المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌9 - ومنها - وهو مقصودنا من ذكر هذا الباب في هذا الكتاب - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ١

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَة المؤلف

- ‌[مُقَدِّمَةُ الكِتَابِ]

- ‌ فَائِدَةٌ زَائِدةٌ:

- ‌ عَوْداً، عَلَىْ بَدْءٍ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ:

- ‌ تَتِمَّة:

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ تنبِيْهٌ لَطِيْفٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ آخَرُ:

- ‌ تَتِمَّةٌ لِمَا سَبَقَ، وَتَوْضِيْحٌ لَهُ:

- ‌ تنْبِيْهٌ:

- ‌بَابُ بَيَان الحِكَمِ الظَّاهِرَة فِي تَأخِيرِ هَذِهِ الأُمَّةِ

- ‌1 - التي منها: إرادة التشبه بالصالحين من الأمم السابقة، والتجنب عن قبائح الطالحين منهم

- ‌2 - ومن الحكم الحاصلة بتأخير هذه الأمة - أيضاً -: أن الأنبياء، والعارفين من الأمم السالفة أخبروا أممهم وأتباعهم ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - ومن الحكم، واللطائف في تأخير هذه الأمة - أيضاً -: أن الله تعالى سترهم، ولم يفضحهم كما فضح عليهم من تقدمهم من الأمم

- ‌4 - ومن الحكم المذكورة: أن الله تعالى لما سبق في علمه أنه يورث هذه الأمة الأرض بعد سائر الأمم

- ‌5 - فمنها: شهادة هذه الأمة على الأمم السابقة

- ‌6 - ومن الفوائد المشار إليها: أن هذه الأمة لمَّا ورثوا علوم الأولين اطلعوا على أخبارهم

- ‌7 - ومنها: أن الله تعالى حيث أورث هذه الأمة علوم المتقدمين

- ‌8 - ومن الفوائد المذكورة: أن الله تعالى أطلع هذه الأمة على تعجيل هلاك الأمم

- ‌9 - ومنها - وهو مقصودنا من ذكر هذا الباب في هذا الكتاب

- ‌خَاتِمَة لَطِيفَةٌ لِهَذَا البَاب

- ‌القِسْمُ الأَوَّلُ في التَّشَبُّهِ بمَن وَرَدَ الأَمْرُ بِالتَّشَبُّهِ بِهِم وَالاقْتِدَاءِ بِهُدَاهُم وَهَدْيِهِم

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌(1) بَابُ التَّشَبُّهِ بِالمَلَائِكَةِ عليهم السلام

- ‌1 - فمنها: الشَّهادة لله تعالى بالوحدانية:

- ‌2 - ومنها: الشَّهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة والنُّبوَّة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌3 - ومنها: الإيمان بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌4 - ومنها: الإحسان:

- ‌5 - ومنها: اعتقاد أن الحسنات والسيئات من الله، والخير والشر من الله

- ‌6 - ومنها: الوضوء، ونضح الفرج بالماء بعده خشية الوسواس، وتعليم الوضوء، وسائر العبادات للغير:

- ‌7 - ومنها: السواك:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌8 - ومنها: إقام الصلاة:

- ‌9 - ومنها: كثرة السجود لله تعالى:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ فَائِدَةٌ:

- ‌10 - ومنها: التهليل، والتكبير، والتسبيح، والتقديس، والتحميد، والحوقلة:

- ‌ فَائِدَةٌ:

- ‌11 - محبة مجالس الذكر، وإقبالهم عليها، وحنينهم إليها، وحفهم بها، ومساعدتهم لأهلها في الذكر، وتكثير سوادهم

- ‌12 - ومنها: شفاعتهم للذاكرين، والترحم لهم، والأخذ بأيديهم، والثناء عليهم، واعتقاد الخير فيهم، والشهادة لهم عند الله، وتبشيرهم بالمغفرة بما هم فيه من الخير، والتأمين على دعائهم

- ‌14 - ومنها: قراءة القرآن العظيم، واستماعه، وحضور مجالس تلاوته:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ فَائِدَةٌ جَلِيْلَةٌ:

- ‌15 - ومن أعمال الملائكة عليهم السلام وأخلاقهم:

- ‌16 - ومنها: قيام الليل، وإيقاظ المتهجدين

- ‌17 - ومنها: شهود جماعات المؤمنين في صلواتهم، وخصوصاً في صلاة الفجر، وصلاة العصر

- ‌ فَائِدَةٌ:

- ‌18 - ومنها: التصدق على المصلي منفردًا بالصلاة خلفه:

- ‌19 - ومنها: الإمامة:

- ‌20 - ومنها: القيام عن يمين الإِمام

- ‌21 - ومنها: الدعاء، والسؤال في الصلاة وخارج الصلاة:

- ‌22 - ومنها: قول: آمين إذا قال الإِمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} [

