الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى السباع فأعلمتها أنك نكلت (1) عنى، وجبنت عن قتالى، فقال الأسد: احتمال عار كذبك أيسر علىّ من لطخ شاربى بدمك».
(تاريخ الطبرى 9: 303 والكامل لابن الأثير 6: 12)
3 - كتاب أبى جعفر المنصور لابن هبيرة بالأمان
وحصر أبو جعفر المنصور ابن هبيرة شهورا، ثم جرت السّفراء بينهما بالصلح حتى جعل له أبو جعفر أمانا، وكتب له به كتابا مكث ابن هبيرة يشاور فيه العلماء أربعين يوما حتى رضيه، وأنفذه إلى أبى جعفر، فأنفذه أبو جعفر إلى أبى العباس، فأمر بإمضائه (2)، وهو:
«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من عبد الله بن محمد بن على أبى جعفر ولىّ أمر المسلمين، ليزيد بن هبيرة ومن معه من أهل الشام والعراق وغيرهم فى مدينة واسط وأرضها من المسلمين والمعاهدين، ومن معهم من وزرائهم.
إنى أمّنتكم بأمان الله الذى لا إله إلا هو، الذى يعلم سرائر العباد، ويعلم ما تخفى الصدور، وإليه الأمر كلّه، أمانا صادقا لا يشوبه غشّ، ولا يخالطه باطل، على أنفسكم وذراريّكم وأموالكم، وأعطيت يزيد بن عمر بن هبيرة، ومن أمّنته فى أعلى كتابى هذا، الوفاء بما جعلت لهم من عهد الله وميثاقه الذى واثق به الأمم الماضية من خلقه، وأخذ عليهم به أمره، عهدا خالصا، وذمّة الله وذمة محمد، ومن مضى من خلفائه الصالحين، وأسلافه الطيّبين، التى لا يسع العباد نقضها، ولا تعطيل شىء منها، ولا الاحتقار لها، وبها قامت السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، تعظيما لها، وبها حقنت الدّماء، وذمّة روح الله وكلمته عيسى بن مريم، وذمة إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباط، وأعطيتك ما جعلت لك من هذه العهود والمواثيق ولمن معك من المسلمين، وأهل الذمة، بعد استئمارى فيما
(1) أى جبنت.
(2)
انظر تاريخ الطبرى 9: 144.
جعلت لك منه عبد الله بن محمد (1) أمير المؤمنين، أعزّ الله نصره، وأمر بإنفاذ لكم، فاطمئنّ إلى ما جعلت لك من الأمان والعهود والمواثيق، وثق بالله وبأمير المؤمنين فيما سلّم منه ورضى به، وجعلته لك، ولمن معك على نفسى، ولك علىّ الوفاء بهذه العهود والمواثيق والذّمم أشدّ ما أخذ الله وحرّمه وما أنزل الله تبارك وتعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه جعله كتابا مبينا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ونورا وحجّة على العباد، حتى ألقى الله وأنا عليه، وأنا أشهد الله وملائكته ورسله، ومن قرئ عليه كتابى هذا من المسلمين والمعاهدين بقبول هذه العهود والمواثيق، وإقرارى بها على نفسى، وتوكيدى فيها، وعلى تسليمى لك ما سألت، لا يغادر منها شىء، ولا ينكث عليك فيها، وأدخلت فى أمانك هذا جميع من قبلى من شيعة أمير المؤمنين من أهل خراسان، ومن لأمير المؤمنين عليه طاعة من أهل الشام والحرب وأهل الذّمة، وجعلت لك أن لا ترى منى انقباضا ولا مجانبه ولا ازورارا (2) ولا شيئا تكرهه فى دخولك علىّ إلى مفارقتك إياى، ولا ينال أحدا معك أمر يكرهه، وأذنت لك ولهم فى المسير والمقام، وجعلت لهم أمانا صحيحا، وعهدا وثيقا، وأن عبد الله بن محمد (3) إن نقض ما جعل لكم فى أمانكم هذا، فنكث أو غدر بكم، أو خالف إلى أمر تكرهه، أو تابع على خلافه أحدا من المخلوقين فى سرّ أو علانية، أو أضمر لك فى نفسه غير ما أظهر لك، أو أدخل عليكم شيئا فى أمانه، وما ذكر لك من تسليم أمير المؤمنين، التماس الخديعة والمكر بك وإدخال المكروه عليك، أو نوى غير ما جعل لك من الوفاء لك به، فلا قبل الله منه صرفا ولا عدلا (4)، وهو برىء من محمد بن على، وهو يخع أمير المؤمنين، ويتبرّأ من طاعته، وعليه ثلاثون حجّة (5) يمشيها من موضعه الذى هو به من مدينة واسط
(1) يعنى أبا العباس السفاح.
(2)
أى انحرافا.
(3)
يعنى نفسه.
(4)
الصرف: التوبة، والعدل: الفدية، - انظره بتوسع فى الجزء الأول ص 27.
(5)
قال صاحب القاموس: والحجه (بالكسر) المرة الواحدة، شاذ، لأن القياس الفتح.