المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌27 - رسالة عبد الله بن المقفع فى الصحابة «كتبها للمنصور» - جمهرة رسائل العرب في عصور العربية - جـ ٣

[أحمد زكي صفوت]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌مقدمة

- ‌فهرس مآخذ الرسائل فى العصر العباسى الأول

- ‌الباب الرابع الرّسائل فى العصر العبّاسى الأول

- ‌1 - كتاب أبى العباس السفاح إلى الحسن بن قحطبة

- ‌2 - كتاب المنصور إلى ابن هبيرة

- ‌3 - كتاب أبى جعفر المنصور لابن هبيرة بالأمان

- ‌4 - كتب بين أبى مسلم وأبى العباس وأبى جعفر

- ‌5 - كتاب صالح بن على إلى أبى العباس السفاح

- ‌6 - كتاب أبى العباس إلى عامر بن إسمعيل

- ‌7 - كتاب سليمان بن على إلى أبى العباس

- ‌8 - كتاب يوسف بن القاسم عن عبد الله ابن على إلى أبى العباس

- ‌9 - كتاب يوسف بن القاسم إلى عبد الله بن على

- ‌10 - رد عبد الله بن على عليه

- ‌11 - كتب بين أبى مسلم وأبى العباس وأبى جعفر

- ‌12 - كتاب لعمارة بن حمزة عن أبى العباس فى وفاة داود بن على

- ‌13 - كتاب أبى مسلم إلى أبى جعفر

- ‌14 - رد أبى جعفر على ابى مسلم

- ‌16 - كتاب صالح بن على فى السلامة

- ‌17 - كتاب عبد الله بن صالح فى السلامة

- ‌18 - بين أبى مسلم وأبى جعفر

- ‌19 - كتاب أبى جعفر إلى عبد الله بن على

- ‌20 - كتاب الأمان لعبد الله بن على (كتبه ابن المقفع)

- ‌21 - كتاب أبى جعفر إلى أبى مسلم

- ‌22 - كتاب أبى مسلم إلى أبى جعفر

- ‌23 - رد أبى جعفر على أبى مسلم

- ‌24 - كتاب أبى مسلم إلى أبى جعفر

- ‌25 - كتاب أبى جعفر إلى أبى داود

- ‌26 - كتاب أبى داود إلى أبى مسلم

- ‌27 - رسالة عبد الله بن المقفع فى الصحابة «كتبها للمنصور»

