الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
59 - رد النفس الزكية على أبى جعفر
فسكتب إليه محمد بن عبد الله:
«بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله المهدىّ (1) محمد بن عبد الله أمير المؤمنين إلى عبد الله بن محمد:
«أما بعد: «طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ. نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ. إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ.
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ.
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ» وأنا أعرض عليك من الأمان مثل الذى عرضت علىّ، فإن الحقّ حقّنا، وإنما ادّعيتم هذا الأمر بنا، وخرجتم له بشيعتنا وحظيتم بفضلنا، وإن أبانا عليّا كان الوصىّ، وكان الإمام، وكيف ورثتم ولايته وولده أحياء؟ ثم قد علمت أنه لم يطلب هذا الأمر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا، وشرف آبائنا، لسنا من أبناء اللّعناء ولا الطّرداء ولا الطّلقاء، وليس يمتّ (2) أحد من بنى هاشم بمثل الذى نمتّ به من القرابة والسابقة والفضل، وإنا بنو أمّ أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت عمرو (3) فى الجاهلية، وبنو بنته فاطمة فى الإسلام دونكم، إن الله اختارنا واختار لنا، فوالدنا من النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، ومن السّلف أولهم إسلاما علىّ، ومن الأزواج أفضلهن خديجة الطاهرة، أول من آمن بالله وصلى إلى القبلة، ومن البنات خيرهن
(1) كان أبوه عبد الله يقول للناس عنه: هذا هو المهدى الذى بشربه، فلقب بالمهدىّ.
(2)
أى يتوسل.
(3)
هى فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم وهى أم أبى طالب وأم عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر شرح ابن أبى الحديد م 1: ص 5 وتاريخ الطبرى 2: 172 وغيره.
فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، ومن المولودين فى الإسلام: حسن وحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وإن هاشما ولد عليّا مرتين (1)، وإن عبد المطّلب ولد حسنا مرتين (2)، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدنى مرتين من قبل حسن وحسين (3)، وإنى أوسط (4) بنى هاشم نسبا، وأصرحهم أبا، لم تعرق فىّ العجم، ولم تنازع فىّ أمهات الأولاد (5)، فما زال الله يختار لى الآباء والأمهات فى الجاهلية والإسلام، حتى اختار لى فى النار، فأنا ابن أرفع الناس درجة فى الجنة، وأهونهم عذابا فى النار (6)، وأنا ابن خير الأخيار، وابن خير الأشرار، وابن خير أهل الجنة، وابن خير أهل النار.
ولك الله علىّ إن دخلت فى طاعتى، وأجبت دعوتى، أن أؤمّنك على نفسك وولدك ومالك وعلى كل أمر أحدثته إلا حدّا من حدود الله، أو حقا لمسلم أو معاهد، فقد علمت ما يلزمك فى ذلك، وأنا أولى بالأمر منك، وأوفى بالعهد، وأنت أحرى بقبول الأمان منى، فأما أمانك الذى عرضت علىّ فأىّ الأمانات هو؟ أأمان ابن هبيرة (7)؟ أم أمان عمك عبد الله بن على (8)؟ أم أمان أبى مسلم (9)؟ والسلام» (10).
(تاريخ الطبرى 9: 210، والكامل لابن الأثير 5: 199 والكامل للمبرد 2: 294، وصبح الأعشى 1: 232)
(1) يعنى على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وعليا زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب.
(2)
يعنى جده وأبا جده. فهو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب ابن عبد المطلب.
(3)
يعنى نفسه، ويعنى محمدا الباقر بن على زين العابدين بن الحسين.
(4)
أرفعهم وخيرهم.
(5)
يعرض بالمنصور، وكانت أم المنصور أم ولد يقال لها سلامة، بربرية- انظر مروج الذهب 2: 228 والعقد الفريد 3: 44.
(6)
يعنى جده أبا طالب، وأن الله سيخفف عنه العذاب لما كان منه من نصرة رسول الله وحمايته من أذى قريش.
(7)
انظر ص 13.
(8)
انظر ص 24.
(9)
انظر ص 30.
(10)
فى رواية الكامل للمبرد وصبح الأعشى اختلاف يسير أيضا، جاء فيهما بعد الآية الكريمة:
«وأنا أعرض عليك من الأمان مثل الذى أعطيتنى، فقد تعلم أن الحق حقنا، وأنكم إنما طلبتموه بنا، ونهضتم فيه بشيعتنا، وحطتموه بفضلنا، وأن أبانا عليا عليه السلام كان الوصى والإمام، فكيف ورثتموه دوننا ونحن أحياء، وقد علمت أنه ليس أحد من بنى هاشم يمت بمثل فضلنا، ولا يفخر بمثل قديمنا وحديثنا ونسبنا، وسببنا، وإنا بنو أم أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت عمرو فى الجاهلية-