الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى ابن عساكر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: عَمَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه وترك من عمامته مثل ورق العشر، ثم قال:"أَكْثَرُ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُعتمين (1) "(2).
وروى أبو داود الطَّيالسي، والبيهقيُّ عن علي رضي الله تعالى عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إِنَّ اللهَ أَمَدَّ فِيْ يَوْم بَدْرٍ وَحُنَيْنٍ بِمَلائِكَةٍ يَعْتَمُّوْنَ بِمِثْلِ هَذهِ الْعِمَّةِ؛ إِنَّ الْعَمائِمَ حاجِزَةٌ بَيْنَ الْكفْرِ وَالإِيْمانِ"(3).
*
تَنْبِيْهٌ:
قال السيوطي في "الخصائص الكبرى": وذكر ابن تيمية أن أصل العَذَبة أنه صلى الله عليه وسلم لما رأى ربه واضعا يديه بين كتفيه أكرم ذلك الموضع بالعَذَبة.
= شيخ الطبراني، ومع ذلك فقد وثقه، انتهى.
أما حديث عبادة، فقد قال ابن طاهر المقدسي في "ذخيرة الحفاظ" (3/ 1598): رواه الأحوص بن حكيم، وهو شامي ضعيف.
(1)
في "أ": "متعممين".
(2)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(22/ 81)، ورواه أيضاً الطبراني في "المعجم الأوسط"(8901)، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/ 120): رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه مقدام بن داود، وهو ضعيف.
(3)
رواه أبو داود الطيالسي في "المسند"(145)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(10/ 14)، وفيه عبد الله بن بسر الحبراني الحمصي، قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/ 67): قال يحى بن سعيد القطان: رأيته وليس شيء، وقال أبو حاتم وغيره: ضعيف، وقال النسائي: ليس بثقة.
لكن قال العراقي: لم نجد لذلك أصلاً (1)، انتهى (2).
(1) انظر: "الخصائص الكبرى" للسيوطي (2/ 363).
(2)
وقد تكلم الشيخ ابن حجر الهيتمي في "شرح الشمائل" كلاماً عنيفاً وشنع على شيخ الإسلام وتلميذه كما نقله عنه علي القاري في "مرقاة المفاتيح"(8/ 216) ثم رد عليه فقال: صانهما الله عن هذه السمة الشينيعة والنسبة الفظيعة، ومن طالع "شرح منازل السائرين" لنديم الباري الشيخ عبد الله الأنصاري الحنبلي قدس الله تعالى سره الجلي، وهو شيخ الإسلام عند الصوفية حال الإطلاق بالاتفاق بين له أنهما كانا من أهل السنة والجماعة، بل ومن أولياء هذه الأمة. ومما ذكر في الشرح المذكور ما نصه على وفق المسطور هو قوله على بعض عبارة المنازل: وهذا الكلام من شيخ الإسلام يبين مرتبته من السنة ومقداره في العلم، وأنه بريء مما رماه أعداؤه الجهمية من التشبيه والتمثيل على عاداتهم في رمي أهل الحديث والسنة بذلك، كرمي الرافضة لهم بأنهم نواصب، والناصبة بأنهم روافض، والمعتزلة بأنهم نوائب حشوية، وذلك ميراث من أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم في رميه ورمي أصحابه بأنهم صباة قد ابتدعوا دينا محدثاً، وهذا ميراث لأهل الحديث والسنة من نبيهم بتلقيب أهل الباطل لهم بالألقاب المذمومة، وقدس الله روح الشافعي حيث يقول وقد نسب إليه الرفض:
إن كان رفضا حب آل محمد
…
فليشهد الثقلان أني رافضي
ورضي الله عن شيحنا أبي عبد الله بن تيمية حيث يقول:
إن كان نصباً حب صحب محمد
…
فليشهد الثقلان أني ناصبي=
قلت: لا يخفى ما في ذلك من الانتصار لمذهب التجسيم، ولو كان لإكرام موضع اليد -كما زعم - لكان ينبغي أن يختص إرخاؤها بين الكتفين بالنبي - صلى الله عليه -؛ لأن ذلك لم يتفق لغيره، والحق أن الأصل في إرخاء العَذَبة التشبه بالملائكة، كما علمت (1).
