الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رأسا» . ومن محاسن شعر الفقيه منصور اليمني المتقدم ذكره، ووفاته في سنة ست وخمسين وثلاثمائة قوله «1» :
لي حيلة فيمن ينم
…
وليس في الكذاب حيله
من كان يخلق ما يقو
…
ل فحيلتي فيه قليله
ولقد أجاد علي بن عبد الواحد البغدادي المعروف بصريع الدلاء «2» في قوله:
من فاته العلم وأخطاه الغنى
…
فذاك والكلب على حدّ سوا
وهذا البيت آخر قصيدة له في المجون، ذكر فيها من صنعة الغزل فنونا، ولو لم يكن له سواه لكفاه، وهي طويلة طنانه عجز فحول الشعراء أن يزيدوا فيها بيتا واحدا. وتوفي في رجب سنة اثنتي عشرة وأربعمائة فجأة بشرقة لحقته عند الشريف البطحاوي.
وذكر ابن خلكان أن الحسين بن أحمد المعروف بابن الحجاج الشاعر المشهور، لما حضرته الوفاة أوصى بأن يدفن عند رجلي الإمام موسى بن جعفر أحد الأئمة الإثني عشر رضي الله عنهم على رأي الإمامية وأن يكتب على قبره وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ
«3» . قال: وابن الحجاج ذو خلاعة ومجون. وقيل: إنه دعي إلى دعوة وتأخر الطعام عنه فقال «4» :
يا ذاهبا في داره جائيا
…
من غير معنى بل ولا
فائده
قد جنّ أضيافك من جوعهم
…
فاقرأ عليهم سورة المائده
ودعوة الطعام بفتح الدال. وأما قول قطرب في مثلثته، فقلت: عندي دعوة بضم الدال فمردود عليه انتهى.
فائدة
: ذكر ابن عبد البرّ في كتابه بهجة المجالس وأنس المجالس، أنه قيل لجعفر الصادق رضي الله عنه، وهو أحد الأئمة الإثني عشر: كم تتأخر الرؤيا؟ فقال: خمسين سنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى كأن كلبا أبقع ولغ في دمه، فأوّله بأن رجلا يقتل الحسين ابن بنته رضي الله تعالى عنه. فكان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين، وكان أبرص. فتأخرت الرؤيا بعده خمسين سنة، كما تقدم في باب الهمزة في الأوز.
وفي هذا الكتاب أشياء تصلح للمذاكرة، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه أنه دخل الجنة، فرأى فيها عذقا مدلى فأعجبه، فقال:«لمن هذا» ؟ فقيل: هذا لأبي جهل. فشق عليه صلى الله عليه وسلم ذلك.
فقال: «ما لأبي جهل والجنة؟ والله لا يدخلها أبدا، فإنه لا يدخلها إلا نفس مؤمنة» . فلما أتاه عكرمة بن أبي جهل رضي الله تعالى عنه مسلما، فرح به وقام إليه، وتأول ذلك العذق عكرمة ابنه.
ومنها أن بعض الشاميين كان عاملا لعمر رضي الله تعالى عنه، فقال له: يا أمير المؤمنين رأيت كأن الشمس والقمر اقتتلا، ومع كل واحد منهما فرقة من النجوم، فقال له: مع أيهما كنت؟
فقال: مع القمر. قال: مع الآية الممحوة، لا عملت لي عملا أبدا، فعزله. وقتل ذلك الرجل مع معاوية رضي الله عنه بصفين.
ومنها أن عائشة رضي الله تعالى عنها، رأت ثلاثة أقمار سقطن في حجرها، فقال لها أبو بكر رضي الله تعالى عنه: إن صدقت رؤياك، فإنه يدفن في بيتك ثلاثة من خيار أهل الأرض. فلما دفن صلى الله عليه وسلم في بيتها قال لها أبو بكر رضي الله تعالى عنه: هذا أحد أقمارك، وهو خيرها. وفيه أشياء كثيرة وكان الإمام أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري القرطبي، إمام عصره في الحديث والأثر وهو أحد نقلة المذاهب، وتوفي هو والإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب البغدادي الشافعي حافظ المشرق في سنة ثلاث وستين وأربعمائة. ومما ينشد «1» للشافعي رحمه الله تعالى:
ليت الكلاب لنا كانت مجاورة
…
وليتنا لا نرى ممن نرى أحدا
إن الكلاب لتهدا في مرابضها
…
والناس ليس بهاد شرهم أبدا
وفي الميزان للذهبي، في ترجمة أحمد بن زرارة المدني بسند مظلم، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كيف أنتم إذا كان زمن يكون الأمير فيه كالأسد، والحاكم فيه كالذئب الأمعط، والتاجر فيه كالكلب الهرار، والمؤمن بينهم كالشاة الولهاء بين الغنم ليس لها مأوى، فكيف حال شاة بين أسد وذئب وكلب!» .
وفي أمالي أبي بكر القطيعي، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بنا كلب فما بلغت يده رجله حتى مات. فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته، قال:«من الداعي على هذا الكلب آنفا؟» فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله.
فقال: «ما قلت» ؟ قال: قلت: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام اكفني هذا الكب بما شئت. فقال «2» النبي صلى الله عليه وسلم:«لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى» والحديث في السنن الأربعة وفي مسند الإمام أحمد وكتابي الحاكم وابن حبان بغير قصة الكلب.
وأفاد الطبراني، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن هذه الصلاة كانت صلاة العصر يوم الجمعة، وأن الرجل المذكور الداعي على هذا الكلب سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«يا سعد لقد دعوت في يوم وساعة بكلمات، لو دعوت بهن على من في السموات والأرض استجيب لك فأبشر يا سعد» .
وروى الإمام أحمد في الزهد، عن جعفر بن سليمان، قال: رأيت مع مالك بن دينار رضي الله تعالى عنه كلبا فقلت: ما تصنع بهذا يا أبا يحيى؟ فقال: هذا خير من جليس السوء!