المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌208 - رسالة الخميس لأحمد بن يوسف - جمهرة رسائل العرب في عصور العربية - جـ ٣

[أحمد زكي صفوت]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث

- ‌مقدمة

- ‌فهرس مآخذ الرسائل فى العصر العباسى الأول

- ‌الباب الرابع الرّسائل فى العصر العبّاسى الأول

- ‌1 - كتاب أبى العباس السفاح إلى الحسن بن قحطبة

- ‌2 - كتاب المنصور إلى ابن هبيرة

- ‌3 - كتاب أبى جعفر المنصور لابن هبيرة بالأمان

- ‌4 - كتب بين أبى مسلم وأبى العباس وأبى جعفر

- ‌5 - كتاب صالح بن على إلى أبى العباس السفاح

- ‌6 - كتاب أبى العباس إلى عامر بن إسمعيل

- ‌7 - كتاب سليمان بن على إلى أبى العباس

- ‌8 - كتاب يوسف بن القاسم عن عبد الله ابن على إلى أبى العباس

- ‌9 - كتاب يوسف بن القاسم إلى عبد الله بن على

- ‌10 - رد عبد الله بن على عليه

- ‌11 - كتب بين أبى مسلم وأبى العباس وأبى جعفر

- ‌12 - كتاب لعمارة بن حمزة عن أبى العباس فى وفاة داود بن على

- ‌13 - كتاب أبى مسلم إلى أبى جعفر

- ‌14 - رد أبى جعفر على ابى مسلم

- ‌16 - كتاب صالح بن على فى السلامة

- ‌17 - كتاب عبد الله بن صالح فى السلامة

- ‌18 - بين أبى مسلم وأبى جعفر

- ‌19 - كتاب أبى جعفر إلى عبد الله بن على

- ‌20 - كتاب الأمان لعبد الله بن على (كتبه ابن المقفع)

- ‌21 - كتاب أبى جعفر إلى أبى مسلم

- ‌22 - كتاب أبى مسلم إلى أبى جعفر

- ‌23 - رد أبى جعفر على أبى مسلم

- ‌24 - كتاب أبى مسلم إلى أبى جعفر

- ‌25 - كتاب أبى جعفر إلى أبى داود

- ‌26 - كتاب أبى داود إلى أبى مسلم

- ‌27 - رسالة عبد الله بن المقفع فى الصحابة «كتبها للمنصور»