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ فَائِدَة لَطِيْفَةٌ:

- ‌23 - ومن أعمال الملائكة عليهم السلام قول: (ربنا ولك الحمد) إذا قال الإِمام: (سمع الله لمن حمده)

- ‌24 - ومنها: إتمام الصف الأول في الصلاة، والتراصُّ في الصف، وإقامة الصفوف؛ أي: تسويتها، وجمع المناكب

- ‌25 - ومنها: تكثير سواد المصلين

- ‌ تنبِيْهانِ:

- ‌26 - ومن أعمال الملائكة عليهم السلام: ركعتا الفجر

- ‌27 - ومنها: سجود التلاوة، أو سجدة النحل بالخصوص

- ‌28 - ومنها: سجودهم لآدم عليه السلام

- ‌29 - ومنها: صلاة الضحى

- ‌30 - ومنها: لزوم المساجد، وعمارتها بالعبادة، والتبكير إليها، والتأخر فيها

- ‌31 - ومنها: التبكير إلى المساجد يوم الجمعة للشهادة للسابقين والمبكرين على اختلاف مراتبهم

- ‌ فَائِدَةٌ:

- ‌32 - ومنها: كراهية السفر يوم الجمعة

- ‌33 - ومنها: تفقد الإخوان الذين كانوا يجتمعون معهم في الصلاة

- ‌34 - ومنها: التذكير بالصَّلاة إذا حان وقتها، والدعاء إلها

- ‌35 - ومنها: إيقاظ النائم للصلاة - سواء صلاة الليل وغيرها كالصُّبح - وقد سبق أنهم يوقظون المتهجدين

- ‌36 - ومنها: الأذان والإقامة:

- ‌37 - ومنها: سماع الأذان، والإنصات للمؤذن:

- ‌38 - ومنها: الاستغفار للمصلين:

- ‌39 - ومنها: الاستغفار لمن بات على طهارة:

- ‌41 - ومنها: الاستغفار لمن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب:

- ‌42 - ومنها: الاستغفار للعلماء:

- ‌43 - ومنها: الاستغفار لمحبي أبي بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما، ولعن مبغضيهما:

- ‌44 - ومنها: الاستغفار لصُوَّام رمضان:

- ‌45 - ومنها: الاستغفار لعائد المريض:

- ‌46 - ومنها: الاستغفار لمن قال: سبحان من تعزز بالقدرة، وقهر العباد بالموت:

- ‌47 - ومنها: الاستغفار لكافة المؤمنين

- ‌48 - ومنها: الصَّلاة على الصفِّ الأول من المصلين مرتين

- ‌49 - ومنها: صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي عدها من خصالهم في محله إن شاء الله تعالى

- ‌وأمَّا أدلة ما أشرنا إليه:

- ‌50 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: لعن أهل المعاصي الْمُصِرِّين عليها بحيث لا يتوبون منها، ولا يستحيون من الله تعالى، خصوصاً الكفار

- ‌51 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: الصَّلاة على الميت من المسلمين

- ‌ فَائِدَةٌ جَلِيْلَةٌ:

- ‌ تنبِيهانِ:

- ‌52 - ومن أعمال الملائكة عليهم السلام:

- ‌53 - ومنها: تغسيل الموتى، وتكفينهم، وتحنيطهم، ودفنهم:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌ تَتِمَّةٌ:

- ‌ فَائِدَةٌ:

- ‌ فَائِدَةٌ أُخْرَىْ:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌54 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: الأسف على الصَّالحين عند موتهم:

- ‌55 - ومنها: البكاء لموت الغريب لغربته لا جزعا لموته

- ‌ مَطْلَبٌ:

- ‌56 - ومنها: حضور جنائز الصالحين، وحملها، وتشييعها:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌57 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: المشي في الجنائز، والامتناع من الركوب فيها:

- ‌ فَائِدةٌ:

- ‌58 - ومنها: المشي أمام الجنازة:

- ‌59 - ومنها: الفكر في حال الميت، وما قدَّم من الأعمال، لا فيما ترك من الأهل والأموال

- ‌60 - ومنها: زيارة قبور الصالحين، والأبرار:

- ‌61 - ومنها: الدُّعاء بالمأثور عند رؤية الهلال:

- ‌62 - ومنها: الصيام، والإمساك عن الطَّعام والشراب، وعن سائر الشهوات

- ‌63 - ومنها: الاقتيات بالذكر:

- ‌ فائدة

- ‌64 - ومن أخلاق الملائكة عليهم السلام طلب ليلة القدر

- ‌ فَائِدَةٌ:

- ‌ نَنْبِيْةٌ:

- ‌ فَائِدَةٌ جَلِيْلَةٌ:

