الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتداوى بلحم الكلاب! فقال: لا شفاه الله. وعلى مقتني الكلب المباح اقتناؤه، أن يطعمه أو يرسله، أو يدفعه لمن يريد الانتفاع به، ولا يحل حبسه ليهلك جوعا.
فرع
: لو كان لإنسان كلب محترم مضطر، ومع غيره شاة، جاز له مكالبته عليها لإطعامه ويضمنها له.
فرع
: لو عض كلب كلب شاة فكلبت نحرت، ولا يؤكل لحمها. قال أبو حيان التوحيدي من أصحابنا في كتاب الامتاع: إذا كلب الجمل نحر، ولا يؤكل لحمه انتهى. والظاهر أن ذلك خشية الإيذاء.
فرع
: لو غصب نجاسة تنفع ككلب معلم، وجلد ميتة وسرجين، فهل له كسر بابه ونقب جداره، إذا لم يصل إليها إلا بذلك؟ الظاهر أنه يجوز له ذلك، كالمال لأنها حق، ويجوز الدفع عنها كالمال والله أعلم.
تنبيه
: الكلاب كلها نجسة المعلمة وغيرها الصغير والكبير وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة وأحمد واسحاق وأبو ثور وأبو عبيدة ولا فرق بين الكلب المأذون في اقتنائه وغيره، ولا بين كلب البدوي والحضري لعموم الأدلة.
وفي مذهب مالك رحمه الله تعالى أربعة أقوال: طهارته، ونجاسته، وطهارة سؤر المأذون في اتخاذه دون غيره، وهذه الثلاثة عن مالك. والرابع عن عبد الملك بن الماجشون أنه يفرق بين البدوي والحضري، وقال الزهري ومالك وداود: إنه طاهر وإنما يغسل الإناء من ولوغه تعبدا.
ويحكى هذا عن الحسن البصري وعروة بن الزبير، محتجين بقوله «1» تعالى: فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ
ولم يذكر غسل موضع إمساكها.
وبحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبول، فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك ذكره البخاري في صحيحه. واحتج أصحابنا بحديث أبي هريرة رضية الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه وليغسله سبع مرات، إحداهن بالتراب» . قالوا: ولو لم يكن نجسا لما أمر بإراقته لأنه حينئذ يكون اتلاف مال. وأما حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال البيهقي: أجمع المسلمون على أن بول الكلاب نجس، وعلى وجوب الرش من بول الصبي، والكلب أولى. فكان حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قبل الأمر بالغسل من ولوغ الكلب، أو أن بولها خفي مكانه فمن تيقنه لزمه غسله.
فرع
: اختلف الأصحاب في موضع عض الكلب من الصيد، والأصح أنه لا يعفى عنه، كما لو أصاب ثوبا أو إناء، فلا بد من غسله وتعفيره. والثاني يعفى عنه، والثالث يكفي غسله بالماء مرة، والرابع أنه طاهر، والخامس يجب تقويره، والسادس إن أصاب عرقا نضاخا بالدم حرم
أكله، والنضاخ الفوار. قال «1» الله عز وجل: يهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ
وأحكام التتريب وشرطوه مبسوطة في كتب الفقه.
روى مسلم عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه، قال: قال «2» رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقطع الصلاة الحمار والمرأة والكلب الأسود» . قيل لأبي ذر رضي الله تعالى عنه: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما سألتني، فقال:
«الكلب الأسود شيطان» . فحمله بعض العلماء على ظاهره، وقال: الشيطان يتصور بصورة الكلب الأسود. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «اقتلوا منها كل أسود بهيم» «3» . وقيل: لما كان الكلب الأسود أشد ضررا من غيره وأشد ترويعا، كان المصلي إذا رآه اشتغل عن صلاته، فانقطعت عليه لذلك.
ولذلك تأول الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم «يقطع الصلاة المرأة والحمار» بأن ذلك مبالغة الخوف على قطعها وإفسادها من الشغل بهذه المذكورات. وذلك لأن المرأة تفتن، والحمار ينهق، والكلب الأسود يروع ويشوش الفكر، فلما كانت هذه الأمور، آيلة إلى القطع، جعلها قاطعة. وذهب ابن عباس وعطاء رضي الله تعالى عنهم، إلى أن المرأة التي تقطع الصلاة، إنما هي الحائض لما تستصحبه من النجاسة. واحتج أحمد رحمه الله بحديث الكلب الأسود على أنه لا يجوز صيده ولا يحل، لأنه شيطان. واختاره أبو بكر الصيرفي من أصحابنا. وقال الشافعي رحمه الله ومالك وأبو حنيفة وجماهير العلماء رحمة الله تعالى عليهم: يحل صيده كغيره. وليس المراد بالحديث، إخراجه عن جنس الكلاب، ولهذا إذا ولغ في إناء أو غيره وجب غسله وتعفيره كولوغ الكلب الأبيض.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم قال «4» صلى الله عليه وسلم: «ما بالهم وبال الكلاب» . ثم رخص صلى الله عليه وسلم في كلب الصيد وكلب الغنم. فحمل الأصحاب الأمر بقتلها على الكلب الكلب والكلب العقور، واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه منها. فقال القاضي حسين وإمام الحرمين والماوردي، في باب بيع الكلاب، والنووي في أول البيع، من شرحي المهذب ومسلم: لا يجوز قتلها. وقال في باب المحرمات الإحرام: إنه الأصح، وإن الأمر بقتلها منسوخ. وعلى الكراهة اقتصر الرافعي في الشرح وتبعه في الروضة وزاد أنها كراهة تنزيه لا تحريم.
