الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو يستفيده إلى خمسين سنة فهو صدقة على المساكين، وعلى كل رجل منكم المشى إلى بيت الله الحرام الذى بمكة خمسين حجّة نذرا واجبا لا يقبل الله منه إلا الوفاء بذلك، وكل مملوك لأحد منكم أو يملكه فيما يستقبل إلى خمسين سنة حرّ، وكل امرأة له فهى طالق ثلاثا ألبتّة طلاق الحرج (1) لا مثنويّة فيها، والله عليكم بذلك كفيل وراع وكفى بالله حسيبا». (تاريخ الطبرى 10: 73)
163 - صورة أخرى
وروى صاحب صبح الأعشى عهد الأمين بصورة أخرى. وهى:
«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب لعبد الله هرون أمير المؤمنين، كتبه له محمد ابن أمير المؤمنين، فى صحّة من بدنه وعقله، وجواز من أمره، طائعا غير مكره.
إن أمير المؤمنين هرون ولّانى العهد من بعده، وجعل لى البيعة فى رقاب المسلمين جميعا، وولّى أخى عبد الله ابن أمير المؤمنين هرون العهد والخلافة وجميع أمور المسلمين من بعدى، برضا منى وتسليم، طائعا غير مكره، وولّاه خراسان بثغورها وكورها وجنودها وخراجها وطرازها وبريدها وبيوت أموالها وصدقاتها وعشرها وعشورها، وجميع أعمالها، فى حياته وبعد وفاته، فشرطت لعبد الله ابن أمير المؤمنين علىّ الوفاء بما جعله له أمير المؤمنين هرون، من البيعة والعهد وولاية الخلافة وأمور المسلمين بعدى، وتسليم ذلك له، وما جعل له من ولاية خراسان وأعمالها، وما أقطعه أمير المؤمنين هرون من قطيعة، وجعل له من عقدة أو ضيعة من ضياعه وعقده، أو ابتاع له من الضّياع والعقد، وما أعطاه فى حياته وصحّته: من مال أو حلىّ أو جوهر أو متاع أو كسوة أو رقيق أو منزل أو دوابّ، قليلا أو كثيرا، فهو لعبد الله ابن أمير المؤمنين،
(1) انظر ص 140، ويقال: حلف يمينا لا مثنوية فيها: أى لا استثناء فيها.
موفّرا عليه مسلّما له، وقد عرفت ذلك كله شيئا فشيئا باسمه وأصنافه ومواضعه، أنا وعبد الله بن هرون أمير المؤمنين، فإن اختلفنا فى شىء منه، فالقول فيه قول عبد الله بن هرون أمير المؤمنين، لا أتبعه بشىء من ذلك، ولا آخذه منه، ولا أنتقصه صغيرا ولا كبيرا من ماله، ولا من ولاية خراسان ولا غيرها، مما ولّاه أمير المؤمنين من الأعمال، ولا أعزله عن شىء منها، ولا أخلعه ولا أستبدل به غيره، ولا أقدّم عليه فى العهد والخلافة أحدا من الناس جميعا، ولا أدخل عليه مكروها فى نفسه ولا دمه ولا شعره ولا بشره (1)، ولا خاصّ ولا عامّ من أموره وولايته، ولا أمواله ولا قطائعه ولا عقده، ولا أغيّر عليه شيئا لسبب من الأسباب، ولا آخذه ولا أحدا من عمّاله وكتّابه وولاة أمره ممّن صحبه وأقام معه بمحاسبة، ولا أتتبّع شيئا جرى على يديه وأيديهم فى ولاية خراسان وأعمالها وغيرها، مما ولّاه أمير المؤمنين فى حياته وصحّته، من الجباية والأموال والطّراز والبريد والصّدقات والعشر والعشور وغير ذلك، ولا آمر بذلك أحدا من الناس ولا أرخّص فيه لعيرى، ولا أحدّث نفسى فيه بشىء أمضيه عليه، ولا ألتمس قطيعة له، ولا أنقض شيئا مما جعله له هرون أمير المؤمنين وأعطاه فى حياته وخلافته وسلطانه، من جميع ما سمّيت فى كتابى هذا، وآخذ له علىّ وعلى جميع الناس البيعة، ولا أرخّص لأحد- من جميع الناس كلّهم فى جميع ما ولّاه- فى خلعه ولا مخالفته، ولا أسمع من أحد- من البريّة فى ذلك قولا، ولا أرضى بذلك فى سرّ ولا علانية، ولا أغمض عليه، ولا أتغافل عنه، ولا أقبل من برّ من العباد ولا فاجر، ولا صادق ولا كاذب، ولا ناصح ولا غاشّ، ولا قريب ولا بعيد، ولا أحد من ولد آدم عليه السلام، من ذكر ولا أنثى، مشورة ولا حيلة ولا مكيدة فى شىء من الأمور: سرّها وعلانيتها، وحقّها وباطلها، وظاهرها وباطنها، ولا سبب من
(1) البشر: ظاهر جلد الإنسان، جمع يشرة.