- ‌65 - ومن أخلاق الملائكة عليهم السلام أيضاً -: السرور بفطر هذه الأمة من رمضان

- ‌66 - ومنها: اختيار صحبة الصَّالحين في السفر، والتنزه عن المسافرة مع أهل المعاصي

- ‌67 - ومنها: قصد البيت الحرام بالحج، والعمرة، والزيارة

- ‌ فَائِدَةٌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌ لَطِيْفَةٌ أُخْرَىْ:

- ‌68 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: التلبية في النُّسُكِ وغيره:

- ‌69 - ومنها: لقاء الحجاج، ومصافحتهم، ومعانقتهم:

- ‌70 - ومنها: زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌71 - ومن أعمال الملائكة عليهم السلام:

- ‌72 - ومنها: الصلاة، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌73 - ومنها: الإكثار من ذكره صلى الله عليه وسلم المبنيُّ على محبته المستتبعة للإكثار من الصَّلاة والسَّلام عليه

- ‌74 - ومنها: موالاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومظاهرته، ومناصرته:

- ‌75 - ومنها: محبة الصالحين، ومجالستهم، ومساعدتهم على

- ‌76 - ومنها: محبة العلم، والعالم، والمتعلم، وكراهية الجهل، وأهله:

- ‌77 - ومنها: الإرشاد إلى أفاضل العلماء، وزهادهم، والدلالة عليهم، والإشارة بالتعلم منهم، واستفتائهم:

- ‌78 - ومنها: موالاة العلماء، ومخالطتهم، والتبرك بهم:

- ‌79 - ومنها: كتابة القرآن:

- ‌80 - ومنها: تعلم العلم، وتعليمه والتأدب بالآداب اللائقة بطلبة العلم والعلماء:

- ‌81 - ومنها: الوعظ، والنصيحة، والنطق بالحكمة:

- ‌82 - ومنها: قولهم فيما لا يعلمون: "لا علم لنا"، أو: "لا ندري

- ‌83 - ومنها: التواضع مع الأستاذ، وتعظيم حرمته، والتأدب معه:

- ‌84 - ومنها: الشفقة، والعطف على ولد الأستاذ وذريته - خصوصاً

- ‌85 - ومنها: التواضع لوجه الله تعالى، خصوصًا مع العلماء، وطلبة العلم:

- ‌ تَنْبِيْهٌ، وَمَوْعِظَةٌ:

- ‌86 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: الأمر بالسنة، ووفاء الحقوق، والحث على المحافظة على ذلك

- ‌87 - ومنها: الدعاء إلى الله تعالى، والتذكير بآلائه، والتزهيد في

- ‌88 - ومنها: الإيجاز في الخطبة والتذكرة

- ‌89 - ومنها: النصيحة للمسلمين:

- ‌90 - ومنها: الصدق، وتصديق أهل الصدق:

- ‌91 - ومنها: الجهاد في سبيل الله:

- ‌ فَائِدةٌ:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌92 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: تكثير سواد

- ‌93 - ومنها التسويم في الحرب:

- ‌94 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: ركوب الخيل

- ‌95 - ومنها: معاونة المجاهدين، ومساعدتهم، وحَسُّ الكَلال عنهم وعن دوابهم

- ‌96 - ومنها: تثبيت المجاهدين، وتشجيعهم:

- ‌97 - ومنها: حفظ العبد وحراسته، وكَلأَتُه من الشياطين ومن كل ما يؤذيه

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌98 - ومن أعمال الملائكة عليهم السلام: السعي في مصالح المسلمين

- ‌99 - ومن أعمال الملائكة عليهم السلام، وهو مندرج فيما قبله: قضاء حوائج العباد

- ‌100 - ومنها: المكافأة على المعروف، والتوسل بالصالحين، وطلب الدعاء منهم، والإحسان إليهم:

- ‌101 - ومنها: موافقة الطائعين، والقرب منهم، والثناء عليهم، ومجانبة العاصين، والتحذير منهم:

- ‌102 - ومنها: المؤاخاة في الله:

- ‌103 - ومنها: محبة أحباب الله، وبغض بُغَضاء الله تعالى، والحب فيه، والبغض فيه:

- ‌104 - ومنها: موالاة الصالحين: لقوله تعالى: {إِنَّ اَلَّذِينَ قَالُوْا

- ‌105 - ومنها: السلام ابتداءً ورداً، أو المعانقة، والمصافحة، والزيارة:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌106 - ومنها: الاستئذان:

- ‌107 - ومنها: القيام للصالحين، والعلماء إكراماً:

- ‌108 - ومنها: تلقين العاطس: "الحمد لله"، وتكميله له، وتشميته إذا حمد، وأتم الحمد:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌109 - ومن أعمال الملائكة عليهم السلام: المذاكرة في أحوال الناس، والمسامرة من غير خوض فيما لا يعني

