الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ ماتَ عَلَىْ رُقْعَةٍ" (1).
وفي ذلك إشارة إلى أن المؤمن قد يقع منه المعصية على وجه الخطأ والنسيان، ولا يضره ذلك إذا مات على توبة وإحسان، كيف وقد قال الله تعالى:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} [طه: 115].
ويؤخذ من ذلك أن نسيان العبد وعصيانه مظهر لكرم الله وإحسانه؛ إذ لولا معصية العبد لما ظهر وصف العفو والحلم والعدل ونحوها.
ومن ثَمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِيْ نَفْسِيَ بِيَدهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوْا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُوْنَ، وَيَسْتَغْفِرُوْنَ اللهَ، فَيَغْفِرَ لَهُمْ". رواه الإمام أحمد، ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (2).
ولنا في هذا المقام: [من السريع]
إِذا عَصَيْنا اللهَ عَنْ زَلَّةٍ
…
عُدْنا إِلَى خالِصِ غُفْرانِهِ
وإنْ نَسِيْنا عَهْدَهُ إِنَّمَا
…
نِسْياننُا مُظْهِرُ إِحْسانِهِ
وَلَمْ نُعانِدْهُ بِعِصْيانِنا
…
مُذْ مُلِئَ الْقَلْبُ بِإِيْمانِهِ
*
تَتِمَّة:
مقتضى قوله صلى الله عليه وسلم: "الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ"(3): أن المتحابين في الله
(1) ورواه الطبراني في "المعجم الصغير"(179)، وضعف إسناده ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص: 165).
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 359)، ومسلم (2794).
(3)
تقدم تخريجه.
متى كان أحدهما أرفع من الآخر مقاماً لحق به.
ثم له فائدة أخرى في التحاب، بل لهما إذا تحابا في الله - وهما مقصران في الطاعة - في التحاب هذه الفائدة العظيمة، وهي ما رواه أبو نعيم عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنا شَفِيْعٌ لِكُلِّ أَخَوَيْنِ تَحابَّا فِي اللهِ مِنْ مَبْعَثِي إِلَى يَومِ الْقِيامَةِ"(1).
ولا شك أن الشفاعة إنما تكون لمن قصرت به أعماله.
(1) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(1/ 368) عن سلمان، ورواه ابن قدامة المقدسي في "المتحابين في الله" (ص: 54) عن علي بن أبي طالب.