الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذا بما كان إلى أن يظهر ناسخ، والثاني لا بل اعتماد ظاهر الآية المقتضية للحل أولى، والخلاف على ما ذكر الموفق بن طاهر رحمه الله تعالى، مبني على أن شرع من قبلنا هل هو شرع لنا فيه اختلاف أصولي، والأوفق لسياق كلام الأصحاب أنه لا يستصحب حكم شرع من قبلنا، وعلى هذا فلا تفريع. وعلى القول بالاستصحاب فذلك إذا ثبت بالكتاب أو السنة، أنه كان حراما في شرع من قبلنا، أو شهد به اثنان أسلما منهم، ممن يعرف التبديل، ولا يعتمد فيه قول أهل الكتاب انتهى كلام الرافعي.
قال في الحاوي: ولو كان الحيوان ببلاد العجم، اعتبر في أقرب بلاد العرب عند من جمع الأوصاف المعتبرة فإن اختلفوا فيه اعتبر حكمه في أقرب بلاد الشرائع للإسلام، وهي النصرانية فإن اختلفوا فيه فعلى ما ذكرناه من الوجهين يعني في الأشياء قبل ورد الشرع انتهى.
قلت: ولا بد من التنبيه هنا على أمرين: أحدهما أنا إذا قلنا باستصحاب شرع من قبلنا، كما هو اختيار ابن الحاجب وغيره من الأصوليين، فله شرطان أحدهما: ألا يختلف في تحريمه وتحليله شريعتان، فإن اختلفتا بأن كان حراما في شريعة إبراهيم عليه السلام وحلالا في شريعة غيره، فيحتمل أن نأخذ بالشريعة المتأخرة، ويحتمل التخيير، إن لم نقل بأن الثانية ناسخة للأولى، فإن ثبت كون الثانية ناسخة للأولى، وجهل كونه حراما في الشريعة السابقة أو اللاحقة، وقف.
ويحتمل الرجوع إلى الإباحة الأصلية فيأتي الوجهان السابقان. الأمر الثاني أن يكون التحريم أو التحليل ثابتا قبل تحريفهم وتبديلهم، فإن استحلوا أو حرموا بعد النسخ، فلا عبرة به والله أعلم.
الأمثال
: قالوا: «أجبر من ورل» و «أسرع من تملظ الورل» «1» وهو الأكل بطرف اللسان، وكذلك يأكل الورل وقالوا:«أشرد «2» وأضل «3» وأظلم «4» من ورل» .
الخواص
: شعره إذا شد على عضد امرأة لم تحمل ما دام ذلك عليها، ولحمه وشحمه يسمن النساء، وفيه قوة جذب الشوك من البدن، وجلده يحرق ويخلط رماده بدردي الزيت ويطلى به العضو الخدر يذهب خدره، وزبله ينفع من الكلف والنمش طلاء.
التعبير
: الورل في المنام يدل على عدو خسيس الهمة ذي مهانة وقصور حجة الله تعالى أعلم.
الوزغة:
بفتح الواو والزاي والغين المعجمة دويبة معروفة، وهي وسام أبرص جنس، فسام أبرص كباره واتفقوا على أن الوزغ من الحشرات المؤذيات، وجمع الوزغة وزغ وأوزاغ ووزغان وازغان على البدل حكاه ابن سيده.
روى «5» البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه، عن أم شريك رضي الله تعالى عنها، أنها
استأمرت النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الوزغان، «فأمرها بذلك» . وفي الصحيحين «1» أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ، وسماه فويسقا. وقال:«كان ينفخ النار على إبراهيم عليه الصلاة والسلام» . وكذلك رواه الإمام أحمد في مسنده.
وفي الحديث «2» الصحيح، من رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل وزغة من أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية، فله كذا وكذا حسنة دون الأولى، ومن قتلها في الثالثة فله كذا وكذا حسنة دون الثانية» . وفيه أيضا «إن من قتلها في الأولى فله مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك» .
وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أقتلوا الوزغة ولو في جوف الكعبة» لكن في اسناده عمر بن قيس المكي، وهو ضعيف. وفي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، لما أحرق بيت المقدس وكانت الأوزاغ تنفخه.
وفي سنن ابن ماجه «3» عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنه كان في بيتها رمح موضوع، فقيل لها: ما تصنعين بهذا؟ فقالت: أقتل به الوزغ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اخبرنا أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، لما ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه النار غير الوزغ، فإنه كان ينفخ عليه النار، فأمر صلى الله عليه وسلم بقتله. وكذلك رواه الإمام أحمد في مسنده.
وفي تاريخ ابن النجار في ترجمة عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الرحيم الفقيه الشافعي عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل وزغة محا الله عنه سبع خطيآت» .
وفي الكامل، في ترجمة وهب بن حفص، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من قتل وزغة فكأنما قتل شيطانا» .
وروى «4» الحاكم في كتاب الفتن والملاحم من المستدرك، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه، أنه قال: كان لا يولد لأحد مولود إلا أتي به للنبي صلى الله عليه وسلم فيدعو له، فأدخل عليه مروان بن الحكم فقال:«هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون» . ثم قال: صحيح الإسناد.
وروى بعده بيسير عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه يزيد قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر! فقال له مروان: أنت الذي أنزل الله فيك والذي قال لوالديه أف لكما! فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت: كذب والله ما هو به، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعن أبا مروان ومروان في صلبه.
ثم روى الحاكم عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله تعالى عنه، وكانت له صحبة، قال: إن الحكم بن أبي العاص استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف صوته فقال صلى الله عليه وسلم:«ائذنوا له لعنة الله عليه وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمن منهم، وقليل ما هم يشرفون في الدنيا، ويضيعون في الآخرة ذوو مكر وخديعة يعطون في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق» قال ابن ظفر. وكان الحكم بن أبي العاص يرمى بالداء العضال وكذلك أبو جهل.
وأما تسمية الوزغ فويسقا، فنظيره الفواسق الخمس التي تقتل في الحل والحرم، وأصل الفسق الخروج، وهذه المذكورات خرجت عمن خلق معظم الحشرات ونحوها بزيادة الضرر والأذى.
وأما تقييد الحسنات في الضربة الأولى بمائة، وفي الثانية بسبعين، كما في بعض الروايات، فجوابه أنه كقوله في صلاة الجماعة بسبع وعشرين وبخمس وعشرين، وأن مفهوم العدد لا يعمل به فذكر السبعين لا يمنع المائة فلا تعارض بينهما. أو لعله صلى الله عليه وسلم أخبر أولا بالسبعين، ثم تصدق الله تعالى بالزيادة علينا، فأعلم به صلى الله عليه وسلم حين أوحى الله إليه بعد ذلك، أو أنه يختلف باختلاف قاتلي الوزغ، بحسب نياتهم وإخلاصهم، وكمال أحوالهم ونقصها، فتكون المائة للأكمل منهم والسبعون لغيره.
قال يحيى بن يعمر: لأن أقتل مائة وزغة أحب إليّ من اعتق مائة رقبة، وإنما قال ذلك لأنها دابة سوء، زعموا أنها تسقى من الحيات وتمج في الإناء فينال الإنسان المكروه العظيم بسبب ذلك، وسبب كثرة الحسنات في المبادرة أن تكرر ضربات في القتل، يدل على عدم الاهتمام بأمر صاحب الشرع، إذ لو قوي عزمه وأشتدت حميته، لقتلها في المرة الأولى لأنه حيوان لطيف لا يحتاج إلى كثرة مؤنة في الضرب، فحيث لم يقتلها في المرة الأولى دل ذلك على ضعف عزمه، فلذلك نقص أجره من المائة إلى السبعين. وعلل عز الدين بن السلام «1» كثرة الحسنات في الأولى بأنه إحسان في القتل فيدخل تحت قوله «2» صلى الله عليه وسلم «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة» . أو أنه مبادرة إلى الخير فيدخل تحت «3» قوله تعالى: اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ*
قال: وعلى كلا المعنيين فالحية والعقرب أولى بذلك لعظم مفسدتهما.