- ‌110 - ومنها: كراهية الغيبة، وإنكارها:

- ‌111 - ومنها: التودد للناس، والتنزل لعقولهم لأجل تعليمهم وإرشادهم

- ‌112 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: إغاثة اللهفان:

- ‌113 - ومن خصال الملائكة عليهم السلام: إجلال أبي بكر

- ‌114 - ومنها: شهود النكاح والخِطْبَة، والإملاك، والْخُطْبَةُ لذلك:

- ‌115 - ومنها: التهنئة بالنكاح، وبالتوبة، وبكل ما يهنأ به:

- ‌116 - ومنها: تجنب اللهو، واللعب، وكل باطل:

- ‌ تنبِيْهٌ:

- ‌117 - ومنها: لبس البياض:

- ‌118 - ومنها: لبس العمائم خصوصا البيض، وإرخاء العَذَبة لها:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌119 - ومنها: لباس الصوف تواضعاً، وقناعة:

- ‌120 - ومنها: الائتزار إلى أنصاف السوق:

- ‌121 - ومنها: التأذي بالروائح الكريهة، وسائر ما يُتَأذَّى منه:

- ‌122 - ومنها: الرثاء لحال الفقراء والضعفاء، والتعطف عليهم، ولذلك يفرحون بذهاب الشتاء:

- ‌123 - ومنها: الفرح بتيسير الطَّاعة على المؤمنين:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌124 - ومنها: إدخال السُّرور على قلوب المؤمنين، وتبشيرهم، وتعزية المحزونين، وتسليتهم:

- ‌125 - ومنها: تفقد الإخوان، ومعاونتهم، وعيادة مرضاهم:

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌126 - ومنها: الأمر بالتداوي خصوصاً بالحجامة:

- ‌127 - ومنها: مداواة المرضى، ومباشرة علاجهم، ومؤانستهم:

- ‌128 - ومنها: الرقية بذكر الله تعالى، وأسمائه، وكلامه:

- ‌129 - ومنها: حضور العبد المؤمن عند وفاته، وتسليته

- ‌ تَنْبِيْهٌ:

- ‌130 - ومنها: زيارة قبور الصالحين، وحَمَلَة القرآن:

- ‌131 - ومنها: طرد الشَّياطين:

- ‌132 - ومنها: تعظيم جلال الله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأمره:

- ‌133 - ومنها: الحياء، وغض البصر:

- ‌134 - ومنها المبادرة إلى الطاعة:

- ‌ لَطِيْفَةٌ:

- ‌135 - ومنها: استدلال النفوس في طاعة الله، وعدم الاستكبار والاستنكاف عنها:

- ‌136 - ومنها: التبري من الحول والقوة في الطَّاعة وغيرها

- ‌137 - ومنها: شدة التحرز عن المعصية، وفرط الانبعاث إلى الطاعة، وشدة المبادرة إلى الامتثال والاعتصام بالله تعالى:

- ‌138 - ومنها: التوبة، كما تقدم في حديث أنس رضي الله تعالى عنه:

- ‌139 - ومنها: شدة الخوف من الله تعالى مع أنهم على قدم

الفصل: ‌9 - ومنها - وهو مقصودنا من ذكر هذا الباب في هذا الكتاب

والانقياد له، والاقتداء به (1)، ولو أدركته الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام لوجب عليهم نصره، والإيمان به لما أخذ الله عليهم من الميثاق بذلك.

فإذا علمَتْ هذه الأمة ذلك إجمالاً، ونظرت في مفرداته تفصيلاً، عظم فضل الله عليهم، وكبرت نعمه عندهم، فانبعثوا للشكر، فاستوجبوا المزيد، ولا يزالون في الترقي لأن علومهم لا تنتهي، وإذا زادت علومهم، ومعارفهم ازدادت أعمالهم وطاعاتهم، ونما شكرهم، وتوالى ذكرهم، وكانوا حَمَّادين شَكَّارين ذَكَّارين جَأَّارين، فتمت بذلك نعمة الله عليهم، فتأمل ذلك؛ فإنه نفيس جداً والله سبحانه وتعالى أعلم!

‌9 - ومنها - وهو مقصودنا من ذكر هذا الباب في هذا الكتاب

-: أن هذه الأمة حيث تأخرت أيامهم، وانكشفت لهم علوم الأمم المتقدمة وأخبارهم، وسنن الأنبياء السالفة وأحوالهم، واستبان لهم الفرق بين أحوال المؤمنين والمقربين، وأحوال الكافرين والمبعدين، وما أعد الله تعالى للطائفة الأولى من الجزاء الحسن، والثواب الجميل، وما أعد الله تعالى للطائفة الأخرى من الجزاء السوء، والعقاب الوبيل، لا جرم انبعثت قلوبهم، وتحركت أرواحهم، وانشرحت صدورهم، واطمأنت نفوسهم للتشبه بأولئك، وانقبضت وقعدت وضاقت وأَنِفَتْ من

(1) يشير إلى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في "مسنده"(3/ 387) عن جابر مرفوعاً: "لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني".

