الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5].
وفي "الفردوس" للديلمي، وأسنده أبو الحسن بن بشران في "فوائده"، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ ماتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَظْهِرَهُ، أَتاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ يُعَلِّمُهُ فِيْ قَبْرِهِ، وَيَلْقَىْ الله وَقَدِ اسْتَظْهَرَهُ"(1).
وقال الحسن البصري رحمه الله: بلغني أن المؤمن إذا مات ولم يحفظ القرآن، أمر حفظته أن يعلموه القرآن في قبره حتى يبعثه الله يوم القيامة مع أهله.
وقال يزيد الرَّقاشي رحمه الله تعالى: بلغني أن المؤمن إذا مات وقد بقي عليه من القرآن شيء لم يتعلمه، بعث الله ملائكة يحفظونه ما بقي عليه منه حتى يبعث من قبره.
رواهما ابن أبي الدنيا.
16 - ومنها: قيام الليل، وإيقاظ المتهجدين
.
واعلم أن ما وصف الله تعالى به ملائكته من المداومة على العبادة، وعدم الفتور عنها كقوله تعالى: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا
(1) قال السيوطي في "شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور"(ص: 191): وفي "الفردوس" للديلمي ولم يسنده ولده من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا مثله، ثم وقفت عليه مسنداً في الجزء الأول من فوائد أبي الحسن ابن بشران.
يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] دليل واضح على أنهم لا ينامون.
وأيضًا فإن النوم فتور مستولٍ على الدماغ حتى يغمره بسبب الأبخرة المتصاعدة إليه من الأغذية، وذلك مفقود في الملائكة عليهم السلام.
وقد تقدم حديث مدارسته جبريل عليه السلام القرآن في كل ليلة من رمضان.
وروى البزار عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى مِنْكُمْ بِاللَّيْلِ فَلْيَجْهَرْ بِقِراءَتِهِ؛ فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تُصَلِّيْ بِصَلاتِهِ، وَتَسْتَمعُ لِقِراءَتِهِ، وَإِنَّ مُؤْمِنِيْ الْجِنِّ الَّذِيْنَ يَكُوْنُوْنَ فِيْ الْهَواءِ، وَجيرانه فِيْ مَسْكَنِهِ يُصَلُوْنَ بِصلاِتهِ، وَيسمَعُوْنَ قِراءَتَهُ، وإنَّهُ يَطْرُدُ بِقِراءَتِهِ عَنْ دارِه، وَعَنْ الدُّوْرِ الَّتِيْ حَوْلَهُ فُسَّاقَ الْجِنِّ وَمَرَدَةَ الشَّياطِيْنِ"، الحديث (1).
وروى ابن أبي الدنيا في "قيام الليل" عن كُرز رضي الله عنه قال: بلغني أن الملائكة ينظرون من السماء إلى الذين يصلون بالليل كما تنظرون أنتم إلى نجوم السماء (2).
(1) رواه البزار في "المسند"(2655) وقال: ولم يسمع خالد بن معدان من معاذ وإنما ذكرناه لأنا لم نحفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، فلذلك ذكرناه.
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "التهجد وقيام الليل"(ص: 407)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 43).
وروى فيه عن رجل -وسماه في "الهواتف" بأسعد من أهل الإسكندرية- قال: كنت أبيت في مسجد بيت المقدس، وقلَّ ما يخلو من المتهجدين، فقمت ليلة فلم أرَ متهجداً، فقلت: ما حال النَّاس لا أرى أحدًا يصلي؟ فوالله إني لأذكر ذلك في نفسي إذ سمعت قائلًا من نحو القبة التي على الصخرة يقول: [من الطويل]
فَيا عَجَباً لِلنَّاسِ لَذَّتْ عُيُوْنهمْ
…
مَطاعِمُ غَمْضٍ دُوْنَها الْمَوْتُ مُنْتَصِبْ
وَطُوْلُ قِيامِ اللَّيْلِ أَيْسَرُ مُؤْنةً
…
وَأَهْوَنُ مِنْ نارٍ تَفُوْرُ وَتَلْتَهِب
قال: فسقطت على وجهي، فلمَّا أفقت فإذا لم يبقَ متهجد إلَّا قام (1).
وروى ابن أبي الدنيا -أيضًا - في كتاب "الزهد" عن أُويس القَرني رحمه الله تعالى: أنه قال: لأعبدنَّ الله في الأرض كما تعبده الملائكة في السماء.
وكان إذا استقبل الليل قال: يا نفسُ! الليلةَ للقيام، فيصفّ قدميه حتى يصبح، ثم يستقبل الليلة الثانية، فيقول: يا نفسُ! الليلةَ للركوع،
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "التهجد وقيام الليل"(ص: 326)، وفي "الهواتف" (ص: 89).