الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرقاب، وأمر بتلك فنحرت، رواه الطبراني مرسلا.
وفي الصحيحين «1» ، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: أهدي النبي صلى الله عليه وسلم مرة غنما، وفيه استحباب تقليد الغنم، وقال مالك وأبو حنيفة، لا يستحب، بل خصا التقليد بالإبل والبقر.
فرع
: اتفق العلماء على أن الهدي إذا كان تطوعا فللمهدي أن يأكل منه، وكذلك أضحية التطوع. لما روى «2» جابر أنه صلى الله عليه وسلم أهدى في حجة الوداع مائة بدنة نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها بيده ثلاثا وستين، وأمر عليا فنحر ما بقي منها، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ من كل بدنة بضعة، فتجعل في قدر فأكلا من لحمها وحسيا من مرقها.
واختلفوا في الهدي الواجب بالشرع، مثل دم التمتع والقران والواجب بافساد الحج وفواته وجزاء الصيد، فذهب قوم إلى أنه لا يجوز أن يأكل منه شيئا وبه قال الشافعي، وكذلك ما أوجبه على نفسه بالنذر، وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: لا يأكل من جزاء الصيد والنذر، ويأكل مما عداهما، وبه قال الإمام أحمد واسحاق. وقال مالك: يأكل من هدي التمتع ومن كل هدي وجب عليه، إلا من فدية الأذى وجزاء الصيد والنذر. وقال أصحاب الرأي: يأكل من دم التمتع والقران، ولا يأكل من كل واجب سواهما، والله تعالى أعلم.
الهديل:
ذكر الحمام قد تقدم ما في الحمام في باب الحاء المهملة، قال جران العود «3» :
كان الهديل الظالع الرجل وسطها
…
من البغي شريب يغرد منزف
والهديل صوت الحمام، يقال: هدل القمري يهدل هديلا، والهديل فرخ كان على عهد نوح عليه الصلاة والسلام، فصاده جارح من الطير، فليس من حمامة إلا وتبكي عليه إلى يوم القيامة.
قال نصيب «4» :
فقلت أتبكي ذات طوق تذكرت
…
هديلا وقد أودى وما كان تبع
يقول لم يخلق تبع بعد.
الهر
ماس:
بكسر الهاء من اسماء الأسد، وقيل: هو الشديد من السباع، والهرماس بن زياد الباهلي من الصحابة سكن البصرة وطال عمره، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين أحدهما عن أبي داود والآخر رواه النسائي. والهرميس بكسر الهاء أيضا الكركدن عند ابن سيده. قال: وهو أكبر من الفيل قال الشاعر:
والفيل لا يبقى على الهرميس
الهر:
السنور، والجمع هررة، كقرد وقردة، والأنثى هرة وتقدمت في خواص الأسد في
الكلام على الفأرة، أن الهرة خلقت من عطسة الأسد. روى الإمام أحمد والبزار ورجال الإمام أحمد ثقات، من حديث «1» أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يشرب قائما فقال صلى الله عليه وسلم:«قه أيسرّك أن يشرب معك الهر» قال: لا. قال: «فقد شرب معك الشيطان» . وفي تاريخ ابن النجار، في ترجمة محمد بن عمر الحنبلي، عن أنس رضي الله تعالى عنه، قال: كنت جالسا عند عائشة رضي الله تعالى عنها أبشرها بالبراءة، فقالت: والله لقد هجرني القريب والبعيد، حتى هجرتني الهرة، وما عرض علي طعام ولا شراب، فكنت أرقد وأنا جائعة، فرأيت الليلة في منامي فتى فقال: ما لك حزينة؟ فقلت: مما ذكر الناس. فقال: ادعي بهذه الكلمات يفرج عنك. فقلت: وما هي؟ فقال: قولي: دعاء الفرج يا سابغ النعم، ويا دافع النقم، ويا فارج الغمم، ويا كاشف الظلم، ويا أعدل من حكم، ويا حسيب من ظلم، ويا ولي من ظلم، ويا أول بلا بداية، ويا آخر بلا نهاية، ويا من له اسم بلا كنية، أجعل لي من أمري فرجا ومخرجا.
قالت: فانتبهت وأنا ريانة شبعانة، وقد أنزل الله براءتي وجاءني الفرج. وفي الحديث «2» الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: إن الشيطان عرض للنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، قال عبد الرزاق: في صورة هر، قال صلى الله عليه وسلم:«فشد علي يقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه فذعته أي خنقته ولقد هممت أن أوثقه في سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه. فذكرت قول أخي سليمان: رب أغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسئا» .