ص: 113

التشبه بهؤلاء، وقد وقعت الإشارة إلى هذا المعنى في قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55]؛ أي: وسبيل المؤمنين؛ على حد قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]؛ أي: والبرد.

وقوله: {وَلِتَسْتَبِينَ} [الأنعام: 55] متعلق بفعل محذوف تقديره: وفعلنا ذلك لتستبين.

وقيل: هو معطوف على محذوف تقديره: ليظهر الحق، ولتستبين سبيل المجرمين؛ أي: وسبيل المؤمنين، كما عرفت.

أو يقال: إذا استبان سبيل المجرمين فقد استبان سبيل المؤمنين بطريق اللزوم.

وفي الاقتصار على ذكر استبانة سبيل المجرمين مع أن استبانة سبيل المؤمنين أمر مقصود - أيضا -، إشارة إلى الاهتمام باستبانة سبيل المجرمين أكثر من استبانة سبيل المؤمنين؛ لأن تجنب المحظور أعظم، وأشد من فعل المأمور به؛ إذ للنفس وَلَع بما منعت منه، فاجتنابه أشد عليها من فعل ما أمرت به، ومن ثَمَّ جاء في الحديث:"اتَّقِ الْمَحارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ"(1).

(1) رواه الترمذي (2305) عن أبي هريرة، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان، والحسن لم يسمع عن أبي هريرة شيئاً، هكذا رُوي عن أيوب ويونس بن عبيد وعلي بن زيد، قالوا: لم يسمع =

ص: 114

وقوله: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55] هو في قراءة أبي جعفر، ونافع بالتاء المثناة فوق، وفتح اللام من (سبيل) - على خطاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، وابن كثير، وعاصم، ويعقوب كذلك، إلا أنهم ضموا اللام على إسناد الفعل إلى (سبيل) مع تأنيثه.

وقرأ الباقون بالياء المثناة تحت، وضم اللام على تذكير السبيل، وهما وجهان جاريان في كلام العرب.

ومعنى الآية - والله سبحانه وتعالى أعلم -: أننا نفصل الآيات في كتابنا العزيز لتستظهر، أو ليظهر لك يا محمد سبيل المؤمنين، فتتبعها أنت وأمتك، وسبيل المجرمين، فتتجنبها أنت وأمتك.

ويوضح هذا المعنى قوله تعالى بعد ذلك: {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56)} [الأنعام: 56].

أي: لا أتبع أهواءكم، ولا أسلك سبيلكم؛ لأني إن فعلت ذلك، وقد تبينت لي الآيات، واستبنت بها سبيل المجرمين الذين أنتم منهم = فأنا ضال حينئذ، وما أنا من المهتدين الذين استَبَنْتُ أحوالهَم وسبلَهم

= الحسن من أبي هريرة، وروى أبو عبيدة الناجي عن الحسن هذا الحديث قوله، ولم يذكر فيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 310).

ص: 115

بما تبين لي من سبيل المجرمين وأحوالهم؛ لأنها على الضد من أحوالهم.

وقال الله تعالى بعد ذلك: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ} [الأنعام: 57] الآية.

أي: إني على يقين تبين لي من ربي، وحجة واضحة، ودليل قوي ينتهي بي إلى الحق، ويسلك بي الصراط المستقيم، لا على هوى وابتداع، فكيف أتبع سبيلكم، وقد علمت أنها كلها أهواء بما تبين لي من الآيات التي استبنت بها طريق كل فريق، وعرفت بها أحوال أهل الخذلان، وأحوال أهل التوفيق؟

قال القرطبي: وفي معنى هذه الآية ما أنشده مصعب بن عبد الله ابن الزبير لنفسه - وكان شاعراً محسناً -:

أأقْعُدُ بَعْدَما رَجَفَتْ عِظَامِيْ

إلى آخر الأبيات الآتية.

قلت: بل هذه الأبيات أنشدها مصعب متمثلاً، ولم ينشدها لنفسه فيما أخرجه اللالكائي في كتاب "السنة" عن مصعب - يعني: الزبيري رحمه الله تعالى - قال: ناظرني إسحاق بن أبي إسرائيل، فقال: لا أقول كذا؛ يعني: في القرآن، فناظرته، فقال: لم أقل على الشك، ولكن أسكت كما سكت القوم قبلي، قال: فأنشدته هذا الشعر، فأعجبه، وكتبه، قال: وهو شعر قيل من "أكثر من عشرين سنة: [من الوافر]