- ‌28 - الرسالة اليتيمة لابن المقفع

- ‌29 - تحميد لابن المقفع

- ‌30 - كتاب ابن المقفع إلى بعض إخوانه

- ‌31 - وله فى وصف أحد إخوانه

- ‌32 - كتاب ابن المقفع إلى صديق له يهنئه بمولودة

- ‌33 - كتابه يعزى عن ولد

- ‌34 - كتابه يعزى عن ولد

- ‌35 - كتابه يعزى عن بنت

- ‌36 - كتابه يعزى عن بنت

- ‌37 - كتاب تعزية له

- ‌38 - كتاب آخر

- ‌39 - كتابه إلى صديق له يستقضيه حاجة

- ‌40 - كتاب آخر

- ‌41 - كتاب له فى السلامة

- ‌42 - كتاب آخر إلى ابن الثقفى

- ‌43 - كتاب آخر

- ‌44 - كتاب فى السلامة

- ‌45 - كتاب لابن الثقفى فى السلامة

- ‌46 - كتاب ابن المقفع إلى يحيى بن زياد الحارثى

- ‌47 - رد يحيى بن زياد على ابن المقفع

- ‌48 - كتاب أبى نصر الرقاشى إلى يحيى بن زياد

- ‌49 - جواب يحيى بن زياد

- ‌50 - كتاب حماد عجرد إلى يحيى بن زياد

- ‌52 - كتاب له فى الشكر

- ‌53 - كتاب آخر

- ‌54 - كتاب آخر

- ‌55 - كتابه إلى صالح بن على

- ‌56 - كتاب عبد الله بن الحسن إلى صديق له

- ‌57 - أبو جعفر المنصور وعبد الله بن الحسن

- ‌58 - كتاب أبى جعفر إلى النفس الزكية

- ‌59 - رد النفس الزكية على أبى جعفر

- ‌60 - رد أبى جعفر على النفس الزكية

- ‌61 - كتاب أبى جعفر إلى الحسن بن زيد

- ‌62 - كتب بين أبى جعفر وسلم بن قتيبة

- ‌63 - كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى

- ‌64 - رد عيسى بن موسى على المنصور

- ‌65 - كتاب عيسى بن موسى إلى المنصور

- ‌66 - كتاب آخر

- ‌67 - رد المنصور عليه

- ‌68 - كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى

- ‌69 - كتاب المنصور إلى عيسى بن موسى

- ‌70 - كتاب عبيد الله العمرى إلى أبى جعفر المنصور

- ‌71 - رد أبى جعفر على العمرى

- ‌72 - كتاب أبى جعفر إلى محمد بن سليمان

- ‌73 - رسالة غسان بن عبد الحميد فى العتاب

- ‌74 - كتاب لغسان بن عبد الحميد فى تهنئة بتزويج

- ‌75 - تحميد له

- ‌76 - تعزية له

- ‌77 - تعزية له إلى خليفة

- ‌78 - تعزية له

- ‌79 - تعزية له

- ‌80 - تعزية له

- ‌81 - رسالة عمارة بن حمزة فى على بن ماهان

- ‌82 - كتاب له فى السلامة

- ‌83 - كتاب له

- ‌84 - كتاب جبل بن يزيد إلى بعض إخوانه

- ‌85 - كتابه إلى بعض إخوانه

- ‌86 - كتابه إلى بعض إخوانه

- ‌87 - كتاب له فى المطر

- ‌88 - تعزية له

- ‌89 - تعزية له

- ‌90 - تعزية له إلى الخليفة

- ‌91 - فصل له فى الذم

- ‌92 - كتاب بشر البلوى إلى يزيد بن منصور

- ‌93 - كتاب أبى جعفر إلى عامله بحضر موت

- ‌94 - فصل من كتاب أبى جعفر إلى الآفاق بالبيعة للمهدى

- ‌95 - كتاب بعض الهاشميين إلى المهدى وهو ولى عهد

- ‌96 - كتاب أبى جعفر عند موته يوصى بالمهدى

- ‌97 - كتاب لجبل بن يزيد تعزية وتهنئة للمهدى

- ‌98 - تعزية لغسان بن عبد الحميد عن خليفة

- ‌99 - فصل من تعزية له

- ‌100 - كتاب له فى المودة

- ‌101 - عهد من المهدى إلى أحد ولاته

- ‌102 - كتاب المهدى إلى محمد بن سليمان

- ‌103 - كتاب بشر البلوى إلى على بن سليمان

- ‌104 - كتاب عيسى بن موسى بنزوله عن ولاية العهد لموسى الهادى

- ‌105 - كتاب المهدى إلى روح بن حاتم

- ‌106 - كتاب أبى عبيد الله إلى المهدى

- ‌107 - تحميد لأبى عبيد الله

- ‌108 - تحميد لأبى عبيد الله

- ‌109 - تحميد لأبى عبيد الله

- ‌110 - تحميد لأبى عبيد الله

- ‌111 - تحميد لأبى عبيد الله فى آخر كتاب

- ‌112 - كتاب إبراهيم بن أبى يحيى الأسلمى إلى المهدى

- ‌113 - جواب تعزية لشبيب بن شيبة

- ‌114 - كتاب فى البيعة لمحمد بن حجر

- ‌115 - رسالة ابن سيابة إلى يحيى بن خالد البرمكى

- ‌116 - بين ابن سيابة وصديق له

- ‌117 - كتاب جعفر بن محمد بن الأشعث إلى يحيى بن خالد

- ‌118 - كتاب آخر

- ‌119 - كتاب آخر

- ‌120 - كتاب يوسف بن القاسم إلى يحيى بن خالد

- ‌121 - رد يحيى عليه

- ‌122 - رد يوسف بن القاسم عليه

- ‌123 - كتاب يوسف بن القاسم إلى محمد بن زياد الحارثى

- ‌124 - بين يوسف بن القاسم ومحمد بن زياد

- ‌125 - كتاب ليوسف بن القاسم عن الفضل بن يحيى

- ‌126 - كتاب يحيى بن خالد إلى ابنه الفضل

- ‌127 - رد الفضل عليه

- ‌128 - كتاب يحيى بن خالد إلى ابنه الفضل

- ‌129 - كتاب أبى العباس بن جرير إلى الفضل بن يحيى

- ‌130 - كتاب للفضل بن يحيى

- ‌131 - كتاب عمر بن مهران إلى الرشيد

- ‌132 - كتاب ابى الربيع محمد بن الليث إلى جعفر بن يحيى

- ‌133 - كتاب له فى السلامة

- ‌134 - كتاب له فى الاعتذار

- ‌135 - كتاب منصور النمرى إلى الرشيد

- ‌136 - كتاب محمد بن عبد الله بن حرب

- ‌137 - كتاب محمد بن على إلى محمد بن يحيى بن خالد

- ‌138 - رد محمد بن يحيى عليه

- ‌139 - كتاب جعفر بن يحيى إلى أحد عماله

- ‌140 - كتاب حميد بن مهران إلى عامل معزول

- ‌141 - تحميد لأنس بن أبى شيخ

- ‌142 - كتاب بشر البلوى إلى إبراهيم بن عبد الله الحجبى

- ‌143 - كتاب بشر البلوى إلى إبراهيم بن عبد الله الحجبى

- ‌144 - كتابه إلى الحجبى

- ‌145 - كتابه إلى يحيى بن خالد البرمكى

- ‌146 - كتابه إلى يحيى بن خالد البرمكى

- ‌147 - كتابه إلى بشار بن رضابة

- ‌148 - كتاب مطرف بن أبى مطرف إلى أحد إخوانه

- ‌149 - كتاب آخر له

- ‌150 - كتاب آخر

- ‌151 - كتاب آخر

- ‌152 - كتاب آخر

- ‌153 - كتاب آخر

- ‌154 - كتاب آخر

- ‌155 - كتاب آخر

- ‌156 - كتاب آخر

- ‌157 - كتاب آخر

- ‌158 - كتاب يحيى بن خالد إلى ابنه جعفر

- ‌159 - كتاب يحيى بن خالد إلى أيوب بن هرون بن سليمان

- ‌160 - كتاب يحيى بن خالد إلى الرشيد

- ‌161 - بين يحيى بن خالد والرشيد

- ‌162 - عهد الأمين على نفسه للرشيد

- ‌163 - صورة أخرى

- ‌164 - عهد المأمون على نفسه للرشيد

- ‌165 - كتاب الرشيد إلى عماله

- ‌166 - رسالة يحيى بن زياد الحارثى فى تقريظ الرشيد

- ‌168 - كتاب نقفور ملك الروم إلى الرشيد

- ‌169 - رد الرشيد عليه

- ‌170 - رواية أخرى

- ‌171 - كتاب الرشيد إلى على بن عيسى بن ماهان

- ‌172 - عهد الرشيد لهرثمة بن أعين وقد ولاه خراسان

- ‌173 - كتاب هرثمة بن أعين إلى الرشيد

- ‌174 - رد الرشيد عليه

- ‌175 - كتاب لهرثمة بن أعين

- ‌176 - كتاب لقمامة بن زيد فى السلامة إلى الخليفة

- ‌177 - كتاب آخر

- ‌178 - كتاب إسحق بن الخطاب إلى الهزبر بن صبيح

- ‌179 - كتاب إسحق بن الخطاب إلى زيد بن الفرج

- ‌180 - كتاب للهزبر فى التنصل

- ‌181 - كتاب محمد بن كثير إلى الرشيد

- ‌182 - كتاب أبى هرون العبدى إلى زبيدة بنت جعفر

- ‌183 - كتاب الأمين إلى أخيه المأمون

- ‌184 - كتاب الأمين إلى أخيه صالح

- ‌185 - كتاب عيسى بن واضح إلى الفضل بن الربيع

- ‌186 - كتاب موسى بن عيسى إلى الأمين

- ‌187 - كتاب المامون إلى الأمين

- ‌188 - رد الأمين على المأمون

- ‌189 - رد المأمون على الأمين

- ‌190 - رد الأمين على المأمون

- ‌191 - كتاب المأمون إلى الأمين

- ‌192 - رد أحد أعيان أهل العسكر

- ‌193 - كتاب رسول المأمون إليه

- ‌194 - رد الأمين على المأمون

- ‌195 - كتاب المامون إلى أعيان أهل العسكر ببغداد

- ‌196 - كتاب المامون إلى على بن عيسى بن ماهان

- ‌197 - كتاب المأمون إلى الأمين

- ‌198 - كتاب الأمين إلى المامون

- ‌199 - رد المأمون على الأمين

- ‌200 - كتاب طاهر بن الحسين إلى المامون

- ‌201 - كتاب الأمين إلى طاهر بن الحسين

- ‌202 - كتاب طاهر بن الحسين إلى المأمون

- ‌203 - كتاب طاهر بن الحسين إلى أبى عيسى بن الرشيد

- ‌204 - كتاب السيدة زبيدة إلى المأمون

- ‌205 - كتاب السيدة زبيدة إلى المأمون

- ‌206 - رد المأمون عليها

- ‌207 - كتاب أحمد بن يوسف فى قتل الأمين

- ‌208 - رسالة الخميس لأحمد بن يوسف

- ‌209 - تحميد لأحمد بن يوسف إلى الولاة عن الخليفة

- ‌210 - تحميد لأحمد بن يوسف

- ‌211 - تحميد لأحمد بن يوسف فى فتح السند

- ‌212 - تحميد لكاتب خزيمة بن خازم فى فتح الصنارية

- ‌213 - كتاب للفضل بن سهل

- ‌214 - كتاب إبراهيم بن إسماعيل بن داود إلى ذى الرياستين

- ‌215 - كتاب إبراهيم بن إسماعيل إلى على بن الهيثم

- ‌216 - رد ابن الهيثم عليه

- ‌217 - كتاب الحسن بن سهل إلى أخيه الفضل

- ‌218 - كتاب الفضل بن سهل إلى أخيه الحسن