وروى ابن أبي خيثمة، عن ميمونة بنت سعيد، مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في الاستيعاب، عن سليمان الفارسي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالهر، وقال:«إنّ امرأة عذبت في هرة ربطتها» «3» الحديث، وهو في الصحيحين.
وفي الزهد للإمام أحمد: رأيتها في النار وهي تنهش قبلها ودبرها. والمرأة المعذبة كانت كافرة، كما رواه البزار في مسنده، والحافظ أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ورواه البيهقي في البعث والنشور، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فاستحقت التعذيب بكفرها وظلمها.
وقال القاضي عياض في شرح مسلم: يحتمل أن تكون كافرة. ونفى النووي هذا الاحتمال، وكأنهما لم يطلعا على نقل في ذلك.
وفي مسند أبي داود الطيالسي، من حديث الشعبي، عن علقمة قال: كنا عند عائشة رضي الله تعالى عنها، ومعنا أبو هريرة، فقالت: يا أبا هريرة أنت الذي تحدث «4» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأة عذبت بالنار من أجل هرة؟ قال أبو هريرة: نعم سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت عائشة: المؤمن أكرم على الله من أن يعذبه من أجل هرة، إنما كانت المرأة مع ذلك كافرة يا أبا هريرة، إذا حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف تحدث. وقد تقدم في الفرس، ما أنكرته عائشة على أبي هريرة.
وروى ابن عساكر، في تاريخه عن بعض أصحاب الشبلي، أنه رآه في النوم، بعد موته فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال: أوقفني بين يديه وقال: يا أبا بكر أتدري بماذا غفرت لك؟
فقلت: بصالح عملي. فقال: لا. قلت: باخلاصي في عبوديتي، قال: لا. قلت: بحجي وصومي وصلاتي. قال: لم أغفر لك بذلك. فقلت: بهجرتي إلى الصالحين، وإدامة أسفاري في طلب العلوم. فقال: لا. فقلت: يا ربي هذه المنجيات التي كنت أعقد عليها خنصري، وظني أنك بها تعفو عني وترحمني. فقال: كل هذه لم أغفر لك بها، فقلت: إلهي فبماذا؟ قال: أتذكر حين كنت تمشي في دروب بغداد، فوجدت هرة صغيرة، قد أضعفها البرد، وهي تنزوي من جدار إلى جدار من شدة البرد والثلج، فأخذتها رحمة لها، فأدخلتها في فرو كان عليك وقاية لها من ألم البرد؟
فقلت: نعم. فقال: برحمتك لتلك الهرة رحمتك.
وأبو بكر الشبلي اسمه دلف بن جحدر، وقيل جعفر بن يونس الخراساني، كان سيدا صالحا محدثا، مالكي المذهب، صحب الجنيد رضي الله تعالى عنه، وكان في ابتداء أمره واليا على دنباوند، فتاب في مجلس خير النساج، وكانت له خطفات وسكرات وغرقات توجب تلك الغرقات شطحات، فقام عذره فيها ودخل على الجنيد يوما فوقف بين يديه وصفق وأنشد يقول «1» :.
عودوني الوصال والوصل عذب
…
ورموني بالصدّ والصدّ صعب
زعموا حين أزمعوا أن ذنبي
…
فرط حبي لهم وما ذاك ذنب
لا وحقّ الخضوع عند التلاقي
…
ما جزا من يحب ألا يحب
فأجابه «2» الجنيد رحمه الله تعالى:
وتمنيت أن أراك
…
فلمّا رأيتكا
غلبت دهشة السرور
…
فلم أملك البكا
ومن شعر «3» الشبلي رحمه الله تعالى:
مضت الشبيبة والحبيبة فانبرى
…
دمعان في الأجفان يزدحمان
ما أنصفتني الحادثات رمينني
…
بمودعين وليس لي قلبان
توفي الشبلي، رحمه الله في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وله سبع وثمانون سنة.
وفي كامل ابن عدي، في ترجمة أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، أنه روى «4» عن عروة، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم تمر به الهرة فيصفي لها الإناء فتشرب، ثم يتوضأ بفضلها. قال: وكان أبو يوسف يقول: من طلب غرائب الحديث كذب، ومن طلب المال بالكيمياء افتقر، ومن طلب الدين بالكلام تزندق.