وذكر أصحاب الآثار أن الوزغ أصمّ قالوا: والسبب في صممه ما تقدم من نفخه النار على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فصم لأجل ذلك وبرص. ومن طبعه أنه لا يدخل بيتا فيه رائحة الزعفران، وتألفه الحيات كما تألف العقارب الخنافس، وهو يلقح بفيه ويبيض كما تبيض الحيات، ويقيم في جحره زمن الشتاء، أربعة أشهر لا يطعم شيئا.
وقد تقدم في حرف السين المهملة ما يتعلق بأحكامها وخواصها وقد أحسن في وصف الوزغة وغيرها الأديب الشاعر كمال الدين علي بن محمد بن المبارك الشهير بابن الأعمى، صاحب
المقامة البحرية، ووفاته في المحرم سنة اثنتين وتسعين وستمائة. وكان والده خطيب بيت المقدس حيث قال يذم دار سكناه:
دار سكنت بها أقلّ صفاتها
…
أن تكثر الحشرات في حجراتها
الخير عنها نازح متباعد
…
والشرّ دان من جميع جهاتها
من بعض ما فيها البعوض عدمته
…
كم أعدم الأجفان طيب سناتها
وتبيت تسعدها براغيث متى
…
غنت لها رقصت على نغماتها
رقص بتنقيط ولكن قافه
…
قد قدمت فيه على أخواتها
وبها ذباب كالضباب يسد
…
عين الشمس ما طربي سوى غناتها
أين الصوارم والقنا من فتكها
…
فينا وأين الأسد من وثباتها
وبها من الخطاف ما هو معجز
…
أبصارنا عن حصر كيفياتها
تغشى العيون بمرها ومجيئها
…
وتصم سمع الخلد من أصواتها
وبها خفافيش تطير نهارها
…
مع ليلها ليست على عاداتها
شبهتها بقنافذ مطبوخة
…
نزع الطهاة بنضجها شوكاتها
فاقت على سمر القنا في لونها
…
وسماتها وشياتها وصفاتها
وبها من الجرذان ما قد قصرت
…
عنه العتاق الجرد في حملاتها «1»
فترى أبا غزوان منها هاربا
…
وأبا الحصين يروغ عن طرقاتها
وبها خنافس كالطنافس أفرشت
…
في أرضها وعلت على جنباتها
لو شمّ أهل الحرب منتن فسوها
…
أردى الكماة الصيد عن صهواتها
وبنات وردان وأشكال لها
…
مما يفوت العين كنه ذواتها
متزاحم متراكم متحارب
…
متراكب في الأرض مثل نباتها
وبها قراد لا اندمال لجرحها
…
لا يفعل المشراط مثل أداتها
أبدا تمص دماءنا فكأنها
…
حجامة لبدت على كاساتها
وبها من النمل السليماني ما
…
قد قل ذر الشمس عن ذراتها
لا يدخلون مساكنا بل يحطمون
…
جلودنا فالعفو من سطواتها
ما راعني شيء سوى وزغاتها
…
فنعوذ بالرحمن من نزغاتها
سجعت على أوكارها فظننتها
…
ورق الحمام سجعن في سحراتها
وبها زنابير تظن عقاربا
…
لا برء للمسموم من لدغاتها
وبها عقارب كالأقارب رتعا
…
فينا حمانا الله لدغ حماتها
وكأنما حيطانها كغرابل
…
أطلعن أرؤسهن من طاقاتها
كيف السبيل إلى النجاة ولا نجا
…
ة ولا حياة لمن رأى حياتها