- ‌28 - الرسالة اليتيمة لابن المقفع

- ‌29 - تحميد لابن المقفع

- ‌30 - كتاب ابن المقفع إلى بعض إخوانه

- ‌31 - وله فى وصف أحد إخوانه

- ‌32 - كتاب ابن المقفع إلى صديق له يهنئه بمولودة

- ‌33 - كتابه يعزى عن ولد

- ‌34 - كتابه يعزى عن ولد

- ‌35 - كتابه يعزى عن بنت

- ‌36 - كتابه يعزى عن بنت

- ‌37 - كتاب تعزية له

- ‌38 - كتاب آخر

- ‌39 - كتابه إلى صديق له يستقضيه حاجة

- ‌40 - كتاب آخر

- ‌41 - كتاب له فى السلامة

- ‌42 - كتاب آخر إلى ابن الثقفى

- ‌43 - كتاب آخر

- ‌44 - كتاب فى السلامة

- ‌45 - كتاب لابن الثقفى فى السلامة

- ‌46 - كتاب ابن المقفع إلى يحيى بن زياد الحارثى

- ‌47 - رد يحيى بن زياد على ابن المقفع

- ‌48 - كتاب أبى نصر الرقاشى إلى يحيى بن زياد

- ‌49 - جواب يحيى بن زياد

- ‌50 - كتاب حماد عجرد إلى يحيى بن زياد

- ‌52 - كتاب له فى الشكر

- ‌53 - كتاب آخر

- ‌54 - كتاب آخر

- ‌55 - كتابه إلى صالح بن على

- ‌56 - كتاب عبد الله بن الحسن إلى صديق له

- ‌57 - أبو جعفر المنصور وعبد الله بن الحسن

- ‌58 - كتاب أبى جعفر إلى النفس الزكية

- ‌59 - رد النفس الزكية على أبى جعفر

- ‌60 - رد أبى جعفر على النفس الزكية

- ‌61 - كتاب أبى جعفر إلى الحسن بن زيد

- ‌62 - كتب بين أبى جعفر وسلم بن قتيبة

- ‌63 - كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى

- ‌64 - رد عيسى بن موسى على المنصور

- ‌65 - كتاب عيسى بن موسى إلى المنصور

- ‌66 - كتاب آخر

- ‌67 - رد المنصور عليه

- ‌68 - كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى

- ‌69 - كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى

- ‌70 - كتاب عبيد الله العمرى إلى أبى جعفر المنصور

- ‌71 - رد أبى جعفر على العمرى

- ‌72 - كتاب أبى جعفر إلى محمد بن سليمان

- ‌73 - رسالة غسان بن عبد الحميد فى العتاب

- ‌74 - كتاب لغسان بن عبد الحميد فى تهنئة بتزويج

- ‌75 - تحميد له

- ‌76 - تعزية له

- ‌77 - تعزية له إلى خليفة

- ‌78 - تعزية له

- ‌79 - تعزية له

- ‌80 - تعزية له

- ‌81 - رسالة عمارة بن حمزة فى على بن ماهان

- ‌82 - كتاب له فى السلامة

- ‌83 - كتاب له

- ‌84 - كتاب جبل بن يزيد إلى بعض إخوانه

- ‌85 - كتابه إلى بعض إخوانه

- ‌86 - كتابه إلى بعض إخوانه

- ‌87 - كتاب له فى المطر

- ‌88 - تعزية له

- ‌89 - تعزية له

- ‌90 - تعزية له إلى الخليفة

- ‌91 - فصل له فى الذم

- ‌92 - كتاب بشر البلوى إلى يزيد بن منصور

- ‌93 - كتاب أبى جعفر إلى عامله بحضر موت

- ‌94 - فصل من كتاب أبى جعفر إلى الآفاق بالبيعة للمهدى

- ‌95 - كتاب بعض الهاشميين إلى المهدى وهو ولى عهد

- ‌96 - كتاب أبى جعفر عند موته يوصى بالمهدى

- ‌97 - كتاب لجبل بن يزيد تعزية وتهنئة للمهدى

- ‌98 - تعزية لغسان بن عبد الحميد عن خليفة

- ‌99 - فصل من تعزية له

- ‌100 - كتاب له فى المودة

- ‌101 - عهد من المهدى إلى أحد ولاته

- ‌102 - كتاب المهدى إلى محمد بن سليمان

- ‌103 - كتاب بشر البلوى إلى على بن سليمان

- ‌104 - كتاب عيسى بن موسى بنزوله عن ولاية العهد لموسى الهادى

- ‌105 - كتاب المهدى إلى روح بن حاتم

- ‌106 - كتاب أبى عبيد الله إلى المهدى

- ‌107 - تحميد لأبى عبيد الله

- ‌108 - تحميد لأبى عبيد الله

- ‌109 - تحميد لأبى عبيد الله

- ‌110 - تحميد لأبى عبيد الله

- ‌111 - تحميد لأبى عبيد الله فى آخر كتاب

- ‌112 - كتاب إبراهيم بن أبى يحيى الأسلمى إلى المهدى

- ‌113 - جواب تعزية لشبيب بن شيبة

- ‌114 - كتاب فى البيعة لمحمد بن حجر

- ‌115 - رسالة ابن سيابة إلى يحيى بن خالد البرمكى

- ‌116 - بين ابن سيابة وصديق له

- ‌117 - كتاب جعفر بن محمد بن الأشعث إلى يحيى بن خالد

- ‌118 - كتاب آخر

- ‌119 - كتاب آخر

- ‌120 - كتاب يوسف بن القاسم إلى يحيى بن خالد

- ‌121 - رد يحيى عليه

- ‌122 - رد يوسف بن القاسم عليه

- ‌123 - كتاب يوسف بن القاسم إلى محمد بن زياد الحارثى

- ‌124 - بين يوسف بن القاسم ومحمد بن زياد

- ‌125 - كتاب ليوسف بن القاسم عن الفضل بن يحيى

- ‌126 - كتاب يحيى بن خالد إلى ابنه الفضل

- ‌127 - رد الفضل عليه

- ‌128 - كتاب يحيى بن خالد إلى ابنه الفضل

- ‌129 - كتاب أبى العباس بن جرير إلى الفضل بن يحيى

- ‌130 - كتاب للفضل بن يحيى

- ‌131 - كتاب عمر بن مهران إلى الرشيد

- ‌132 - كتاب ابى الربيع محمد بن الليث إلى جعفر بن يحيى

- ‌133 - كتاب له فى السلامة

- ‌134 - كتاب له فى الاعتذار

- ‌135 - كتاب منصور النمرى إلى الرشيد

- ‌136 - كتاب محمد بن عبد الله بن حرب

- ‌137 - كتاب محمد بن على إلى محمد بن يحيى بن خالد

- ‌138 - رد محمد بن يحيى عليه

- ‌139 - كتاب جعفر بن يحيى إلى أحد عماله

- ‌140 - كتاب حميد بن مهران إلى عامل معزول

- ‌141 - تحميد لأنس بن أبى شيخ

- ‌142 - كتاب بشر البلوى إلى إبراهيم بن عبد الله الحجبى

- ‌143 - كتاب بشر البلوى إلى إبراهيم بن عبد الله الحجبى

- ‌144 - كتابه إلى الحجبى

- ‌145 - كتابه إلى يحيى بن خالد البرمكى

- ‌146 - كتابه إلى يحيى بن خالد البرمكى

- ‌147 - كتابه إلى بشار بن رضابة

- ‌148 - كتاب مطرف بن أبى مطرف إلى أحد إخوانه

- ‌149 - كتاب آخر له

- ‌150 - كتاب آخر

- ‌151 - كتاب آخر

- ‌152 - كتاب آخر

- ‌153 - كتاب آخر

- ‌154 - كتاب آخر

- ‌155 - كتاب آخر

- ‌156 - كتاب آخر

- ‌157 - كتاب آخر

- ‌158 - كتاب يحيى بن خالد إلى ابنه جعفر

- ‌159 - كتاب يحيى بن خالد إلى أيوب بن هرون بن سليمان

- ‌160 - كتاب يحيى بن خالد إلى الرشيد

- ‌161 - بين يحيى بن خالد والرشيد

- ‌162 - عهد الأمين على نفسه للرشيد

- ‌163 - صورة أخرى

- ‌164 - عهد المأمون على نفسه للرشيد

- ‌165 - كتاب الرشيد إلى عماله

- ‌166 - رسالة يحيى بن زياد الحارثى فى تقريظ الرشيد

- ‌168 - كتاب نقفور ملك الروم إلى الرشيد

- ‌169 - رد الرشيد عليه

- ‌170 - رواية أخرى

- ‌171 - كتاب الرشيد إلى على بن عيسى بن ماهان

- ‌172 - عهد الرشيد لهرثمة بن أعين وقد ولاه خراسان

- ‌173 - كتاب هرثمة بن أعين إلى الرشيد

- ‌174 - رد الرشيد عليه

- ‌175 - كتاب لهرثمة بن أعين

- ‌176 - كتاب لقمامة بن زيد فى السلامة إلى الخليفة

- ‌177 - كتاب آخر

- ‌178 - كتاب إسحق بن الخطاب إلى الهزبر بن صبيح

- ‌179 - كتاب إسحق بن الخطاب إلى زيد بن الفرج

- ‌180 - كتاب للهزبر فى التنصل

- ‌181 - كتاب محمد بن كثير إلى الرشيد

- ‌182 - كتاب أبى هرون العبدى إلى زبيدة بنت جعفر

- ‌183 - كتاب الأمين إلى أخيه المأمون

- ‌184 - كتاب الأمين إلى أخيه صالح

- ‌185 - كتاب عيسى بن واضح إلى الفضل بن الربيع

- ‌186 - كتاب موسى بن عيسى إلى الأمين

- ‌187 - كتاب المامون إلى الأمين

- ‌188 - رد الأمين على المأمون

- ‌189 - رد المأمون على الأمين

- ‌190 - رد الأمين على المأمون

- ‌191 - كتاب المأمون إلى الأمين

- ‌192 - رد أحد أعيان أهل العسكر

- ‌193 - كتاب رسول المأمون إليه

- ‌194 - رد الأمين على المأمون

- ‌195 - كتاب المامون إلى أعيان أهل العسكر ببغداد

- ‌196 - كتاب المامون إلى على بن عيسى بن ماهان

- ‌197 - كتاب المأمون إلى الأمين

- ‌198 - كتاب الأمين إلى المامون

- ‌199 - رد المأمون على الأمين

- ‌200 - كتاب طاهر بن الحسين إلى المامون

- ‌201 - كتاب الأمين إلى طاهر بن الحسين

- ‌202 - كتاب طاهر بن الحسين إلى المأمون

- ‌203 - كتاب طاهر بن الحسين إلى أبى عيسى بن الرشيد

- ‌204 - كتاب السيدة زبيدة إلى المأمون

- ‌205 - كتاب السيدة زبيدة إلى المأمون

- ‌206 - رد المأمون عليها

- ‌207 - كتاب أحمد بن يوسف فى قتل الأمين

- ‌208 - رسالة الخميس لأحمد بن يوسف

- ‌209 - تحميد لأحمد بن يوسف إلى الولاة عن الخليفة

- ‌210 - تحميد لأحمد بن يوسف

- ‌211 - تحميد لأحمد بن يوسف فى فتح السند

- ‌212 - تحميد لكاتب خزيمة بن خازم فى فتح الصنارية

- ‌213 - كتاب للفضل بن سهل

- ‌214 - كتاب إبراهيم بن إسماعيل بن داود إلى ذى الرياستين

- ‌215 - كتاب إبراهيم بن إسماعيل إلى على بن الهيثم

- ‌216 - رد ابن الهيثم عليه

- ‌217 - كتاب الحسن بن سهل إلى أخيه الفضل

- ‌218 - كتاب الفضل بن سهل إلى أخيه الحسن

- ‌219 - عهد المامون لعلى بن موسى الرضى

- ‌220 - صدر رسالة لإبراهيم بن المهدى فى الخميس

- ‌221 - رسالة الشكر لأحمد بن يوسف

- ‌222 - كتاب المأمون إلى الحسن بن سهل يعزيه بأخيه

- ‌223 - كتاب المأمون إليه يعزيه بأبيه

- ‌224 - كتاب المأمون إليه

- ‌225 - كتاب الحسن بن سهل إلى المأمون

- ‌226 - كتاب الحسن بن سهل إلى محمد بن سماعة القاضى

- ‌227 - رد ابن سماعة عليه

- ‌228 - كتاب الحسن بن سهل إلى الحسن بن وهب

- ‌229 - رد الحسن بن وهب عليه

- ‌230 - كتاب المطلب بن عبد الله بن مالك إلى الحسن بن سهل

