الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: إذا كان مكتفي؟
الشيخ: أيوه، ما الدليل؟
مداخلة: لأنه يعتبر فقيرًا.
الشيخ: يكون ماذا؟
مداخلة: يكون مكتفي وغني، فلا يحتاج إلى أخذ المال.
الشيخ: الغني نعرف أنه يجب عليه زكاة، وأنت بتقول هذا الغني لا يجب عليه زكاة.
مداخلة: والله أنا الذي أفهم، أن الغني أنه ما يجد كفايته في سنته.
الشيخ: صحيح، بس غني عن ماذا؟ غني عن سؤال الناس، وعن أن يتكفف لأيدي الناس كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة:«أنه من سأل وله غداء يوم وعشاء ليلة، جاء يوم القيامة وعلى وجهه خموش أوخدوش أوكدوح» .
هذا هو غني عن مثل هذا السؤال المُحَرَّم عليه، لكن إذا كان مكفيَّا وجاءه مال، وهو لا يجب عليه الزكاة، فما نجد في الشرع ما يُحَرِّم عليه أن يأخذ زكاة مال الغني؛ لأنه لا يملك النصاب، نعم.
(الهدى والنور /343/ 42: 00: 00)
رد الشيخ الألباني على قول الغزالي بأن القائلين بعدم وجوب زكاة عروض التجارة قد أَضَرُّوا بالإسلام
السائل: شيخنا، الشيخ محمد الغزالى في «كتاب السنة النبوية، بين أهل الفقه وأهل الحديث» ..
الشيخ: وهل تشيخه بعدما فعل فعلته
…
؟ !
السائل: الأستاذ محمد الغزالى
…
يقول: إن القائلين بأن عروض التجارة لا
تجب فيها الزكاة، بفتواهم هذه أصاب الإسلام ضرر شديد، إذا لا يُعْقَل أن تُفْرَض الزكاة على رجل عنده فدَّان شعير، لا يكاد يخرج منه شيئًا مذكوراً، ويُتْرَك أصحاب الملايين بل المليارات لا يؤخذ منهم زكاة، فما جوابكم على هذه المقولة؟
الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-: جوابي على هذا القيل من ناحيتين:
الناحية الأولى: أنه كما عهدناه في كل زَلّاته وشطحاته التي ظهرت في كتابه الأخير، وفى ما قبله، أنه يعتمد على الرأي فيما يصدره من أحكام شرعية؛ ولا يعتمد على النقل؛ والسبب في ذلك معروف منذ قديم أن أهل الرأي لمّا كانت بضاعتهم مزجاة في علم السنة والحديث النبوي، ولذلك فهم يلجؤون لتعويض ما فاتهم من الخير، إلى الاعتماد على آرائهم وأفكارهم التي لا مستند لها من كتاب ولا سنة.
وكل إنسان يستطيع أن يفعل فِعْل أهل الرأي، أن يقول رأيي كذا، كل إنسان يستطيع هذا، وليس كذلك أن يَدَّعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا، أو أنه صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا، لأن لجوءه إلى مثل هذه الدعوة تتطلب منه جهداً كبيراً ودراسة واسعة جدا، وهو ما يُعلَم عند المحدثين بدراسة علم الجرح والتعديل من جهة، وأصول علم الحديث من جهة أخرى؛ فضلاً عن دراسة أو اطلاع واسع جداً على الأحاديث المروية في كتب السنة بأسانيدها.
وبما لا شك فيه ولا ريب، أن مثل هذه الدراسة تأخذ من عمر الإنسان حياته كلها، مهما بارك الله عز وجل له فيها؛ ولما كان هذا الأمر شاق وصعب تناوله على كثير من الناس، ولذلك وجدناهم قد استقصروا الطريق وأتوه من أقرب السبل، بلاش دراسة علم الحديث وأصول الحديث ورجال الحديث ورواة الحديث، وإنما هو الرأي، أنا أرى كذا وأعتقد كذا، ولا شيء يُكَلِّفهم من ذلك جُهْداً يُذكر.
ولقد انتبه لهذا الأمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما رُوِيَ عنه من قوله رضي الله عنه: «إذا جادلكم أهل الأهواء بالقرآن، فجادلوهم بالسنة فإن القرآن ذو وجوه» ، وهذه حقيقة، فيمكن -مثلاً- أن نأخذ آية عامة وتكون السنة قد خصصتها، فيأتي صاحب الهوى ويحتج بآية عامة؛ لجهله بما جاء في
السنة بما يخصصها أو يقيدها، حسب النصوص الواردة في القرآن الكريم.
ولذلك: نجد أهل الرأي قديماً وحديثاً استسهلوا طريق أهل الرأي واستصعبوا طريقة أهل السنة، فوقعوا في مخالفات شرعية كثيرة وكثيرة جداً، حتى في مخالفة القرآن، لأننا نعلم والحمد لله جميعاً.
