الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن شهر بن حوشب، قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة، قال له ابنه: يا أبتاه إنك كنت تقول لنا: ليتني كنت ألقى رجلا عاقلا لبيبا عند نزول الموت به، حتى يصف لي ما يجد، وأنت ذلك الرجل، فصف لي الموت، فقال: يا بني والله كأن السماء قد أطبقت على الأرض، وكأن جنبي في تخت، وكأني أتنفس من سم إبرة، وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي، ثم أنشأ يقول:
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي
…
في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
ومن غريب ما اتفق
. أن عبد الملك بن مروان لما احتضر، وكان قصره يشرف على بردى، فنظر إلى غسال يغسل الثياب، فقال: ليتني كنت مثل هذا الغسال، أكتسب ما أعيش به يوما بيوم، ولم أل الخلافة. وتمثل بقول «1» أمية بن أبي الصلت:
كلّ حي وإنّ تطاول دهرا.
البيتين المتقدم ذكرهما.
فاتفق له كما اتفق لأمية من الموت عقب ذلك، فلما بلغ ذلك أبا حازم، قال: الحمد لله الذي جعلهم في وقت الموت يتمنون ما نحن فيه، ولم يجعلنا نتمنى ما هم فيه.
وفي الاستيعاب، في ترجمة الفارعة بنت أبي الصلت، أخت أمية بن أبي الصلت، أنها قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم، بعد فتحه للطائف، وكانت ذات لب وعفاف وجمال، وكان صلى الله عليه وسلم يعجب بها، فقال لها صلى الله عليه وسلم يوما:«هل تحفظين من شعر أخيك شيئا؟» فأخبرته خبره، وما رأت منه، وقصت قصته في شق جوفه، وإخراج قلبه، ثم عوده إلى مكانه وهو قائم، وأنشدت له شعره الذي أوله:
باتت همومي تسري طوارقها
…
أكف عيني والدمع سابقها
نحو ثلاثة عشر بيتا منها قوله:
ما أرغّب النفس في الحياة وإن
…
تحيا طويلا فالموت لاحقها
يوشك من فرّ من منيته
…
يوما على غرة يوافقها
من لم يمت غبطة يمت هرما
…
للموت كأس والمرء ذائقها
ثم قالت: وإنه قال عند وفاته:
إن تغفرّ اللهم تغفر جما
…
وأي عبد لك ما ألما
ثم قال:
كلّ حي وإن تطاول دهرا
البيتين ثم مات. فقال صلى الله عليه وسلم: «إنّ مثل أخيك كمثل الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين» .
وفي طباع الوعل أنه يأوي إلى الأماكن الوعرة الخشنة، ولا يزال مجتمعا، فإذا كان وقت الولادة تفرق، وإذا اجتمع في ضرع أنثى لبن امتصته. والذكر إذا ضعف عن النزو أكل البلوط فتقوى شهوته، وإذا لم يجد الأنثى انتزع المني بالامتصاص بفيه، وذلك إذا جد به الشبق، وفي طبعه أنه إذا أصابه جرح، طلب الخضرة التي في الحجارة فيمتصها ويجعلها على الجرح فيبرأ. وإذا أحس بالقناص، وهو في مكان مرتفع، استلقى على ظهره ثم يزج نفسه فينحدر، ويكون قرناه، وهما في رأسه، إلى عجزه يقيانه ما يخشى من الحجارة ويسرعان به لملوستهما على الصفا.
وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال عن المدينة: «لو رأيت الوعول تجرش ما بينها ماهجتها» . أراد لو رأيتها ترعى كلأها ماهجتها لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم صيدها.
وفي الترغيب والترهيب، وغريب أبي عبيدة وغيره من حديث أبي هريرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والبخل ويخون الأمين ويؤتمن الخائن وتهلك الوعول وتظهر التحوت» . قالوا: يا رسول الله ما الوعول وما التحوت؟
قال: «الوعول وجوه الناس وأشرافهم والتحوت الذين كانوا تحت أقدام الناس لا يعلم بهم» وبعضه في الصحيح، وإنما شبههم بالوعول وضرب بها المثل لأنها تأوي رؤوس الجبال والله تعالى أعلم.
وروى «1» الإمام أحمد وأبو داود والترمذي. عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه، قال: كنا جلوسا بالبطحاء، في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة، فنظر إليها فقال صلى الله عليه وسلم:«أتدرون ما اسم هذه؟» قلنا: نعم، هذا السحاب. قال صلى الله عليه وسلم:«وهو المزن والعنان» .
ثم قال عليه الصلاة والسلام. «أتدرون كم بعد ما بين السماء والأرض؟» قلنا: لا. قال صلى الله عليه وسلم:
«إما واحدة، وإما اثنتان، وإما ثلاث وسبعون سنة، والسماء فوقها، كذلك» . حتى عد عليه الصلاة والسلام سبع سموات، وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه، كما بين سماء إلى سماء، وفوق البحر ثمانية أوعال بين أضلافها وركبها، كما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش، من أسفله إلى أعلاه، مثل ما بين سماء إلى سماء» ، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. قال الجاحظ الذهبي: وهو كما قال الترمذي حسن غريب، وقد أخرجه الحافظ الضياء أيضا، في كتاب المختار له، ورواه الحاكم في المستدرك عن سماك بن حرب، وقرأ إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ
«2» .
وفي التمهيد لابن عبد البر، عن أسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير رضي الله تعالى عنهما، قال: حملة العرش أحدهم على صورة إنسان، والثاني