الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشروعية تفريق المرء لزكاته بنفسه
«قال عثمان رضى الله عنه: «هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليقضه ثم يزكى بقية ماله» . صحيح.
تنبيه: استدل المصنف بهذا الأثر والذى بعده على أنه يسن أن يفرق الزكاةَ صاحبُها ليتيقَّن وصولها إلى مستحقِّها، وليس فيهما دلالة صريحة على ذلك، فالأولى الاستدلال بما رواه البيهقى «4/ 114» فى «باب الرجل يتولى تفرقه زكاة ماله الباطنة بنفسه» عن أبى سعيد المقبرى قال:«جئت عمر بن الخطاب رضى الله عنه بمائتى درهم، قلت: يا أمير المؤمنين هذا زكاة مالى، قال: وقد عتقت يا كيسان؟ قال: قلت: نعم، قال: اذهب بها أنت فاقسمها» . وكذا رواه أبو عبيد «1805» .
قلت: وإسناده حسن.
ويشهد لذلك الحديث المتفق عليه: «سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل
…
ورجل تصدق بيمينه حتى ما تعلم شماله ما أنفقت يمينه».
[إرواء الغليل تحت حديث رقم (850)]
لا زكاة على غير المؤمن
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]: «على المؤمنين في صدقة الثمار - أو مال العقار - عشر ما سقت العين وما سقت السماء، وعلى ما يسقى بالغرب نصف العشر» .
[ترجم له الإمام بقوله: لا زكاة على غير المؤمن ثم قال]:
قال البيهقي: «وفيه كالدلالة على أنها لا تؤخذ من أهل الذمة» . قلت: وكيف تؤخذ منهم وهم على شركهم وضلالهم، فالزكاة لا تزكيهم وإنما تزكي المؤمن المزكي من درن الشرك كما قال تعالى:«خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها، وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم» . فهذه الآية تدل دلالة ظاهرة على أن الزكاة إنما
تؤخذ من المؤمنين، لكن الحديث أصرح منها دلالة على ذلك
…
وإن من يدرس السيرة النبوية، وتاريخ الخلفاء الراشدين وغيرهم من خلفاء المسلمين وملوكهم يعلم يقينا أنهم لم يكونوا يأخذون الزكاة من غير المسلمين من المواطنين، وإنما كانوا يأخذون منهم الجزية كما ينص عليها الكتاب والسنة. فمن المؤسف أن ينحرف بعض المتفقهة عن سبيل المؤمنين باسم الإصلاح تارة. والعدالة الاجتماعية تارة، فينكروا ما ثبت في الكتاب والسنة وجرى عليه عمل المسلمين بطرق من التأويل أشبه ما تكون بتأويلات الباطنيين من جهة، ومن جهة أخرى يثبتون، ما لم يكونوا يعرفون، بل ما جاء النص بنفيه. والأمثلة على ذلك كثيرة، وحسبنا الآن هذه المسألة التي دل عليها هذا الحديث وكذا الآية الكريمة، فقد قرأنا وسمعنا أن بعض الشيوخ اليوم يقولون: بجواز أن تأخذ الدولة الزكاة من أغنياء جميع المواطنين على اختلاف أديانهم مؤمنهم وكافرهم، ثم توزع على فقرائهم دون أي تفريق، ولقد سمعت منذ أسابيع معنى هذا من أحد كبار مشايخ الأزهر في ندوة تلفزيونية كان يتكلم فيها عن الضمان الاجتماعي في الإسلام، ومما ذكره أن الاتحاد القومي في القاهرة سيقوم بجمع الزكاة من جميع أغنياء المواطنين. وتوزيعها على فقرائهم! فقام أحد الحاضرين أمامه في الندوة وسأله عن المستند في جواز ذلك فقال: لما عقدنا جلسات الحلقات الاجتماعية اتخذنا في بعض جلساتها قرارا بجواز ذلك اعتمادا على مذهب من المذاهب الإسلامية وهو المذهب الشيعي. وأنا أظن أنه يعني المذهب الزيدي.
وهنا موضع العبرة، لقد أعرض هذا الشيخ ومن رافقه في تلك الجلسة عن دلالة الكتاب والسنة واتفاق السلف على أن الزكاة خاصة بالمؤمنين، واعتمد في خلافهم على المذهب الزيدي! وهل يدري القارئ الكريم ما هو السبب في ذلك؟ ليس هو إلا موافقة بعض الحكام على سياستهم الاجتماعية والاقتصادية، وليتها كانت على منهج إسلامي إذن لهان الأمر بعض الشيء في هذا الخطأ الجزئي ولكنه منهج غير إسلامي، بل هو قائم على تقليد بعض الأوربيين الذين لا دين لهم! والإعراض عن الاستفادة من شريعة الله تعالى التي أنزلها على قلب محمد صلى الله عليه وسلم لتكون نورا وهداية للناس في كل زمان ومكان، فإلى الله المشتكى من علماء السوء