نحن أهل السنة نعلم أنه لا سبيل إلى تفسير القرآن الكريم تفسيراً صحيحاً، إلا بالرجوع إلى السنة؛ فإذا لم يرجع المسلم إلى السنة في تفسير القرآن، لا شك أن مصيره مصير أيّ فرقة من الفرق القديمة التي كانت تسمى عند السلف أهل الأهواء: كالمعتزلة والمرجئة والخوارج ونحوهم ....
لابد أن يقع من أعرض عن السنة في فهمه للقرآن في شيء من هذا الانحراف، لأنه يكون قد تجاهل آيات كثيرة في القرآن الكريم تحض المسلم على أن لا يعتمد في فهمه ودراسته للقرآن الكريم على عقله، وإنما على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ هذه السنة التي أشار إليها القرآن الكريم بأنها البيان، حيث قال تبارك وتعالى في القرآن:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} [النحل: 44]، هذا البيان هو السنة.
فإذا لم يرجع ولم يرجع طالب العلم إلى السنة لفهم القرآن الكريم، فلا شك في أنه سوف ينحرف كثيراً كثيراً جداً عن مراد الله تبارك وتعالى فيما أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم من الآيات البيِّنات، للآية السابقة:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} [النحل: 44].
منطق هذا الرجل الذي يُثْبت وجوب الزكاة على عروض التجارة، يلزمه أن يثبت كثيراً من الأحكام وينسبها إلى الإسلام لمجرد الرأي، ذلك لأن العلماء -مثلاً- اتفقوا إجمالاً على أنه لا يجب الزكاة على كثير مما تُنْبت الأرض، بعد أن اختلفوا في بعض الأنواع، لكنهم -مثلاً- اتفقوا على أن الخضروات لا زكاة عليها؛ ونحن في هذا العصر نعرف بأن هناك أراضٍ كثيرة تُزْرع بالخضرة، وفى فصول من السنة مختلفة متعددة، وتُثْمر لصاحبها أموال طائلة جداً، فهل على هذه الخضر زكاة؟ الجواب: باتفاق العلماء -فيما نعلم- أنه لا زكاة عليها، بل قد جاء في السنة تحديد
الزكاة المفروضة على ما تُنْبت الأرض بأنواع أربعة، كما جاء في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه حينما أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال له عليه الصلاة والسلام:«لا تأخذ الصدقة إلا من هذه الأربعة» ، فذكر عليه الصلاة والسلام:«الحِنْطة والشعير والتمر والزبيب» .
إذاً: خرج بهذا الحصر كثير مما تنبت الأرض منه، مثلاً الذرة، وقس على ذلك الخضروات، كما ذكرنا آنفاً.
صحيح -كما أيضاً أشرت سابقاً- أن هناك بعض الأمور اختلف الفقهاء، لكن الخُضَر التي لا تُدَّخر فهذه قد اتفقوا، على الأقل المذاهب الأربعة، على أنه لا تجب الزكاة عليها.
فإذا أُخِذَت القضية بالرأي، فنخن نجد -مثلاً- الفوارق التالية: من كان عنده مائتا درهم فضة: وجب عليه الزكاة، عنده عشرون مثقال من الذهب: وجب عليه الزكاة، عنده خمس رؤوس من الإبل: وجب عليها الزكاة، عنده أربعون رأس من الغنم: وجب عليه الزكاة، فهل قيم هذه الأمور التي فُرِضَ عليها الزكاة متساوية؟ الجواب: لا، فأين قيمة الفضة لو كان هناك -مثلاً- عملة فِضِّية يتعاملها الناس اليوم من قيمة الذهب.
فلو استعملنا الرأي لقلنا ما في عدل هنا، في عشرين مثقال، عشرين دينار، يساوى اليوم تقريباً عشر جنيهات ذهبيه سعودية أو إنجليزية، بينما مائتا درهم فضية -ما أدرى على الضبط- لكن لا يساوى إلا نزرًا قليلاً من هذه القيمة، فلو أننا حكمنا الرأي لأصاب شريعة الإسلام ما أصاب اليهود والنصارى من تحريف خطير في دينهم.
ولذلك كان من الواجب علينا أن نقف عند حدود الشرع، ولا نتعداها، لقوله عز وجل:{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229].
هذا الرجل وأمثاله كثير، ممن يناقش الأحكام الشرعية -وبخاصة- إذا كان فيها اختلاف بين الفقهاء، فالراجح عنده ما حكم به عقله ورأيه.
والآن نحن نقول: يتوهم هذا الرجل وأمثاله، أن الشارع الحكيم حينما لم يفرض الزكاة على عروض التجارة، وفرضها على خمسة أوسق -مثلا- من القمح والشعير، أخذ المسألة بعقله، وهو -بلا شك- مهما كان مغرورا به، فسوف لا يستطيع إلا أن يوافق على قوله أن عقله محدود وقاصر، ولا يستطيع أن يعرف حقائق الأحكام الشرعية، إلا بالاعتماد على كتاب الله وعلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا ألغى حِكْمَة إرسال الرسل، وإنزال الكتب.