- ‌219 - عهد المامون لعلى بن موسى الرضى

- ‌220 - صدر رسالة لإبراهيم بن المهدى فى الخميس

- ‌221 - رسالة الشكر لأحمد بن يوسف

- ‌222 - كتاب المأمون إلى الحسن بن سهل يعزيه بأخيه

- ‌223 - كتاب المأمون إليه يعزيه بأبيه

- ‌224 - كتاب المأمون إليه

- ‌225 - كتاب الحسن بن سهل إلى المأمون

- ‌226 - كتاب الحسن بن سهل إلى محمد بن سماعة القاضى

- ‌227 - رد ابن سماعة عليه

- ‌228 - كتاب الحسن بن سهل إلى الحسن بن وهب

- ‌229 - رد الحسن بن وهب عليه

- ‌230 - كتاب المطلب بن عبد الله بن مالك إلى الحسن بن سهل

- ‌231 - رد الحسن بن سهل عليه

- ‌232 - ومن فصول الحسن بن سهل

- ‌233 - كتاب الفضل بن الربيع إلى المأمون

- ‌234 - كتاب أحمد بن يوسف إلى المأمون

- ‌235 - كتابه إلى المأمون

- ‌236 - كتابه إلى إبراهيم بن المهدى

- ‌237 - كتاب له عن المامون

- ‌238 - كتابه إلى بعض إخوانه يهنئه بمولود له

- ‌239 - كتاب آخر

- ‌240 - كتاب آخر

- ‌241 - كتاب آخر

- ‌242 - كتابه فى تهنئة بإفراق من مرض

- ‌243 - كتاب له

- ‌244 - كتابه إلى بعض أخلائه

- ‌245 - كتاب له

- ‌246 - ومن كلامه

- ‌247 - ومن كلامه

- ‌248 - ومن كلامه

- ‌249 - كتاب له فى الاعتذار

- ‌250 - ومن كلامه

- ‌251 - كتابه إلى بنى سعيد بن مسلم

- ‌252 - كتاب له

- ‌253 - كتاب لأحمد بن يوسف فى العدل والإنصاف

- ‌254 - كتابه فى إنصاف قوم تظلموا

- ‌255 - كتاب له فى السلامة

- ‌256 - وله صدر فى السلامة

- ‌257 - فصل له فى السلامة

- ‌258 - فصل له فى الشكر

- ‌259 - فصل له فى الشكر

- ‌260 - كتاب له فى الشكر

- ‌261 - كتاب له فى الاعتذار

- ‌262 - كتاب آخر

- ‌263 - كتاب آخر

- ‌264 - كتاب آخر

- ‌265 - كتاب له فى حاجة

- ‌266 - كتاب له فى الشوق

- ‌267 - فصل له فى الإخاء

- ‌268 - كتاب له فى العتاب

- ‌269 - كتاب له فى الذم

- ‌270 - كتاب له فى الذم

- ‌271 - كتاب إلى أحمد بن يوسف من صديق له

- ‌272 - كتاب القاسم بن يوسف إلى صديق له

- ‌273 - كتاب أحد غلمان الديوان إلى آخر منهم

- ‌274 - رده عليه

- ‌275 - رسالة سهل بن هرون فى البخل

- ‌276 - كتاب سهل بن هرون إلى صديق له

- ‌277 - كتابه إلى صدق له

- ‌278 - ومن رسالة له يفضل الزجاج على الذهب

- ‌279 - كتاب الحسن بن سهل إلى سهل بن هرون

- ‌280 - كتاب العتابى إلى بعض إخوانه

- ‌281 - كتاب آخر له

- ‌282 - كتاب آخر له

- ‌283 - كتابه إلى بعض أهل السلطان

- ‌284 - كتابه إلى صديق له

- ‌285 - تعزية له

- ‌286 - كتاب له

- ‌287 - فصول للعتابى

- ‌288 - كتاب لابن الكلبى

- ‌289 - كتاب آخر

- ‌290 - كتاب على بن عبيدة إلى ابن الكلبى

- ‌291 - كتاب عنبسة بن إسحق إلى المأمون

- ‌292 - رد المأمون عليه

- ‌293 - كتاب طاهر بن الحسين إلى يحيى بن حماد

- ‌294 - كتاب يحيى بن حماد إلى طاهر

- ‌295 - عهد طاهر بن الحسين لابنه عبد الله

- ‌296 - كتاب إلى طاهر بن الحسين من بعض عماله

- ‌297 - رد طاهر عليه

- ‌298 - كتاب إبراهيم بن المهدى إلى طاهر

- ‌299 - كتاب أحمد بن يوسف إلى عبد الله بن طاهر يعزيه بأبيه

- ‌300 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى نصر بن شبث

- ‌301 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى نصر بن شبث

- ‌302 - أمان عبد الله بن طاهر لنصر بن شبث

- ‌303 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى عبد الله بن السرى

- ‌304 - كتاب المامون إلى عبد الله بن طاهر

- ‌305 - كتاب أحمد بن يوسف إلى عبد الله بن طاهر

- ‌306 - كتاب الهزبر بن صببح إلى عبد الله بن طاهر

- ‌307 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى الحسن بن عمرو

- ‌308 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى المأمون

- ‌309 - كتاب المأمون إلى قثم بن جعفر

- ‌310 - كتاب أبى العتاهية إلى الفضل بن معن بن زائدة

- ‌311 - كتاب عمرو بن مسعدة إلى المأمون

- ‌312 - رد المامون عليه

- ‌313 - كتاب عمرو بن مسعدة إلى الحسن بن سهل

- ‌314 - كتابه إلى الحسن بن سهل

- ‌315 - كتابه إلى المأمون

- ‌316 - كتابه فى وصاة

- ‌317 - كتابه إلى بعض أصحابه

- ‌318 - كتابه إلى المامون

- ‌319 - كتابه إلى بعض الرؤساء

- ‌320 - كتابه له

- ‌321 - كتابه إلى أبى الرازى

- ‌322 - كتاب إبراهيم بن العباس إلى عمرو بن مسعدة

- ‌323 - كتاب أبى جعفر الكرمانى إلى المأمون

- ‌324 - كتابه إلى بختيشوع

- ‌325 - كتاب العباس بن الحسن إلى جرير بن يزيد

- ‌326 - كتاب العباس بن الحسن إلى المامون

- ‌327 - كتاب لجرير بن زيد البجلى

- ‌328 - كتاب آخر

- ‌329 - كتاب آخر

- ‌330 - كتاب محمد بن سعيد فى السلامة

- ‌331 - كتاب إلى المامون من عامل

- ‌332 - كتاب رجل إلى المأمون

- ‌333 - رد المأمون عليه

- ‌334 - كتاب إحدى جوارى المامون إليه

- ‌335 - الرقعة التى علقت على رأس على بن هشام بعد قتله

- ‌336 - كتاب ثوفيل ملك الروم إلى المامون

- ‌337 - رد المأمون عليه

- ‌338 - كتاب عبد الله بن طاهر إلى إسحاق بن إبراهيم

- ‌339 - رد إسحق بن إبراهيم عليه

- ‌340 - كتاب ابن الحرون إلى أحد إخوانه

- ‌341 - كتاب المأمون إلى إسحق بن إبراهيم

- ‌342 - كتاب المأمون إلى إسحق بن إبراهيم

- ‌343 - كتاب المأمون إلى إسحق بن إبراهيم

- ‌344 - كتاب منصور بن محمد إلى المريسى

- ‌345 - كتاب راشد الكاتب إلى محمد بن عبد الملك الزيات

- ‌346 - رد ابن الزيات عليه

- ‌347 - كتاب المأمون إلى عماله

- ‌فهرس الجزء الثالث من جمهرة رسائل العرب الباب الرابع الرسائل فى العصر العباسى الأول

- ‌فهرس أعلام الكتاب مرتب بترتيب الحروف الهجائية مع إتباع اسم كلّ كاتب بأرقام الصفحات التى وردت فيها رسائله

- ‌فهرس بعض ما ورد فى الهامش من الفوائد التى قد يحتاج القارئ إلى مراجعتها

الفصل: ‌208 - رسالة الخميس لأحمد بن يوسف

وابنه «يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ» ولا صلة لأحد فى معصية الله ولا قطيعة ما كانت القطيعة فى ذات الله.

وكتبت إلى أمير المؤمنين، وقد قتل الله المخلوع وردّاه رداء نكثه (1)، وأحصد (2) لأمير المؤمنين أمره، وأنجز له ما كان ينتظر من سابق وعده، فالأرض بأكنافها (3) أوطأ مهاد لطاعته، وأتبع شىء لمشيئته، وقد وجّهت إلى أمير المؤمنين بالدنيا وهو رأس المخلوع، وبالآخرة وهى البردة والقضيب.

والحمد لله الراجع إلى أمير المؤمنين معلوم حقه (4) والكائد له من ختر (5) عهده، ونقض عقده، حتى ردّ به الألفة بعد فرقتها، وجمع به الأمة بعد شتاتها، وأحيا به أعلام الدين بعد دروسها (6)، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته».

(زهر الآداب 2: 38 وتاريخ الطبرى 10: 214 ومعجم الأدباء 5: 167 وكتاب الوزراء والكتاب ص 385)

‌208 - رسالة الخميس لأحمد بن يوسف

ومن رسائل أحمد بن يوسف رسالة الخميس (7) التى كتبها للمأمون وكانت تقرأ بخراسان على شيعة بنى العباس، وهى:

(1) نكث العهد: نقضه.

(2)

من أحصد الخبل: إذا أحكم فتله.

(3)

الأكناف: جمع كنف بالتحريك، وهو الناحية.

(4)

الراجع هنا من رجع المتعدى ومفعوله «معلوم» .

(5)

الختر: الغدر والخديعة أو أقبح الغدر، وفعله كضرب ونصر، وفى المنظوم والمنثور «والحمد لله الآخذ لأمير المؤمنين بحقه، والكائد له من خان عهده ونكث عقده

».

(6)

أى امحائها، وفى زهر الآداب تكرير الحمد فى آخر الكتاب، قال «والحمد لله الآخذ لأمير المؤمنين حقه، الراجع إليه تراث آبائه الراشدين» .

(7)

رسالة الخميس: هى رسالة كان يكتبها أبلغ كاتب فى الدولة، فى عهد كل خليفة من أوائل الخلفاء العباسين، فى تأييد الدعوة العباسية عامة، وأن أولى الناس بولاية خلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو العباس عمه ووارثه من بعده، وفى تأييد الخليفة الحاضر خاصة، والإشادة بذكره، وتعداد مناقبه ومآثره وأنه أولى أهل بيته بالخلافة، وكانوا يبعثون بهذه الرسالة إلى خراسان فتتلى على أهلها، ويحشدونهم لسماعها، تفخيما لشأن الخليفة لديهم، وتجديدا لولائهم لبنى العباس واستدامتهم على التشيع لهم، -

ص: 317

«من عبد الله الإمام (1) المأمون أمير المؤمنين إلى المبايعين على الحق، والناصرين للدين، من أهل خراسان وغيرهم من أهل الإسلام.

