الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: وهو الوجوب الشرعي، فالجواب: أن أصل صيام عاشوراء فضلاً عن تاسوعاء، ليس واجباً، وإنما هو من الأمور المستحبَّة.
اسمع .. أنت عليك أنك تسمع الجواب وتنتبه؛ حتى تفهمه:
أنا أقول: أنت قلت: هل هو واجب؟ فأنا أجيبك: أن الواجب شرعاً هو الذي لا يجوز تركه، ويعاقب تاركُه، فَلَفَتُّ نظرك إلى أن صيام عاشوراء فضلاً عن التاسوعاء، ليس فرضاً.
مداخلة: نعم فهمت، فهمت.
الشيخ: وإنما هو أمر مستحب، لكن هذا الاستحباب على درجتين:
الأولى وهي العُلْيَا: أن يصوم عاشوراء وقبلها تاسوعاء.
والمرتبة الثانية وهي الدنيا: أن يصوم عاشوراء لوحدها.
مداخلة: الله يحفظكم وجزاكم الله خيرًا.
الشيخ: وإياك، إن شاء الله.
(الهدى والنور /337/ 13: 49: 00)
إذا وافق يوم عاشوراء يومًا منهيًا عن صيامه
الشيخ: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
بمناسبة صوم يوم عاشوراء، واختلاف الرزنامات أو المفكرات في تحديد يوم عاشوراء، ما بين يوم الجمعة وما بين يوم السبت وليس من المهم الآن أن نبحث عن سبب هذا الاختلاف؛ لأنني سأدير كلمتي أو سانحتي التي سنحت لي -آنفاً- حول موضوع صيام يوم عاشوراء، إذا صادف يوماً منهياً عن صيامه، فسواء كان يوم عاشوراء
يوم الجمعة، وهو منهي عن صيامه وحده، أو صادف يوم السبت، وهو منهي عن صيامه نهياً مطلقاً سواء اقترن معه يوم قبله أو بعده، إلا فيما فرض الله عز وجل.
فخطر في بالي الحديث التالي والتعليق عليه، الحديث التالي مما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن صوم يوم عاشوراء فقال:«ذاك يومٌ صيامه يُكَفِّر السنة الماضية» ، فسئل عن صيام يوم عرفة فقال:«يكفر السنة الماضية والسنة الآتية» . فقيل له: ما تقول في صوم يوم الاثنين قال: «ذاك يوم وُلدت فيه، ويوم بعثت فيه» ، وفي لفظ:«نزل القرآن فيه» .
فجملة هذا الحديث التنصيص على فضيلة صيام ثلاثة أيام: يوم في كل أسبوع، ألا وهو يوم الاثنين، ويومان في كل سنة ألا وهو يوم عاشوراء ويوم عرفة.
فالذي خطر في بالي التنبيه عليه أن هذه الأيام الثلاثة الفاضلة، والفضيلة ترى إذا صادفت يوماً نهى الشارع الحكيم عن صيامه لأمر عارض، فهل نظل على الأصل الذي هو فضيلة صيام هذه الأيام الثلاثة، أم نخرج عن هذه الفضيلة إذا ما عرض لذلك اليوم عارض من نهي، عارض من نهي، هنا تُحَلَّ المشكلة التي تغيب عن أذهان كثير من الناس في مثل هذه المناسبة.
يوم عاشوراء إذا كان يوم السبت، فيوم السبت قد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه» .
الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى في هذا الحديث الصحيح عن صيام يوم السبت
مطلقاً إلا في الفرض، وذلك لا يكون إلا فيما فرضه الله كشهر رمضان إما أداء وإما قضاء، وإلا مع احتمال الخلاف والنزاع فيما نذره المسلم إذا نذر أن يصوم شهراً كاملاً، أو أن يصوم أسبوعاً كاملا، صار فرضاً عليه لزاماً أن يصوم هذا الشهر أو هذا الأسبوع، أما فيما لم يُفْرَض عليه مثل ما نحن فيه الآن صيام عاشوراء، عرفتم أنه يكفر السنة الماضية ولكن ليس فرضاً، كذلك عرفة قد يصادف عرفة أن يكون
يوم السبت، هل هذا يصام؟
لا يُصام إلا فيما افتُرِض عليكم، حديث صريح، يوم الاثنين إذا صادف يوم عيد كما صادف في العيد الماضي يوم خميس، ويوم الخميس -أيضاً- من الأيام الفاضلة التي حض الشارع الحكيم على صيامها -أيضاً-، فإذا صادف يوم عيد يوم الاثنين، أو يوم الخميس فهل نُغَلِّب الفضيلة على النهي، أم النهي على الفضيلة؟ تحل المشكلة بقاعدة علمية فقهية أصولية وهي:«إذا تعارض حاظر ومبيح، قُدِّم الحاظر على المبيح» .