- ‌231 - رد الحسن بن سهل عليه

- ‌232 - ومن فصول الحسن بن سهل

- ‌233 - كتاب الفضل بن الربيع إلى المأمون

- ‌234 - كتاب أحمد بن يوسف إلى المأمون

- ‌235 - كتابه إلى المأمون

- ‌236 - كتابه إلى إبراهيم بن المهدى

- ‌237 - كتاب له عن المامون

- ‌238 - كتابه إلى بعض إخوانه يهنئه بمولود له

- ‌239 - كتاب آخر

- ‌240 - كتاب آخر

- ‌241 - كتاب آخر

- ‌242 - كتابه فى تهنئة بإفراق من مرض

- ‌243 - كتاب له

- ‌244 - كتابه إلى بعض أخلائه

- ‌245 - كتاب له

- ‌246 - ومن كلامه

- ‌247 - ومن كلامه

- ‌248 - ومن كلامه

- ‌249 - كتاب له فى الاعتذار

- ‌250 - ومن كلامه

- ‌251 - كتابه إلى بنى سعيد بن مسلم

- ‌252 - كتاب له

- ‌253 - كتاب لأحمد بن يوسف فى العدل والإنصاف

- ‌254 - كتابه فى إنصاف قوم تظلموا

- ‌255 - كتاب له فى السلامة

- ‌256 - وله صدر فى السلامة

- ‌257 - فصل له فى السلامة

- ‌258 - فصل له فى الشكر

- ‌259 - فصل له فى الشكر

- ‌260 - كتاب له فى الشكر

- ‌261 - كتاب له فى الاعتذار

- ‌262 - كتاب آخر

- ‌263 - كتاب آخر

- ‌264 - كتاب آخر

- ‌265 - كتاب له فى حاجة

- ‌266 - كتاب له فى الشوق

- ‌267 - فصل له فى الإخاء

- ‌268 - كتاب له فى العتاب

- ‌269 - كتاب له فى الذم

- ‌270 - كتاب له فى الذم

- ‌271 - كتاب إلى أحمد بن يوسف من صديق له

- ‌272 - كتاب القاسم بن يوسف إلى صديق له

- ‌273 - كتاب أحد غلمان الديوان إلى آخر منهم

- ‌274 - رده عليه

- ‌275 - رسالة سهل بن هرون فى البخل

- ‌276 - كتاب سهل بن هرون إلى صديق له

- ‌277 - كتابه إلى صدق له

- ‌278 - ومن رسالة له يفضل الزجاج على الذهب

- ‌279 - كتاب الحسن بن سهل إلى سهل بن هرون

- ‌280 - كتاب العتابى إلى بعض إخوانه

- ‌281 - كتاب آخر له

- ‌282 - كتاب آخر له

- ‌283 - كتابه إلى بعض أهل السلطان

- ‌284 - كتابه إلى صديق له

- ‌285 - تعزية له

- ‌286 - كتاب له

- ‌287 - فصول للعتابى

- ‌288 - كتاب لابن الكلبى

- ‌289 - كتاب آخر

- ‌290 - كتاب على بن عبيدة إلى ابن الكلبى

- ‌291 - كتاب عنبسة بن إسحق إلى المأمون

- ‌292 - رد المأمون عليه

- ‌293 - كتاب طاهر بن الحسين إلى يحيى بن حماد

- ‌294 - كتاب يحيى بن حماد إلى طاهر

- ‌295 - عهد طاهر بن الحسين لابنه عبد الله

- ‌296 - كتاب إلى طاهر بن الحسين من بعض عماله

- ‌297 - رد طاهر عليه

- ‌298 - كتاب إبراهيم بن المهدى إلى طاهر

- ‌299 - كتاب أحمد بن يوسف إلى عبد الله بن طاهر يعزيه بأبيه

- ‌300 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى نصر بن شبث

- ‌301 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى نصر بن شبث

- ‌302 - أمان عبد الله بن طاهر لنصر بن شبث

- ‌303 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى عبد الله بن السرى

- ‌304 - كتاب المامون إلى عبد الله بن طاهر

- ‌305 - كتاب أحمد بن يوسف إلى عبد الله بن طاهر

- ‌306 - كتاب الهزبر بن صببح إلى عبد الله بن طاهر

- ‌307 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى الحسن بن عمرو

- ‌308 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى المأمون

- ‌309 - كتاب المأمون إلى قثم بن جعفر

- ‌310 - كتاب أبى العتاهية إلى الفضل بن معن بن زائدة

- ‌311 - كتاب عمرو بن مسعدة إلى المأمون

- ‌312 - رد المامون عليه

- ‌313 - كتاب عمرو بن مسعدة إلى الحسن بن سهل

- ‌314 - كتابه إلى الحسن بن سهل

- ‌315 - كتابه إلى المأمون

- ‌316 - كتابه فى وصاة

- ‌317 - كتابه إلى بعض أصحابه

- ‌318 - كتابه إلى المامون

- ‌319 - كتابه إلى بعض الرؤساء

- ‌320 - كتابه له

- ‌321 - كتابه إلى أبى الرازى

- ‌322 - كتاب إبراهيم بن العباس إلى عمرو بن مسعدة

- ‌323 - كتاب أبى جعفر الكرمانى إلى المأمون

- ‌324 - كتابه إلى بختيشوع

- ‌325 - كتاب العباس بن الحسن إلى جرير بن يزيد

- ‌326 - كتاب العباس بن الحسن إلى المامون

- ‌327 - كتاب لجرير بن زيد البجلى

- ‌328 - كتاب آخر

- ‌329 - كتاب آخر

- ‌330 - كتاب محمد بن سعيد فى السلامة

- ‌331 - كتاب إلى المامون من عامل

- ‌332 - كتاب رجل إلى المأمون

- ‌333 - رد المأمون عليه

- ‌334 - كتاب إحدى جوارى المامون إليه

- ‌335 - الرقعة التى علقت على رأس على بن هشام بعد قتله

- ‌336 - كتاب ثوفيل ملك الروم إلى المامون

- ‌337 - رد المأمون عليه

- ‌338 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى إسحاق بن إبراهيم

- ‌339 - رد إسحق بن إبراهيم عليه

- ‌340 - كتاب ابن الحرون إلى أحد إخوانه

- ‌341 - كتاب المأمون إلى إسحق بن إبراهيم

- ‌342 - كتاب المأمون إلى إسحق بن إبراهيم

- ‌343 - كتاب المأمون إلى إسحق بن إبراهيم

- ‌344 - كتاب منصور بن محمد إلى المريسى

- ‌345 - كتاب راشد الكاتب إلى محمد بن عبد الملك الزيات

- ‌346 - رد ابن الزيات عليه

- ‌347 - كتاب المأمون إلى عماله

- ‌فهرس الجزء الثالث من جمهرة رسائل العرب الباب الرابع الرسائل فى العصر العباسى الأول

- ‌فهرس أعلام الكتاب مرتب بترتيب الحروف الهجائية مع إتباع اسم كلّ كاتب بأرقام الصفحات التى وردت فيها رسائله

- ‌فهرس بعض ما ورد فى الهامش من الفوائد التى قد يحتاج القارئ إلى مراجعتها

الفصل: ‌27 - رسالة عبد الله بن المقفع فى الصحابة «كتبها للمنصور»

‌26 - كتاب أبى داود إلى أبى مسلم

فكتب أبو داود إلى أبى مسلم:

«إنا لم نخرج لمعصية خلفاء الله، وأهل بيت نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا تخالفنّ إمامك، ولا ترجعنّ إلا بإذنه» .

فرجع إلى أبى جعفر، فأمهله ثم قتله (1). (وكان ذلك سنة 137 هـ).

(تاريخ الطبرى 9: 163)

‌27 - رسالة عبد الله بن المقفع فى الصحابة «كتبها للمنصور»

«أما بعد- أصلح الله أمير المؤمنين، وأتمّ عليه النعمة، وألبسه المعافاة والرحمة- فإن أمير المؤمنين- حفظه الله- يجمع مع علمه المسألة والاستماع، كما كان

(1) سار أبو مسلم إلى أبى جعفر فلما دنا من المدائن أمر أمير المؤمنين الناس فتلقوه، فلما دخل على أبى جعفر أدناه وأكرمه، ثم قال له انصرف يا عبد الرحمن فأرح نفسك وادخل الحمام ثم اغد علىّ، فللما أصبح أرسل إليه فأتاه، وكان المنصور قد أحضر أربعة ممن يثق بهم من الحرس، وقال لهم:

كونوا خلف الرواق فإذا صفقت فاخرجوا فاقتلوه، فلما دخل عليه أبو مسلم قال له: أخبزنى عن سيفين وجدتهما فى عسكر عبد الله بن على، فقال أبو مسلم: هذا أحدهما. وكان فى يده سيف، فأخذه أبو جعفر ووضعه تحت فراشه، ثم أقبل عليه يعاتبه ويقرعه، ويقول له: فعلت وفعلت، وهو يعتذر إليه مما اتهمه به، حتى قال له: فمراغمتك وخروجك إلى خراسان؟ قال. خفت أن يكون قد دخلك منى شىء، فقلت آتى خراسان فأكتب إليك بعذرى، ثم قال له: يا أمير المؤمنين ليس يقال هذا لى بعد بلائى وما كان منى، فقال: يا بن الخبيثة، والله لو كانت مكانك أمة سوداء لفعلت ما فعلت، إنما عملت ما عملت فى دولتنا وبريحنا، ولو كان ذلك إليك ما قطعت فتيلا، ثم ضرب بيديه فخرج أولئك النفر فخبطوه بالسيوف، فصاح: يا أمير المؤمنين استبقنى لعدوك، فقال المنصور: لا أبقانى الله إذن، وأى عدو لى أعدى منك! ثم أمر به فلف فى بساط.

ودخل عيسى بن موسى بعد قتله- وكان قد كفل بأمانه حين أمنه المنصور- فقال: يا أمير المؤمنين، أين أبو مسلم. قال: قد كان هاهنا آنفا، فقال عيسى: با أمير المؤمنين قد عرفت طاعته ونصيحته ورأى الإمام إبراهيم كان فيه، فقال: يا أنوك (أى يا أحمق) والله ما أعلم فى الأرض عدوا أعدى لك منه، هاهو ذاك فى البساط، فقال عيسى: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ فقال له المنصور: خلع الله قلبك، وهل كان لكم ملك أو سلطان أو أمر أو نهى مع أبى مسلم! - انظر تاريخ الطبرى (9: 167 والفخرى ص 153).

ص: 30

ولاة الشرّ يجمعون مع جهلهم العجب والاستغناء، ويستوثق لنفسه بالحجّة، ويتخذها على رعيته فيما يلطف له من الفحص عن أمورهم، كما كان أولئك يكتفون بالدّعة، ويرضون بدحوض (1) الحجة، وانقطاع العذر فى الامتناع أن يجترئ عليهم أحد برأى أو خبر، مع تسليط الذّئاب (2)، وقد عصم الله أمير المؤمنين- حين أهلك عدوّه، وشفى غليله، ومكّن له فى الأرض، وآتاه ملكها وخزائنها- من أن يشغل نفسه بالتمتّع والتفيّش (3)، والتأثّل والأخلّاء (4)، وأن يرضى ممن آوى (5) بالمتاع به، وقضاء حاجة النفس منه، وأكرم الله أمير المؤمنين باستهانة ذلك واستصغاره إياه، وذلك من أبين علامات السعادة، وأتجح الأعوان على الخير، وقد قصّ الله عز وجل علينا من نبأ يوسف بن يعقوب: أنه لمّا تمّت نعمة الله عليه، وآتاه الملك، وعلّمه من تأويل الأحاديث، وجمع له شمله، وأقرّ عينه بأبويه وإخوته، أثنى على الله عز وجل بنعمته، ثم سلاعما كان فيه، وعرف أن الموت وما بعده هو أولى، فقال:«تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ» .

