الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدراجة حتى تقول حيقطان، والبومة حتى تقول صدي أوفياد، والحبارى حتى تقول خرب، وكذا النعامة حتى تقول ظليم، والنحلة حتى تقول يعسوب، ومثله كثير.
وقال كراع في المجرد: القبج فارسي معرب، لأن القاف والجيم أو الكاف لا يجتمعان في كلام العرب، كالجوالق وجلق والقبج والكليجة وهو مكيال صغير، وما كان نحو ذلك. وفراخ القبج تخرج كما الفراريج، كما تقدم، وإناثه تبيض خمس عشرة بيضة، والذكر يوصف بالقوة على السفاد، كما يوصف الديك والعصفور، ولكثرة سفاده يقصد موضع البيض، فيكسره لئلا تشتغل الأنثى بحضنه عنه، ولهذا، الأنثى إذا أتى أوان بيضها، تهرب وتختبىء رغبة في الفراخ، وهي إذا هربت بهذا السبب ضاربت الذكور بعضها بعضا، وكثر صياحها، ثم إن المقهور يتبع القاهر، ويسفد القوي الضعيف، والقبج يغير أصواته بأنواع شتى، بقدر حاجته إلى ذلك، ويعمر خمس عشرة سنة، ومن عجيب أمرها ما حكاه القزويني: أنها إذا قصدها الصياد، خبأت رأسها تحت الثلج، وتحسب أن الصياد لا يراها، وذكورها شديدة الغيرة على إناثها، والأنثى تلقح من رائحة الذكر، وهذا النوع كله يحب الغناء والأصوات الطيبة، وربما وقعت من أوكارها عند سماع ذلك فيأخذها الصياد.
وحكمها
: حل الأكل لأنها من الطيبات.
الخواص
: قال عبد الملك بن زهر: مرارة الذكر منها، إذا اكتحل بها تنفع من نزول الماء، وإن خلطت مع ماء الرازيانج واكتحل بها أبرأت من العشى بالليل، وشحمه ينفع السكتة واللوقة سعوطا، وقال أرسطو: مرارة القبج، إذا خلطت بدهن زئبق وسعط بها المحموم ساعة يحم، فإنه يبرأ. قال: وصفة صيدهن أن يعجن لهن دقيق الشعير بالخمر، ويوضع لهن حتى يأكلن، فإذا أكلنه سكرن. فيصيدن.
القبرة:
بضم القاف وتشديد الباء الموحدة واحدة القبر، قال الجوهري: وقد جاء في الشعر قنبرة كما تقوله العامة، وقال البطليوسي، في شرح أدب الكاتب: وقنبرة أيضا بإثبات النون، قال:
وهي لغة فصيحة، وهو ضرب من الطير يشبه الحمرة، وكنية الذكر منه أبو صابر وأبو الهيثم، والأنثى أم العلعل قال «1» طرفة وكان يصطادها:
يا لك من قبرة بمعمر
…
خلا لك الجو فبيضي واصفري
قد رفع الفخّ فماذا تحذري
…
ونقّري ما شئت أن تنقّري
قد ذهب الصياد عنك فابشري
…
لا بد من أخذك يوما فاحذري
والسبب في قوله ذلك أنه كان مع عمه في سفر وهو ابن سبع سنين فنزلوا على ماء، فذهب طرفة بفخ له، فنصبه للقنابر وبقي عامة يومه لم يصد شيئا ثم حمل فخه وعاد إلى عمه، فحملوا ورحلوا من ذلك المكان، فرأى القنابر يلقطن ما نثر لهن من الحب، فقال ذلك. قال أبو عمرو: والمراد بالجو هنا ما اتسع من الأودية، وحذف طرفة النون من قوله: فماذا تحذري، لوفاق القافية أو لالتقاء
الساكنين، قال أبو عبيدة: يروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أنه قال «1» لابن الزبير، حين خرج الحسين رضي الله تعالى عنه إلى العراق:
خلا لك الجو فبيضي واصفري
ولطرفة بن العبد، قصة عجيبة مع عمرو بن المنذر بن امرىء القيس، لما كتب له وللمتلمس صحيفتين، ويقال له عمرو بن هند، وكان لا يبتسم ولا يضحك، وكانت العرب تسميه مضرط الحجارة لشدة ملكه، فإنه ملك ثلاثا وخمسين سنة، وكانت العرب تهابه هيبة شديدة. وقال السهيلي: إنه هو عمرو بن المنذر بن ماء السماء، وهند أمه وسمي أبوه المنذر بابن ماء السماء لشدة جماله، وهو المنذر بن الأسود، ويعرف عمرو بمحرّق، لأنه حرق مدينة يقال لها ملهم، وهي عند اليمامة، وقال العتبي والمبرد: سمي محرقا لأنه حرق مائة من بني تميم. ملك ثلاثا وخمسين سنة.
