الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد قلت: [من السريع]
قَدْ يَمْرَضُ الْعَبْدُ فِيْ دائِهِ
…
أَدْوِيةٌ لِلْقَلْبِ لَوْ يَعْقِلُ
نَضجُّ مِنْ أَدْوائِنَا وَهِيَ مِنْ
…
أَدْوِيةِ الأَدْوَاءِ لَوْ نَعْقِلُ
لَكِنْ دَوَاءُ الْفَاسِد الطَّبْعِ لَوْ
…
تُؤْتِيهِ مَا شِئْتَ لا يَفْعَلُ
126 - ومنها: الأمر بالتداوي خصوصاً بالحجامة:
روى الترمذي وحسَّنه، وابن ماجه، والحاكم وصححه، عن ابن
عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما مَرَرْتُ بِمَلأٍ مِنَ السَّماءِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِيْ بملإ من الملائكة إِلَاّ قالَ: عَلَيْكَ بِالْحِجامَةِ"(1).
وروى ابن ماجه بسند حسن، عن أنس رضي الله تعالى عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِيْ بِمَلأٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِلَاّ قالُوْا: مُرْ أُمَّتَكَ بِالْحِجامَةِ"(2).
127 - ومنها: مداواة المرضى، ومباشرة علاجهم، ومؤانستهم:
وسبق في ذلك قصة عمران بن حصين مع الملائكة عليهم السلام (3).
(1) رواه الترمذي (2053) وحسنه، وابن ماجه (3477)، والحاكم في "المستدرك"(7473).
(2)
رواه ابن ماجه (3479)، قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (4/ 62): هذا إسناد ضعيف لضعف كثير وجبارة، وله شاهد من حديث ابن مسعود رواه الترمذي. قلت: رواه الترمذي (2052) عن ابن مسعود وحسنه.
(3)
تقدم تخريجه.
وروى ابن أبي الدُّنيا في كتاب "المنامات" عن محمَّد بن المُنْكَدر قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه فرآه ثقيلاً - يعني: في المرض - فخرج من عنده، ودخل على عائشة رضي الله تعالى عنها فإنه ليخبرها بوجع أبي بكر رضي الله عنه إذ جاء أبو بكر يستأذن، فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: أبي -والله -، فدخل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعجب لما عجل الله تعالى له من العافية، فقال: ما هو إلا أن خرجت من عندي فغفوت، فأتاني جبريل عليه السلام فسعطني سعطة، فقمت وقد برئت" (1).
وروى ابن أبي الدُّنيا في كتاب "الرضا" عن سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى قال: قال لقمان لابنه عليهما السلام: يا بُنَيَّ! لا ينزلن بك أمر -رضيته أو كرهته - إلا جعلت في الضمير منك أن ذلك خير لك، قال: أما هذه فلا أعطيكها دون أن أعلم ما قلت كما قلت، قال: يا بُنَيَّ! فإن الله قد بعث نبيًّا هلم حتى نأتيه فنصدقه، قال: اذهب يا أبه، فخرج على حمار وابنه على حمار، وتزودا، ثم سارا أياماً وليالي حتَّى لقيتهما مفازة، وأخذا أُهبتهما لها، فدخلا فسارا ما شاء الله حتَّى ظهرا وقد تعالى النهار واشتد الحر، ونفِدَ الماء والزاد، واستبطآ حماريهما، فنزلا، فجعلا يشتدان على مرقهما، فبينما هما كذلك إذ نظر لقمان أمامه، فإذا هو بسواد ودخان، فقال في نفسه: السواد الشجر، والدخان العمران والنَّاس، فبينما
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "المنامات"(ص: 119)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(35/ 215).
هما كذلك يشتدان إذ وطئ ابن لقمان على عظم ناتئ على الطريق، فخر مغشياً عليه، فوثب لقمان فضمه إلى صدره، واستخرج العظم بأسنانه، ثم نظر إليه فذرفت عيناه، فقال: يا أبه! أنت تبكي وأنت تقول: هذا خير لي؟ فكيف يكون هذا خيراً لي ونَفِدَ الطعام والماء، وبقيت أنا وأنت في هذا المكان، فإن ذهبت وتركتني على حالي ذهبت بهم وغم ما بقيت، وإن أقمت معي متنا جميعاً؟ فقال: يا بُنَيَّ! أما بكائي فَرِقَّةُ الوالدين، وأما ما قلت: كيف يكون هذا خياراً لي؟ فلعل ما صُرف عنك أعظم ما ابتليت به، ولعل ما ابتليت به أيسر مما صرف عنك، ثم نظر لقمان أمامه فلم ير ذلك الدخان والسواد، وإذا بشخص أقبل على فرس أبلق عليه ثياب بياض وعمامة بيضاء يمسح الهواء مسحاً، فلم يزل يرمُقُه بعينه حتى كان منه قريبا، فتوارى عنه، ثم صاح به: أنت لقمان؟ قال: نعم، قال: أنت الحكيم؟ قال: كذلك يقال، قال: ما قال لك ابنك؟ قال: يا عبد الله! من أنت؟ أسمع كلامك ولا أرى وجهك، قال: أنا جبريل؛ أمرني ربي بخسف هذه المدينة ومن فيها، فأخبرت أنكما تريدانها، فدعوت ربي أن يحبسكما عني بما شاء، فحبسكما بما ابتلى به ابنك، ولولا ذلك لخسف بكما مع من خسف، ثم مسح جبريل يده على قدم الغلام فاستوى قائماً، ومسح يده على الذي كان فيه الماء فامتلأ، ثم حملهما وحماريهما فرحل بهما كما يرحل الطير، فإذا هما في الدار [التي خرجا منها](1)
(1) زيادة من "الرضا عن الله بقضائه" لابن أبي الدنيا.
بعد أيام وليالي (1).
ولا شك أن مسح جبريل عليه السلام على قدم الغلام علاج ومداواة لو لم يكن إلا أناله بركة يده، وكان ذلك قائماً مقام التكميد، ومن هنا يستحب لعائد المريض أن يضع يده عليه.
كما روى الترمذي، وابن السُّنِّي عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تَمامُ عِيادَةِ الْمَرِيْضِ أَنْ يَضَعَ أَحَدُكُمْ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، فَيَسْأَلَهُ: كَيْفَ هُوَ؟ "(2).
ولفظ ابن السُّنِّي: "مِنْ تَمامِ الْعِيادَةِ أَنْ تَضَعَ يَدَكَ عَلَىْ الْمَرِيْضِ فَتَقُوْلَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ وَكَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ "(3).
ويلوح لي أن وضع اليد على المريض إنما شرع لينال المريض بركة يد المؤمن.
وقول لقمان لابنه (4): "لعل ما صرف عنك أعظم ما ابتليت به" هو أصل ما هو دائر على ألسنة الناس من قولهم: (ما دفع الله كان أعظم)، ولم أجده في الحديث المرفوع.
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الرضا عن الله بقضائه"(ص: 63 - 65).
(2)
رواه الترمذي (2731) وقال: هذا إسناد ليس بالقوي، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص: 485).
(3)
رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة"(ص: 485).
(4)
في الأثر المتقدم.