الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن خرافات العرب قالوا: إن السموم لما فرقت على الحيوانات احتبست العظاءة عند التفرقة حتى نفد السم، وأخذ كل حيوان قسطه منه على قدر السبق إليه، فلم يكن لها فيه نصيب.
ومن طبعها أنها تمشي مشيا سريعا ثم تقف، ويقال: إن ذلك لما يعرض لها من التذكر والأسف، على ما فاتها من السم وهذه تسمى بأرض مصر السحلية.
وهي محرمة الأكل
: وقد تقدم ذكرها في باب السين.
الخواص
: من علق عليه يدها اليمنى، ورجلها اليسرى في خرقة، جامع ما شاء، وإن علقت في خرقة سوداء على من به حمى الربع المزمنة أبرأته. وقلبها إذا علق على امرأة منعها أن تلد، مادام عليها، وإن طبخت بسمن البقر حتى تتهرى، ومسح بها الملسوع أبرأه وإن جعلت في قارورة وملئت زيتا وجعلت في الشمس حتى تتهرى، كان ذلك الزيت سما قاتلا.
وهي في الرؤيا
تدل على التلبيس واختلاف الأسرار والله أعلم.
العفر:
ولد الأروية.
وفي المثل
: «أوقل من عفر» «1» والعفر بالكسر الخنزير الذكر، والعفر الرجل الخبيث المداهن، والمرأة عفرة. يقال عفرية نفرية، كما يقال عفريت نفريت.
العفريت:
القوي المارد من الشياطين، والتاء فيه زائدة قال «2» تعالى: قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ
قرأ أبو رجاء العطاردي وعيسى الثقفي عفرية ورويت عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وقرأت فرقة عفر، وكل ذلك لغات. وقال وهب: اسم هذا العفريت كوذا، وقيل ذكوان، وقال ابن عباس: هو صخر الجني.
واختلفوا في غرض سليمان عليه الصلاة والسلام في استدعاء عرش بلقيس، فقال قتادة وغيره: لأنه أعجبه وصفه، لما وصفه الهدهد بالعظم فأراد أخذه قبل أن يعصمها وقومها الإسلام.
وقال الأكثرون: إن سليمان علم أنها إن أسلمت يحرم عليه مالها، فأراد أن يأخذ عرشها قبل أن يحرم عليه أخذه بإسلامها. وقال ابن زيد: استدعاه ليريها القدرة، التي هي من عند الله، وعظم سلطانه في معجزة يأتي بها في عرشها. وروي أن عرشها كان من فضة وذهب، مرصعا بالياقوت والجوهر، وأنه كان في جوف سبعة أبيات، عليه سبعة أغلاق. وفي الكشف والبيان للثعلبي، أن عرشها كان سريرا ضخما حسنا، وكان مقدمه من ذهب، منضدا بالياقوت الأحمر، والزمرد الأخضر، ومؤخره من فضة مكللا بأنواع الجواهر، وله أربع قوائم: قائمة من ياقوت أحمر، وقائمة من ياقوت أصفر، وقائمة من زبرجد أخضر، وقائمة من در أبيض، وصفائح السرير من ذهب. وكانت قد أمرت به، فجعل في آخر سبعة أبيات، بعضها في بعض في آخر قصر من قصورها، على كل بيت باب مغلق.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان عرش بلقيس ثلاثين ذراعا في ثلاثين ذراعا،
وارتفاعه في الهواء ثلاثين ذراعا. وقال مقاتل: كان ثمانين في ثمانين. وقيل: كان طوله ثمانين ذراعا، وعرضه أربعين ذراعا وارتفاعه ثلاثين ذراعا.
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان سليمان عليه السلام مهيبا، لا يبدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه، فرأى ذات يوم وهجا قريبا منه فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا عرش بلقيس. فقال: يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين؟ قال عفريت من الجن:
أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ
«1» .
وكان سليمان يجلس في مجلس الحكم من الصباح إلى الظهر، وإني عليه أي على الإتيان به لقوي على حمله، أمين لا أختلس منه شيئا. قال الذي عنده علم من الكتاب، قال البغوي وغيره والأكثرون: على أنه آصف بن برخيا، وكان صديقا يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى: أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ
«2» . قال سعيد بن جبير:
يعني من قبل أن يرجع إليك أقصى من تراه ومعناه أن يصل إليك من كان منك على مد بصرك.
وقال قتادة: قبل أن يأتيك الشخص من مد البصر.
وقال مجاهد: يعني إدامة النظر حتى يرتد الطرف خاسئا. وقال وهب: تمد عينيك فلا ينتهي طرفك إلى مداه حتى أمثله بين يديك. وقيل: إن الذي عنده علم من الكتاب اسمه اسطوم، وقيل هو جبريل، وقيل هو سليمان نفسه. قال له عالم من بني إسرائيل، قيل اسمه اسطوم، آتاه الله معرفة وفهما: أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك. قال سليمان: هات. قال: أنت النبي وابن النبي، وليس أحد أوجه عند الله منك. فإن دعوت الله وطلبت منه كان عندك. قال:
صدقت.