لكن، قال الشافعي في الأم، في باب الخلاف، في ثمن الكلاب: واقتلوا الكلاب التي لا نفع فيها حيث وجدتموها، وهذا هو الراجح في المهمات ولا يجوز اقتناء الكلب الذي لا منفعه فيه.
وذلك لما في اقتنائها من مفاسد الترويع والعقر للمار. ولعل ذلك لمجانبة الملائكة لمحلها، ومجانبة الملائكة أمر شديد لما في مخالطتهم من الإلهام إلى الخير والدعاء إليه.
واختلف الأصحاب في جواز اتخاذ الكلب لحفظ الدرب والدور على وجهين: أصحهما
الجواز، واتفقوا على جواز اتخاذه للزراعة والماشية والصيد، لكن يحرم اقتناء كلب الماشية قبل شرائها، وكذلك كلب الزرع والصيد لمن لا يزرع ولا يصيد، فلو خالف واقتنى نقص من أجره كل يوم قيرطان. وفي رواية: قيراط، وكلاهما في الصحيح «1» .
وحمل ذلك على نوع من الكلاب، إذ بعضها أشد أذى من بعض أو لمعنى فيها، أو يكون ذلك مختلفا باختلاف المواضع، فيكون القيراطان في المدائن ونحوها، والقيراط في البوادي أو يكون ذلك في زمنين. فذكر القيراط أولا ثم زاد في التغليظ، فذكر القراطين. والمراد بالقيراط مقدار معلوم عند الله عز وجل ينقص من أجر عمله. واختلفوا في المراد بما نقص منه. فقيل: مما مضى من عمله، وقيل: من مستقبله، وقيل: قيراط من عمل الليل، وقيراط من عمل النهار، وقيل: قيراط من عمل الفرض، وقيراط من عمل النفل.
وأول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام، روى القاسم بن سلمة، بإسناده عن علقمة عن عبد الله رضي الله تعالى عنه أنه قال: أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام، وذلك أنه قال: يا رب أمرتني أن أصنع الفلك وأنا في صناعته أصنع أياما، فيجيئون في الليل فيفسدون كل ما عملت، فمتى يلتئم لي ما أمرتني به فقد طال علي أمدي؟ فأوحى الله إليه:
يا نوح اتخذ كلبا يحرسك، فاتخذ نوح عليه السلام كلبا، وكان يعمل بالنهار وينام بالليل. فإذا جاء قومه ليفسدوا بالليل عمله نبحهم الكلب فينتبه نوح عليه السلام فيأخذ الهراوة ويثب لهم فيهربون منه. فالتأم له ما أراد.
قال الحافظ أبو عمرو بن الصلاح، في مناسكه في قوله صلى الله عليه وسلم:«لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس» : فإن وقع ذلك من جهة غيره، ولم يستطع إزالته فليقل: اللهم إني أبرأ إليك مما فعله هؤلاء، فلا تحرمني ثمرة صحبة ملائكتك وبركتهم ومعونتهم أجمعين. وأما قوله «2» صلى الله عليه وسلم:«لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة» . فقال العلماء: سبب امتناعهم من البيت الذي فيه صورة، كونها معصية فاحشة، وفيها مضاهاة لخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يعبد من دون الله تعالى وسبب امتناعهم من البيت الذي فيه الكلب كثرة أكله النجاسات، ولأن بعض الكلاب يسمى شيطانا. كما جاء في الحديث و «الملائكة ضد الشياطين» ، ولقبح رائحة الكلب، والملائكة تكره الرائحة الخبيثة، ولأنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته، وصلاتها فيه، واستغفارها له، وتبركها عليه في بيته، ودفعها أذى الشياطين.
والملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب ولا صورة هم ملائكة يطوفون بالرحمة والتبرك والاستغفار، وأما الحفظة والموكلون بقبض الأرواح فيدخلون في كل بيت، ولا تفارق الحفظة بني آدم في حال من الأحوال، لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم وكتابتها.
قال الخطابي: وإنما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة، مما يحرم اقتناؤه من الكلاب والصور، فأما ما ليس اقتناؤه بحرام من كلب الصيد، والزرع والماشية، والصورة التي تمتهن في