سلام عليكم، فإن أمير المؤمنين يحمد إليكم الله الذى لا إله إلا هو، ويسأله أن يصلّى على محمد عبده ورسوله، أما بعد: فالحمد لله القادر القاهر، الباعث الوارث، ذى العزّ والسلطان، والنور والبرهان، فاطر (2) السموات والأرض وما بينهما، والمتقدّم بالمنّ والطّول على أهلهما، قبل استحقاقهم لمثوبته بالمحافظة على شرائع طاعته، الذى جعل ما أودع عباده من نعمته، دليلا هاديا لهم إلى معرفته، بما أفادهم من الألباب التى يفهمون بها فصل الخطاب، حتى أقيموا على موارد الاختبار، وتعقّبوا مصادر الاعتبار، وحكموا على ما بطن بما ظهر، وعلى ما غاب بما حضر، واستدلّوا بما أراهم من بالغ حكمته، ومتقن صنعته، وحاجة متزايل (3) خلقه ومتواصله إلى القوم (4) بما يلمّه ويصلحه، على أن له بارئا هو أنشأه وابتدأه ويسّر بعضه لبعض، فكان أقرب وجودهم

وقد ذكر ابن النديم فى الفهرست ص 171 «أن لعمارة بن حمزة كاتب المنصور ومولاه رسائل مجموعة من جملتها رسالة الخميس التى تقرأ لبنى العباس» والظاهر أن رسالة عمارة هى أولى رسائل الخميس، حتى كانت الفتنة بين الأمين والمأمون، وكان أحمد بن يوسف فى خراسان فى ديوان الفضل بن سهل، فعمل رسالة الخميس للدعاية للدولة العباسية وللمأمون، وللاحتجاج له عن قتل أخيه، وقد جاء فى الفهرست لابن النديم ص 183:«الكتب المجمع على جودتها. عهد أردشير، كليلة ودمنة، رسالة عمارة بن حمزة الماهانية، اليتيمة لابن المقفع، رسالة الخميس لأحمد بن يوسف» ولما ثار العباسيون ببغداد على المأمون، ونصيوا عمه إبراهيم بن المهدى خليفة مكانه- كما سيأتى- عمل إبراهيم لنفسه رسالة خميس- وكان غزير الأدب وافر الفضل، لم ير فى أولاد الخلفاء قبله أفصح منه لسانا ولا أحسن منه شعرا- إلى أن كانت خلافة المتوكل فعمل له إبراهيم بن العباس رسالة للخميس، وقد ذكر ابن طيفور فى المنظوم والمنئور صدر رسالتى إبراهيم بن المهدى وإبراهيم بن العباس، وسيردان عليك بعد، ولم يحدثنا التاريخ أنه عملت رسائل للخميس بعد ذلك، وسبب انقطاعها ما كان من غلبة الترك على الخلفاء، ثم استيلاء الديلم على بغداد، وانهيار بنيان وحدة الدولة وتشعبها إلى دول مستقلة فى المشرق والمغرب.

(1)

كان الأمين قد نهى عن الدعاء على المنابر فى عمله كله للمأمون، وأمر بالدعاء له عليها، ثم من بعده لابنه موسى، وهو يومئذ ظفل صغير وسماه الناطق بالحق، وذلك سنة 195، فبلغ ذلك المأمون فتسمى بإمام الهدى وكوتب بذلك- انظر تاريخ الطبرى 10:139.

(2)

فاطر: خالق.

(3)

المتزايل: المتفرق.

(4)

القوم: القيام.

ص: 318

ما يباشرون من أنفسهم فى تصرّف أحوالهم، وفنون انتقالهم، وما تظهرون عليه من العجز عن التأتّى (1) لما تكاملت به قواهم، وتمّت به أدواتهم، مع أثر تدبير الله عز وجل وتقديره فيهم، حتى صاروا إلى الخلقة المحكمة، والصورة المعجبة، ليس لهم فى شىء منها تلطّف يتيمّمونه، ولا مقصد يعتمدونه من أنفسهم، فإنه قال تعالى ذكره «يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ» ثم ما يتفكّرون فيه من خلق السموات، وما يجرى فيها من الشمس والقمر والنجوم مسخّرات، على مسير [لا يثبت العالم إلا به]: من تصاريف الأزمنة التى بها صلاح الحرث والنّسل، وإحياء الأرض، ولقاح النبات والأشجار، وتعاور (2) الليل والنهار، ومرّ الأيام والشهور والسنين التى تحصى بها الأوقات، ثم ما يوجد من دلائل التركيب فى طبقات السّقف المرفوع، والمهاد الموضوع، [باختلاف] أجزائه والثئامها، وخرق الأنهار، وإرساء الجبال، ومن البيان الشاهد على ما أخبر الله عز وجل به من إنشائه الخلق، وحدوثه، بعد أن لم يكن، مترقّيا فى النّماء، وثباته إلى أجله فى البقاء، ثم محاره (3) منقضيا إلى غاية الفناء، ولو لم يكن له مفتتح عدد، ولا منقطع أمد، ما ازداد بنشوء، ولا تحيفّه (4)[نقصان] ولا تفاوت على الأزمان، ثم ما يوجد عليه منفعته من ثبات بعضه لبعض، وقوام كل شىء منه بما يسّر له، فى بدء استمداده، إلى منتهى نفاده، كما احتج الله عز وجل على خلقه فقال:«أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً» وقال عز وجل: «كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ. وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ» وكلّ ما تقدّم من الأخبار عن آيات الله عز وجل ودلالاته فى سمواته التى بنى، وأطباق الأرض التى دحا (5)، وآثار صنعه

(1) تأتى للأمر: ترفق وأتاه من وجهه.

(2)

التعاور: التداول.

(3)

المحار: الرجوع وفى الأصل «بحاره» .

(4)

تحيفه: تنقصه من حيفه، والحيف، كعنب جمع حيفة بالكسر: وهى الناحية.

(5)

دحا الله الأرض يدحوها ويدحاها دحوا: بسطها

ص: 319

فيما برأ وذرأ (1) ثابت فى فطر العقول، حتى يستجرّ أولى الزّيغ ما يدخلون على أنفسهم من الشّبهة فيما يجعلون له من الأضداد والأنداد، جلّ عما يشركون، ولولا توحّده بالتدبير عن كل معين وظهير (2)، لكان الشركاء جدراء أن تختلف بهم إرادتهم [فيما يخلقون] ولم يكن التخلّف فيه من إثباته وإزالته ليخلو من أحد وجهيه، وأيهما كان فيه فالعجز والنقص مما أتاه وبرأه، جلّ البديع خالق الخلق ومالك الأمر عن ذلك، وتعالى علوّا كبيرا، كما قال سبحانه:«مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ» ثم من عظيم نعمة الله عز وجل على خلقه افتقاده (3) إياهم، ثم يسدّدهم ويدلّهم على منافعهم، ويجنّبهم مضارّهم، ويهديهم لما فيه صلاحهم، ويرغّبهم فى المحافظة على التمسّك بدين الله عز وجل الذى جعله عصمة لهم، وحاجزا بينهم.

ولولا ما تقدّم به من تلافيهم (4) واستدراكهم بفضل رحمته لاجتاحهم (5) التّلف لقصور معرفتهم عن التأتّى لأقواتهم ومعايشهم، ولم يكونوا ليقتصروا على حظوظهم وأقسامهم عما بنوا عليه من الجمع والرغبة، ولتهالكوا ببغى بعضهم على بعض، وعدوان قويّهم على ضعيفهم، ولكنه بعد تعريفه إياهم ملك قدرته، وجلالة عزّته، بعث إليهم أنبياءه ورسله مبشّرين ومنذرين بالآيات التى لا تنالها أيدى المخلوقين، فرضوا بما قسط بينهم، وارتدعوا عن التباغى والتظالم، لما وعدوا من الثواب الجسيم، وخوّفوا من العقاب الأليم، ولم يكونوا ليطيعوا أمرا لآمر، ولا نهيا لناه، إلّا بحجّة يتبيّن بها [الحقّ] لمن خالفه من المبطلين، وتخويف يتّقون به مقارفة (6) ما حرّ [م عليهم]، ورجاء يتجشمون له مئونة ما تعبّدوا به، فافتتح الله عز وجل بأبيهم آدم عليه السلام،

(1) برأ الله الخلق وذرأهم (كجعل فيهما): خلقهم.

(2)

الظهير: المعين.

(3)

أى تفقده، وفى الأصل «معاوه» .

(4)

فى الأصل «تلافهم» .

