الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - كتاب لابن الثقفى فى السلامة
وكتب ابن الثّقفى فى السلامة:
«أما بعد، أصلحنا الله وإياك صلاحا دائما يجمع لنا ولك به الفضيلة فى العاجلة، والكرامة فى الآجلة، فإنى لا أعلم أمرا أعظم عند أهل منفعة من أمر ترك ذكره لفضله، ولا أعلم أمرا أحقّ أن يستغنى أهله بفضله عندهم، عن ذكره فيما بينهم، من أمر وشّج (1) الله بيننا وبينك فى الدنيا، حتى نكون به إخوانا فى الآخرة، حين تصير الخلّة (2) عداوة بين أهلها، إلا عداوة المتقين.
كتبت والأمير فى دخلة أمره وجميع حاله ومن قبله من الجند والرعية على «كذا» ، ونحن فيما يحبّ امرؤ أن يكون عليه أحد من إخوانه، فإنى لا أرجو إلّا أن أكون مقصّرا عن أفضل غاية ذلك، فى تعظيم حقك، ورعاية ودّك وعهدك وحفظك، إن شاء الله.
وأمّا ما قبل فلان فليست بك إلينا فيه ولا إلى غيرنا حاجة، أنت منه بمكان أخصّ الخاصّة فى المودة والمقة، وأرضى الرّضا فى الدين والمروءة، ونسأل الله أن يزين كلّ محسن بك ظنا، وطالب لك فضلا، بتصديق أحسن ما نظر وتعرّف».
(اختيار المنظوم والمنثور 13: 376)
46 - كتاب ابن المقفع إلى يحيى بن زياد الحارثى
ولعبد الله بن المقفع إلى يحيى (3) بن زياد الحارثى ابتداء فى المؤاخاة:
«أما بعد، فإن أهل الفضل فى اللّب، والوفاء فى الودّ، والكرم فى الخلق،
(1) أى ألف ووصل.
(2)
الخلة: الصداقة.
(3)
من ولد الحارث بن كعب، شاعر مترسل بليغ- انظر الفهرست ص 171، وله أخبار متفرقة فى الأغانى.
لهم من الثناء الحسن فى الناس لسان صدق يشيد بفضلهم، ويخبر عن صحة ودّهم، وثقة مؤاخاتهم، فيتخيّر إليهم رغبة الإخوان، ويصطفى لهم سلامة صدورهم، ويجتبى لهم ثمرة قلوبهم، فلا مثنى أفضل تقريظا، ولا مخبر أصدق أحدوثة منه، وقد لزمت (1) من الوفاء والكرم فيما بينك وبين الناس طريقة محمودة، نسبت إلى مزيتها فى الفضل، وجمل بها ثناؤك فى الذّكر، وشهد لك بها لسان الصّدق، فعرفت بمناقبها، ووسمت بمحاسنها، فأسرع إليك الإخوان برغبتهم مستبقين، يبتدرون (2) ودّك، ويصلون حبلك، ابتدار أهل التنافس فى حظّ رغيب، ونصبت لهم غاية يجرى إليها الطالبون، ويفوز بها السابقون، فمن أثبت الله عندك بموضع الحرز والثقة، وملأ بك يده من أخى وفاء ووصلة، واستنام منك إلى شعب (3) مأمون، وعهد محفوظ، وصار مغمورا بفضلك عليه فى الودّ يتعاطى من مكافأتك ما لا يستطيع، ويطلب من أثرك فى ذلك غاية بلوغها شديد، فلو كنت لا تؤاخى من الإخوان إلّا من كافأ بودّك، وبلغ من الغايات حدّك، ما آخيت أحدا، ولصرت من الإخوان صفرا، ولكن إخوانك يقرّون لك بالفضل، وتقبل أنت ميسورهم من الودّ، ولا تجشّمهم كلف مكافأتك، ولا بلوغ فصلك فيما بينك وبينهم، فإنما مثلك فى ذلك ومثلهم كما قال الأول:
ومن ينازع سعيد الخير فى حسب
…
ينزع طليحا ويقصر قيده الصّعد (4)
ولم أرد بهذا الثناء عليك تزكيتك، ليكون ذلك قربة عندك، وآخيّة (5) لى لديك، ولكن تحرّيت فيما وصفت من ذلك الحقّ والصدق، وتنكّبت (6) الإثم
(1) وجاء فى العقد الفريد (2: 196): «فصل لمحمد بن الجهم: إنك لزمت من الوفاء طريقة محمودة، عرفت بمناقبها، وشهرت بمحاسنها، فتنافس الإخوان فيك يبتدرون ودك، ويتمسكون بحبلك، فمن أثبت الله له عندك ودا، فقد وضع خلته موضع حرزها» - والخلة بالضم: الصداقة- وفى الأصل «حلته» وهو تصحيف.
(2)
أى يتسابقون إليه.
(3)
استنام إليه: سكن واطمأن، والشعب: الطريق فى الجبل.
(4)
طلح البعير كمنع: إذا أعيا وكل وسقط من السفر، فهو طليح، والصعد: المشقة.
(5)
الآخية بالتشديد والتخفيف: مثل عروة تشد إليها الدابة، ومعناها هنا وصلة وقربة.
(6)
تنكب: عدل وتجافى.