الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإذا استويت أنت ومن معك على ظهورها (1)، فلا تقل: سبحان الّذى سخّر لنا هذا، لأن الله تبارك وتعالى قد كره أن يحمد على ما نهى عنه، ولكن قل: ربّنا من قدّم لنا هذا فزده عذابا ضعفا فى النّار (2)».
(مفتاح الأفكار ص 278، والمواهب الفتحية 2: 142)
148 - كتاب مطرف بن أبى مطرف إلى أحد إخوانه
قال ابن طيفور:
وكتب إلى مطرّف (3) بن أبى مطرّف الليثى رجل من إخوانه يسأله عن عبد الله ابن مصعب الزبيرى، فكتب إليه:
«أما بعد، فإنك كتبت إلىّ تسألنى عن عبد الله بن مصعب، كأنك هممت به أو تريد (4) القدوم عليه، فلا تفعل- أمتع الله بك (5) - فإن حسن الظنّ به لا يقع فى الفهم إلا بخذلان الله، وإن الطمع فيما عنده لا يخطر على القلب إلا من سوء التوكل على الله عز وجل، وإن الرجاء لما فى يده لا ينبغى (6) إلا بعد اليأس من روح الله، لأنه
(1) اقتبسه من قوله تعالى: «فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» . وقوله تعالى: «وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ. لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ» أى مطيقين.
(2)
اقتبسه من قوله تعالى: «قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ» .
(3)
ذكره ابن النديم فى الفهرست فى عداد البلغاء- انظر ص 182، وأورد صاحب مفتاح الأفكار هذا الكتاب، معزوا إلى بشر البلوى، فقال: «وكتب بشر البلوى إلى الشافعى يهجو عبد الله بن مصعب
…
».
(4)
فى مفتاح الأفكار «إذ سرك القدوم عليه» .
(5)
فيه «يرحمك الله» .
(6)
فيه «لا يكون» والروح: الرحمة، وأقتر: ضيق فى النفقة.
يرى أن الإقتار الذى نهى الله عز وجل عنه هو التبذير الذى يعاقب الله فيه، وأن الاقتصاد الذى أمر الله به هو الإسراف الذى يعذّب الله عليه، وأن بنى إسرائيل لم يستبدلوا العدس بالمنّ (1)، والبصل بالسّلوى، إلا لفضول أحلامهم، وقديم علم توارثوه عن آبائهم، وأن الضيافة مرفوعة، وأن الصلة موضوعة، وأن الهبة مكروهة، وأن الصّدقة منسوخة، وأن السّلف (2) بدعة، وأن التوسّع ضلالة، وأن الجود فسوق وأن السخاء من همزات الشياطين، وأن مواساة الرجل أخاه من العظائم الموبقة (3)، وأن فضاله عليه إحدى الكبائر الموجبة الهلكة، وأن الله لا يغفر أن يؤثر المرء فى الخصاصة على نفسه (4)، فقد ضلّ عند أبى بكر ضلالا يعيدا، كأن لم يسمع بالمعروف إلا فى الجاهلية الأولى الذين قطع الله دابرهم، ونهى المسلمين عن اتباع آثارهم، وكأن لم تأخذ الرّجفة آل مدين (5) عنده إلا لسخاء كان فيهم، ولم تهلك الرّيح العقيم
(1) المن: طل ينزل من السماء على الشجر، يحلو وينعقد عسلا ويجف جفاف الصمغ، وكان ينزل عليهم مثل الثلج من الفجر إلى طلوع الشمس، والسلوى: السمانى- بضم السين وتخفيف الميم والقصر- وكانت ريح الجنوب ثبعثه عليهم، وفى ذلك يقول الله تعالى:«أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ» .
(2)
السلف: القرض الذى لا منفعة للمقرض فيه غير الأجر والشكر، وعلى المقترض رده كما أخذه.
(3)
أى المهلكة.
(4)
اقتبسه من قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ» .* وقوله: «وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ» .
والخصاصة: الفقر.
(5)
مدين: بلد شعيب عليه السلام، بلد بجزيرة العرب على بحر القلزم (كقنفذ: وهو البحر الأحمر) محاذ لتبوك على نحو من ست مراحل، بناه مدين بن إبراهيم عليه السلام فسمى باسمه، وعليه. قوله تعالى:
«وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ مَدْيَنَ» . ويطلق أيضا على القبيلة، وعليه قوله تعالى:«وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» .* والرجفة: الزلزلة-