الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال القرطبي: ولعلهم نزلوا على الخيل البُلْقِ موافقة لفرس المقداد رضي الله تعالى عنه؛ فإنه كان أبلق، ولم يكن لهم فرس غيره، فنزلت الملائكة على الخيل البُلْقِ إكراماً للمقداد، كما نزل جبريل عليه السلام معتجراً بعمامة صفراء على مثال الزُّبير رضي الله عنه (1).
قلت: وفي ذلك إشارة إلى استحباب الملائكة عليهم السلام للتشبه بالصالحين، وقد تقدم نظير ذلك.
وفي كون فرس المقداد وخيل الملائكة بلقاً في بدر، وحصول النصرة فيها دليل واضح على يُمْنِ الخيل البلق، ورَدّ على من يتطير بالفرس الأبلق، والله الموفق.
95 - ومنها: معاونة المجاهدين، ومساعدتهم، وحَسُّ الكَلال عنهم وعن دوابهم
.
روى محمَّد بن سعد في "طبقاته" عن محمود بن لَبيد رضي الله تعالى عنه قال: حدثنا عبيد بن أوس قال: لما كان يوم بدر أسرت العباس وعقيل بن أبي طالب، فلما نظر إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أَعانَكَ عَلَيْهِما مَلَكٌ كَرِيْمٌ"(2).
وروى ابن أبي شيبة عن محمد بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد: "اقْدُمْ مُصْعَبُ"، فقال له عبد الرَّحمن
(1) انظر: "تفسير القرطبي"(4/ 197).
(2)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 12).
ابن عوف رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله! ألم يقتل مصعب؟ قال: "بَلَىْ، وَلَكِنْ مَلَكٌ قامَ مَقامَهُ، وَتَسَمَّىْ بِاسْمِهِ"(1).
وروى ابن عساكر، وغيره عن سعد بن أبي وقاص قال: لقد رأيتني أرمي بالسهم يوم أحد فيرده علي رجل أبيض حسن الوجه لا أعرفه حتى كان بعد، فظننت أنه ملك (2).
وروى هو، والبيهقي عن عمير بن إسحاق قال: لما كان يوم أحد انكشفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسعد يرمي بين يديه، وفتى ينبل له، . كلما ذهبت نبَلة أتاه بها، وقال: ارم أبا إسحاق! فلفَا فرغوا نظروا مَنِ الشَّابُ، فلم يروه، ولم يُعرف (3).
وروى الطبراني في "معجمه الكبير" عن أبي الدَّرداء رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَنْزِلُوْنَ فِيْ كُلِّ لَيْلَةٍ يَحُسُّوْنَ الْكَلالَ (4) عَنْ دَوابِّ الْغُزاةِ إِلَاّ دابَّةً فِيْ عُنُقِها جَرَسٌ"(5).
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(36770).
(2)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(20/ 320).
(3)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(20/ 309)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 257).
(4)
أي: يذهب عنها التعب بحسها وإسقاط التراب عنها. انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (1/ 385).
(5)
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(5/ 267): رواه الطبراني، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يدفع عدالتهم.