الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت: 30] إلى قوله:
{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [فصلت: 31].
ومن موالاتهم للصالحين: إيناسهم في الغربة، والوحدة، والسفر، ومساعدتهم في الرِّزق، ونحو ذلك.
وقد حكى الشيخ محي الدين بن عربي في "مسامراته" عن بعض العارفين، عن أبي عبد الله الغزالي - من أقران أبي مدين - قال: كان يحضر مجلس شيخنا أبي العباس بن العريف الصنهاجي رجل لا يتكلم، فإذا فرغ الشيخ خرج، فوقع في قلبي منه شيء؛ أحببت أن أعرفه، وأعرف موضعه، فتبعته عشيةً يوم انفصاله من مجلس الشيخ من حيث لا يشعر بي، فلما كان في بعض سكك المدينة - يعني: المرية - وإذا شخص قد تلقاه من الهواء، وانقض عليه انقضاض الطائرة بيده رغيف حسن، فتناوله منه، وانصرف عنه، فجذبته من خلفه، وقلت: السلام عليكم، فعرفني، فرد السلام، قلت له: من هذا الشخص - عافاه الله - الذي ناولك الرغيف؟ فأقسمت عليه، فقال: يا هذا! هذا ملك الأرزاق يأتيني كل يوم بما قدر لي من الرزق حيث كنت من أرض ربي.
105 - ومنها: السلام ابتداءً ورداً، أو المعانقة، والمصافحة، والزيارة:
وكل ذلك منهم مع المؤمنين.
قال الله تعالى حكاية عن رسل إبراهيم عليهم السلام: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات: 25].
وروى الإمام أحمد، والشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خَلَقَ اللهُ آدم عليه السلام عَلَىْ صُوْرتِهِ، وَطُوْلُهُ سِتُّوْنَ ذِراعاً، ثُمَّ قالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَىْ أُوْلَئِكَ النَّفَرِ - وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ جُلُوْسٌ - فَاسْمَعْ ما يُجِيبُوْنَكَ؛ فَإِنَّهَا تَحيَّتُكَ وَتَحيَّةُ ذُرَّيَّتِكَ، فَذَهَبَ، فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَقالُوْا: السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَزادُوْهُ: وَرَحْمَةُ اللهِ، وَكُل مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَىْ صُوْرَةِ آدَمَ طُوْلُهُ سِتُّوْنَ ذِراعاً، فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّىْ الآنَ"(1).
وروى الإمام أحمد، والبيهقي في "الدلائل" بسند صحيح، عن حارثة بن النعمان رضي الله تعالى عنه قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل عليه السلام فسلمت عليه، ومررت، فلما رجعنا، وانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"هَلْ رَأَيْتَ الَّذِيْ كانَ مَعِي؟ " قلت: نعم، قال:"فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ عليه السلام وَقَدْ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلامَ"(2).
وروى ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أفشُوْا السَّلامَ بَيْنَكُمْ؛ فَإِنَّها تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَإِذا مَرَّ رَجُلٌ عَلَىْ مَلأٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ دَرَجَةٌ إِنْ ردُّوْا عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَرُدُّوْا
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 315)، والبخاري (5873)، ومسلم (2842).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 433)، والبيهقي في "دلائل النبوة"(7/ 74).
عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُمُ؛ الْمَلائِكَةُ" (1).
وروى البيهقي عن قتادة في قوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النور: 61]؛ قال: إذا دخلت بيتك فسلم على أهلك، وإذا دخلت بيتاً لا أحد فيه فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؛ فإنه كان يؤمر بذلك.
قال: وحدثنا أن الملائكة ترد عليه (2).
وروى مسلم عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: إن الملائكة كانت تسلم عليَّ، فلما اكتويت انقطع عنِّي، فلما تركت عاد إليَّ (3).
وروى ابن سعد في "طبقاته" عن قتادة رحمه الله تعالى: إن الملائكة كانت تصافح عمران بن حصين حتى اكتوى فتنحت (4).
(1) ورواه البخاري في "الأدب المفرد"(1039)، والبزار في "المسند"(1771)، والطبراني في "المعجم الكبير"(10391)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(8779) موقوفاً، وقال: هكذا جاء موقوفاً، وقد روي مرفوعاً من وجه ضعيف.
(2)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(8840) مختصراً، ورواه بلفظ المؤلف ابن أبي حاتم في "التفسير"(8/ 2651).
(3)
رواه مسلم (1226)، ولفظه "وقد كان يُسَلَّمُ عَلَيَّ حتى اكْتَوَيْتُ فترِكْتُ ثُمَّ تَرَكْتُ الْكَيَّ فَعَادَ".
(4)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(4/ 288)، ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(18/ 107).