفع للحصول على الشيء، بينما الأموال والشركات التي تشتغل في النفط هذه -بلا شك- أتت من قبل الحكومة، ليست شركة من رأس مالها أتت.
الشيخ: يا إخوان، أنا أذكركم «والذكرى تنفع المؤمنين»: الإشكالات التي ترد في العصر الحاضر على بعض الأحكام الشرعية، سببها هو بُعْد الحكم الإسلامي عن واقع الناس.
مداخلة: والله المشايخ يقولوا بهذا القول.
الشيخ: هؤلاء المشايخ لأنهم عايشين تحت أحكام غير إسلامية.
مداخلة: تكون هذه ملك عام للمسلمين، مائة مرة سمعنا هذا من المشايخ.
الشيخ: أي نعم، لكن أظن والله أعلم، وأظن أن يكون ظني ظن المؤمن أنك ما قلت يوماً ما لهؤلاء المشايخ:«هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» ؟
مداخلة: والله أنا سألت أحد الناس الذين قالوا هذا على المنبر، معليش أذكر اسمه خطيب معروف
…
الشيخ: إذا تعتبره غيبة فإياك، أما إذا تعتبر ذكره باسمه داخلاً في ما قال الشاعر العالم:
القدح ليس بغيبة في ستة
…
متظلم ومُعَرِّف ومُحَذِّر
ومجاهر فسقاً ومستفتٍ ومن
…
طلب الإعانة في إزالة منكر
فعليك بتسميته.
مداخلة: من باب معاكسة.
الشيخ: ما الفائدة من التعريف؟
مداخلة: هذا من باب معارضة
…
مداخلة: ذكر الرجل في خطبة من خطبة، أن هذه الأموال التي يتصرفوا فيها أهل البترول، هذه أموال حق لكل مسلم، فلما خرج وانتهى من خطبته أتيت قلت له: لو أنك لك قطعة أرض، ووجدت في قطعة الأرض هذه كنز، هل هذا الكنز يجب تُوَزِّعه على المسلمين، باعتبار أن هذا ملك لكل المسلمين؟
قال: لا، طبعاً، هذا حق لي، قلت له: لماذا حق لك، وذلك حق لكل المسلمين، ما الفرق؟
قال: الفرق أن هذه أشياء ليست مثل الكنز، وبدأ يقول كلام ما أقنعني فيه، يعني: أنا الذي أعرفه في الشرع أن الذي وجد كنزًا في أرضه له، بس قضية البترول قضية جديدة وصار المشايخ ..
الشيخ: الله يأتي بطولة البال، لأنك تكلمت كثيراً، وما أجبت عن السؤال، وأظنك نسيت السؤال.
مداخلة: السؤال: «هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» ؟
الشيخ: هل فعلتها، ما قلت له، قلت له: لو كان عندك أرض هذا برهان منك أو منه، لو كان عندك أرض ووجدت فيها كنزًا .. إلخ.
مداخلة: أنت لماذا فرقت بين البترول وبين الكنز، ما هو التفريق في هذا؟
الشيخ: يا أخي الله يهديك! هل قلت له: ما هو برهانك من كتاب الله ومن
حديث رسول الله؟
مداخلة: ..
الشيخ: هذا الذي ظننت بك، فالحمد لله ظني ظن المؤمن.
مداخلة: أنا عارف
…
البترول ليس عنده دليل على الكنز والبترول، القضية عصرية.
الشيخ: لا، هداك الله، يجوز يكون عنده رأي وعنده دليل ما مرَّ عليك، لأنه كما قال تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، الإنسان ما لازم يعتد بنفسه وما يتصور أنه ناقص علم، لا، بعض العلماء يقولوا: لا يزال المرء عالماً ما لم يقل: علمت، فإذا قال: علمت فقد جهل، هذه حقيقة.
(الهدى والنور /480/ 02: 51: 00)
(الهدى والنور /481/ 44: 00: 00)
(الهدى والنور /481/ 43: 19: 00)