الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى هو، والإمام أحمد، ومسلم، والترمذي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَصْحَبُ الْمَلائِكَةُ رِفْقَةً فِيْها كَلْبٌ، وَلا جَرَسٌ"(1). وروى النَّسائي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَصْحَبُ الْمَلائِكَةُ رِفْقَةً فِيْها جُلْجُلٌ"(2).
وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود نحوه من حديث أم حبيبة رضي الله تعالى عنها (3).
67 - ومنها: قصد البيت الحرام بالحج، والعمرة، والزيارة
، والطواف، والاعتكاف، وفعل ذلك.
تقدم قول الملائكة لآدم عليهم السلام: بِرَّ حجك يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام (4).
وروى الأزرقي عن وهب بن مُنبِّه رحمه الله تعالى: أنه قرأ في بعض الكتب الأولى أن ليس من ملك بعثه الله تعالى إلى الأرض إلا أمره بزيارة البيت، فينقض من تحت العرش محرمًا ملبيًا حتى يستلم الحجر، ثم يطوف بالبيت سبعًا، ويركع في جوفه ركعتين، ثم يصعد (5).
(1) رواه أبو داود (2555)، والإمام أحمد في "المسند"(2/ 537)، ومسلم (2113)، والترمذي (1703).
(2)
رواه النسائي (5221).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 426)، وأبو داود (2554).
(4)
تقدم تخريجه.
(5)
رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 39).
وروى الأزرقي - أيضًا - عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما: أن جبريل عليه السلام وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عصابة حمراء قد علاها الغبار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما هَذا الْغُبارُ الَّذِيْ أَرَىْ عَلَىْ عِصابَتِكَ أَيُّها الرُّوْحُ الأَمِيْنُ؟ " قال: "إني زرت البيت، فازدحمت الملائكة على الركن، فهذا الغبار الذي ترى مما تثيره بأجنحتها"(1).
وروى - أيضًا - عن عثمان بن يسار قال: بلغني - والله أعلم - أن الله تعالى إذا أراد أن يبعث ملكًا من الملائكة لبعض أمور في الأرض استأذنه ذلك الملك في الطواف ببيته، فيهبط الملك مهلاً (2).
وروى - أيضًا - عن مقاتل، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصلي في البيت المعمور كل يوم سبعون ألف ملك، ثم يقومون إذا أمسوا فيطوفون بالكعبة، ثم يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ينصرفون، ولا تنالهم النوبة حتى يوم القيامة (3).
ونقل القرطبي في "تفسيره" عن الحسن: أنه قال في قوله تعالى: {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)} [الطور: 4]: هو الكعبة البيت الحرام الذي هو معمور من الناس، فيعمره الله تعالى في كل سنة بست مئة ألف، فإن عجز الناس عن ذلك أتمه الله تعالى بالملائكة، وهو أول بيت وضع للعبادة في الأرض (4).
(1) رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 35).
(2)
رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 35).
(3)
رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 49).
(4)
انظر: "تفسير القرطبي"(17/ 60).
وذكره أبو طالب المكي، وأبو حامد الغزالي، وغيرهما حديثاً مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظه:"إِنَّ اللهَ وَعَدَ هَذا الْبَيْتَ أَنْ يَحُجَّهُ فِيْ كُلِّ سَنَةٍ سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ إِنْسانٍ، فَإِنْ نَقَصُوْا أَكْمَلَهُمُ اللهُ تَعَالَىْ بِالْمَلائِكَةِ"(1).
وروى أبو بكر بن أبي شيبة، عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما قال: أول من طاف بالبيت الملائكة (2).
ورواه الطبراني في "الكبير" في أثناء حديث طويل من كلام ابن عبَّاس، ورجال إسناده ثقات (3).
وذكر الشيخ جمال الدين أبو اليمن ابن الإمام محب الدين أبي جعفر الطبري رحمها الله تعالى في كتاب "التشويق إلى البيت العتيق" عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علىِّ رضي الله تعالى عنهم: أن الله تعالى لما قال للملائكة: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30]؛ ظنوا أن الله عز وجل غضب عليهم، فعاذوا بالعرش، فطافوا حوله سبعة
(1) انظر: "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (2/ 201)، و"إحياء علوم الدين" للغزالي (1/ 241)، قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (1/ 196): لم أجد له أصلاً.
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35902).
(3)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(12288). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 159): وفيه عطاء بن السائب، وهو ثقة، ولكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات.
أطواف يسترضون ربهم، فرضي عنهم، وقال لهم: ابنوا لي في الأرض بيتاً يعوذ به كلُّ من سخطتُ عليه من خلقي، ويطوف حوله كما فعلتم بعرشي، فأغفر له كما غفرت لكم، فبنوا هذا البيت (1).
وروى الأزرقي عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم: أنه سئل عن بدء الطواف: لم كان؟ وأنَّى كان؟ وحيث كان؟ وكيف كان؟ فقال رضي الله تعالى عنه: أما بدء هذا الطواف بهذا البيت فإن الله تعالى قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، قالت الملائكة: أي ربِّ! خليفةً من غيرنا؟ ممن يفسد فيها، ويسفك الدِّماء، ويتحاسدون، ويتباغضون؟ ويتباغون؟ أي ربِّ! اجعل ذلك الخليفة منا؛ فنحن لا نفسد فيها، ولا نسفك الدماء، ولا نتباغض، ولا نتحاسد، ولا نتباغى، ونحن نسبح بحمدك، ونقدس لك، ونطيعك، ولا نعصيك، قال الله تعالى:{إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30].
قال: فظنَّتِ الملائكة أن ما قالوه رد على ربهم عز وجل، وأنه قد غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رؤوسهم، وأشاروا بالأصابع يتضرعون، ويبكون إشفاقاً لغضبه، وطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر الله تعالى إليهم، فنزلت الرحمة عليهم، فوضع الله سبحانه تحت
(1) وانظر: "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص: 178)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (2/ 317).
العرش بيتا على أربع أساطين من زبر جد، وغشاه ياقوتة حمراء، وشممى: البيت الضُّراح، ثم قال الله عز وجل للملائكة: طوفوا بهذا البيت، ودَعُوا العرش.
قال: فطافت الملائكة بالبيت، وتركوا العرش، وصار أهون عليهم، وهو البيت المعمور الذي ذكره الله عز وجل يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبداً.
ثم إنَّ الله عز وجل بعث ملائكة فقال: ابنوا لي بيتًا في الأرض بمثاله وقدره، فأمر الله تعالى من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما تطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
فقال السائل لعلي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما: صدقت يا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
هكذا كان الضُّرَاح - بضم الضاد المعجمة، وبالراء، والحاء المهملة -.
قلت: وهذا الأثر صريح في أن الله تعالى أراد من أهل الأرض أن يتشبهوا بأهل السماء في الطواف بالبيت وأمرهم بذلك.
وكذلك ما رواه الأزرقي - أيضًا - عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض من الجنة كان رأسه في السماء، ورجلاه في الأرض، وهو مثل الفلك في رعدته، قال: فطاطأ الله
(1) رواه الأزرقي في "أخبار مكة"(1/ 33).