وفى الذى قد عرفنا من طريقة أمير المؤمنين ما يشجّع ذا الرأى على تناوله بالخبر فيما ظنّ أنه لم يبلغه إياه غيره، وبالتذكير بما قد انتهى إليه، ولا يزيد صاحب الرأى على أن يكون مخبرا أو مذكّرا، وكلّ عند أمير المؤمنين مقبول إن شاء الله، مع أن مما يزيد ذوى الألباب نشاطا إلى إعمال الرأى فيما يصلح الله به الأمة فى يومها، أو غابر دهرها، الذى أصبحوا قد طمعوا فيه، ولعل ذلك أن يكون على يدى أمير

(1) دحضت الحجة كمنع دحوضا: بطلت.

(2)

فى الأصل «الديان» وهو تحريف.

(3)

فى الأصل «التفتيش» وهو تحريف، والتفيش: ادعاء الشىء والفخر به باطلا، ويقال:

فاش الرجل فيشا: أى افتخر وتكبر ولا شىء عنده، وفلان فياش: إذا كان نفاخا بالباطل وليس عنده طائل، وتأثل المال: جمعه.

(4)

فى الأصل والإخلاد وهو صحيح على تقدير: والإخلاد إلى الدعة والرفاهية: أى الميل إليها، وأرى أنه «الأخلاء» ويقوى ذلك ما بعده.

(5)

أى ممن آواه.

ص: 31

المؤمنين، فإن مع الطمع الجدّ، ومع اليأس القعود، وقلما ضعف الرّجاء إلّا ذهب الرّخاء، وطلب المؤيس عجز، وطلب الطامع حزم، ولم ندرك الناس نحن وآباؤنا إلّا وهم يرون فيها خلالا تقطع الرأى، وتمسك بالأفواه: من حال وال لم يهمّه الإصلاح، أو أهمّه ذلك، ولم يثق فيه بفضل رأى، أو كان ذا رأى ليس مع رأيه صول بصرامة أو حزم، أو كان ذلك استئثارا منه على الناس بنشب (1)، أو قلة تقدّم لما يجمع أو يقسم، أو حال أعوان تبتلى بهم الولاة ليسوا على الخير بأعوان، وليس لهم إلى اقتلاعهم سبيل، لمكانهم من الأمر، ومخافة الدّول (2) والفساد إن هو هاجهم أو انتقص ما فى أيديهم، أو حال رعيّة متّزرة (3)، ليس لها من أمرها النّصف فى نفسها، فإن أخذت بالشدة حميت، وإن أخذت باللين طغت، وكل هذه الخلائق قد طهّر الله منها أمير المؤمنين، فآتاه الله ما آتاه فى نيّته ومقدرته وعزمه، ثم لم يزل يرى ذلك منه الناس، حتى عرفه منه جهّالهم، فضلا عن علمائهم، وصنع الله لأمير المؤمنين ألطف الصّنع فى اقتلاع من كان يشركه فى أمره على غير طريقته ورأيه، حتى أراحه الله وآمنه منهم، بما جعلوا من الحجّة والسبيل على أنفسهم (4)، وما قوّى الله عليه أمير المؤمنين فى رأيه واتباعه مرضاته، وأذلّ الله لأمير المؤمنين رعيّته، بما جمع له من اللين والعفو، فإن لان لأحد منهم ففى الإثخان (5) له شهيد على أن ذلك ليس بضعف ولا مصانعة، وإن اشتدّ على أحد منهم ففى العفو شهيد على أن ذلك ليس بعنف ولا خرق، مع أمور سوى ذلك نكفّ عن ذكرها كراهة أن نكون كأنّا نصبنا للمدح، فما أخلق هذه الأشياء أن تكون عتادا (6) لكل جسيم من الخير فى الدنيا والآخرة، واليوم والغد، والخاصة والعامّة، وما أرجانا لأن يكون أمير المؤمنين

(1) النشب: المال الأصيل.

(2)

جمع دولة: وهى انقلاب الزمان.

(3)

اتزر: ركب الوزر بالكسر أى الذنب والإثم، والنصف: الإنصاف.

(4)

يعرض بأبى مسلم الخراسانى.

(5)

أثخنه: غلبه وأوهنه، وفى الأصل «ففى الإلحان» وأراه محرفا.

(6)

العتاد: العدة.

ص: 32

- بما أصلح الله الأمة من بعده- أشدّ اهتماما من بعض الولاة بما لا يصلح رعيته فى سلطانه، وما أشدّ ما قد استبان لنا أن أمير المؤمنين أطول بأمر الأمة عناية، ولها نظرا وتقديرا، من الرجل منا بخاصّة أهله، ففى دون هذا ما يثبّت الأمل، وينشّط للعمل، ولا قوة إلا بالله، ولله الحمد، وعلى الله التمام.

فمن الأمور التى يذكّر بها أمير المؤمنين- أمتع الله به- أمر هذا الجند من أهل خراسان، فإنهم جندلم يدرك مثلهم فى الإسلام، وفيهم منعة بها يتمّ فضلهم إن شاء الله أمّا هم فأهل بصر بالطاعة، وفضل عند الناس، وعفاف نفوس وفروج، وكفّ عن الفساد، وذلّ للولاة، فهذه حال لا نعلمها توجد عند أحد غيرهم. وأمّا ما يحتاجون فيه إلى المنفعة من ذلك، فتقويم أيديهم ورأيهم وكلامهم، فإن فى ذلك اليوم أخلاطا (1): من رأس مفرط غال، وتابع متحيّر شاكّ، ومن كان إنما يصول على الناس بقوم لا يعرف منهم الموافقة فى الرأى والقول والسّيرة، فهو كراكب الأسد الذى يوجل (2) من رآه، والراكب أشدّ وجلا؛ فلو أن أمير المؤمنين كتب لهم أمانا معروفا بليغا وجيزا، محيطا بكل شىء يجب أن يعملوا (3) به أو يكفّوا عنه، بالغا فى الحجّة، قاصرا عن الغلوّ، يحفظه رؤساؤهم حتى يقودوا به دهماءهم (4)، ويتعهّدوا به منهم من دونهم من عرض الناس، لكان ذلك إن شاء الله لرأيهم صلاحا، وعلى من سواهم حجّة، وعند الله عذرا، فإن كثيرا من المتكلمين من قوّاد أمير المؤمنين اليوم إنما عامّة كلامهم فيما يؤمر الأمر، ويزعم الزّعم أن أمير المؤمنين لو أمر الجبال أن تسير سارت، ولو أمر أن تستدبر القبلة بالصلاة فعل ذلك، وهذا كلام قلّما يرتضيه من كان مخالفا، وقلّما يرد فى سمع السامع إلا أحدث فى قلبه ريبة

(1) فى الأصل «اختلاطا» وهو تحريف.

(2)

أى يخاف.

(3)

فى الأصل «أن يقول» وهو تحريف.

(4)

الدهماء: جماعة الناس، وعرض الناس بالضم ويفتح: معظمهم.

ص: 33

وشكّا، والذى يقول أهل القصد من المسلمين هو أقوى للأمر، وأعزّ للسلطان، وأقمع للمخالف، وأرضى للموافق، وأثبت للعذر عند الله عز وجل.

فإنا قد سمعنا فريقا من الناس يقولون: لا طاعة للمخلوق فى معصية الخالق، بنوا قولهم هذا بناء معوجّا فقالوا: إن أمرنا الإمام بمعصية الله فهو أهل أن يعصى، وإن أمرنا الإمام بطاعة الله فهو أهل أن يطاع، فإذا كان الإمام يعصى فى المعصية، وكان غير الإمام يطاع فى الطاعة، فالإمام ومن سواه على حقّ الطاعة سواء، وهذا قول معلوم يجده الشيطان ذريعة إلى خلع الطاعة، والذى فيه أمنيّته لكى يكون الناس نظائر، ولا يقوم بأمرهم إمام، ولا يكون على عدوّهم منهم ثقل.

سمعنا آخرين يقولون: بل نطيع الأئمة فى كل أمورنا، ولا نفتّش عن طاعة الله ولا معصيته، ولا يكون أحد منا عليهم حسيبا، هم ولاة الأمر وأهل العلم، ونحن الأتباع وعلينا الطاعة والتسليم، وليس هذا القول بأقلّ ضررا فى توهين (1) السلطان، وتهجين الطاعة، من القول الذى قبله، لأنه ينتهى إلى الفظيع المتفاحش من الأمر، فى استحلال معصية الله جهارا صراحا (2).

وقال أهل الفضل والصواب: قد أصاب الذين قالوا: لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، ولم يصيبوا فى تعطيلهم طاعة الأئمة، وتسخيفهم إياها، أصاب الذين أقرّوا بطاعة الأئمة لما حقّقوا منها، ولم يصيبوا ما أبهموا من ذلك فى الأمور كلّها.