والعلم الذي أوتيه، قيل هو الاسم الأعظم. وفي الكلام حذف تقديره فدعا باسم الله الأعظم، وهو يا حي يا قيوم، يا إلهنا وإله كل شيء إلها واحدا، لا إله إلا أنت. وقيل: يا ذا الجلال والإكرام. قيل: شقت الأرض بالعرش فغار في الأرض، حتى نبع بين يدي سليمان. قاله الكلبي. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: فبعث الله الملائكة، فحملوا السرير من تحت الأرض، يخدون الأرض خدّا، حتى انخرقت الأرض بالسرير بين يدي سليمان، وقيل: جيء به في الهواء، وكان بين سليمان والعرش مسيرة شهرين للمجد، فلما رآه مستقرا عنده، جعل يشكر نعمة الله تعالى، بعبارة فيها تعليم للناس، وعرضة للاقتباس، ثم قال: نكروا لها عرشها. أراد بالتنكير تجربة تمييزها ونظرها، وليزيد في الإغراب عليها.
وروت فرقة أن الجن، لما أحست من سليمان، أنه ربما يتزوج بلقيس، فتفشي له أخبار الجن، لأن أمها كانت جنية، وأنها ربما تلد ولدا، فينقل الملك إليه، فلا ينفكون من تسخير سليمان وولده من بعده، فأساؤوا الثناء عليها وظلموها عنده، ليزهدوه فيها، فقالوا: إنها غير عاقلة ولا مميزة وإن رجليها كحافر فرس، وقيل: كحافر حمار، وإنها شعراء الساقين. فجرب
عقلها بتنكير العرش، واختبر أمر رجليها بالصرح لتكشف عن ساقيها، وتنكيره بأن يزيد فيه وينقص منه. والقصة في ذلك مشهورة في كتب التفسير، ولما أسلمت وأذعنت وأقرت على نفسها بالظلم، روي أنه تزوجها وردها إلى ملكها باليمن، وكان يأتيها على الريح في كل شهر مرة، فولدت له غلاما فسماه داود ومات في حياته. وقيل: إنه جعل يعني لما زاد في العرش ونقص منه، مكان الجوهر الأخضر أحمر ومكان الأحمر أخضر، فلما جاءت قيل: أهكذا عرشك؟ قالت: كأنه هو. وقيل: عرفته. ولكنها شبهت عليهم، كما شبهوا عليها، قاله مقاتل.
وقال عكرمة: كانت بلقيس حكيمة لم تقل نعم خوفا من أن تكذب، ولم تقل لا خوفا من التنكيت عليها، بل قالت: كأنه هو، فعرف سليمان كمال عقلها حيث لم تقر ولم تنكر. وقيل: إنه اشتبه عليها أمر العرش، لأنها لما أرادت الشخوص إلى سليمان، دعت قومها وقالت لهم: والله ما هذا ملك، وما لنا به من طاقة، ثم أرسلت إلى سليمان: إني قادمة عليك بملوك قومي، حتى أنظر ما أمرك، وما الذي تدعو إليه من دينك. ثم أمرت بعرشها وكان من ذهب وفضة، مرصعا بالياقوت والجوهر، فجعلته في جوف سبعة أبيات، عليه سبعة أغلاق كما تقدم، ووكلت به حراسا يحفظونه، ثم قالت لمن خلفته على سلطانها: احتفظ بما قبلك لا يخلص إليه أحد، ولا ترينه أحدا حتى آتيك. وشخصت إلى سليمان باثني عشر ألف قيل من أقيال اليمن، تحت كل قيل ألوف كثيرة، فلما جاءت، قيل: أهكذا عرشك؟ فاشتبه عليها أمر العرش، فقالت: كأنه هو. ثم قيل لها: ادخلي الصرح.
قيل: إنه قصر من زجاج كأنه الماء بياضا، وقيل: الصرح الصحن في الدار، وأجرى تحته الماء، وألقى فيه شيئا كثيرا من دواب البحر، كالسمك والضفادع وغيرها، ثم وضع سرير سليمان في صدره، فكان الصرح إذا رآه أحد حسبه لجة ماء. قيل: إنه إنما بنى الصرح، لأنه أراد أن ينظر إلى قدميها وساقيها، من غير أن يسألها كشفها. وقيل: أراد أن يختبر فهمها كما فعلت هي بالوصفاء والوصائف، وقد تقدم ذكر ذلك في باب الدال المهملة، في الدود. فجلس سليمان عليه السلام على السرير، ودعا بلقيس، فلما جاءت، قيل لها: ادخلي الصرح، فلما رأته حسبته لجة، وهي معظم الماء، وكشفت عن ساقيها لتخوضها إلى سليمان، فنظر سليمان فإذا هي أحسن الناس ساقا وقدما إلا شعر الساقين، فلما رأى سليمان ذلك، صرف بصره عنها وناداها: إنه صرح ممرد من قوارير وليس بماء، ثم دعاها إلى الإسلام. وكانت قد رأت حال العرش والصرح. فأجابت.
وقيل: إنها لما بلغت الصرح وحسبته لجة، قالت في نفسها: إن سليمان يريد أن يغرقني، وكان القتل أهون علي من هذا، فقولها ظلمت نفسي يعني بذلك الظن.
وقيل: إنه عليه السلام لما أراد أن يتزوجها كره ما رأى من كثرة شعر ساقيها، فسأل الإنس ما يذهب هذا؟ قالوا: الموسى. قالت: لا تمسني حديدة قط. وكره سليمان الموسى، وقال: إنها تقطع ساقيها، فسأل الجن، فقالوا: لا ندري، فسأل الشياطين، فقالوا: إنا نحتال لك حتى يكونا كالفضة البيضاء، فاتخذوا النورة والحمام ومن يومئذ ظهرت النورة والحمامات، ولم تكن قبل ذلك.
فلما تزوجها سليمان أحبها حبا شديدا، وأقرها على ملكها، وأمر الجن فابتنوا لها بأرض