(5)

أى أهلكهم واستأصلهم.

(6)

قارف الذنب: اقترفه وأتاه.

ص: 320

فعلّمه الأسماء كلّها، وأمر الملائكة بالسجود له كما افتص فى وحيه المنزل- وكرّم ولده وفضّلهم، فقال جلّ وعزّ:«وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا» وجعل ما فطرهم عليه من العطف على ذراريّهم وأبنائهم سببا لما أراد من بقائهم وتناسلهم، وما اختصّهم به من العلم والفهم حجّة عليهم، ليمتحن طاعتهم، ويبلوهم (1) أيّهم أحسن عملا.

ولم تزل رسل الله عز وجل إلى خلقه تترى (2) بالنور الساطع، والبرهان القاطع، لا يجدون لما يوردون عليهم من الحق القاهر مردّا ولا مدفعا، لقول الله عز وجل:

«وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ» فلم يجد المكذّبون مساغا (3) إلى دفع ما أقيم عليهم من لازم الحجة إلا المعاندة والمجاحدة، وكان أنبياء الله صلوات الله عليهم يبعثون فى أعصار الحقب (4) نذرا للأمم، حتّى ختمهم الله عز وجل بالنبىّ الأمّىّ محمد صلى الله عليه وسلم، فبعثه فردا وحيدا لا عاضد له ولا رافد (5)، إلى قوم يعبدون أصناما بكما، وحجارة صمّا، فكذّب به القوم الذين بعث فيهم أول ما دعاهم، ورامه ملوك أقطار البلاد بتوجيه الأجناد، ومرافدة القوة والعتاد (6)، وبغى الغوائل، ونصبت له الحبائل، وهو يدعو إلى سبيل ربه بما أمره به إذ يقول تعالى:«ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» ثم جاهد بمن أطاعه من عصاه، وبمن اتّبعه من خالفه، حتى أعزّ الله كلمته، وأظهر دعوته، وأكمل لعباده دينهم الذى ارتضى لهم، فلما اختار الله له ما لديه، واختصّه بما عنده، من النعيم

(1) أى يختبرهم.

(2)

يقال: جاءوا تترى وينون، وأصله وترى: أى متواترين متتابعين.

(3)

أى مدخلا وطريقا.

(4)

الحقب جمع حقبة بالكسر، والحقبة من الدهر: مدة لا وقت لها.

(5)

الرافد: المعين الواصل.

(6)

العتاد: العدة.

ص: 321

المقيم، والجزاء الكريم، بعد استقامة الدين ودخول الناس فيه أفواجا (1)، خلفه- إذ ختم به الأنبياء- بالبررة النجباء من أدانيه ولحمته (2)، لإقامة الشرائع المفترضة، وإنفاذ حكم الله المنزّل، واقتفاء السّنّة المأثورة، وحفظا له فى قرابته، ومجيبى دعوته وإتماما لما أوجب له من الفضيلة، وقريب الوسيلة، وإنجازا لما وعده من إظهار ما بعثه به، من دينه الذى اصطفاه وارتضاه.

وكان اختيار أولى الفضل من لحمته وعصبته لإرث خلافته، من عظيم الزّلف (3) التى رغب إلى الله فيها أنبياؤه، فيما اقتصّ فى منزل وحيه (4)، واختصّ تبارك وتعالى نبيّه صلى الله عليه وسلم بما أمره به من مسألة أمّته تصيير مودّته فى القربى، جزاءه ممّن تبعه على الرسالة، وهداه من الضلالة، فكانت فضيلتهم عزيمة من الله عز وجل، دون طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألزمه تأديته إلى خلقه. وألزمهم أداءه، فقال عز وجل:«قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» ودلّ بما أخبر به وأظهره من تطهيره إياهم، وإذهابه الرّجس (5) عنهم على اصطفائه لهم، فقال تعالى:«إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» وكان مما أوجب لهم به حقّ الوراثة فى محكم تنزيله قوله تعالى «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ» * ثم قرن طاعتهم بطاعته فقال:

«أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» وأحبّهم من النّباهة والصّيت، بالمحلّ الذى أعلى به أمرهم، ورفع به ذكرهم، لما أحبّ من التبيين فى الدلالة عليهم، والهداية إليهم، فإنه يقول عز وجل:«يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» ،

(1) الأفواج جمع فوج بالفتح: وهو الجماعة.

(2)

اللحمة: القرابة.

(3)

الزلف جمع زلفة بالضم: وهى القربة، وفى الأصل «ومن عظم الزلف» وفيه أيضا «وبما اقتص» وهو تحريف.

(4)

يشير إلى قول زكريا عليه السلام «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ» .

(5)

الرجس: القذر، والمأثم.

ص: 322

ولو كان الأئمة المقلّدون أمر عباده خاملة أنسابهم، متقطعة أسبابهم، غير مخصوصين بفضيلة يرونهم بها دون غيرهم لم تعد طلبتهم وعقد الخلافة لهم، أن تكون من مفترضاته على كافّة الأمة، أو على بعض دون بعض، فإن كان لأهل الشرق والغرب من ذوى النقص والكمال أن يختاروا لأنفسهم، فليس فى اجتماع آرائهم مع تفرّقهم واختلافهم طمع آخر أيام الدهر، وإن كان إلى خاصّة دون عامّة، فستحتاج العامّة من طلب معرفة تلك الحال، إلى مثل ما احتاجوا إليه فى أئمتهم إذ لم يكن أهل الارتياب والطلب من أعلام الآفاق، ليتواطئوا على اتفاق، لنفاد آجالهم قبل بلوغهم غاية الاجتهاد فى الفحص والتكشيف، وحاجتهم إلى اختيار البلدان، وتمحيص أولى الفضائل بالامتحان، وما [هو] خاف عليهم من الشّبه فى اختيارهم، والاختلاف فيمن عسوا أن يجتبوه (1) ويقدّموه، حتى تتهالك الرعية، بتظالمها بينها، وبطرق من يليها من الأمم إياها إذ لا ذائد عنها ولا محامى، فإذا ألزمت الأمة الحاجة إلى نصب الحكّام لإقامة الدين، وتقسيط الحقوق بين المسلمين، ومجاهدة عدوّهم من المشركين، لم يكن لهم فى الإمامة عليهم مجاز إلى التخلص إليهم، ولا ريب عند المعرفة برأفة الله ورحمته، ولطفه وحكمه، فى دفعه عن عباده ما لم يجعل فى حيلتهم له وسعا، ولا فى حيلتهم له دركا، وكفايته إياهم ما يعجزهم من البحث والتنقيب عن ولاة أمرهم، بنصبه إياهم، وما رفعهم إليه من الدرجة التى أعلاها وأسناها (2)، إذ وصل نسبهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وافترض مودّتهم على خلقه، ولم يشنهم (3) جهلهم للغرض الذى ألزمهم له، ولم يجب عليهم فرض فى معرفة من سواهم، ولم يزل سياق أئمة الهدى مطّردا، ونظامهم متّصلا، يتلقاه كابر عن كابر، ويؤدّيه أوّل إلى آخر، حتى تناهى إلى أمير المؤمنين، وهو حالّ دار دعوته، وبين أنصاره من أهل

(1) اجتباه: اختاره.

(2)

أى رفعها وأعلاها.

(3)

فى الأصل «يسفهم» وربما كان «يسفههم» .

ص: 323

خراسان، فنظر به خيرهم، وعرفوا ما تصرّفت به أحوالهم، وظهر لهم من بيان حجّته على من نازعه فى الأمر، وشاهدوا من إبلاغه فى العذر، واستظهاره بالتأنّى والصبر، ما أزاح عنهم الشّبهة، وكشط (1) الحيرة، حتى استراثوا (2) نهوضه بحقه، وخافوا الزّيغ على أديانهم فيما أعطوه من صفقة أيمانهم، وهو ماض على عادته، مستديم للموادعة، متلوّم (3) على المراجعة، بالغ غاية ما وسعه من الرّخصة فى دفع الولاية التى نهنه (4) بها الرعية، حتى ضاق عليه فى دينه ترك القيام بما أنهضه الله به من ثقلها، وقلّده من حملها، وخان المخلوع فابتغاه بالشّرّة والعزّة، فتناول أولياء الحق باغيا طاغيا، لما أراد الله من تأييدهم (5) عليه بالبيان والحجّة التى وجب (6) لها قلبه، وفتّ بها فى عضده (7)، وقبل الله ما أيّدكم به (8) من النصر والغلبة فيه التى جعلها الله للمتقين، فاجتمع لكم معشر أهل خراسان فى دولة أمير المؤمنين ثلاث خلال اختصّكم الله بفضيلتها، وسنىّ (9) مراتبها، دون ثلاث شملتكم وغيركم:

أمّا الأولى من اللواتى خصّكم الله بهن، فما تقدّم لأسلافكم من نصرة أهل بيت [النبى] وخاتم ميراثه من آباء أمير المؤمنين. وأمّا الثانية فما آثركم الله به من نصرته فى دعوته الثانية. وأما الثالثة فما تقدّمتم به من صحة ضمائركم، ومحض (10) مناصحتكم.