فأمّا إقرارنا بأنه لا يطاع الإمام فى معصية الله، فإنما ذلك من عزائم الفرائض والحدود التى لم يجعل الله لأحد عليها سلطانا، ولو أن الإمام نهى عن الصلاة والصيام والحج، أو منع الحدود وأباح ما حرّم الله، لم يكن له فى ذلك أمر.

فأمّا إثباتنا للإمام الطاعة فيما لا يطاع فيه غيره، فإن ذلك فى الرأى والتدبير والأمر

(1) التوهين: الإضعاف، والتهجين: التقبيح.

(2)

يقال: شتمه مصارحة وصراحا بالضم والكسر: أى مواجهة.

ص: 34

الذى جعل الله أزمّته وعراه بأيدى الأئمة، ليس لأحد فيه أمر ولا طاعة، من الغزو والقفول (1)، والجمع والقسم، والاستعمال والعزل، والحكم بالرأى فيما لم يكن فيه أثر، وإمضاء الحدود والأحكام على الكتاب والسّنة، ومحاربة العدو ومخادعته، والأخذ للمسلمين والإعطاء عليهم، وهذه الأمور وأشباهها من طاعة الله عز وجل الواجبة، وليس لأحد من الناس فيها حق إلا الإمام، ومن عصى الإمام فيها أو خذله فقد أوتغ (2) نفسه، وليس يفترق هذان الأمران إلا ببرهان من الله عز وجل عظيم، وذلك أن الله جعل قوام الناس وصلاح معاشهم ومعادهم فى خلّتين: الدّين والعقل، ولم تكن عقولهم- وإن كانت نعمة الله عز وجل عظمت عليهم فيها- بالغة معرفة الهدى، ولا مبلغة أهلها رضوان الله، إلا بما أكمل لهم من النعمة، بالدّين الذى شرع لهم، وشرح به صدر من أراد هداه منهم، ثم لو أنّ الدّين جاء من الله لم يغادر حرفا من الأحكام والرأى والأمر وجميع ما هو وارد على الناس، وجار فيهم مذ بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى يوم يلقونه إلا جاء فيه بعزيمة، لكانوا قد كلّفوا غير وسعهم، فضيّق عليهم فى دينهم، وأتاهم ما لم تتّسع (3) أسماعهم لاستماعه، ولا قلوبهم لفهمه، ولحارت عقولهم وألبابهم التى امتنّ الله بها عليهم، ولكانت لغوا لا يحتاجون إليها فى شىء، ولا يعملونها إلا فى أمر قد أتاهم به تنزيل، ولكن الله منّ عليهم بدينهم الذى لم يكن يسعه رأيهم، كما قال عباد الله المتّقون:«وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ» .

ثم جعل ما سوى ذلك من الأمر والتدبير إلى الرأى، وجعل الرأى إلى ولاة الأمر، ليس للناس فى ذلك الأمر شىء إلا الإشارة عند المشورة، والإجابة عند الدّعوة، والنصيحة بظهر الغيب، ولا يستحقّ الوالى هذه الطاعة إلا بإقامة العزائم والسّنن مما هو فى معنى ذلك، ثم ليس من وجوه القول وجه يلتمس فيه إثبات فضل

(1) القفول: الرجوع.

(2)

أوتغ نفسه: أهلكها.

(3)

فى الأصل «تسع» وهو تحريف.

ص: 35

أهل بيت أمير المؤمنين على أهل كل بيت، وغير ذلك مما يحتاج الناس إلى ذكره، إلّا وهو موجود فيه من الكلام الفاضل المعروف ما هو أبلغ ممّا يغلو فيه الغالون، فإن الحجّة ثابتة، والأمر واضح بحمد الله ونعمته.

وممّا ينظر فيه لصلاح أهل الجند ألّا يولّى أحدا منهم شيئا من الخراج، فإن ولاية الخراج مفسدة للمقاتلة، ولم يزل الناس يتحامون ذلك منهم، وينحّونه عنهم، لأنهم أهل دالّة (1) ودعوى بلاء، وإذا كان (2) جلّابا للدراهم والدنانير اجترأ عليهما، وإذا وقع فى الخيانة صار كلّ أمره (3) مدخولا: نصيحته وطاعته، فإن جعل بينه وبين رفعه أمر حفّته (4) الحميّة، مع أن ولاية الخراج داعية إلى ذلّة وعقوبة وهوان، وإنما منزلة المقاتل منزلة الكرامة واللّطف.

ومما ينظر فيه من أمرهم أن منهم من المجهولين من هو أفضل من بعض قادتهم، فلو التمسوا وصنعوا (5) كانوا عدّة وقوة، وكان ذلك صلاحا لمن فوقهم من القادة، ومن دونهم من العامة.

ومن ذلك تعهّد أدبهم فى تعلّم الكتاب، والتفقّه فى السّنّة، والأمانة والعصمة والمباينة لأهل الهوى، وأن يظهر فيهم من القصد والتواضع واجتناب زىّ المترفين وشكلهم، مثل الذى يأخذ به أمير المؤمنين فى أمر نفسه، ولا يزال يطلع من أمير المؤمنين، ويخرج منه القول بما يعرّف مقته للإتراف والإسراف وأهلهما، ومحبّته القصد والتواضع ومن أخذ بهما، حتى يعلموا أن معروف أمير المؤمنين محظور عمن يكنزه بخلا، أو (6) ينفقه سرفا فى العطر واللّباس والمغالاة بالنساء والمراتب، فإن أمير المؤمنين يؤثر بالمعروف من وجهته المعروف والمؤاساة.

(1) فى الأصل «أهل ذاك» وهو تحريف.

(2)

الضمير فيه يعود على «أحدا» المتقدم.

(3)

فى الأصل «كل أمر» وهو تحريف (ونصيحته وطاعته بدل من كل أمره).

(4)

فى الأصل «أمرضته» .

(5)

أى أحسن إليهم.

(6)

فى الأصل «أن» وهو تحريف.

ص: 36

ومن ذلك أمر أرزاقهم أن يوقّت لهم أمير المؤمنين فيها وقتا يعرفونه، فى كل ثلاثة أشهر، أو أربعة، أو ما بداله، وأن يعلم عامّتهم العذر الذى فى ذلك من إقامة ديوانهم، وجمل (1) أسمائهم، ويعلموا الوقت الذى يأخذون فيه، فينقطع الاستبطاء والشكوى، فإن الكلمة الواحدة تخرج من أحدهم فى ذلك، أهل أن تستعظم، وإنّ باب ذلك جدير أن يحسم، مع أن أمير المؤمنين قد علم كثرة أرزاقهم، وكثرة المال الذى يخرج لهم، وأن هذا الخراج إن لم يكن رائجا لغلاء السّعر، فإنه لابدّ من الكساد والكسر، وأن لكل شىء درّة وغزارة، وإنما درور خراج العراق بارتفاع الأسعار، وإنما يحتاج الجند اليوم إلى ما يحتاجون إليه من كثرة الرزق، لغلاء السعر، فمن حسن التقدير إن شاء الله أن لا يدخل على الأرض ضرر، ولا بيت المال نقصان من قبل الرحمن، إلا دخل ذلك عليهم فى أرزاقهم مع أنه ليس عليهم فى ذلك نقصان، لأنهم يشترون بالقليل مثل ما كانوا يشترون بالكثير، فأقول: لو أن أمير المؤمنين خلّى (2) شيئا من الرزق، فجعل بعضه طعاما، وجعل بعضه علفا، وأعطوه بأعيانه، فإن قوّمت لهم قيمة، فخرج ما خرج على حسابه (3) قيمة الطعام والعلف، لم يكن فى أزاقهم لذلك نقصان عاجل يستنكرونه، وكان ذلك قوة لهم فى نزالهم عند الحمل على العدو (4)، وإنصاف بيت المال من أنفسهم فيما يستبطئون مع أنه إن زاد السعر أخذوا بحصّتهم من فضل ذلك.

ومن جماع الأمر وقوامه بإذن الله أن لا يخفى على أمير المؤمنين شىء من أخبارهم وحالاتهم وباطن أمرهم بخراسان والعسكر والأطراف، وأن يحتقر فى ذلك النّفقة،

(1) الجمل: الجمع.

(2)

فى الأصل «ما خلا» والمعنى عليه غير مستقيم، وأرى أن صوابه «خلى» بمعنى انتقص واقتطع

(3)

الحسابة: الحساب، مصدر حسبه كنصر: أى عده.

(4)

فى الأصل «وكان ذلك .... نزالهم لحمل العدو» .

ص: 37

ولا يستعين فيه إلا بالثّقات النّصّاح، فإنّ ترك ذلك وأشباهه أحزم بتاركه من الاستعانة فيه بغير الثقة، فتصير مغبّته للجهالة والكذب.

