الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال المقدسي: من رأى عقابا ضربه بمخالبه، ناله شدة في ماله. وأكل لحم العقاب يدل على الحرص، وربما دلت رؤيته، أعني العقاب، على رجل صاحب حرب، لا يأمنه قريب ولا بعيد. وإذا رؤي على سطح أو دار أو بيت فهو ملك الموت. ومن ركب عقابا في منامه، وكان فقيرا نال خيرا، وإن كان غنيا أو من أشراف الناس، فإنه يموت، لأن في الزمان المتقدم، كانوا يصورون صورة الميت من الأغنياء والأمراء، على صورة عقاب. ومن رأى من النساء، كأنها ولدت عقابا، اتصل ولدها بالملك في خدمة أو صراع، والله أعلم.
العقد:
الجمل الصغير القوائم، الطويل السنام، فإذا مشى مع الجمال، قصر عن طولها، وإذا برك معها طالها لطول سنامه، ولذلك يقول ثعلبة:
أرسلت فيها جملا لكالكا
…
يقصر مشيا ويطول باركا
العقال:
القلوص الفتية، والعقال زكاة العام من الإبل والغنم. قال الشاعر:
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا
…
فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
العقرب:
دويبة من الهوام تكون للذكر والأنثى بلفظ واحدة، واحدة العقارب. وقد يقال للأنثى: عقربة وعقرباء ممدود غير مصروف، ويصغر على عقيرب، كما تصغر زينب على زيينب والذكر عقربان بضم العين والراء، وهو دابة له أرجل طوال وليس ذنبه كذنب العقارب قال «1» الشاعر:
كأن مرعى أمكم إذ غدت
…
عقربة يكومها عقربان
أي ينزو عليها. ومكان معقرب بكسر الراء، ذو عقارب، وصدغ معقرب بفتح الراء، أي معطوف. وكنيتها أم عريط وأم ساهرة، واسمها بالفارسية الرشك كما تقدم. ومنها السود والخضر والصفر، وهن قواتل وأشدها بلاء الخضر. وهي مائية الطباع، كثيرة الولد، تشبه السمك والضب. وعامة هذا النوع، إذا حملت الأنثى منه، يكون حتفها في ولادتها، لأن أولادها إذا استوى خلقها، تأكل بطنها وتخرج، فتموت الأم. وأنشدوا قول «2» الشاعر:
وحاملة لا يحمل الدهر حملها
…
تموت وينمى حملها حين تعطب
والجاحظ لا يعجبه هذه القول، ويقول: قد أخبرني من أثق به، أنه رأى العقرب تلد من فيها وتحمل أولادها على ظهرها، وهي على قدر القمل كثيرة العدد. قلت: والذي ذهب إليه الجاحظ هو الصواب. والعقرب أشد ما تكون، إذا كانت حاملا، ولها ثمانية أرجل، وعيناها في ظهرها. ومن عجيب أمرها أنها لا تضرب الميت ولا النائم، حتى يتحرك شيء من بدنه، فإنها عند ذلك تضربه. وهي تأوي إلى الخنافس وتسالمها، وربما لسعت الأفعى فتموت، وهي يلسع بعضها بعضا فتموت، قاله الجاحظ. وفي كتاب القزويني، أن العقرب إذا لسعت الحية فإن أدركتها
وأكلتها برئت، وإلا ماتت. وقد أشار إلى ذلك الفقيه عمارة اليمني في أبياته بقوله «1» :
إذا لم يسالمك الزمان فحارب
…
وباعد إذا لم تنتفع بالأقارب
ولا تحتقر كيد الضعيف فربما
…
تموت الأفاعي من سموم العقارب
فقد هدم عرش بلقيس هدهد
…
وخرب فأر قبل ذا سدّ مأرب
إذا كان رأس المال عمرك فاحترز
…
عليه من الانفاق في غير واجب
فبين اختلاف الليل والصبح معرك
…
يكر علينا جيشه بالعجائب
وفي تاريخ ابن خلكان، في ترجمة «2» الفقيه عمارة بن علي بن زيدان اليمني، أن قاسم بن هاشم، صاحب مكة، وجهه رسولا إلى الديار المصرية، فدخلها في ربيع الأول سنة خمسين وخمسمائة، وصاحبها يومئذ الفائز، والوزير الصالح بن رزيك، فأنشدهما قصيدته الميمية التي أولها:
الحمد للعيس بعد العزم والهمم
وفي آخرها:
ليت الكواكب تدنو لي فأنظمها
…
عقود مدح فما أرضى لكم كلمي
خليفة ووزير مدّ عدلهما
…
ظلا على مفرق الاسلام والأمم
زيادة النيل نقص عند فيضهما
…
فما عسى يتعاطى منة الديم
فاستحسنا قصيدته وأجزلا صلته، وعاد إلى مكة، ثم إلى زبيدة ثم أعاده صاحب مكة رسولا إلى مصر أيضا، فاستوطنها وأحسن الصالح وبنوه إليه. فلما ملك السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، مدحه ومدح جماعة من أهل بيته، ثم إنه شرع في الاتفاق، مع جماعة من الرؤساء، على إعادة دولة المصريين ووافقهم جماعة من أمراء الملك الناصر، واتفق رأيهم على استدعاء الفرنج من صقلية ومن سواحل الشام إلى ديار مصر، على شيء يبذلونه لهم، من المال والبلاد، فعلم صلاح الدين بذلك فقبض عليهم وسألهم عن ذلك، فأقروا. فصلبهم في رمضان سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وهذا التاريخ مناقض لما تقدم، من أنه كان رسولا لصاحب مكة في سنة خمسين وخمسمائة.