إذا تعارض نَصَّان هذه قاعدة مهمة جداً، نهى عن كذا أو فعل كذا، نهى أن يتزوج بأربع وتزوج بأكثر من أربع، نهى عن الشرب قائماً وشرب قائماً، أشياء كثيرة وكثيرة جداً، يُغَلَّب الحاظر على المبيح، الآن هنا أمامنا مشكلة: إذا كان يوم عاشوراء يوم السبت فلا يصام؛ لأنه ليس فرضاً، فكما عالجنا مشكلة مطابقة يوم الاثنين أو الخميس ليوم عيد علينا النهي على فضيلة الصيام؛ لأنه عرض هذا النهي فقلنا: لا نصوم يوم الاثنين ولا يوم الخميس إذا وافق يوم عيد، كذلك لا نصوم يوم السبت إذا وافق يوم فضيلة، كثيراً ما نُسْأَل قد يصادف إنسان يصوم أفضل الصيام بنص حديث الرسول: صيام داود عليه السلام يصوم يوماً ويفطر يوماً، فقد يصادف يوم سبت فيسأل: هل يصومه؟ نقول: لا، لماذا؟ لأنه ليس فرضاً.
إذًا دعوا: كذلك يصادف يوم من الأيام البيض يصادف يوم سبت، هل نصومه؟ الجواب: لا، وهكذا خذوها قاعدة واستريحوا:«لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم» فإذا اعترض عليكم معترض فأتوه من باب العيد ولا محيص له عنه إطلاقاً، لا يستطيع أحد أبداً أن يؤثر صيام يوم العيد إذا صادف يوم فضيلة كيوم الاثنين ويوم الخميس، ماذا يفعل هنا المعترض إذا كان عالماً يرجع على عقبيه يقول: ما نصومه، لماذا؟ لأن الرسول نهى عن صيام يوم العيد.
إذًا: قَدّم النهي على الفضيلة، هذه قاعدة مطردة فاستريحوا.
هذا الذي أردت أن أُذَكِّر به بمناسبة حديث أبي قتادة الذي جمع فيه فضيلة ثلاثة أيام، كيف تعالج هذه الفضائل إذا ما تعارضت مع نهي؟ النهي يُقَدّم على الفضل،
لكن قد ذكرت سابقاً، وأعيد التذكير والذكرى تنفع المؤمنين وبه أُنْهي هذه الجلسة التي هي خاصة بي أنا، فأقول: أقول: قال عليه الصلاة والسلام: «من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه» .
فالمسلم الذي ترك صيام يوم الاثنين أو صيام يوم الخميس؛ لأنه صادف نهياً، هل ترك صيام هذا اليوم أو ذاك عبثاً؟ أم تجاوباً مع الشرع الحكيم مع طاعة رسوله الكريم؟ مع طاعته عليه الصلاة والسلام؟ إذًا: هو ترك صيام هذا اليوم لله فهل يذهب عبثاً؟ الجواب: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه» ، فأرجوا أن تحفظوا عني هاتين الكلمتين: من عارضكم كيف نترك صيام يوم عاشوراء مع أنه يُكَفِّر السنة، ويوم عرفة يكفر السنتين من أجل هذا الحديث، يا أخي هذا حديث غريب، هذا حديث شاذ، هذا الحديث صحيح، وكل من يُضَعِّفه فهو الضعيف المُضَعَّف؛ لأنه يُضَعِّف بدون علم، فالشاهد: فمن عارضكم عارضوه: لماذا لا تصوم يوم الخميس يوم الاثنين يوم العيد؟ يقول: لأنه نهى عن صوم يوم العيد، جوابنا هو جوابك تماماً، ولنحفظ الأمر الثاني وهو حديث الرسول:«من ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه» ، نحن واقعنا الآن أو اليوم بالنسبة لعاشوراء.
إن كان يوم عاشوراء يوم الجمعة كما هو التقويم الأردني فنحن إذًا سنصوم غداً؛ لأننا صمنا يوم الخميس، فإذًا أدركنا كفارة سنة، وإن كان كما جاءنا أن السعوديين أو السعودية بأن عاشوراء هو يوم السبت فنحن تركناه وما ..
مداخلة: الأردن السبت والسعودية ..
الشيخ: أصبت، على كل حال فنحن كما أقول أنا المثل الشامي مثل المنشار بياكل على الطالع وعلى النازل.
فنحن ربحانين سواء كان عاشوراء غداً أو بعد غدٍ؛ لأنه إن كان عاشوراء غداً فنحن سنصومه لأننا قدمنا قبل يوم الجمعة يوم الخميس، وإن كان بعد غد فنحن تركناه لله، وسيعوضنا الله خيراً منه.