ومما يذكر به أمير المؤمنين- أمتع الله به- أمر هذين المصرين (1)، فإنهم- بعد أهل خراسان- أقرب الناس إلى أن يكونوا شيعته ومعينيه، مع اختلاطهم بأهل خراسان- وإنهم منهم وهامتهم (2) -، وإنما ينظر أمير (3) المؤمنين منهم إلى صدق رابطتهم، وما أراد معزّتة (4) من أمورهم استعان أهل خراسان فى ذلك لهم، مع الذى فى ذلك من جمال الأمر، واختلاط الناس بالناس، العرب بالعجم، وأهل خراسان بالمصرين.

إن فى أهل العراق يا أمير المؤمنين من الفقه والعفاف والألباب والألسنة، شيئا لا يكاد يشكّ أنه ليس فى جميع من سواهم من أهل القبلة مثله ولا مثل نصفه، فلو أراد أمير المؤمنين أن يكتفى بهم فى جميع ما يلتمس له أهل هذه الطّبقة من الناس، رجونا أن يكون ذلك فيهم موجودا، وقد أزرى بأهل العراق فى تلك الطّبقة أن ولاة العراق فيما مضى كانوا أشرار الولاة، وأن أعوانهم من أهل أمصارهم كذلك فحمل جميع أهل العراق على ما ظهر من أولئك الفسول (5)، وتعلّق بذلك أعداؤهم من أهل الشام فنعوه (6) عليهم، ثم كانت هذه الدولة فلم يتعلّق من دونكم من الوزراء والعمال إلّا بالأقرب فالأقرب مما دنا منهم، أو وجدوه بسبيل شىء من الأمر، فوقع رجال مواقع شائنة لجميع أهل العراق، حيثما وقعوا من صحابة خليفة، أو ولاية

(1) يعنى البصرة والكوفة.

(2)

هامة كل شىء: رأسه.

(3)

فى الأصل «وإنما ينظر أمير المؤمنين منهم .... صدق ولرابطتهم أو ما أراد من أمورهم معرفته استثقال أهل خراسان ذلك لهم من أمرهم» والعبارة مضطربة محرفة، وقد أصلحتها كما ترى.

(4)

أى تقويته من عز كضرب: إذا قوى بعد ذلة، وأرى أن هذه الكلمة أنسب من كلمة «معرفته» الواردة فى الأصل، وبها ينسجم المعنى، وربما كان الأصل «تقويته» .

(5)

الفسول جمع فسل بالفتح؛ وهو الرذل الذى لا مروءة له.

(6)

نعى عليه ذنوبه ينعاها: أى أظهرها وشهرها.

ص: 38

عمل، أو موضع أمانة، أو موطن جهاد، وكان من رأى أهل الفضل أن يقصدوا حيث يلتمسون، فأبطأ ذلك بهم أن يعرفوا وينتفع بهم، وإن كان صاحب السلطان ممن لم يعرف الناس قبل أن يليهم، ثم لم يزل يسأل عنهم من يعرفهم، ولم يستثبت فى استقضائهم، زالت الأمور عن مراكزها، ونزلت الرجال عن منازلها، لأن الناس لا يلقوته إلا متصنّعين بأحسن ما يقدرون عليه من الصمت والكلام، غير أن أهل النقص هم أشدّ تصنعا، وأحلى ألسنة، وأرفق تلطّفا للوزراء، وتمحّلا لأن يثنى عليهم من وراء وراء، فإذا آثر الولى ان يستخلص رجلا واحدا ممن ليس لذلك أهلا، دعا إلى نفسه جميع ذلك الشّرج (1)، وطمعوا فيه، واجترءوا عليه، وتواردوه، وزحموا على ما عنده، وإذا رأى ذلك أهل الفضل كفّوا عنه وباعدوا منه، وكرهوا أن يروا فى غير موضعهم، أو يزاحموا غير نظرائهم.

ومما ينظر أمير المؤمنين فيه من أمر هذين الصرين، وغيرهما من الأمصار والنواحى، اختلاف هذه الأحكام المتناقضة، التى قد بلغ اختلافها أمرا عظيما فى الدّماء والفروج والأموال، فيستحلّ الدم والفرج بالحيرة، وهما يحرّمان بالكوفة، ويكون مثل ذلك الاختلاف فى جوف الكوفة، فيستحلّ فى ناحية منها ما يحرّم فى ناحية أخرى، غير أنه على كثرة ألوانه نافذ على المسلمين فى دمائهم وحرمهم، يقضى به قضاة جائر أمرهم وحكمهم، مع أنه ليس ممّن ينظر فى ذلك من أهل العراق وأهل الحجاز فريق إلّا قد لجّ بهم العجب مما فى أيديهم، والاستخفاف بمن سواهم، فأقحمهم ذلك فى الأمور التى يتبيّغ (2) بها من سمعها من ذوى الألباب، مّا من يدّعى لزوم السّنّة منهم فيجعل ما ليس له سنّة سنّة حتى يبلغ ذلك به إلى أن يسفك الدم بغير بيّنة ولا حجّة على الامر الذى يزعم أنه سنة، وإذا سئل عن ذلك لم يستطع أن يقول هريق فيه دم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، او أئمة الهدى من بعده، وإذا قيل له: أىّ

(1) الشرج: النوع والمثل.

(2)

تبيغ به الدم: هاج به.

ص: 39

دم سفك على هذه السّنّة التى تزعمون؟ قالوا: فعل ذلك عبد الملك بن مروان، أو أمير من بعض أولئك الأمراء، وإنما يأخذ بالرأى، فيبلغ به الاعتزام على رأيه، أن يقول فى الأمر الجسيم من أمر المسلمين قولا لا يوافقه عليه أحد من المسلمين، ثم لا يستوحش لانفراده بذلك، وإمضائه الحكم عليه، وهو مقرّ أنه رأى منه، لا يحتجّ بكتاب ولا سنة.

فلو رأى أمير المؤمنين أن يأمر بهذه الأقضية والسّنن المختلفة فترفع إليه فى كتاب؛ ويرفع معها ما يحتجّ به كل قوم من سنّة، أو قياس، ثم نظر أمير المؤمنين فى ذلك، وأمضى فى كل قضية رأيه الذى يلهمه الله، ويعزم له عليه، وينهى عن القضاء بخلافه، وكتب بذلك كتابا جامعا عزما، لرجونا أن يجعل الله هذه الأحكام المختلطة الصواب بالخطأ، حكما واحدا صوابا، ورجونا أن يكون اجتماع السّير قربة لإجماع الأمر براى أمير المؤمنين وعلى لسانه، ثم يكون ذلك من إمام آخر آخر الدهر إن شاء الله.

فأمّا اختلاف الأحكام، فإمّا شىء مأثور عن السّلف غير مجمع عليه، يدبّره قوم على وجه، ويدبّره آخرون على وجه آخر، فينظر فيه إلى أحقّ الفريقين بالتصديق، وأشبه الأمرين بالعدل. وإما رأى أجراه أهله على القياس، فاختلف وانتشر بغلط فى أصل المقايسة، وابتداء أمر على غير مثاله، وإما لطول ملازمته القياس، فإن من أراد أن يلزم القياس، ولا يفارقه أبدا فى أمر الدين والحكم، وقع فى الورطات ومضى على الشّبهات، وغمّض على القبيح الذى يعرفه ويبصره، فأبى أن يتركه كراهة ترك القياس، وإنما القياس دليل يستدلّ به على المحاسن، فإذا كان ما يقود إليه حسنا معروفا أخذ به، وإذا قاد إلى القبيح المستنكر ترك، لأن المبتغى ليس عين (1) القياس يبغى، ولكن محاسن الأمور ومعروفها وما ألحق الحقّ بأهله،

(1) فى الأصل «ليس غير القياس» ، وهو تحريف لأنه ضد المعنى المقصود.

ص: 40

ولو أن شيئا مستقيما على الناس، ومنقادا حيث قيد، لكان الصدق هو ذلك، ولا يعتبر بالمقاييس، فإنه لو أراد أن يقوده الصدق لم ينقد له، وذلك أن رجلا لو قال:

أتأمرنى أن أصدق فلا أكذب كذبة أبدا، لكان جوابه أن يقول: نعم، ثم لو التمس منه قود (1) ذلك فقال: أأصدق فى كذا وكذا، حتى يبلغ به أن يقول:

أأصدق فى رجل هارب، استدلّتى عليه طالب ليظلمه فيقتله، لكسر عليه قياده، وكان الرأى له أن يترك ذلك، وينصرف إلى المجتمع عليه المعروف المستحسن.