وكان طرفة غلاما معجبا فجعل يتخلج في مشيته بين يديه، فنظر إليه نظرة كادت تبتلعه من مجلسه، فقال له المتلمس حين قاما: يا طرفة إني أخاف عليك من نظرته إليك، فقال طرفة: كلا.
ثم إنه كتب لهما كتابين إلى المكعبر وكان عامله على البحرين وعمان، فخرجا من عنده وسارا حتى إذا هبطا بأرض قريبة من الحيرة، فإذا هما بشيخ معه كسرة يأكلها وهو يتبرز ويقصع القمل، فقال له المتلمس: بالله ما رأيت شيخا أحمق وأضعف وأقل عقلا منك! فقال له: وما الذي أنكرت علي؟ فقال: تتبرز وتأكل وتقصع القمل! قال: إني أخرج خبيثا، وأدخل طيبا، وأقتل عدوا! ولكن أحمق مني وألأم حامل حتفه بيمينه، لا يدري ما فيه! فتنبه المتلمس، وكأنما كان نائما، فإذا هو بغلام من أهل الحيرة يسقي غنيمة له من نهر الحيرة، فقال له المتلمس: يا غلام أتقرأ؟ قال:
نعم. قال: اقرأ هذه، فإذا فيها باسمك اللهم، من عمرو بن هند إلى المكعبر، إذا أتاك كتابي هذا مع المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حيا. فألقى الصحيفة في النهر، وقال: يا طرفة معك والله مثلها. فقال: كلا، ما كان ليكتب لي مثل ذلك. ثم أتى طرفة إلى المكعبر، فقطع يديه ورجليه ودفنه حيا. فضرب المثل بصحيفة المتلمس، لمن يسعى في حتفه بنفسه، ويغرر بها. وستأتي الإشارة إلى هذه القصة، في باب الكاف، في لفظ الكروان.
وكان سبب إحراق عمرو بن هند لبني تميم، كما قاله العتبي والمبرد أن عمرا كان له أخ، وهو أسعد بن المنذر، وكان مسترضعا في بني دارم، فانصرف ذات يوم من صيده وبه نبيذ، فمر بابل لسويد بن ربيعة التميمي، فنحر منها بكرة فرماه سويد بسهم فقتله. فلما سمع عمرو بن هند بقتل أخيه حلف ليحرقن منهم مائة رجل، فأخذ منهم تسعة وتسعين رجلا، فقذفهم في النار، ثم أراد أن يبر قسمه بعجوز منهم ليكمل العدد، فقالت: هلا فتى يفدي هذه العجوز بنفسه؟ ثم قالت:
هيهات صارت الفتيان حمما! ومر وافد البراجم، فاشتم رائحة اللحم، فظن أن الملك قد اتخذ طعاما، فعرج إليه فأتى به إليه، فقال له: من أنت؟ قال: أنا وافد البراجم، فقال «2» له عمرو: