الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى ابن عساكر في "تاريخه" عن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه قال: لما أمر الله تعالى الملائكة بالسُّجود لآدم عليهم السلام، كان أول من سجد إسرافيل عليه السلام، فأثابه الله أن كتب القرآن في جبهته (1).
وروى ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في "العظمة" نحوه عن ضَمْرة (2).
ولا يخلو إما أن يراد بالقرآن جميع كتب الله، أو القرآن المنزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى كلا الوجهين، فإن القرآن شبيه بعلم آدم الأسماء كلها، بل جميع العلوم في القرآن.
84 - ومنها: الشفقة، والعطف على ولد الأستاذ وذريته - خصوصاً
العلماء منهم، والصالحون -؛ فإن للملائكة عليهم السلام من الشفقة والعطف على أولاد آدم الذي هو أستاذ الملائكة ما لا يخفى، ولذلك يستغفرون لهم، ويصلون عليهم، كما تقدم.
85 - ومنها: التواضع لوجه الله تعالى، خصوصًا مع العلماء، وطلبة العلم:
وروى أبو نعيم في "الحلية" عن كعب قال: اطلبوا العلم لله،
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(7/ 398).
(2)
رواه أبو الشيخ في "العظمة"(5/ 1562)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 123) لابن أبي حاتم.
وتواضعوا فيه؛ فإن الملائكة تتواضع لله (1).
وروى الإمام أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن حبان، والحاكم، عن صفوان بن عسال رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما مِنْ خارِجٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فِيْ طَلَبِ الْعِلْمِ إِلَاّ وَضَعَتِ الْمَلائِكَةُ أَجْنِحَتَها رِضًى بِما يَصْنَعُ"(2).
وروى البزار عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ طالِبَ الْعِلْمِ تَبْسُطُ الْمَلائِكَةُ لَهُ أَجْنِحَتَها، وَتَسْتَغْفِرُ لَهُ"(3).
وروى أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، وغيرهم عن أبي الدَّرداء رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ سَلَكَ طَرِيْقًا يَلْتَمِسُ فِيْهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيْقاً إِلَىْ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَها لِطالِبِ الْعِلْمِ رِضًى بِما يَصْنَعُ، وَإِنَّ الْعالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِيْ السَّماواتِ وَمَنْ فِيْ الأَرْضِ، حَتَّىْ الْحِيْتانُ فِيْ الْمَاءِ"، الحديث (4).
وهذا الباب فيه أحاديث كثيرة.
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(5/ 377).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 239)، وابن ماجه (226)، وابن حبان في "صحيحه"(85)، والحاكم في "المستدرك"(340).
(3)
عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد"(1/ 124) للبزار، وقال: وفيه محمد بن عبد الملك، وهو كذاب.
(4)
تقدم تخريجه.
قد ألهمني الله تعالى في وضع الملائكة أجنحتها لطالب العلم وللعالم: أن الملائكة رأت لطالب العلم والعالم عليها حقين:
الأول: أنه ولد أستاذها، ومعلمها؛ أعني: آدم عليه السلام.
الثاني: أنه أراد الاقتداء بأبيه، ومشابهته في التعلم والتعليم؛ فلذلك خصته بوضع الأجنحة له تواضعاً زيادة على ما هي عليه من المودة والشفقة على سائر المؤمنين من بني آدم كما تواضعت لأبيه آدم بالسُّجود.
وهذا من لطائف العلم.
وقال الأستاذ أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى في مؤلف جمع فيه كلام أبي علي الدقاق أستاذه: وسمعته يقول في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَها لِطالِبِ الْعِلْمِ رِضًى بِمَا يَصْنَعُ"(1)، قال: أراد به التواضع على جهة التشريف كقوله: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ} [الشعراء: 215] وقوله: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ} [الإسراء: 24].
قال: وقيل: على الحقيقة تضع أجنحتها لهم فيمشون عليها، ولا ندركها للطافة أجسامهم.
ويحتمل أنه أراد بها يوم القيامة يضعون أجنحتهم لطالب العلم، ويحملونهم إلى الجنة.
قال الله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85]؛ ركبانًا على أجنحة الملائكة.
(1) تقدم تخريجه.