= وعفا الله عن الثالث حيث يقول:
فإن كان تجسيماً ثبوت صفاته
…
وتنزيهها عن كل تأويل مفتر
فإني بحمد الله ربي مجسم
…
هلموا شهوداً واملؤوا كل محضر
ثم شرع بشرح مذهب الشيخ في الصفات. انظر: "مرقاة المفاتيح" لعلي القاري (8/ 217).
(1)
قال الألوسي في "جلاء العينين في محاكمة الأحمدين"(ص: 647): قال المناوي في "شرحه" أيضاً - بعد سوقه لكلام ابن حجر - ما نصه: فنقول: ابن حجر غير مستقيم؛ أما أولاً، فلأنهما - أي: شيخ الإسلام وابن القيم - قالا: إن الرؤية المذكورة كانت في المنام، وهذه كتبهما حاضرة.
وأما ثانيا: فلأنا نؤمن بأن له يداً لا كيد المخلوق، فلا مانع من وضعها وضعا لا يشبه وضع المخلوق، بل وضع يليق بجلاله، وعجبت من الشيخ ابن حجر كيف أنكر هذا مع وجود خبر الترمذي "أتاني ربي في أحسن صورة فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أدري، فوضع كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثنوتي - أي ثديي - وتجلى لي علم كل شيء" ا. هـ المراد منه. وتعقبه أيضا الشيخ إبراهيم الكوراني في "إفاضة العلام" بقوله: أما=
وروى البيهقي في "الشعب" عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:
= إثبات الجهة والجسمية المنسوب إليهما فقد تبين حاله، وأنهما لم يثبتا الجسمية أصلاً، بل صرحا بنفيهما في غير ما موضع من تصانيفهما، ولم يثبتا الجهة على وجه يستلزم محذوراً، وإنما أقرأ قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5] على ظاهره الذي يليق بجلال ذات الله تعالى، لا الظاهر الذي هو من نعوت المخلوقين حتى يستلزم الجسمية.
وأما قول العراقي: لم نجد له أصلاً، ففيه أن ما ذكر ابن القيم ليس فيه أن ما عزاه لشيخه منقول، حتى يتجه عليه أنه لا أصل له، وإنما فيه أن ما عزاه لشيخه إبداء مناسبة بديعة لإرخاء العذبة فهمها مما هو منقول، وهو الحديث الذي أخرجه جماعة منهم أحمد والترمذي وغيرهما، وصححوه: وإن الله تجلى لي في أحسن صورة" وفي رواية: أتاني الليلة ربي في أحسن صورة - إلى أن قال - فوضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثديي
…
"، الحديث، وإذا كان هذا فهما منه، واستنباطا لا نقلاً لم يرد عليه قول العراقي، ولم يجد له أصلاً. فالمناسبة التي أبداها ابن تيمية مناسبة صحيحة غير مستلزمة للتجسيم، ولا مبنية عليه أصلاً كما ظنه ابن حجر، بل على صحة التجلي في المظهر مع التنزيه ب {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
وقد دل كلام ابن تيمية عليه الرحمة عموماً وخصوصاً على أن الحق سبحانه وتعالى يتجلى لما يشاء على أي وجه يشاء مع التنزيه ب {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]، في كل حال، حتى تجليه في المظهر، وهذا هو الغاية في الإيمان والعلم أيضا. ا. هـ. باختصار. فقد تبين لك وجه كلامِ العلامة ابن حجر، وبعدُه عن الإصابة فيما كتَب وسطَّر، فتدبر وأنصف.