ومما يذكّر به أمير المؤمنين أهل الشام، فإنهم أشدّ الناس مؤنة، وأخوفهم عداوة وبائقة، وليس يؤاخذهم أمير المؤمنين بالعداوة، ولا يطمع منهم فى الاستجماع على المودّة، فمن الرأى فى أمرهم أن يختصّ أمير المؤمنين منهم خاصّة، ممن يرجو عنده صلاحا، أو يعرف منه نصيحة أو وفاء، فإن أولئك لا يلبثون أن ينفصلوا عن أصحابهم فى الرأى والهوى، ويدخلوا فيما حملوا عليه من أمرهم، فقد رأينا أشباه أولئك من أهل العراق الذين استدخلهم أهل الشام، ولكن أخذ فى أمر أهل الشام على القصاص (2). حرموا كما كانوا يحرمون الناس، وجعل فيئهم إلى غيرهم كما كان فىء غيرهم إليهم، ونحّوا عن المنابر والمجالس والأعمال كما كانوا ينحّون عن ذلك من لا يجهلون فضله فى السابقة والموضع، ومنعت منهم المرافق كما كانوا يمنعون الناس أن ينالوا معهم أكلة من الطعام الذى يصنعه أمراؤهم للعامّة، فإذا رغب أمير المؤمنين بنفسه عن هذه السّيرة وما أشبهها، فلم يعارض (3) ما عاب، ولم يمثّل ما سخط؟ كان العدل أن يقتصر بهم على فيئهم، فيجعل ما خرج من كور الشام فضلا عن النفقات،

(1) الفود: والمعنى أن يتابع الصدق فى كل ما يقول.

(2)

فى الأصل «وليس أحد فى أمر أهل السلم على القصاص» وقد أصلحته كما ترى.

(3)

أى لم يأتى بمثله.

ص: 41

وما خرج من مصر فضلا عن حقوق أهل المدينة ومكة، بأن يجعل أمير المؤمنين ديوان مقاتلتهم ديوانهم، أو يزيد، أو ينقص، غير أنه يأخذ أهل القوة والغناء (1) وخفّة المؤنة والخفّة فى الطاعة، ولا يفضّل أحدا منهم على أحد، إلا على خاصّة معلومة، ويكون الديوان كالغرض المستأنف، ويأمر لكل جند من أجناد أهل الشام بعدّة من العيال يقترعون عليها، ويسوّى بينهم فيما لم يكونوا أسوة فيه فيمن مات من عيالاتهم، ولا يضيع أحدا (2) من المسلمين.

وأمّا ما يتخوف المتخوّفون من نزواتهم، فلعمرى لئن أخذوا بالحق- ولم يؤخذوا به- إنهم لخلقاء أن يكون لهم نزوات ونزقات (3)، ولكنّا على مثل اليقين- بحمد الله- من أنهم لم يشركوا يذلك إلا أنفسهم، وأن الدائرة لأمير المؤمنين عليهم آخر الدهر إن شاء الله، فإنه لم يخرج الملك من قوم إلّا بقيت فيهم بقية يتوثبون بها، ثم كان ذلك التوثّب هو سبب استئصالهم وتدويخهم.

ومما يذكّر به أمير المؤمنين أمر أصحابه، فإن من أولى أمر الوالى منه بالتثبّت والتحيّر، أمر أصحابه الذين هم بهاء فنائه (4)، وزينة مجلسه، وألسنة رعيته، والأعوان على رأيه، ومواضع كرامته، والخاصّة من عامّته، فإن أمر هذه الصّحابة قد عمل فيه من كان وليه من الوزراء (5) والكتّاب قبل خلافة أمير المؤمنين عملا قبيحا مفرط القبح، مفسدا للحسب والأدب والسياسة، داعيا للأشرار، طاردا للأخيار، فصارت صحبة الخليط (6) أمرا سخيفا، فطمع فيه الأوغاد، وتزهّد فيه من كان يرغب فيما دونه، حتى إذا لقينا (7) أبا العباس- رحمة الله عليه- وكنت فى ناس من صلحاء أهل البصرة

(1) الغناء: الكفاية.

(2)

فى الأصل «ولا يصنع بأحد» وأراه محرفا.

(3)

نزوات جمع نزوة كوردة، فعلة من النزو بالسكون وهو الوثوب، ونزقات جمع نزقة كنزوة أيضا، فعلة من النزق بالكون، نزق الفرس كسمع ونصر وضرب نزقا ونزوقا: نزا أو تقدم خفة ووثب، أو من النزق بالتحريك، نزق كفرح: طاش وخف عند الغضب.

(4)

فناء الدار: ما اتسع من أمامها.

(5)

فى الأصل «الوزارة» وهو تحريف.

(6)

الخليط: الشريك والمخالط.

(7)

فى الأصل «التقينا» وهو تحريف.

ص: 42

ووجوههم، فكنت فى عصابة منهم أبوا أن يأتوه، فمنهم من تغيّب فلم يقدم، ومنهم من هرب بعد قدومه، اختيارا للمعصية على سوء الموضع؛ لا يعتذرون فى ذلك إلا بضياع المكتب (1) والدعوة والمدخل، يقولون: هذه منزلة كان من هو أشرف من أبنائنا يرغبون فيما هو دونها عند من هو أصغر أمراء ولاتنا اليوم، ولكنها قد كانت مكرمة وحسبا، إذ الناس ينظرون ويسأل عنهم، فأما اليوم ونحن نرى فلانا وفلانا ينفر (2) بأسمائهم- على غير قديم سلف، ولا بلاء حدث، فمن يرغب فيما هاهنا يا أمير المؤمنين- أكرمك الله-؟ أما يصير العدل كله إلى تقوى الله عز وجل، وإنزال الأمور منازلها، فإن الأول قال:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

ولا سراة إذا جهّالهم سادوا

وقال:

هم سوّدوا نصرا، وكلّ قبيلة

يبيّن عن أحلامها من يسودها

وإن أمر هذه الصحابة قد كان فيه أعاجيب، دخلت فيه مظالم، أمّا العجب فقد سمعنا من الناس من يقول: ما رأينا أعجوية قطّ أعجب من هذه الصحابة، ممن لا ينتهى إلى أدب ذى نباهة، ولا حسب معروف، ثم هو مسخوط الرأى، مشهور بالفجور فى أهل مصره (3)، قد غبر عامّة دهره صانعا يعمل بيده، ولا يعتدّ مع ذلك ببلاء ولا غناء، إلا أنه مكّنه من الأمر صاغ (4)، فاحتوى حيث أحبّ، فصار يؤذن له على الخليفة قبل كثير من أبناء المهاجرين والأنصار، وقبل قرابة أمير المؤمنين وأهل بيوتات العرب، ويجرى عليه من الرّزق الضّعف مما يجرى على كثير من بنى هاشم،

(1) يريد به منزلة الكتابة ومكانة الكاتب.

(2)

أى يذهب بها، والمعنى ترفع منازلهم وتعلى مكانتهم.

(3)

فى الأصل «فى أهل مصر» وهو تحريف.

(4)

صغا إليه كسعى وقعد وفرح: مال، أى شخص يميل إليه ويقربه.

ص: 43

وغيرهم من سروات (1) قريش، ويخرج له من المعونة على نحو ذلك، لم يضعه بهذا الموضع رعاية رحم، ولا فقه فى دين، ولا بلاء فى مجاهدة عدوّ معروفة ماضية متتابعة قديمة، ولا غناء حديث، ولا حاجة إليه فى شىء من الأشياء، ولا عدّة يستعدّ بها، وليس بفارس ولا خطيب ولا علّامة، إلا أنه خدم كاتبا أو حاجبا، فأخبر أن الدين لا يقوم إلا به، حتى كتب كيف شاء، ودخل حيث شاء.

وأما المظلمة التى دخلت فى ذلك فعظيمة، قد خصّت قريشا وعمّت كثيرا من الناس، وأدخلت على الأحساب والمروءات محنة شديدة وضياعا كثيرا، فإن فى إذن الخليفة، والمدخل عليه والمجلس عنده، وما يجرى على صحايته من الرزق والمعونة، وتفضيل بعضهم على بعض فى ذلك، حكما عظيما على (2) الناس فى أنسابهم وأخطارهم وبلاء أهل البلاء منهم، وليس ذلك كخواصّ المعروف ولطيف المنازل، أو الأعمال التى يختص بها المولى من أحبّ، ولكنه باب من القضاء جسيم عامّ يقضى فيه للماضين من أهل السّوابق والمآثر من أهل الباقين، وأهل البلاء والغناء بالعدل أو بما يحال فيه عليهم، فإن أحقّ المظالم بتعجيل الرفع والتغيير، ما كان ضرّه عائبا، وكان للسلطان شائنا، ثم لم يكن فى رفعه مؤنة، ولا شغب، ولا توغير لصدور (3)، عامّة، ولا للقوة والإضرار (4) سبب.

ولصحابة أمير المؤمنين- أكرمه الله- مزيّة وفضل، وهى مكرمة سنيّة حريّة أن تكون شرفا لأهلها، وحسبا لأعقابهم، حقيقة أن تصان وتحظر، ولا يكون فيها إلا رجل بدر (5) بخصلة من الخصال، أو (6) رجل له عند أمير المؤمنين خاصّة بقرابة أو بلاء، أو رجل يكون شرفه ورأيه وعمله أهلا لمجلس أمير المؤمنين وحديثه

(1) سروات جمع سراة بالفتح، وسراة: اسم جمع سرىّ كغنى، وصف من السرو بالفتح: وهو المروءة فى شرف.