وعلى ذلك فهو استعمل عقله، فقال:«كيف يُعقل أن يفرض الزكاة على من زرع شعير، وكان قد بلغ النصاب وهو خمسة أوسق، أما رجل عنده من عروض التجارة الملايين المملينة» ومع ذلك نحن نقول: لا زكاة على عروض التجارة.
جوابنا على هذه الشبهة العقلية من ناحيتين اثنتين:
الناحية الأولى: لو فرضنا أن تاجرًا ما، عنده من عروض التجارة ما يساوي مليون ريال أو جنيه -مش مهم-، ويقابله إنسان آخر عنده مليون نقدًا وليس عروض تجارة، نحن نسأل هذا الرجل العاقل الذي يُحَكِّم عقله في أحكام الشريعة: أيُّ الرجلين تَصَرُّفه في ماله أنفع لأمته؟ الرجل الأول الذي حَوَّل المليون جنيه أو ريال إلى عروض تجارة، وحرك مصالح الناس، ونفع العشرات والمئات من الناس، أهذا أنفع للمجتمع من الناحية المادية والاقتصادية، أم ذاك الذي حَبَس وكَنَز المليون جُنَيه في الصندوق الحديدي؟ ثم هو مع ذلك، يُخرج النسبة المفروضة في المئة اثنين ونصف؟
نحن نسأل الآن أهل العلم بالاقتصاد: أيُّ الرجلين أنفع لأمته؟ أَلذي كنز ماله
وأخرج زكاته بالمائة اثنين ونصف، أم الرجل الذي طرح ماله واشترى به بضاعة ونفع أمته؟ الآن هذا السؤال يُوَجِّه إلى الحاضرين على اختلاف علمهم وثقافتهم، أيُّ الرجلين أنفع فيما تظن؟
السائل: الأول.
الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-: الأول، إذاً: هذا الرجل يغالط الناس أو أنه
يتجاهل، ومثله عندي كمثل الحَزَوَّرة التي يُحَزِّر لما كنا صغارًا، الأطفال بعضهم بعض، يفاجئ زميله في المدرسة بِدّي حَزِّرك حَزورة: قنطار من قطن أثقل وإلا من رصاص؟ يقول لا الرصاص. وهو محدود الوزن بالقنطار، والأمر بديهي جداً، فالوزن واحد، لكن فيه إيهام في اللفظ، الرصاص أثقل من القطن، لكن هو لم يلاحظ أن النسبة من حيث الوزن واحدة! ! هو لم يلاحظ أن نسبة المنفعة بالنسبة للأمة عكس ما يتواهم هو! ! حينما يتساءل مستنكراً: كيف يُعْقل أن يفرض الزكاة على من عنده كذا من المال ولا يفرض على من كان عنده من العروض التجارية الملايين المملينة. هذا هو الجواب رقم واحد.
الجواب رقم اثنين: نحن لا نقول لا يجب على عروض التجارة زكاة مطلقاً، إنما نقول ما تقتضيه الأدلة الشرعية أولاً: ثم ما تقتضيه قاعدة اليُسْر في الشريعة ثانياً {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].
نحن حينما نقول: لا زكاة على عروض التجارة، إنما نعني ما هو معروف عند المذاهب الأربعة، أن كل تاجر عليه في آخر كل سنة أن يقوِّم بضاعتَه، ثم أن يُخْرِج عن مجموع القيمة، كما لو كانت هذه القيمة في يده أو في صندوقه نقداً، فعليه أن يخرج في المائة اثنين ونصف.
هذا الذي نحن ننكره، ونقول لا دليل عليه في الشرع، لكن يُقابل هذا أننا نقول: أن هذا الرجل الغنيّ الذي حوَّل نقوده إلى بضاعة، نفع بها مجتمعه الإسلامي، لم ينجُ من الزكاة المطلقة، وأعني: أن كل تاجر يجب أن يُحَقِّق في نفسه قول الله تبارك وتعالى: {قد أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9 - 10]، وأن يُزكِّى نفسه مما طُبِعت عليه وأحضرت عليه، كما قال تعالى:{وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} [النساء: 128]، فعليه أن يزكيها، ولا يكون ذلك أبداً إلا بأن يَخْرج بقسم من ماله عن طيب نفسه.
فهذا التاجر الكبير الذي عنده أنواع من العروض، عليه أن يُخْرج منها ما تطيب به نفسه، تزكية وتطهيراً لها، هذا واجب عليه من باب استعمال النصوص العامة.
أمَّا الذين يقولون ما ذكرناه أنفاً من التقويم، فهذا ليس له أصل في الشرع.