وأما الثلاث اللواتى هن لكم ولغيركم:

فمنهن: ما أكّد الله لأمير المؤمنين فى أعناق المسلمين، من العهد الذى أخذ إصره (11)، وألهمهم الوفاء به، والتمسّك بوثائق عصمته، عند محاولة المخلوع ما حاول

(1) أى كشف، وبابه ضرب.

(2)

استراثه: استبطأه، وفى الأصل «استزادوا» وهو تحريف.

(3)

تلوم فى الأمر: تمكث وانتظر.

(4)

نهنهه: كفه وزجره.

(5)

فى الأصل «تاديهم» .

(6)

أى اضطرب وخفق.

(7)

فت فى عضده: أضعفه.

(8)

فى الأصل «وقبل ما أر .... كم به من النصر» وقد أصلحته كما ترى.

(9)

أى رفيع.

(10)

أى خالص،

(11)

الإصر: العهد.

ص: 324

من الإعلان بالرّدّة، والتمس من تبديل معالم الدين وتعفية آثاره، فلم يلف الرّعية سدى مهملين، لا جامع لأمرهم، ولا ضامّ لنشرهم.

ومنهن: ما أفادكم الله وإياهم من العبر، عند حلول الغير (1)، بمن غدر وختر (2)، تذكرة لأولى النّهى، وحجّة بالغة على من أدبر وتولّى، ليهتدى متحيّر، ويتّعظ مزدجر «وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ» .

ومنهن: اجتماع أهل الفضل من المسلمين ممّن لم يكن له نصر ولا أزر (3) فى الدعوة الأولى، على المشايعة فى الدعوة الثانية، فأصبح دعاة أمير المؤمنين- من أهل الحرمين والمصرين (4) ومدينة السلام والمشرق والمغرب، ممّن غار وأنجد (5) من المتمسّكين بذممهم، الموفين بنذورهم، من إخوانكم، وإن كان الله قد قدّمكم فى الأمرين جميعا بتفوّق حالكم على غيركم- يعتدّون من معاضدتكم ومكانفتكم (6) بما جعله الله عز وجل ألفة لكم، ومودّة بينكم، يبيد بها ما كان الشيطان ينزغ (7) به بين أهل التباعد فى الأنساب، والتنائى فى الأوطان، من إيقاع العداوة والبغضاء، والانطواء على الأحقاد والدّمن (8)، وطلب تقديم الإحن (9)، وصار أهل النموّ إلى الدرجة العليا، والاعتصام بالعروة الوثقى، من أولياء أمير المؤمنين، وشيعته، منشرحة صدورهم بمكانفته، منبسطة أيديهم بمعاونته على حقه، منفسحة آمالهم فى إذكاء (10) ناره على

(1) غير الدهر: أحداثه المغيرة.

(2)

الختر: الغدر والخديعة، أو أقبح الغدر، وفعله كضرب ونصر.

(3)

الأزر. التقوية.

(4)

الحرمان: مكة والمدينة، والمصران: الكوفة والبصرة.

(5)

غار. أتى الغور بالفتح، وهو المنخفض من الأرض، وأنجد: أتى النجد، وهو المرتفع منها.

(6)

المكانفة: المعاونة والمؤازرة.

(7)

نزغ الشيطان بينهم كمنع: أفسد وأغرى ووسوس.

(8)

الدمن جمع دمنة بالكسر: وهى الحقد القديم.

(9)

الإحن: جمع إحنة بالكسر، وهى الحقد أيضا.

(10)

أذكى النار: أشعلها، وأثخن فى العدو: بالغ الجراحة فيهم.

ص: 325

عدوه والإثخان فى بلاده وافتتاح ممتنع حصونه، بما جمعهم الله عليه من الألفة، ورفع عنهم من الحميّة (1) والعصبيّة، راجين عودتهم إلى أحسن ما مضى عليه سلفهم فى عهد نبيه صلى الله عليه وسلم، من سلامة الصدور، وصلاح ذات البين، واجتماع القوى على مجاهدة من شاقّهم (2)، قد أفرخ الله عنهم نغر (3) التجارب والتجاذب، وجعل ما كان يسعى به بعضهم من الإعداد لبعض، زيادة فى ريحهم (4)، وحدّا فى شوكتهم، لائتلافهم فى دولة أمير المؤمنين المجدودة (5) المؤيّدة بصدق الضمائر، ونفاذ البصائر، وإلى الله يرغب أمير المؤمنين فى إعانته على صالح نيته، وتبليغه منتهى سؤله، وغاية همته، فى إعزاز دينه، وإذلال من صدّ عن سبيله، إنه سميع قريب.

ومن أقوى الأسباب إلى استدعاء الشكر على النعمة تذكّر ما كانت عليه الحال قبلها، فاستديموا الإفاضة فيما رفع الله من خساستكم، وأعلي من أقداركم، بنصرة أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وسلم، وما أبلاكم الله فى الدعوة الأولى، مما لا يؤدّى حقّه إلّا بعون الله وتوفيقه، فإنه ارتاح لهم (6) بلطفه وتوفيقه، فأنالهم رغائب الأقسام، وسنىّ الحظوات، ورفع درجهم ودرج خلوفهم وأعقابهم من بعدهم، بعد إذ هم مستضعفون يخافون أن يتخطّفهم الناس، مذعنون بقهر عدوهم واستئثاره عليهم، ثم لم يلبثوا أن صاروا إلى الحال التى يرونهم بها من الغبطة والبهجة، إلا أنهم أخذوها بحقّها، وكانت فى أيدى الظّلمة من أهل بيت اللّعنة وأتباعهم، بخلسة الباطل، ومحنة الابتلاء «وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» .

وليس أحد منكم بخارج من المحنة بما ألبس من النعمة، وإن كنتم أهلها

(1) الحمية: الأنفة.

(2)

شاقه: خالفه وعاداه.

(3)

أفرخ: أى سكن وهدأ، ونغر عليه كفرح وضرب ومنع نغرا ونغرانا بحركتين: غلى جوفه من الغضب والغيظ، وهو من نغرت القدر. إذا غلت وفارت، وفى الأصل الأول «قد أفرد الله عنهم نفرة التحارب» والمعنى عليه صحيح.

(4)

الريح: القوة.

(5)

المجدود: العظيم الجد بالفتح، وهو الحظ.

(6)

أى لأهل بيت نبيه، وارتاح الله له برحمته: أنقذه من البلية.

ص: 326

الآخذين لها بحقّها، بل الذى يلزمكم استدامتها والقيام بحفظها، على حسب ما أولاكم الله منها، فربما كان الذى يعقب أهلها من الغفلة والاغترار، ويلهيهم بها من حبورها (1) وسرورها، أعظم إثما وحوبا (2) مما يخاف على أهل البطالة والضرّ، من ضعف العزم، وقلة الصبر، لما يستولى عليهم من استكانة الذّلّة، والاغترار بالتقصير، والفزع إلى ربهم فى تنفيس كربهم، فإنه تبارك وتعالى قد وصف أهل الطبقتين فقال:

«وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ» فحاجتكم- إذ أنجح الله سعيكم، وأظفركم بطلبتكم- إلى حياطة ما أودعكم الله من مننه، وحراسة ما آتاكم الله من فضله بالشكر الممترى (3) للمزيد.

فتعهّدوا- معشر شيعة أمير المؤمنين- أنفسكم بتذكّر ما سهّل الله لكم من الحزونة (4)، وذلّل لكم من الصّعوبة، وحكم لكم به من النصر، على مرّاق (5) الملّة، ومخالفى أهل القبلة، وأباحكم من ديارهم وأموالهم، فأصبحتم- بمنّ الله عليكم- حماة الدين، وأنصار الأئمة الراشدين، وحصون كافّة المسلمين، بعد ما اجتثّ (6) الله بكم قرون النفاق، وأبار بكم صناديد الضّلالة، وشرّد بمن لم تستحمله سيوفكم، وأضرع (7) إليكم من أذعن واستسلم، وقد استشرفكم (8) - معشر شيعة أمير المؤمنين- أهل الشّنآن، ولا حظوكم بأعين الحسد والمنافسة، فبين ذلك مجهر معالن (9)، ومستسرّ مداهن، وداخل فى عدادكم، ووالج فى سوادكم (10)، يرى أمنه بين ظهوركم، فطعنه عليكم

(1) الحبور: السرور.