الأسباب، أريد بذلك إفساد شىء مما أعطيت عبد الله بن هرون أمير المؤمنين من نفسى، وأوجبت له علىّ، وشرطت وسمّيت فى كتابى هذا.
وإن أراد به أحد من الناس أجمعين سوءا أو مكروها، أو أراد خلعه أو محاربته أو الوصول إلى نفسه ودمه أو حرمه أو ماله أو سلطانه أو ولايته، جميعا أو فرادى مسرّين أو مظهرين له، فإنى أنصره وأحوطه (1) وأدفع عنه، كما أدفع عن نفسى ومهجتى ودمى وشعرى وبشرى وحرمى وسلطانى، وأجهّز الجنود إليه، وأعينه على كل من غشّه وخالفه، ولا أسلمه (2) ولا أخذ له ولا أتخلّى عنه، ويكون أمرى وأمره فى ذلك واحدا أبدا ما كنت حيّا
إن حدث بأمير المؤمنين هرون حدث الموت، وأنا وعبد الله ابن أمير المؤمنين بحضرة أمير المؤمنين، أو أحدنا، أو كنا غائبين عنه جميعا، مجتمعين كنا أو متفرقين، وليس عبد الله بن هرون أمير المؤمنين فى ولايته بخراسان، فعلىّ لعبد الله ابن أمير المؤمنين أن أمضيه إلى خراسان، وأن أسلّم له ولايتها بأعمالها كلها وجنودها، ولا أعوّقه عنها، ولا أحبسه قبلى، ولا فى شىء من البلدان دون خراسان، وأعجّل إشخاصه إلى خراسان، واليا عليها مفردا بها، مفوّضا إليه جميع أعمالها كلّها، وأشخص معه من ضمّ إليه أمير المؤمنين من قوّاده وجنوده وأصحابه وكتّابه وعمّاله ومواليه وخدمه، ومن تبعه من صنوف الناس بأهليهم وأموالهم، ولا أحبس عنه أحدا، ولا أشرك معه فى شىء منها أحدا، ولا أرسل أمينا ولا كاتبا ولا بندارا، ولا أضرب على يديه فى قليل ولا كثير.
وأعطيت هرون أمير المؤمنين وعبد الله بن هرون على ما شرطت لهما على نفسى، من جميع ما سمّيت وكتبت فى كتابى هذا عهد الله وميثاقه، وذمّة أمير المؤمنين وذمّتى وذمة آبائى وذمم المؤمنين، وأشدّ ما أخذ الله تعالى على النبيّين والمرسلين
(1) حاطه: صانه وحفظه.
(2)
أسلمه: خذله.
وخلقه أجمعين، من عهوده ومواثيقه، والأيمان المؤكّدة التى أمر الله عز وجل الوفاء بها، ونهى عن نقضها وتبديلها.
فإن أنا نقضت شيئا مما شرطت لهرون أمير المؤمنين ولعبد الله بن هرون أمير المؤمنين، وسمّيت فى كتابى هذا، أو حدّثت نفسى أن أنقض شيئا مما أنا عليه، أو غيّرت أو بدّلت، أو حلت أو غدرت، أو قبلت ذلك من أحد من الناس: صغيرا أو كبيرا، برّا أو فاجرا، ذكرا أو أنثى، وجماعة أو فرادى، فبرئت من الله عز وجل ومن ولايته ومن دينه ومن محمد صلى الله عليه، ولقيت الله عز وجل يوم القيامة كافرا مشركا، وكلّ امرأة هى اليوم لى أو أتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا ألبتة طلاق الحرج، وعلىّ المشى إلى بيت الله الحرام ثلاثين حجّة: نذرا واجبا لله تعالى فى عنقى، جافيا راجلا، لا يقبل الله منى إلا الوفاء بذلك، وكلّ مال هو لى اليوم، أو أملكه إلى ثلاثين سنة هدى (1) بالغ الكعبة الحرام، وكلّ مملوك هو لى اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة أحرار لوجه الله عز وجل.
وكلّ ما جعلت لأمير المؤمنين ولعبد الله بن هرون أمير المؤمنين وكتبته وشرطته لهما، وحلفت عليه، وسمّيت فى كتابى هذا، لازم لى الوفاء به، لا أضمر غيره، ولا أنوى إلّا إياه، فإن أضمرت أو نويت غيره، فهذه العقود والمواثيق والأيمان كلّها لازمة لى، واجبة علىّ، وقوّاد أمير المؤمنين وجنوده وأهل الآفاق والأمصار، فى حلّ من خلعى وإخراجى من ولايتى عليهم، حتى أكون سوقة من السّوق، وكرجل من عرض (2) المسلمين، لا حقّ لى عليهم، ولا ولاية، ولا تبعة لى قبلهم، ولا بيعة لى فى أعناقهم، وهم فى حلّ من الأيمان التى أعطونى، براء من تبعتها ووزرها فى الدنيا والآخرة.
شهد سليمان ابن أمير المؤمنين المنصور، وعيسى بن جعفر، وجعفر بن جعفر،
(1) الهدى: ما يهدى إلى الحرم.
(2)
عرض الشىء بالضم: وسطه وناحيته.