الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى الطبراني وأبو يعلى الموصلي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل علي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فقام إلى جنبه فصلى بصلاته، فجاءت عقرب حتى انتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تركته، وذهبت نحو علي فضربها بنعله حتى قتلها، فلم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها بأسا. في إسناده عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف.
وروى ابن ماجه، عن أبي رافع، أن النبي صلى الله عليه وسلم «قتل عقربا وهو يصلي» «1» . وفيه أيضا، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب، وهو في الصلاة، فقال:«لعن الله العقرب ما تدع مصليا ولا غير مصل اقتلوها في الحل والحرم» «2» .
وروى الحافظ أبو نعيم، في تاريخ أصبهان، والمستغفري في الدعوات، والبيهقي في الشعب، عن علي رضي الله تعالى عنه قال: لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب، وهو في الصلاة فلما فرغ من صلاته، قال:«لعن الله العقرب ما تدع مصليا ولا غيره، ولا نبيا ولا غيره، إلا لدغته» .
وتناول نعله فقتلها به، ثم دعا بماء وملح فجعل يمسح عليها، ويقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين.
وفي تاريخ نيسابور، عن الضحاك بن قيس الفهري، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل يتهجد، فلدغته عقرب في أصبعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لعن الله العقرب ما تكاد تدع أحدا» «3» ، ثم دعا بماء في قدح، وقرأ عليه قل هو الله أحد الله الصمد ثلاث مرات، ثم صبه على أصبعه، ثم رؤي صلى الله عليه وسلم، بعد ذلك على المنبر عاصبا أصبعه من لدغة العقرب.
وفي عوارف المعارف، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت:«لدغت رسول الله صلى الله عليه وسلم عقرب في إبهامه، من رجله اليسرى فقال: «علي بذاك الأبيض الذي يكون في العجين» ، فجئنا بملح فوضعه صلى الله عليه وسلم في كفه، ثم لعق منه ثلاث لعقاب، ثم وضع بقيته على اللدغة فسكنت عنه.
وروى ابن أبي شيبة، عن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس، وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب فقال:«إنكم تقولون لا عدوى، ولا تزالون تقاتلون عدوا حتى تقاتلوا يأجوج ومأجوج، عراض الوجوه، صغار العيون، صهب الشعاف، من كل حدب ينسلون وكأن وجوههم المجان المطرقة» «4» .
غريبة
: في تاريخ شيخنا اليافعي رحمه الله تعالى، في حوادث سنة تسع وخمسمائة ذكر أن بعض الملوك قال له منجموه: إنه يموت في الساعة الفلانية في اليوم الفلاني في الشهر الفلاني من سنة كذا من عقرب تلدغه، فلما كانت الساعة المذكورة تجرد من جميع ثيابه سوى ما يستر عورته، وركب فرسا بعد أن غلسه ونظفه وسرح شعره، ودخل به البحر حذارا مما ذكر له منجموه، فبينما هو كذلك عطست الفرس فخرج من أنفه عقرب فلدغته، فمات. فما أغناه الحذر عن القدر.
وعن معروف الكرخي قال: بلغنا أن ذا النون المصري، خرج ذات يوم يريد غسل ثيابه، فإذا هو بعقرب قد أقبل عليه، كأعظم ما يكون من الأشياء، قال: ففزع منها فزعا شديدا،
واستعاذ بالله منها فكفي شرها. فأقبلت حتى وافت النيل، فإذا هي بضفدع قد خرج من الماء فاحتملها على ظهره، وعبر بها إلى الجانب الآخر.
فقال ذو النون: فاتزرت بمئزري ونزلت في الماء، ولم أزل أرقبها إلى أن أتت إلى الجانب الآخر، فصعدت ثم سعت وأنا أتبعها إلى أن أتت شجرة كثيرة الأغصان، كثيرة الظل، وإذا بغلام أمرد أبيض نائم تحتها، وهو مخمور، فقلت: لا قوة إلا بالله، أتت العقرب من ذلك الجانب للدغ هذا الفتى، فإذا أنا بتنين قد أقبل يريد قتل الفتى، فظفرت العقرب به ولزمت دماغه، حتى قتلته ورجعت إلى الماء. وعبرت على ظهر الضفدع إلى الجانب الآخر فأنشد ذو النون يقول:
يا راقدا والجليل يحفظه
…
من كل سوء يكون في الظّلم
كيف تنام العيون عن ملك
…
تأتيك منه فوائد النعم
قال: فانتبه الفتى على كلام ذي النون، فأخبره الخبر فتاب ونزع لباس اللهو، ولبس أثواب السياحة وساح ومات على تلك الحالة رحمه الله تعالى.
واسم ذي النون ثوبان بن ابراهيم، وقيل: الفيض بن ابراهيم. ومن كلامه رحمه الله تعالى: حقيقة المحبة أن تحب ما أحبه الله، وتبغض ما أبغضه الله، وتطلب رضاه وترفض جميع ما يشغلك عنه، وأن لا تخاف فيه لومة لائم، وأن تعزل نفسك عن رؤيتها وتدبيرها. فإن أشد الحجاب رؤية النفس وتدبيرها. وقال رحمه الله: لا يزال العارف مادام في الدنيا، بين الفخر والفقر، فإذا ذكر الله افتخر، وإذا ذكر نفسه افتقر. وقال: ليس بذي لب من جد في أمر دنياه وتهاون في أمر آخرته، ولا من سفه في مواطن حلمه، ولا من تكبر في مواطن تواضعه، ولا من فقدت منه التقوى في مواطن طمعه، ولا من غضب من حق إن قيل له، ولا من زهد فيما يرغب العقلاء فيه، ولا من رغب فيما يزهد العقلاء فيه، ولا من طلب الإنصاف من غيره لنفسه، ولا من نسى الله تعالى في مواطن طاعته، وذكر الله في مواطن الحاجة إليه، ولا من جمع العلم ليعرف به ثم أثر عليه هواه بعد تعلمه، ولا من قل منه الحياء من الله تعالى، على جميل ستره، ولا من أغفل الشكر على اظهار نعمه، ولا من عجز عن مجاهدة عدوه، ولا من جعل مروأته لباسه، ولم يجعل أدبه درعه وتقواه لباسه، ولا من جعل علمه ومعرفته تظرفا وتزينا في مجلسه، ثم قال:
استغفر الله العظيم، إن الكلام كثير وإن لم تقطعه لم ينقطع.
وحكى لي بعض أشياخي عن ذي النون أنه قال لبعض الرهبان: ما معنى المحبة؟ فقال: لا يطيق العبد حمل محبتين: من أحب الله لا يحب الأغيار، ومن أحب الأغيار لا يحب الله خالصا، فتفكر في حالك من أي القبيلين أنت؟ قال: قلت: صف لي المحبة. فقال: المحبة عقل ذاهب، ودمع ساكب، ونوم طريد، وشوق شديد، والحبيب يفعل ما يريد. قال ذو النون: فعمل هذا الكلام معي، فعلمت أنه خرج من المعدن وأن الراهب مسلم. ثم فارقته فبينما أنا أطوف بالكعبة، وإذا بالراهب يطوف وقد نحل، فقال لي: يا أبا الفيض، تم الصلح وانفتح باب المؤانسة، ومن الله علي بالاسلام وحملني ما عجزت عنه السموات والأرض. قال ذو النون: حمل نفسه محبة الله تعالى التي عجزت عنها السموات والأرض، وصم الجبال، وحملها أجلاد الرجال