الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقوله «1» صلى الله عليه وسلم لامرأة رفاعة رضي الله عنهما: «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» . وأكل العسل عناق حبيب وتقبيله.
وأما الشهد فإنه ميراث من حلال أو مال من شركة، وقال ابن سيرين: الشهد رزق حلال لأن النار لا تمسه، ومن رأى بين يديه شهدا موضوعا، فإن عنده علما عزيزا والناس يريدون سماعه منه، والشهد إذا كان وحده، فهو مال من غنيمة، فإن كان في وعاء فهو رجل صاحب علم ومال حلال، وهو للزاهد الغني مال وبر ودين، ومن رأى كأنه يأكل الشهد وفوقه العسل، فإنه ينكح أمة والله تعالى أعلم.
النحوص:
بفتح النون وضم الحاء والصاد المهملتين الأتان الحائل، والجمع نحص ونحاص.
النسر:
طائر معروف وجمعه في القلة أنسر، وفي الكثرة نسور، وكنيته أبو الأبرد وأبو الأصبع وأبو مالك وأبو المنهال وأبو يحيى، والأنثى يقال لها أم قشعم. وسمي نسرا لأنه ينسر الشيء ويبتلعه، وهو عريف الطير، ويقول في صياحه: ابن آدم عش ما شئت، فإن الموت ملاقيك. كذا قاله الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما.
قلت: وفي هذا مناسبة لما خص النسر به من طول العمر، يقال: إنه من أطول الطير عمرا، وأنه يعمر ألف سنة، وقصة لبد تأتي إن شاء الله تعالى، في الأمثال. والنسر ذو منسر، وليس بذي مخلب، وإنما له أظفار حداد كالمخالب. والبازي والنسر يسفدان كما يسفد الديك.
وزعم قوم أن الأنثى من هذا النوع، تبيض من نظر الذكر إليها، وهي لا تحضن وإنما تبيض في الأماكن العالية الضاحية للشمس، فيقوم حر الشمس للبيض مقام الحضن، وهو حاد البصر يرى الجيفة من أربعمائة فرسخ، وكذلك حاسة شمه في النهاية، لكنه إذا شم الطيب مات لوقته، وهو أشد الطير طيرانا، وأقواها جناحا، حتى إنه ليطير ما بين المشرق والمغرب في يوم واحد، وإذا وقع على جيفة وعليها عقبان تأخرت، ولم تأكل مادام يأكل منها، وكل الجوارح تخافه، وهو شره نهم رغيب إذا وقع على جيفة وامتلأ منها، لم يستطع الطيران حتى يثب وثبات، يرفع بها نفسه طبقة بعد طبقة في الهواء حتى يدخل تحت الريح، وربما صاده الضعيف من الناس في هذه الحالة، والأنثى منه تخاف على بيضها وفراخها الخفاش، فتفرش في وكرها ورق الدلب لينفر منه، وهو من أشد الطير حزنا على فراق إلفه، فإذا فارق أحدهما الآخر مات حزنا وكمدا.
ومن غريب ما ألهم أنه إذا حملت أنثاه، ذهب إلى الهند فأخذ من هناك حجرا كهيئة الجوزة، إذا حرك سمع له حس حجرا آخر متحرك، كصوت الجرس فإذا جعله عليها أو تحتها أذهب عنها العسر، وهذا بعينه قاله القزويني في العقاب، وقد تقدم في باب العين. وليس في سباع الطير أكبر جثة منه، ويقال للنسر أيضا أبو الطير قال الشاعر:
فلا وأبي الطير المريه في الضحى
…
على خالد لقد وقعت على لحم
والنسر سيد الطير، روى اليافعي، في كتاب نفحات الأزهار ولمحات الأنوار، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أنه قال: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هبط علي جبريل فقال: يا محمد إن لكل شيء سيدا، فسيد البشر آدم، وسيد ولد آدم أنت، وسيد الروم صهيب، وسيد فارس سليمان، وسيد الحبش بلال، وسيد الشجر السدر، وسيد الطير النسر، وسيد الشهور رمضان، وسيد الأيام يوم الجمعة، وسيد الكلام العربية، وسيد العربية القرآن، وسيد القرآن سورة البقرة» .
وروى الطبراني، في معجمه الأوسط، عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«يا رب أخبرني بأكرم خلقك عليك» ؟ فقال جلا وعلا: الذي يسرع إلى هواي إسراع النسر إلى هواه. والحديث يأتي إن شاء الله تعالى بتمامه في النمر.
وفي شعب الإيمان للبيهقي، عن علي بن هارون العبدي، قال: سمعت الجنيد رضي الله عنه يقول: حق الشكر أن لا يعصي الله فيما أنعم، ومن كان لسانه رطبا بذكر الله تعالى، دخل الجنة وهو يضحك. وقال: إن لله عبادا يأوون إلى ذكر الله، كما يأوي النسر إلى وكره.
وفي الحلية، في ترجمة وهب بن منبه وغيرها، عن وهب بن منبه، قال: إن بختنصر مسخ أسدا فكان ملك السباع، ثم مسخ نسرا فكان ملك الطير، ثم مسخ ثورا فكان ملك الدواب.
وكان مسخه سبع سنين، وقلبه في ذلك كله قلب إنسان، وهو في ذلك كله يعقل عقل الإنسان، وكان ملكه قائما. ثم رده الله إلى بشريته، ورد عليه روحه، فدعا إلى توحيد الله وقال: كل إله باطل إلا الله إله السماء. فقيل لوهب: أمات مسلما؟ فقال: وجدت أهل الكتاب قد اختلفوا فيه، فقال بعضهم: آمن قبل أن يموت. وقال بعضهم: قتل الأنبياء، وخرب بيت الله المقدس، وأحرق كتبه، فغضب الله عليه فلم يقبل منه التوبة انتهى.
قال السدي: إن بختنصر، لما رجع إلى صورته، ورد الله عليه ملكه، كان دانيال وأصحابه، من أكرم الناس عليه، فحسدتهم المجوس، وقالوا لبختنصر: إن دانيال إذا شرب لم يملك نفسه أن يبول، وكان ذلك فيهم عارا، فجعل لهم طعاما فأكلوا وشربوا، وقال للبواب: انظر أول من يخرج للبول، فاضربه بالطبر، فإن قال: أنا بختنصر، فقل: كذبت! بختنصر أمرني بقتلك، فكان أول من قام للبول بختنصر، فلما رآه البواب، شد عليه فقال: أنا بختنصر، فقال البواب:
كذبت بختنصر أمرني بقتلك، ثم ضربه فقتله. هكذا قال أصحاب المبتدا.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن نمرود الجبار، لما حاج إبراهيم عليه الصلاة والسلام في ربه، قال: إن كان ما يقوله إبراهيم حقا، فلا أنتهي حتى أصعد إلى السماء فأعلم ما فيها، فعمد إلى أربعة أفراخ من النسور، فرباها حتى شبت، واتخذ تابوتا، فجعل له بابا من أعلاه وبابا من أسفله، وقعد نمرود مع رجل في التابوت، ونصب خشبات في أطراف التابوت، وجعل على رؤوسها اللحم، وربط التابوت بأرجل النسور وخلاها، فطارت وصعدت طمعا في اللحم، حتى مضى يوم وأبعدت في الهواء، فقال نمرود لصاحبه: افتح الباب الأعلى وانظر إلى السماء هل قربنا منها؟ ففتح ونظر، فقال: إن السماء كهيئتها ثم قال له: افتح