الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هم من ولد يافث بن نوح عليه الصلاة والسلام. وقال الضحاك: هم من الترك، وقال كعب الأحبار: احتلم آدم عليه السلام فاختلط ماؤه بالتراب فأسف فخلقوا من ذلك.
قلت: وفيه نظر، لأن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يحتلمون.
وروى الطبراني، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
وقال وهب بن منبه: يأجوج ومأجوج يأكلون الحشيش والشجر والخشب، وما ظفروا به من الناس ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس. وقال علي رضي الله تعالى عنه:
يأجوج ومأجوج صنف منهم في طول الشبر وصنف منهم مفرط الطول، لهم مخالب الطير، وأنياب كأنياب السباع، وتداعي الحمام، وتسافد البهائم، وعواء الذئب، وشعورهم تقيهم الحر والبرد، ولهم آذان عظام إحداهما وبرة يشتون فيها، والأخرى جلدة يصيفون فيها، يحفرون السد الذي بناه ذو القرنين، حتى إذا كادوا ينقبونه يعيده الله كما كان، حتى يقولوا: ننقبه غدا إن شاء الله، فينقبونه ويخرجون وتتحصن الناس منهم بالحصون، فيرمون إلى السماء فيرد إليهم السهم ملطخا بالدم، ثم يهلكهم الله بالنغف في رقابهم. والنغف هو الدود كما تقدم.
فائدة
: سئل شيخ الإسلام محي الدين النووي رحمه الله تعالى عن يأجوج ومأجوج هل هم من ولد آدم وحواء، وكم يعيش كل واحد منهم؟ فأجاب أنهم أولاد حواء وآدم عند أكثر العلماء، وقيل: إنهم من ولد آدم من غير حواء، فيكونون اخوتنا من الأب، ولم يثبت في قدر أعمارهم شيء انتهى.
وقد تقدم في الكركند ما نقله الحافظ أبو عمر بن عبد البر، من الإجماع على أنهم من ولد يافث بن نوح عليه السلام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن يأجوج ومأجوج، هل بلغتهم دعوتك، فقال صلى الله عليه وسلم:«جزت عليهم ليلة أسري بي فدعوتهم فلم يجيبوا» .
وروى «1» الشيخان والنسائي، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك الخير في يديك، فيقول عز وجل: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة. قال: فذلك حين يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد» ، قال: فاشتد ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله أينا ذلك الرجل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «أبشروا فإن من يأجوج
ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم رجل» الحديث.
قال العلماء إنما خص آدم عليه السلام بالذكر لأنه أب للجميع.
وروى «1» الجماعة إلا أبا داود، من حديث زينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فزعا محمرا وجهه الشريف، يقول:«لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الابهام والتي تليها» . قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث» . أشار صلى الله عليه وسلم بذلك إلى أن الذي فتحوا من السد قليل، وهم مع ذلك لا يلهمهم الله أن يقولوا غدا نفتحه إن شاء الله تعالى، فإذا قالوها خرجوا. وقوله صلى الله عليه وسلم:«ويل للعرب» كلمة تقولها العرب، لكل من وقع في هلكة.
وفي مسند «2» الإمام أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويل واد في جهنم يهوي الكافر فيه أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره» وقيل:
الويل الشر، وقوله صلى الله عليه وسلم:«فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج» «3» .
الردم هم الحاجز الحصين المتراكم الذي جعل بعضه فوق بعض، والمراد به الردم الذي عمله الإسكندر بين الصدفين وهما الجبلان. وقوله في هذا الحديث إن زينب رضي الله تعالى عنها قالت: أنهلك؟ هو بكسر اللام على اللغة الفصيحة المشهورة، وحكي فتحها وهو ضعيف أو فاسد، قاله النووي رحمه الله وقوله صلى الله عليه وسلم: نعم لأن ما استفهم عنه بإثبات كان جوابه نعم وما استفهم عنه بنفي كان جوابه بلى. ولذلك كانت بَلى
«4» في جواب أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ
«5» ونَعَمْ
«6» في جواب فَهَلْ وَجَدْتُمْ
فلذلك قال صلى الله عليه وسلم لزينب رضي الله تعالى عنها: «نعم» حين قالت:
أنهلك وفينا الصالحون.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كثر الخبث» «7» هو بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة. وفسره الجمهور بالفسوق والفجور، وقيل: المراد به الزنا خاصة، وقيل: أولاد الزنا، والظاهر أن المراد به المعاصي مطلقا ومعناه أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام، وإن كان هناك صالحون، والله تعالى أعلم.
وروى البزار، من حديث يوسف ابن مريم الحنفي قال: بينما أنا قاعد مع أبي بكرة، إذا جاء رجل فسلم عليه ثم قال: أما تعرفني؟ فقال أبو بكرة: ومن أنت؟ قال: تعلم رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه رأى الردم؟ فقال له أبو بكرة: أنت هو؟ وقال: نعم. فقال: اجلس فحدثنا، قال رضي الله تعالى عنه: انطلقت إلى أرض ليس لأهلها إلا الحديد يعملونه، فدخلت