(2)

الحوب: الإثم.

(3)

أى المستوجب. يقال: امترى الشىء: أى استخرجه، والريح تمترى السحاب: أى تستخرجه وتستدره.

(4)

حزن المكان ككرم حزونة: غلظ، فهو حزن كصخم.

(5)

مراق الملة: الخارجون عنها، جمع مارق.

(6)

اجتثه: قطعه.

(7)

أضرع: أذل.

(8)

استشرفه: رفع بصره إليه، والشنآن: البغض والكراهية.

(9)

جهر الكلام كمنع، وبه، وأجهر: أعلن به، وأعلن الأمر، وبه: أظهره، وعالنه: أعلن إليه الأمر، واستسر: استتر.

(10)

الوالج. الداخل، وسواد الأمة: عامتها.

ص: 327

فى دولتكم بريبة التمويه، وخدع التشبيه، أيسر عليه كلفة، وأعظم فيكم جرحا ونكاية، فتوقّوا هذه الطبقة أشدّ التوقّى، فإن أكثر من يلجأ إلى استباحة الحيلة، من عجز عن المباداة (1) والإصحار، وعند ظهور الحازم وغلبته يحترز من لطيف الخدع، وخفىّ الاستدراج.

واحذروا- معشر شيعة أمير المؤمنين- من استمهال الطّاءة (2)، والركون إلى راحة الدّعة، ما قد رأيتم وباله عاد على أهله، وأورثتهم عواقبه طول الندم والحسرة، فإنكم قد كنتم فى حال المراقبة لعدوّكم، والخوف لبائقته (3)، متيقّظين متحفّظين لما كان يرومكم به من ختله (4) وحيله، ثم أفضيتم إلى الحجّ، وقد جهدكم السعى، ومسّكم النّصب، وسيلقى الشيطان فى أمانيّكم أن قد اكتفيتم بسالف ما قاسيتم، ويجد من ضعف العزائم معينا داعيا إلى اعتنام الخفض، والإحلاد إلى الأرض، ما لم تعتصموا بما عاينتم من الاعتبار، وتمتثلوا مواضى الآثار فيمن سلف من القرون الخالية، وما أفضت به إليه الغرّة من زوال النعم، ووقوع الغير، فإن جميع ما خوّلكم الله وأفادكم مرتهن بما ألزمكم من حياطته واستمائه، فقد وجبت عليكم الحجّة بما حضّكم الله عليه، وعظمت عليكم المنّة بما هداكم إليه، وأراكم من آياته ومثلاته (5) فيمن خلا قبلكم، ما فيه أبلغ الإعذار والإنذار لكم، ومن اجتمع له اقتناء صواب من تقدّمه، إلى ما ينبعث من نفسه، فكأنّه قد اختبر بالتجربة، مع استمداده بما يستفيد ويستزيد ما يفتح لبّه ورأيه. وايقنوا أنكم لن تصلوا إلى من

(1) بادى بالعداوة: جاهر بها، وأصحر: برز وانكشف- وأصله: خرج إلى الصحراء.

(2)

الطاءه: الإبعاد فى المرعى.

(3)

البائقة: الداهية.

(4)

الحتل: الخداع.

(5)

العرب تقول للعقوبة مثلة بفتح فضم، ومثله بضم فسكون، فمن قال الأولى جمعها على مثلات بفتح فضم أيضا، ومن قال الثانية جمعها على مثلات بضم الأول وضم الثانى وفتحه وسكونه، قال تعالى:

«وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ»

ص: 328

سواكم، ممن هو أعسر طاعة عليكم، وأعذر بمعصيتكم، حتى تبدءوا باستصلاح أنفسكم، وأنه لن يرجى لكم القوة على مجاهدة عدوكم، حتى تقووا على مجاهدة أهوائكم، فإن على كل امرئ ريبة من أمره، وغطاء من غيبه، لا يكشفه إلا صحة المعرفة والإذعان بالنّصفة (1)، فهناك يؤمن عليه الجهل والمعاندة، وإذا أمنت هاتان الخلّتان انسدّت بإذن الله ثلم الآفات، وفتوق المكاره، فإنه لا يخاف الضلال على من اهتدى. ولا اعتماد الجور على من انتصف من هوى.

وليكن أول ما تتعهّدون به أنفسكم، وتثابرون عليه من صالح أدبكم، تناصف الحقّ بينكم، بتقديم أهل الفضائل والآثار المحمودة منكم، وتفخيم أمرهم، فقد علمتم أن منكم المبرّز (2) الفائت الذى لا يدرك شأوه، ولا يوازى بلاؤه، حين كشف الإبلاء ضمائر القلوب، وجلا مشتبهات الظّنون، فصرّح بالمحاربة بعد التقدّم فى الحجة، وفاء بمؤكّد العهد، وركوبا منه لهائل الخطر، غير هائب مع صحبة الحق، ما برق لديه الناكث المخلوع ورعد، ولا مستوحش فيما تفرّد به إلى من تولّى وأدبر، حتى أتى الغاية التى أجرى إليها فى الله عز وجل، ولخليفته، ثم لرؤسائكم من أهل المشايعة والمكانفة والنّصرة والحظّ الجزيل والأثر المبين، ثوابهم واجب، وحقّهم لازم، ثم منكم من يحفظ لسلفه وأوّله من الآباء الذين يحفظون ولايتهم، فإن الله عز وجل يقول فى ذكر اليتيمين:«وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما، وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً» وقال على لسان يعقوب لابنه يوسف «وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» .

(1) النصفة: الإنصاف.

(2)

برّز: فاق أصحابه، والشأو: الغاية.

ص: 329

وأمير المؤمنين يرى توريث الحكمة والذّمام (1) سنّة عليه فى أخلاقه التى يرعاها ويحافظ عليها، كما أنه يرى وراثة التّركة فريضة واجبة، فيخلف السّلف الصالح عنده فى المزيّة والفضل من يتلون به من أهل الغناء (2) بأنفسهم، ثم يتلوهم من اقتدى بهم واهتدى بهديهم، والسابق المتقدّم من اعتدّ ببلاء نفسه إلى بلاء سلفه، ثم يتبعه بعد المبلى بنفسه، ثم يتلوهما المتوسّل بآبائه، ثم الصاعد به هواه ورأيه، طبقة فطبقة، فليقصر كلّ امرئ منكم على المرتبة التى أحلّه بها سعيه، وليسلك إلى الازدياد فيها بالزيادة من نفسه، فإن من الفتوق العظيمة على أهل الدول ما ينزغ به الشيطان بينهم ويكثر عندهم ما يكون منه، فيوافق من الحيف للأنفس ما يجد به مساغا إلى ما يروم من إبقاع الشّحناء بينهم، وتثبيت الإحن فى صدورهم، بعد التآزر والتناصر. ومتى يجمع المرء لمزيّة من فوقه واغتباط من دونه، كفى ما ترك، ولن تخلص نيّاتكم، وتسلم ضمائركم حتى تمحضوا (3) شكر ما أوليه إخوانكم، وتعتدّوا ما نالهم شاملا لكم، وتجانبوا طريقة من اقتصر بأمنيّته على خاصّته، وتعتّب فيما أوثر به أهل الفضل دونه، وكفى عظة فيما نهاكم الله عنه من ذلك، يقول الله عز وجل:«وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ، وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً» ولا يلتمسنّ أحد مودّته عن سوء نيّة بحسن مداراة فى ظاهر، فإنّ الله مقلّد كلّ امرئ ربقة (4) عمله، ومطوّقه طوق سريرته، ولا يغدرنّ فيما يلزمه لإمامه، فإنه إنما يغدر فى حظّه، ويبخس قسمه، وينحس (5) نفسه، ثم لا يقتصرنّ على استصلاحها حتى يتناول من

(1) الذمام: الحق والحرمة.

(2)

الغناء: الكفاية، وفى الأصل «فيخلف السلف الصالح عنده من المزية والفضل ما يتلون به أهل الغناء بأنفسهم» وأراه محرفا.

(3)

محضه كمنع وأمحضه: أخلصه.

(4)

الربق بالكسر: حبل فيه عدة عرى يشد به إلبهم، كل عروة ربقة.

(5)

نحسها (كمنع): عناها وأشقاها.

ص: 330

كانت منّته عليه من أقربيه وحشويّه (1)، فإنّ يسير ما هو معان من تأديتهم، لا ينشب أن يتجاوز أدنى المراتب إلى أقاصيها، وقريبها إلى منتاهيها، حتى يستفيض شاملا عامّا، بعد أن بدا محلّلا (2) خاصّا.

واعلموا أن أمير المؤمنين متفقّد من تثقيفكم وتقويمكم على صالح الأدب، ومحمود السّيرة، ما لا يتفقّد به من سواكم، فإنه إن كان يوحب على نفسه استصلاح الرعية، وحملهم على ما فيه رشدهم وقوامهم، لما يلزمه من فضل العناية بالأخصّ والأولى فالأولى، فإن فى إخلائكم من التقديم فى التأديب والتعهّد وجوها من الضرر، منها:

أنكم أولى بحسن الطاعة وسرعة الإجابة، للطف محلّكم، وقرب مكانكم عند أمير المؤمنين. ومنها: أنكم يأنس بكم المؤتمّون، ويقتدى بكم التابعون، فمتى قصّرتم وأخللتم، اقتفى أثركم من نصبتم له أعلاما، ثم لم يكن لكم أن تزروا (3) عليه، ولا أن تأخذوا فوق يده، بل كان قمينا (4) أن يكون يسومكم الرّضا بمثل ما سمتموه، ثم تجرى هذه العادة فى الطّبقات، حتى يطّرد السّياق، إلى أن يستفيض الفساد فى حشو الناس وعامّتهم، فلا تغنى قوة ولا حزم ولا شدّة إلا العجز والإضاعة، ثم يجد الأعداء مساغا إلى الطعن والعيب، فلا يملكون أن يرهقوكم (5)، ويستولى عليكم الفشل، فإن الأيدى إنما تبسط بنفاذ العزائم، والعزائم إنما تنفذ بثبات الحجّة، والحجة إنما تثبت إذا كانت عن الحق، وإذا أضيع أوّل هذه الرسوم التى رسم لكم أمير المؤمنين

(1) نسبه إلى حشو، ومعناها الحاشية والأتباع، وقد تقدم فى رسالة يحيى بن زياد الحارثى ص 209 «وأما الحشو من الجند والرعاع .. » وجاء أيضا فى رسالة الجاحظ فى مدح التجارة وذم عمل السلطان فى كتاب الفصول المختارة من كتب الجاحظ (هامش الكامل للمبرد 2: 247): «وهذا الكلام لا يزال ينجم من حشونة أتباع السلطان، فأما عليتهم ومصامصهم وذو والبصائر والتمييز منهم

»

(2)

أى ذا محل محدود خاص.

(3)

زرى عليه كرمى: عابه، كأزرى، لكنه قليل.

(4)

أى جديرا وخليقا، وسامه الأمر: كلفه إياه، وفى الأصل «بمثل ما سمعتموه» وهو تحريف.

(5)

أرهقه: حمله على ما لا يطيق.

ص: 331

تبعته تواليه، وشفعته لواحقه، ووجد العدوّ الملاحظ مكان العورة، مطمعا فى إهمال ما كان يعدّ له من الغرّة، ويتوفّق به من مناهزة الفرصة.

وليكن ما تفيضون فيه وتعدّونه ظهيرا على طاعن إن طعن فى دولتكم، ما ألهم الله أمير المؤمنين من شمول رعيّته بالعدل، وفرش (1) الأمر فى مضمراتها ومنقلبها، ورفع به عنهم من سير الجود (2)، وبسط به يده من إثابة أهل البلاء، وتغمّد (3) الجرائم لأولى الزّلل، والإبلاغ فى دعاء من عاند وشاقّ إلى التوبة والإنابة، وإقالة العثرة بعد القدرة، والحقن لمباح الدماء، فلم تعلموه صبر محلّا (4) ولا هتك لأحد ممن أظفره الله به سترا، ولا وقفه على عورة. ثم تولّى الله أمير المؤمنين فى حروبه شرقا وغربا، التى أغناه الله عن الإطناب فى وصف صنع الله لكم فيها، لاستفاضة أخبارها فى دهمائكم (5)، مع ما أحبّ من مطالعته إياكم ببالغ أدبه، وشافى عطفه، أن يتنكب (6) عن الإسهاب، فى غير ما صمد (7) له، ورأى من تقريع أسماعكم وأذهانكم، لوعى ما التمس أن تعوه، من تبصيركم حظّكم، وتنبيهكم على رشدكم، وحسب أمير المؤمنين فى نفسه وفيكم الله، وكفى به مبينا.

وإن أمير المؤمنين- مع ما تقدّم به إليكم- لعلى ثقة من حياطة الله خلافته التى جعلها عزا لدينه، وقواما لخلقه، وأنه ليس بها ممن أدبر عن حقها اختلال، بل من خلع ربقتها وأضاع حظّه منها، جلب الخلّة (8) والحاجة وحسران الدنيا والآخرة، وإنما أتى المقصّرون فى إعظام حقها، من ضعف الرويّة عن بلوغ ما تفضى بهم إليه مصادر

(1) فرشه أمرا: اوسعه إياه.

(2)

أى من الجود السائر الشامل.

(3)

تغمده: ستره.

(4)

صبر الإنسان على القتل: أن يحبس ويرمى حتى يموت، وقد قتله صبرا وصبره عليه، والمحل الخارج من الميثاق والبيعة انظر شرحه بتوسع فى الجزء الأول ص 403 - وفى الأصل «محملا» وهو تحريف.

(5)

الدهماء: جماعة الناس.

(6)

تنكب عنه: عدل.

(7)

صمد كنصر: قصد.

(8)

الخلة: الفاقة والحاجة.

ص: 332

العواقب، وتؤدّيهم إليه رواجع ما قدّموا، فلا يكونون بعملهم متجاوزين لهممهم- وفيهم الذى هم فيه- إلى ما يمنعهم (1).

واستديموا معشر المسلمين سابغ النعمة، بحمد موليها والمتطوّل بها، وقد ترون ما كنتم فيه قبلها، وما آلت إليه حال من سلبها، ثم يعقب الندامة حين لا مستعتب (2) ولا نظرة يمكن فيها استقالة الفارط بتقصير ولا هفوة زلل، وثقوا من رعاية أمير المؤمنين محمود آثاركم، وما مضى من بلاء كلّ امرىء منكم، بما تطمئنون إليه، وتتوقعون عادته، بأسنى ما ترتفع إليه آمالكم، وتسمو إليه هممكم، إلى ما يدّخر الله لمن تمسّك بهداه، واعتصم بتقواه، وجاهد عن حقه، وافيا بأمر عهده، من جزيل ثوابه، وكريم مآبه، إلى الدار التى هى أكبر درجات وأكبر تفضيلا.

أحبّ أمير المؤمنين أن يتعهّدكم بعظة تنبّهكم على حظّكم، وتثبّت من بصائركم وتقطع من طمع الشيطان وحزبه فيكم، لما يجب عليه إرشادكم، ويرجو من تأدية حق منّ الله عز وجل فيكم، ولما يرى من اتصالكم بحبله، وما يشمله من الصنيع فيما ولّاكم الله به، وتولاه لكم.

وأمير المؤمنين يسأل الله الذى دلّ على الدعاء تطوّلا، وتكفّل بالإجابة حتما، فقال عز وجل:«ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» أن يجمع على رضاه ألفتكم، وأن يصل على الطاعة حبلكم، وأن يمتّعكم بأحسن ما أودعكم من مننه، ويوزعكم (3)

عليها من شكره، ما يواصل لكم مزيده، وأن يكفيكم كيد الكافرين، وحسد الباغين، ويحفظ أمير المؤمنين فيكم بأفضل ما حفظ به «إمام هدى» فى أوليائه وشيعته، ويحمل عنه ثقل ما حمّله منكم. وبالله يستعين أمير المؤمنين على ما ينوى من جزائكم بالحسنى،

(1) فى الأصل «فلا يكون عملهم غير متجاوزين بهممهم وفيهم الذى هم فيه إلى ما يمنعه» والعبارة كما ترى مضطربة.

(2)

أى استعتاب، واستعتبه: طلب إليه العتبى. وهى الصفح والرضا. والنظرة: التأخير.

(3)

أى يلهمكم.

ص: 333