ص: 116

أَأَقْعُدُ بَعْدَما رَجَفَتْ عِظَامِيْ

وَكانَ الْمَوْتُ أَقْرَبَ مَا يَلِيْنيْ

أُجادِلُ كُلَّ مُعْتَرِضٍ خَصِيْمٍ

فَأَجْعَلُ دِيْنَهُ غَرَضاً لِدِيْنيْ

وَأترُكُ ما عَلِمْتُ لِرَأْيِ غَيْرِيْ

وَلَيْسَ الرَّأْيُ كَالْعِلْمِ الْيَقِيْنِ

وَمَا أَناَ وَالْخُصُوْمَةُ وَهْيَ لَبْسٌ

تُصَرِّفُ فِيْ الشّمالِ وَفِيْ الْيَمِيْنِ

وَقَدْ سُنَّتْ لَنَا سُنَن قِوام

يَلِجْنَ بِكُلِّ فَجٍّ أَوْ وَجِيْنِ

وَكانَ الْحَقُّ لَيْسَ بِهِ خَفاءٌ

أَغَرَّ كَغُرَّةِ الْفَلَقِ الْمُبِيْنِ

وَما عِوَضٌ لَنا مِنْهاجُ جَهْمٍ

بِمِنْهاجِ ابْنِ آمِنَةَ الأَمِيْنِ

فَأَمَّا ما عَلِمْتُ فَقَدْ كَفانِيْ

وَأَمَّا ما جَهِلْتُ فَجَنِّبوْنيْ

فَلَسْتُ بِمُكْفِرٍ أَحَداً يُصِلِّيْ

وَلَمْ أَجْرِمْكُمُ أَنْ تُكْفِرُوْنيْ

وَكُنَّا إِخْوَة نَرْمِيْ جَمِيْعَاً

وَنَرْمِيْ كُلَّ مُرْتابٍ ظَنِيْنِ

فَما بَرِحَ التَّكَلُّفُ أَنْ تَشاءَتْ

بِشَأنٍ واحِدٍ فِرَقُ الشُّؤُوْنِ

فَأَوْشَكَ أَنْ يَخِرَّ عِمَادُ بَيتٍ

وَينْقَطِعَ الْقَرِيْنُ مِنَ الْقَرِيْنِ (1)

وهذه الأبيات أتم مما ذكره القرطبي في "تفسيره"(2)، وهي فائدة

(1) انظر: "اعتقاد أهل السنة" للالكائي (1/ 148)، و"تفسير الطبري"(6/ 483)، وقال: أنشده مصعب بن عبد الله بن الزبير لنفسه وكان شاعراً محسناً.

(2)

انظر: "تفسير القرطبي"(6/ 438).

ص: 117

زائدة أحببت أن لا يخلو كتابي منها لأنها لا تكاد تعدو مطالبه ومقاصده.

ومما يلائم ما نحن بصدده في هذا المقام قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26].

فقد أراد الله تعالى لإنزال القرآن أن يبين لنا سبيل المتقدمين، ويهدينا سنن الماضين، وما ذاك إلا لنأخذ في مسالك المؤمنين، ونتنزه عن مهالك المشركين، فنتشبه بالمحسنين، ولا نتشبه بالمسيئين، فإنا إذا تشبهنا بالمحسنين من الأمم السالفين فقد استفدنا بتشبهنا بهم فوائد؛ منها حصول ثواب حسن الاقتداء بهم والاتباع، وظفرنا بمحبة الصالحين منهم، وتحرك أرواحنا لما تحركت له أرواحهم.

وإذا عملنا - مَعْشَرَ الأمة المحمدية - بأعمال الأولين، فقد تضاعفت أجور الأولين بسبب عملنا بأعمالهم؛ لأن "مَنْ سَن سُنَةً حَسَنَةً كانَ لَهُ أَجْرُها وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِها إِلَىْ يَوْمِ الْقِيامَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُوْرِهِمْ شَيْئا"(1)، كما في الحديث الصحيح، فهذه الأمة مفضَّلون على الأمم السالفة؛ لكونهم سبباً في إيصال مثل أجورهم إليهم إذا اقتدوا بأعمالهم، فهم ممدون للأمم السالفة، وإن مضوا من هذه الحيثية.

وعلى هذا يتخرج ما يحكى عن بعض العارفين: أنه زار قبر معروف الكرخي رحمه الله تعالى فقال: رقيتَ - أخي معروفاً - بزيارتي هذه

(1) رواه مسلم (1017) عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه.

ص: 118

كذا وكذا درجة.

وكأنه استحضر من أعماله وخصاله شيئاً، فتشبه به فيه، أو نوى ذلك، فكتب له أجر عمله أو نيته، وكتب لمعروف مثل أجره.

