الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلام يوما واحدا، لأكرموه وعظموه! فكيف لم تحفظ لي خدمتي رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين! فإن يكن منك إحسان شكرنا ذلك منك، وإن يكن غير ذلك صبرنا إلى أن يأتي الله بالفرج.
قال: وكان كتاب عبد الملك إلى الحجاج: أما بعد فإنك عبد طمت بك الأمور، حتى عدوت طورك، وأيم الله يا ابن المستنثرة «1» بعجم الزبيب، لقد هممت أن أضغمك «2» ضغمة كضغمات الليوث للثعالب، وأخبطك خبطة تود أنك زاحمت مخرجك من بطن أمك، قد بلغني ما كان منك إلى أنس بن مالك، وأظنك أردت أن تختبر أمير المؤمنين، فإن كان عنده غيرة وإلا أمضيت قدما، فلعنة الله عليك وعلى آبائك، أخفش العينين، ممسوح الحاجبين، أحمش الساقين «3» ، نسيت مكان آبائك بالطائف، وما كانوا عليه من الدناءة واللؤم، إذ يحفرون الآبار في المناهل بأيديهم، وينقلون الحجارة على ظهورهم. فإذا أتاك كتابي هذا وقرأته، فلا تلقه من يدك حتى تلقى أنسا بمنزله، واعتذر إليه، وإلا بعث إليك أمير المؤمنين، من يسحبك ظهرا لبطن، حتى يأتي بك أنسا، فيحكم فيك ولن يخفى على أمير المؤمنين نبأك، ولكل نبأ مستقر، وسوف تعلمون.
فلا تخالف كتاب أمير المؤمنين، وأكرم أنسا وولده، وإلا بعثت إليك من يهتك سترك، ولشمت بك عدوك والسلام.
توفي أنس رضي الله تعالى عنه سنة إحدى أو اثنتين أو ثلاث وتسعين بالبصرة، وهو آخر الصحابة موتا بها رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
الصّرّاخ:
ككتان: الطاوس، وسيأتي، إن شاء الله تعالى، في باب الطاء المهملة.
صرّار الليل:
الجدجد وقد تقدم لفظه، في باب الجيم، وهو أكبر من الجندب، وبعض العرب يسميه الصدى.
الصّرّاح:
كرمان، طائر معروف عند العرب يؤكل.
الصّرد:
كرطب، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: هو مهمل الحروف، على وزن جعل، وكنيته أبو كثير وهو طائر، فوق العصفور يصيد العصافير، والجمع صردان، قاله النضر بن شميل، وهو أبقع ضخم الرأس، يكون في الشجرة. نصفه أبيض ونصفه أسود، ضخم المنقار، له برثن عظيم، يعني أصابعه عظيمة لا يرى إلا في سعفة أو شجرة، لا يقدر عليه أحد، وهو شرس النفس شديد النفرة، غذاؤه من اللحم وله صفير مختلف، يصفر لكل طائر يريد صيده بلغته، فيدعوه إلى التقرب منه، فإذا اجتمعوا إليه، شد على بعضهم وله منقار شديد، فإذا نقر واحدا قده من ساعته، وأكله، ولا يزال هذا دأبه. ومأواه الأشجار ورؤوس القلاع، وأعالي الحصون.
فائدة
: نقل الإمام العلامة أبو الفرج بن الجوزي، في المدهش، في قوله تعالى: وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ
«4» الآية، عن ابن عباس والضحاك، ومقاتل رضي الله عنهم، قالوا: إن
موسى صلى الله عليه وسلم، لما أحكم التوراة وعلم ما فيها، قال في نفسه: لم يبق في الأرض أحد أعلم مني، من غير أن يتكلم مع أحد، فرأى في منامه كأن الله تعالى أرسل السماء بالماء، حتى غرق ما بين المشرق والمغرب، فرأى قناة على البحر، فيها صردة، فكانت الصردة تجيء للماء الذي غرق الأرض، فتنقل الماء بمنقارها، ثم تدفعه في البحر، فلما استيقظ الكليم هاله ذلك، فجاءه جبريل، فقال:
ما لي أراك يا موسى كئيبا! فأخبره بالرؤيا، فقال: إنك زعمت أنك استغرقت العلم كله، فلم يبق في الأرض من هو أعلم منك، وإن لله تعالى عبدا علمك في علمه، كالماء الذي حملته الصردة بمنقارها، فدفعته في البحر. فقال: يا جبريل من هذا العبد؟ قال: الخضر بن عاميل من ولد الطيب، يعني إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم، فقال: من أين أطلبه؟ قال: اطلبه من وراء هذا البحر. فقال:
من يدلني عليه؟ قال. بعض زادك. قالوا: فمن حرصه على لقياه لم يستخلف على قومه، ومضى لوجهه، وقال لفتاه يوشع بن نون: هل أنت موازري؟ قال: نعم. قال: اذهب فاحمل لنا زادا، فانطلق يوشع، فاحتمل أرغفة وسمكة مالحة عتيقة، ثم سارا في البحر، حتى خاضا وحلا وطينا، ولقيا تعبا ونصبا، حتى انتهيا إلى صخرة ناتئة في البحر، خلف بحر أرمينية، يقال لتلك الصخرة قلعة الحرس، فأتياها فانطلق موسى ليتوضأ، فاقتحم مكانا، فوجد عينا من عيون الجنة، في البحر، فتوضأ منها وانصرف، ولحيته تقطر ماء.
وكان عليه الصلاة والسلام حسن اللحية، ولم يكن أحد أحسن لحية منه، فنفض موسى لحيته، فوقعت قطرة منها على تلك السمكة المالحة، وماء الجنة لا يصيب شيئا ميتا إلا عاش، فعاشت السمكة ووثبت في البحر، فسارت وصار مجراها في البحر سربا يبسا، ونسي يوشع ذكر السمكة، فلما جاوزا، قال موسى لفتاه آتِنا غَداءَنا
«1» الآية فذكر له أمر السمكة، فقال له:
ذلك الذي نريده فرجعا يقصان أثرهما، فأوحى الله تعالى إلى الماء فجمد، وصار سربا على قامة موسى وفتاه، فجرى الحوت أمامهما حتى خرج إلى البر وسار، فسار مسيره لهما جادة، فسلكاها فناداهما مناد من السماء، أن دعا الجادة فإنها طريق الشياطين إلى عرش ابليس، وخذا ذات اليمين، فأخذا ذات اليمين حتى انتهيا إلى صخرة عظيمة، وعندها مصلى، فقال موسى عليه السلام: ما أحسن هذا المكان! ينبغي أن يكون للعبد الصالح، فلم يلبثا أن جاء الخضر عليه السلام، حتى انتهى إلى ذلك المكان والبقعة، فلما قام عليها اهتزت خضراء، قالوا: وإنما سمي الخضر، لأنه لا يقوم على بقعة بيضاء إلا صارت خضراء. فقال موسى عليه الصلاة والسلام:
السلام عليك يا خضر. فقال: وعليك السلام يا موسى، يا نبي بني إسرائيل. فقال: ومن أدراك من أنا؟ قال: أدراني الذي دلك على مكاني، فكان من أمرهما ما كان، وما قصه القرآن العظيم انتهى.
وقد تقدم ذكرهما أيضا في باب الحاء المهملة في الحوت، ونقلنا الخلاف في اسم الخضر ونسبه ونبوته، قال القرطبي: ويقال له الصرد الصوام.
روينا في معجم عبد الغني بن قانع، عن أبي غليظ أمية بن خلف الجمحي، قال: رآني