(2)

فى الأصل «على أن الناس» وكلمة «أن» لا لزوم لها فى الجملة، والظاهر أنها وقعت سهوا.

(3)

فى الأصل «بصدور» وهو تحريف.

(4)

وفيه «ولا إضرار» وهو تحريف.

(5)

بدر إليه: عجل وسبق.

(6)

فى الأصل «ومن رجل» وهو تحريف.

ص: 44

ومشورته، أو صاحب نجدة يعرف بها ويستعدّ لها، يجمع نجدته حسبا وعفافا، فيرفع من الجند إلى الصّحابة أو رجل فقيه مصلح يوضع بين أظهر الناس لينتفعوا بصلاحه وفقهه، أو رجل شريف لا يفسد نفسه أو غيرها، فأمّا من يتوسّل بالشّفاعات فإنه يكتفي أو يكتفى له بالمعروف والبر فيما لا يهجّن رأيا، ولا يزيل أمرا عن مرتبته، ثم تكون تلك الصحابة المخلصة على منازلها، ومداخلها، لا يكون للكاتب فيها أمر فى رفع رزق ولا وضعه، ولا للحاجب فى تقديم إذن ولا تأخيره.

ومما يذكر به أمير المؤمنين، أمر فتيان أهل بيته وبنى أبيه وبنى علىّ وبنى العباس، فإن فيهم رجالا لو متّعوا بجسام الأمور والأعمال سدّوا وجوها، وكانوا عدّة لأخرى.

ومما يذكّر به أمير المؤمنين، أمر الأرض والخراج، فإن أجسم ذلك وأعظمه خطرا، وأشدّه مؤنة وأقربه من الضّياع، ما بين سهله وجبله، ليس لها تفسير على الرساتيق (1) والقرى، فليس للعمّال أمر ينتهون إليه، ولا يحاسبون عليه، ويحول بينهم وبين الحكم على أهل الأرض بعد ما يتأنّقون لها فى العمارة، ويرجون لها فضل ما تعمل أيديهم، فسيرة العمال فيهم إحدى ثنتين: إما رجل أخذ بالخرق (2) والعنف من حيث وجد، وتتبّع الرجال والرساتيق بالمغالاة ممن وجد، وإما رجل صاحب مساحة، يستخرج ممن زرع، ويترك من لم يزرع، فيعمر من عمر (3)، ويسلم من أخرب، مع أن أصول الوظائف (4) على الكور لم يكن لها ثبت (5)، ولا علم، وليس من كورة إلا وقد غيّرت وظيفتها مرارا، فخفيت وظائف بعضها، وبقيت وظائف بعض، فلو أن أمير المؤمنين أعمل رأيه فى التوظيف على الرّساتيق والقرى والأرضين

(1) الرساتيق: جمع رستاق بالضم، ويستعمل فى الناحية التى هى طرف الإقليم، معرب.

(2)

الخرق بالضم وبالتحريك: ضد الرفق، وألا يحسن الرجل العمل والتصرف فى الأمور. والحمق.

(3)

يعمر هنا معناه: يدفع، أى يعمر خزانة الدولة من عمر الأرض.

(4)

أى المقدرات.

(5)

شىء ثبت: ثابت، أى ليس لها قانون ثابت يجرى فيها على مقتضاه.

ص: 45

وظائف معلومة، وتدوين الدواوين بذلك، وإثبات الأصول، حتى لا يؤخذ رجل إلا بوظيفة قد عرفها وضمنها، ولا يجتهد فى عمارة إلا كان له فضلها ونفعها، لرجونا أن يكون فى ذلك صلاح للرعية، وعمارة للأرض، وحسم لأبواب الخيانة وغشم (1) العمال، وهذا رأى مؤنته شديدة، ورجاله قليل، ونفعه متأخّر، وليس بعد هذا فى أمر الخراج إلا رأى قد رأينا أمير المؤمنين أخذ به، ولم نره من أحد قبله، من تخيّر العمال وتفقّدهم والاستعتاب (2) لهم، والاستبدال بهم.

ومما يذكّر به أمير المؤمنين، جزيرة العرب من الحجاز واليمن واليمامة وما سوى ذلك، أن يكون من رأى أمير المؤمنين- إذا سخت نفسه عن أموالها من الصّدقات وغيرها- أن يختار لولايتها الخيار من أهل بيته وغيرهم، لأن ذلك من تمام السّيرة العادلة، والكلمة الحسنة التى قد رزق الله أمير المؤمنين وأكرمه بها، من الرأى الذى هو بإذن الله حمى ونظام لهذه الأمور كلّها فى الأمصار والأجناد والثّغور والكور.

إنّ بالناس من الاستجراح (3) والفساد ما قد علم أمير المؤمنين، وبهم من الحاجة إلى تقويم آدابهم وطرائفهم ما هو أشدّ من حاجتهم إلى أقواتهم التى يعيشون بها، وأهل كل مصر وجند وثغر فقراء إلى أن يكون لهم من أهل الفقه والسّنّة والسّير والنصيحة مؤدّبون مقوّمون يذكّرون، ويبصّرون (4) الخطأ، ويعظون من الجهل، ويمنعون عن البدع، ويحذّرون الفتن، ويتفقدون أمور عامّة من هو بين أظهرهم، حتى لا يخفى عليهم منها مهمّ، ثم يستصلحون ذلك ويعالجون ما استنكروا منه بالرأى والرّفق والنّصح، ويرفعون ما أعياهم إلى ما يرجون قوّته عليهم (5)، مأمونين على سير ذلك وتحصينه، بصراء بالرأى حين ببدو، وأطبّاء باستئصاله قبل أن يتمكّن، وفى كل

(1) الغشم: الظلم.

(2)

استعتبه. استرضاه.

(3)

الاستجراح: الفساد والعيب، وفى الأصل «الاستخراج» وهو تصحيف.

(4)

بصره الأمر: فهمه إياه.

(5)

كذا فى الأصل، والأظهر أن يكون «قوتهم عليه» .

ص: 46

قوم خواصّ رجال عندهم على هذا معونة، إذا صنعوا لذلك، وتلطّف لهم، وأعينوا على رأيهم، وقوّوا على معاشهم ببعض ما يفرّغهم لذلك ويبسطهم له، وخطر (1) هذا جسيم فى أمرين: أحدهما رجوع أهل الفساد إلى الصلاح، وأهل الفرقة إلى الألفة.

والأمر الآخر أن لا يتحرك متحرّك فى أمر من أمور العامّة إلا وعين ناصحة ترمقه، ولا يهمس هامس إلا وأذن شفيقة تصيخ (2) نحوه، وإذا كان ذلك لم يقدر أهل الفساد على تربيض (3) الأمور وتلقيحها، وإذا لم تلقّح كان نتاجها بإذن الله مأمونا.

وقد علمنا علما لا يخالطه شكّ أن عامّة قط لم تصلح من قبل أنفسها، ولم يأتها الصّلاح إلا من قبل خاصّتها، وأن خاصّة قطّ لم تصلح من قبل أنفسها، وأنها لم يأتها الصلاح إلّا من قبل إمامها، وذلك لأن عدد الناس فى ضعفتهم (4)

وجهّالهم الذين لا يستغنون برأى أنفسهم، ولا يحملون العلم، ولا يتقدمون فى الأمور، فإذا جعل الله فيهم خواصّ من أهل الدين والعقول، ينظرون إليهم ويسمعون منهم، واهتمّت خواصّهم بأمور عوامّهم، وأقبلوا عليها بجدّ ونصح ومثابرة وقوة، جعل الله ذلك صلاحا لجماعتهم، وسببا لأهل الصلاح من خواصّهم، وزيادة فيما أنعم الله به عليهم، وبلاغا إلى الخير كلّه، وحاجة الخاصّة إلى الإمام الذى يصلحهم الله به كحاجة العامة إلى خواصّهم وأعظم من ذلك، فبالإمام يجمع الله أمرهم، ويكبت (5) أهل الطعن عليهم، ويجمع رأيهم وكلمتهم، ويبيّن لهم عند العامة منزلتهم، ويجعل لهم لحجّة والأيد (6) والمقال على من نكب (7) عن سبيل حقهم.

فلما رأينا هذه الأمور ينتطم بعضها ببعض، وعرفنا من أمر أمير المؤمنين ما بمثله جمع الله خواصّ المسلمين على الرغبة فى حسن المعاونة والمؤازرة والسعى فى صلاح عامّتهم:

(1) الخطر: القدر.

(2)

أصاخ له: استمع.

(3)

من تربيض السقاء: وهو أن يجعل ما فيه يغمر قعره.

(4)

ضعفة: جمع ضعيف كضعاف.

(5)

كبته: أخزاه وأذله ورده بغيظه.

(6)

الأيد: القوة.

(7)

أى مال وعدل.

ص: 47