الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حملتها لم تؤذك، وإن رميت بها لم تؤلمك، وقد اجتمع فيها ألوان قوس قزح، من الخضرة والحمرة والصفرة، وقال فيها الشاعر:
حمرة التفاح مع خضرته
…
أقرب الأشياء من قوس قزح
فعلى التفاح فاشرب قهوة
…
واسقنيها بنشاط وفرح (1)
ثم غنّنى لكى تطربنى
…
طرفك الفتّان قلبى قد جرح (2)
فإذا وصلت إليك يا أمير المؤمنين فتناولها بيمينك، واصرف إليها بغيتك، وتأمّل حسنها بطرفك، ولا تخدشها بظفرك، ولا تبعدها عن عينك، ولا تبذلها لخدمك، فإذا طال لبثها عندك، ومقامها بين يديك، وخفت أن يرميها الدهر بسهمه، ويقصدها بصرفه (3)، فتذهب بهجتها، وتحيل (4) نضرتها، فكلها.
«هنيئا مريئا غير داء مخامر (5)» والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته». (العقد الفريد 3: 310)
335 - الرقعة التى علقت على رأس على بن هشام بعد قتله
وكان المأمون قد ولّى علىّ بن هشام كور الجبال وأذربيجان، وكور أرمينية، ثم غضب عليه للذى بلغه من سوء سيرته فى أهل عمله، وقتله الرجال، وأخذه الأموال، فوجّه إليه عجيف بن عنبسة، فأراد أن يفتك به، فظفر به عجيف،
(1) القهوة: الخمر.
(2)
البيت من بحر الرمل، وقد دخل الكف فى التفعيلة الأولى منه، وفى الأصل «ثم غنينى» ويلاحظ أنه أمر معتل فيبنى على حذف الياء، ولا يضير حذفها وزن الشعر.
(3)
صرف الدهر: نوائبه.
(4)
حال يحيل حيولا: تغير.
(5)
هو صدر بيت لكثير عزة من تائيته المشهورة، وعجزه: لعزة من أعراضنا ما استحلت» وخامره الداء: خالطه.
فقدم به على المأمون، فأمر بضرب عنقه (سنة 217) ثم بعث رأسه فطيف به فى الأقطار، ثم ألقى بعد ذلك فى البحر.
ولما قتله المأمون أمر أن تكتب رقعة وتعلّق على رأسه ليقرأها الناس، وفيها.
«أما بعد: فإن أمير المؤمنين كان دعا علىّ بن هشام فيمن دعا من أهل خراسان أيام المخلوع إلى معاونته والقيام بحقه، وكان فيمن أجاب وأسرع الإجابة، وعاون فأحسن المعاونة، فرعى أمير المؤمنين له ذلك، واصطنعه (1) وهو يظنّ به تقوى الله وطاعته، والانتهاء إلى أمر أمير المؤمنين فى عمل إن أسند إليه فى حسن السّيرة، وعفاف الطّعمة (2)، وبدأه أمير المؤمنين بالإفضال عليه، فولّاه الأعمال السّنيّة، ووصله بالصّلات الجزيلة، التى أمر أمير المؤمنين بالنظر فى قدرها، فوجدها أكثر من خمسين ألف ألف درهم، فمدّ يده إلى الخيانة، والتضييع لما استرعاه من الأمانة فباعده عنه وأقصاه، ثم استقال أمير المؤمنين عثرته، فأقاله إياها، وولّاه الجبل وأذربيجان وكور أرمينية، ومحاربة أعداء الله الخرّميّة (3) على أن لا يعود لما كان
(1) اصطنعه: اختاره لخاصة أمره.
(2)
الطعمة: المأكلة ووجه المكسب.
(3)
الخرمية. فرقة إباحية وهم أتباع بابك الخرمى، الذى ظهر فى جبل البذ (بفتح الباء وتشديد الذال: كورة بين أذربيجان وأران) وكثر بها أتباعه، واستباحوا المحرمات، وكان للبابكية فى جبلهم ليلة عيد يجتمعون فيها على الخمر والزمر، وتختلط فيها رجالهم ونساؤهم، فإذا أطفئت سرجهم ونيرانهم فجر فيها الرجال بالنساء، وقد قتلوا كثيرا من المسلمين.
وكان بابك خادما لجاويذان صاحب البذ، وكانت امرأة جاويذان تتعشقه وكان يفجر بها، فلما مات جاويذان أذاعت امرأته على أصحابه أنه عهد إليها قبل موته فقال:«إنى أموت فى ليلتى هذه، وإن روحى تخرج من جسدى وتدخل بدن هذا الغلام خادمى، وقد رأيت أن أملكه على أصحابى، فإذا مت فأعلميهم ذلك، وأنه لا دين لمن خالفنى فيه» فقبلوا عهده فيه، وولوه عليهم وتزوج امرأة جاويذان.
وتحرك بابك فى الجاويذانية (سنة 201) وأخذ فى العيث والفساد، وفى سنة 204 واقعه يحيى ابن معاذ والى الجزيرة فلم يظفر واحد منهما بصاحبه، وفى سنة 205 ولى المأمون عيسى بن محمد ابن أبى خالد أرمينية وأذربيجان ومحاربة بابك، ونكب به بابك سنة 206 ثم ولى صدقة بن على سنة 209 وانتدب للقيام بامر بابك أحمد بن الجنيد، ورجع ابن الجنيد إلى بغداد ثم رجع إلى الخرمية فأسره-