ومن جملة أعمال الأولياء رضي الله تعالى عنهم زيارة الصالحين - أحياءً وأمواتاً - فمن زار ولياً زيارة خالصة مقبولة فقد كتب لسائر الأولياء المتقدمين مثل أجره، ومنهم ذلك المزور، فيحصل له الترقية بسبب هذه الزيارة، وهذا غَور من المعرفة لا يهتدي إليه إلا قلوب المحققين.

وإن كانت الترقية حاصلة بين أولياء هذه الأمة من تشبه بعضهم ببعض، فحصولها لصالحي الأمم الماضية بسبب تشبه هذه الأمة لهم أولى، وأقرب، ومن هنا يلوح لك سر قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، وقوله:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35].

وذلك أن الله تعالى إنما أراد إيصال الخير إليهم، وتكميل أحوالهم بسبب سلوك النبي صلى الله عليه وسلم سبيلهم، واقتدائه بهداهم، وفي ذلك إظهار مزية النبي صلى الله عليه وسلم، وفضله على سائر من أمر بالاقتداء بهم، وامتيازه عليهم؛ لأنه به حصلت لهم الترقية، وبسببه وصلت إليهم التزكية.

وأيضاً يحصل من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أمته لصالحي الأمم السالفة ترقية في المقام بسبب الدعاء الحاصل منهم في صلاتهم وغيرها للصالحين من المتقدمين، والسلام الوارد منهم إليهم في قولهم: "السَّلامُ عَلَيْنا

ص: 119

وَعَلَىْ عِبادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ" (1)، وذلك - أيضا - من جملة أفضال هذه الأمة على مَنْ تقدمهم، ومن هداياهم الواصلة إليهم على ممر الأيام والليالي.

ولا شك أن هذا - أيضا - من جملة الحِكَم والفوائد التي استودعها الله تعالى في تأخير هذه الأمة عن سائر الأمم.

وفي حديث التشهد الصحيح عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه من رواية ابن أبي شيبة، وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "فَإِنَّكمْ إِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ - يَعْنِيْ: قَوْلَهُمْ فِيْ التَّشَهُّدِ: السَّلامُ عَلَيْنا وَعَلَىْ عِبادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ - فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَىْ كُلِّ عَبْدٍ صالحٍ فِيْ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ"(2)؛ يعني: من الملائكة والإنس والجن الموجودين والماضين.

ولا شك أن هذا أمر خاص بهذه الأمة مما فضِّلوا به على سائر الأمم، وللمصلي منهم بعدد كل صالح من الملائكة، وكل صالح وصالحة ممن تقدمه من الإنس والجن، وممن هو موجود حين صلاته منهم حسنات؛ لأن السلام على كل واحد منهم حسنة مستقلة.

وفي رواية مسلم: "فَإذَا قَالَها أَصابَتْ كُلَّ عَبْدِ صالحٍ فِيْ السَّماءِ وَالأَرْضِ"(3).

(1) رواه البخاري (797)، ومسلم (402) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

(2)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(2985)، والبخاري (1144)، والإمام أحمد في "المسند"(1/ 413).

(3)

رواه مسلم (402) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

ص: 120

وأما إذا امتنعنا عن التشبه بالكفار والفسقة من الأمم المتقدمة فإنا نستفيد من ذلك فوائد أيضاً:

منها: ثواب امتناعنا عن تلك الأفعال والأحوال القبيحة، واستبشاعنا لها، وتنكبنا عنها، وتجنبنا منها، وظفرنا بفضيلة بغض هؤلاء المبغضين الممقوتين في الله تعالى؛ إذ لا يتحقق بغضنا لهم إلا بتجنب أحوالهم، واتقاء أعمالهم، كما لا يتحقق حب الصالحين إلا بالتخلق بأخلاقهم.

ولا شك أن البغض في الله لمن يستحق من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله تعالى.

قال أبو ذر رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَبَّ الأَعْمال إِلَىْ اللهِ الْحُبُّ فِيْ اللهِ وَالْبُغْضُ فِيْ الله".

وفي لفظ آخر: "أَفْضَلُ الأَعْمالِ الْحُبُّ فِيْ اللهِ وَالْبُغْضُ فِيْ اللهِ".

رواه باللفظ الأول الإمام أحمد (1)، وباللفظ الثاني أبو داود رحمة الله تعالى عليهما (2).

وروى الإمام أحمد، وغيره عن عمرو بن الجموح رضي الله تعالى عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَجِدُ الْعَبْدُ صَرِيْحَ الإِيْمانِ حَتَّىْ يُحِبَّ لِلَّهِ، وَيُبْغِضَ لِلَّهِ، فَإِذا أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ فَقَدِ

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 146).

(2)

رواه أبو داود (4599). قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(4/ 14): وفي إسنادهما راو لم يسم.

ص: 121

اسْتَحَقَّ الْوِلايَةَ للهِ" (1).

