الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
123 - ومنها: الفرح بتيسير الطَّاعة على المؤمنين:
روى الإمام أحمد في "الزهد" عن قتادة رحمه الله تعالى قال: إن الملائكة لتفرح بالشتاء للمؤمن؛ يقصر النهار فيصومه، ويطول الليل فيقومه (1).
ومثل ذلك لا يقال من قِبَل الرأي، فحكمه حكم المرفوع.
*
تَنْبِيْهٌ:
اختلف السبب في فرح الملائكة بإقبال الشتاء وفرحهم بذهابه، فلا تعارض بينهما.
124 - ومنها: إدخال السُّرور على قلوب المؤمنين، وتبشيرهم، وتعزية المحزونين، وتسليتهم:
قال الله تعالى حكاية عن رسل إبراهيم عليه السلام {قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53)} [الحجر: 53].
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم "أَنَّ
رَجُلاً زارَ أَخاً لَهُ فِيْ اللهِ، فَأَرْصَدَ اللهُ لَهُ مَلَكاً فَقالَ: أَيْنَ تُرِيْدُ؟ فَقالَ: أُرِيْدُ
(1) رواه الإمام أحمد في "الزهد"(ص: 225).
أَنْ أَزُوْرَ أَخِيْ فُلاناً، قالَ: لِحاجَةٍ لَكَ عِنْدَهُ؟ قالَ: لا، قالَ: لِقَرابَةٍ بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ؟ قالَ: لا، قالَ: فِيْمَه؟ قالَ: أُحِبُّهُ فِيْ اللهِ، قالَ: فَإِنَّ اللهَ تَعالَىْ
أَرْسَلَنِيْ إِلَيْكَ يُخْبِرْكُ بِأَنَّهُ يُحِبُّكَ لِحُبِّكَ إِيَّاهُ، وَقَدْ أَوْجَبَ لَكَ الْجَنَّةَ" (1).
وروى ابن أبي الدّنيا، والطَّبرانيُّ عن العِرباض بن سارية رضي الله عنه: أنه
كان يحب أن يقبض، فكان يقول: اللهم كَبُرْ سني، ووَهَنَ عظمي،
فاقبضني إليك، قال: فبينما أنا يوماً في مسجد دمشق وأنا أصلي، وأدعو
أن أقبض إذ أنا بفتى شاب من أجمل الرجال، وعليه رداء أخضر، فقال:
ما هذا الذي تدعو به؟ قلت: وكيف أدعو؟ قال: اللهم حسن العمل،
وبلغ الأجل، قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا روقيائيل (2) الذي
يسل الحزن من صدور المؤمنين، ثم التفتّ فلم أر أحدا (3).
(1) رواه مسلم (2567) وقد ذكره المصنف بالمعنى، ولفظه:" أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا له في قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ الله له على مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فلما أتى عليه قال: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قال: أُرِيدُ أَخًا لي في هذه الْقَرْيَةِ، قال هل لك عليه من نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قال: لَا، غير أني أَحْبَبْتُهُ في اللَّهِ عز وجل، قال: فَإِنِّي رسول اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قد أَحَبَّكَ كما أَحْبَبْتَهُ فيه".
(2)
كذا في "أ"، وعند ابن أبي الدنيا في "الهواتف" (ص: 97): ريبائيل، وعند الطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 245): ريبائيل، وعند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (40/ 182): رتائيل.
(3)
رواه ابن أبي الدنيا في الهواتف" (ص: 97)، ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 245)، وابن عساكر فيْ "تاريخ دمشق" (40/ 182).
وروى الديلمي عن أنس رضي الله تعالى عنه، عن النَّبى صلى الله عليه وسلم "أَنَّ مُشَيِّعِيْ الْجَنازَةِ قَدْ وَكَّلَ اللهُ بِهِمْ مَلَكا وَهُمْ مُهْتَمُّوْنَ مَحْزُوْنُوْنَ، حَتَّىْ إِذا أَسْلَمُوْهُ فِيْ ذَلِكَ القَبْرِ، وَرَجَعُوْا راجِعِيْنَ أَخَذَ كَفَّا مِنْ تُرابِ فَرَمَىْ بِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ: ارْجِعُوْ إِلَىْ دُنْياكُمْ، أنساكُمُ اللهُ مَوْتاكُمْ، فَيَنْسَوْنَ ميِّتَهُمْ وَيَأْخُذُوْنَ فِيْ شَرابِهِمْ وَبَيْعِهِمْ كَأنهمْ لَمْ يَكُوْنُوْا مِنْهُمْ"(1).
والمعنى: أن هذا الملك موكل بتسلية النَّاس عن مصائبهم ليرجعوا إلى معاشهم، فتظهر مظاهر أسمائه تعالى فيهم أمراً ونهياً، ووعداً ووعيداً، وثواباً وعقاباً، فيبرز كل شيء سبق به القضاء على وفق ما قضى؛ إذ لولا الأمل لخربت الدَّنيا، والدُّنيا مزرعة الآخرة.
وقد روى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد في "الزُّهد" عن الحسن قال: لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة: إن الأرض لا تسعهم، قال: إني جاعلٌ موتاً، قالوا: إذاً لا يهنؤهم عيش، قال: إني جاعل أملاً (2).
وقد قلت: [من الخفيف]
مَا سَلا مَنْ سَلا بَعْدَ مَوْتٍ نَزَلْ
…
وَأَتَىْ الْمَرْءَ مِنْ بَعْدِ زُهدٍ أَمَلْ
(1) رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(908).
(2)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(35222)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(1/ 114) إلى الإمام أحمد في "الزهد".