قلت: والصواب أن صلبهم كان في سنة تسع وستين يوم السبت الثاني من شهر رمضان، وكان القبض عليهم في يوم الأحد السادس والعشرين من شعبان من السنة المذكورة. وكان عمارة شافعيا، وينسب إليه بيت قاله، أو وضع عليه والله أعلم بذلك:
قد كان أول هذا الدين من رجل
…
سعى إلى أن دعوه سيّد الأمم
فأفتى فقهاء مصر بقتله، ولم يتعرض السلطان صلاح الدين إلى من نافق عليه من أجناده، ولا أظهر لهم أنه علم بشيء من أمرهم. ومن العجيب أن الفقيه عمارة قال قبل صلبه بأيام قلائل في مصلوب:
ورأت يداه عظيم ما جنتا
…
ففررن ذي شرقا وذي غربا
وأمال نحو الصدر منه فما
…
ليلوم في أفعاله القلبا
فكأنه كان لسان حاله.
ومن شأنها، أنها إذا لسعت الإنسان، فرت فرار مسيء يخشى العقاب. قال الجاحظ: ومن عجيب أمرها أنها لا تسبح ولا تتحرك، إذا ألقيت في الماء سواء كان الماء ساكنا، أو جاريا، قال:
والعقارب تخرج من بيوتها للجراد، لأنها حريصة على أكله، وطريق صيدها أن تشبك الجرادة في عود، ثم تدخل في جحرها، فإذا عاينتها العقرب تعلقت فيها. ومتى أدخل الكراث في جحرها وأخرج، فإنها تتبعه أيضا. وربما ضربت الحجر والمدر، ومن أحسن ما قيل في ذلك:
رأيت على صخرة عقربا
…
وقد جعلت ضربها ديدنا
فقلت لها: إنها صخرة
…
وطبعك من طبعها ألينا
فقالت: صدقت ولكنني
…
أريد أعرفها من أنا
والعقارب القاتلة تكون في موضعين بشهرزور وبعسكر مكرم، وهي جرارات تلسع فتقتل كما تقدم. وربما تناثر لحم من لسعته أو عفن لحمه واسترخى، حتى إنه لا يدنو منه أحد إلا وهو يمسك أنفه مخافة أعدائه. ومن لطيف أمرها أنها مع صغرها تقتل الفيل والبعير بلسعها.
ومن نوع العقارب الطيارة، قال القزويني والجاحظ: وهذا النوع يقتل غالبا. قال الرافعي: وحكى العبادي وجها أنه يصح بيع النمل بنصيبين، لأنه يعالج به العقارب الطيارة، التي بها. وسيأتي إن شاء الله تعالى، هذا أيضا في باب النون، في حكم النمل ولعل مراده أن النمل يعمل مع أدوية، ويعالج بها لدغتها.
وبنصيبين عقارب قتالة، يقال إن أصلها من شهرزور، وإن بعض الملوك حاصر نصيبين، فأتى بالعقارب منها وجعلها في كيزان الفقاع، ورمى بها في المجانيق. قال الجاحظ: وكان في دار نصر بن حجاج السلمي «1» عقارب، إذا لسعت قتلت، فدب ضيف لهم، إلى بعض أهل الدار فضربته عقرب في مذاكيره فقال «2» نصر يعرض به:
وداري إذا نام سكانها
…
أقام الحدود بها العقرب
إذا غفل الناس عن دينهم
…
فإن عقاربها تضرب
فلا تأمنن سرى عقرب
…
بليل إذا أذنب المذنب
فدخل حوالي الدار وقال: هذه عقارب تسقى من أسود سالخ، ونظر إلى موضع في الدار، وقال:
احفروا ههنا، فحفروا فوجدوا أسودين: ذكرا وأنثى.