وروى في كتاب "الزهد" عن أبي غالب رحمه الله تعالى قال: بلغنا أن هذا الكلام في وصية عيسى بن مريم عليهما السلام: يا معشر الحواريين! تقربوا إلى الله ببغض أهل المعاصي، وتقربوا إلى الله بالمقت لهم، والتمسوا رضاه بسخطهم، قالوا: يا نبي الله! فمن نجالس؟ قال: جالسوا من يزيد في أعمالكم منطقُهُ، ومن يذكركم بالله رؤيته، ويزهدكم في الدنيا عمله (2).

وهذا - أيضاً - من جملة فوائد تأخير هذه الأمة عن الأمم؛ لأن الأمم لما سبرت واستوفيت قبل هذه الأمة، كان ذلك سبباً لكثرة الصالحين وغير الصالحين من المتقدمين، وكلما كثرت أحباب المؤمن من الصالحين ومباغيضه من غيرهم، كان حبه في الله وبغضه في الله أكثر وأعظم، فيزداد أجره، ويعظم ثوابه.

وأيضاً في اجتناب هذه الأمة لأحوال من تقدمهم ممن لا ترضى أفعالهم، ولا أحوالهم حجة بالغة لله تعالى على أولئك المتقدمين، فلله تعالى حق أكيد على هذه الأمة، بل على كل متأخر أن يجتنب ما ليس

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 430)، وابن أبي الدنيا في "الأولياء" (ص: 15). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 89): رواه الإمام أحمد وفيه رشدين بن سعد وهو منقطع ضعيف.

(2)

رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 54)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (9445) وقال: روي هذا الكلام عن نبينا صلى الله عليه وسلم بإسناد ضعيف.

ص: 122

مرضياً لله تعالى من أحوال كل متقدم عليه؛ ليكون ذلك إظهاراً لحجة الله تعالى على ذلك المتقدم، ونصرة لله سبحانه؛ عَمَلاً بقوله تعالى:{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} [محمد: 7].

وقال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40].

وتصديقاً له سبحانه في قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام: 89].

ولقد استنصر الله تعالى على كل متول من هذه الأمة عن أمره، ومعرض عنه منهم بمن يأتي بعده ممن يقوم بأحكامه، ويراعي حق أمره، ونهيه بقوله تعالى:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38].

وفي هذه الآية إشارة إلى أمرين:

الأول: أنه قد يكون في المتأخرين من هذه الأمة من تقوم الحجة به على بعض المتقدمين لكونه أطوعَ لله منه.

والثاني: أن هذه الأمة لا ينقطع الخير منها إلى يوم القيامة.

وفي حديث عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَزالُ طائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِيْ ظاهِرِيْنَ عَلَىْ الْحَقِّ حَتَىْ تَقُوْمَ السَّاعَة". رواه الحاكم (1)، وأصله في "الصحيحين" من حديث المغيرة (2) وغيره.

(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(8389).

(2)

رواه البخاري (6881)، ومسلم (1921)، عن المغيرة رضي الله عنه.

ص: 123

وروى الإمامان مالك، وأحمد، والترمذي وحسنه، عن أنس، والإمام أحمد، والطبراني في "الكبير" عن عمار، والطبراني عن ابن عمر، وابن عمرو، وأبو يعلى عن علي، والرامهرمزي في "الأمثال" عن عثمان رضي الله تعالى عنهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ أُمَّتِيْ مَثَلُ الْمَطَرِ؛ لا يدْرَىْ أَوَّلُهُ خَيْرٌ، أَوْ آخِرُهُ"(1).

ومن قام بهذا المنصب - وهو منصب التقوى، واجتناب ما لا يرضى، وهو المعبر عنه في الحديث بالظهور على الحق - فقد حُقَّ له إنجاز ما وعده الله تعالى به من رحمته التي وسعت كل شيء في قوله تعالى:{وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: 156، 157] الآية.

فانظر كيف استنصر الله تعالى لهذه الأمة على أمة موسى عليه السلام وباهاهم بهم، وبيَّن أنهم هم المفلحون بقوله آخرَ الآية: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 130)، والترمذي (2869) عن أنس رضي الله عنه.

ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3660) عن ابن عمرو. ورواه أبو يعلى في "مسنده"(3717) عن أنس رضي الله عنه.

ورواه الرامهرمزي في "الأمثال"(ص: 106) عن عثمان.

ص: 124

هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)} [الأعراف: 157].

فمن تابع بني إسرائيل، أو غيرهم من الأمم فيما كانوا عليه من المعاصي، ولم يتق الله تعالى، فقد قصر في إظهار الحجة الإلهية عليهم، ولا يؤثر قعوده عن إظهارها في إظهارها شيئاً، غير أنه خذل نفسه بقعوده عن ذلك حتى فاته هذا المقام، وإلا فإن الله تعالى غني عن العالمين؛ {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111].

ص: 125