الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ربع دينار لعموم الأدلة وإذا ذبح المحرم صيدا حرم عليه في حال الإحرام باتفاق العلماء، وفي تحريمه على غيره قولان: الجديد الصحيح التحريم كذبيحة المجوسي، فعلى هذا يكون ميتة، والقديم الحل ولو كسر المحرم بيض شيد، أو قلاه حرم عليه، وفي تحريمه على غيره طريقان:
أشهرهما أنه على القولين، وأشهر القولين التحريم أيضا، ولو كسره مجوسي أو قلاه حل، ولو حلب محرم لبن صيد، فهو ككسر بيضه.
فرع
: لو صاح محرم على صيد، فمات بسبب صياحه، أو صاح حلال على صيد في الحرم فمات به. فوجهان: أحدهما يضمنه لأنه تسبب في إهلاكه، فكان كما لو صاح على صبي فهلك.
قال الإمام النووي: وهذا هو الظاهر. والثاني لا يضمنه، كما لو صاح على بالغ ولو أصاب صيدا، فوقع ذلك الصيد على صيد آخر، أو على فراخه أو بيضه فهلك ضمن جميع ذلك.
فرع
: لو مات للمحرم قريب، في ملكه صيد، ملكه على المذهب ملكا يتصرف فيه كيف شاء، إلا بالقتل والإتلاف.
فرع
: قال الروياني: العمرة التي ليس فيها قتل صيد، قيل: إنها أفضل من حجة فيها قتل صيد. والأصح أن الحجة أفضل.
فرع
: صيد حرم المدينة حرام، لما روى مسلم، من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لا بيتها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها» «1» . واختلفوا في أنه هل يضمن صيدها كصيد مكة؟ فقال الشافعي، في الجديد: إنه لا يضمن، لأنه مكان يجوز دخوله بغير إحرام، فلا يضمن كصيدوج الطائف، ففي سنن البيهقي بإسناد فيه ضعف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ألا إن صيدوج الطائف وعضاهها حرام محرم» . وفي القديم أنه يسلب القاتل لصيد حرم المدينة، والقاطع لشجرها. واختاره النووي من جهة الدليل، وعلى هذا فظاهر إطلاق الأئمة أن السلب لا يتوقف على إتلافه، بل بمجرد الاصطياد وسلبه كسلب قتيل الكفار، عند الأكثرين، وقيل ثيابه فقط، وقيل يترك له ساتر العورة فقط، وهذا هو الصواب في الروضة وشرح المهذب. ثم هو السالب، وقيل لفقراء المدينة كجزاء الصيد، وقيل لبيت المال، ويستثنى من تضمين الصيد ما لو صال عليه فقتله دفعا.
فرع
: إذا عم الجراد الطريق، ولم يجد بدا من وطئه، فلا ضمان عليه في الأظهر. ولو دخل كافر الحرم، وقتل صيدا ضمنه. وقال الشيخ أبو اسحاق في المهذب: يحتمل عندي أنه لا يجب الضمان، قال النووي في شرحه: انفرد الشيخ بهذا الاحتمال عن الأصحاب، وأقامه في البيان وجها انتهى. وهذا نقله ابن كج وجها للأصحاب، وهو متقدم على صاحب المهذب بأعوام، فإنه توفي سنة أربع وأربعمائة.
تنبيهات
: اعلم أن الصيد، إذا مات من سببين: مبيح ومحرم فهو حرام، تغليبا لجانب التحريم، ومثال ذلك أن يموت من سهم وبندقة أو يصيب الصيد طرف من النصل، فيجرحه
ويؤثر فيه عرض السهم في مروره فيموت منهما. وكذلك لو أرسل سهما إلى صيد فجرحه، وكان على طرف سطح فسقط منه، أو على جبل فتردى منه، أو تردى في بئر، أو وقع في ماء، أو على شجرة، فانصدم بأغصانها، فهو حرام، لأنه لا يدري من أيهما مات.
ومنها ما لو وقع صيده على محدد، سكين أو غيرها، فهو حرام. ولو أرسل سهما، فأصاب الصيد في الهواء، ثم وقع على الأرض ومات، فهو حلال سواء مات قبل الوصول إلى الأرض أو بعده، أو لم يعلم هل كان موته قبل الوصول أو بعده، لأن الوقوع على الأرض لا بد منه، فيعفى عنه كما يعفى عن الذبح في غير المذبح عند التعذر، وكما أن الصيد لو كان قائما فوقع على جنبه لما أصابه السهم وقال مالك: إن مات بعد وقوعه على الأرض لم يحل، والارتجاف قليلا بعد إصابة السهم لا يضر، لأنه كالوقوع على الأرض، فلو تدحرج من الجبل من جنب إلى جنب لم يضر، لأن ذلك مما لا يؤثر مثله في التلف، فلو رمى بسهم إلى صيد في الهواء فكسر جناحه، ولم يجرحه فوقع فمات، فهو حرام، لأنه لم يصبه جرح يحال الموت عليه، فلو كان الجرح خفيفا لا يؤثر مثله ولكنه عطل جناحيه فوقع فمات فهو حرام، قاله الإمام.
ولو وقع الصيد من الهواء بعدما أصابه السهم وجرحه في بئر نظر فإن كان فيها ماء، فهو حرام، وإن لم يكن فالصيد حلال، لأن قعر البئر كالأرض. ولكن الفرض فيما إذا لم يصادمه جدران البئر. ومنها لو كان الصيد واقفا على شجرة، فأصابه السهم فجرحه، فوقع على الأرض، فهو حلال. وإن وقع على غصن أو أغصان، ثم على الأرض لم يحل. وليس الانصدام بالأغصان أو بأحرف الجبل عند التردي من القلة، كالانصدام بالأرض فإن ذلك الانصدام ليس بلازم ولا غالب، والانصدام بالأرض لا بد منه، وللإمام احتمالان في الصورتين لكثرة وقوع الطيور على الأشجار، والانصدام بأطراف الجبال إذا كان الصيد بالجبل.
ومنها لو رمى إلى طير الماء، نظر إن كان على وجه الماء فأصابه السهم فجرحه فمات فهو حلال، والماء له كالأرض وإن كان خارج الماء ووقع في الماء، بعدما أصابه السهم، ففيه وجهان، مذكوران في الحاوي، أحدهما: أنه حرام، لأن الماء بعد الجرح، يعين على التلف والثاني: أنه حلال، لأن الماء لا يغرقه، لأنه لا يفارق الماء غالبا. ووقوعه في الماء كوقوع غيره على الأرض، وهذا هو الراجح.
وذكر في التهذيب، أن الصيد إذا كان في هواء البحر، نظر إن كان الرامي في البر، لم يحل وإن كان في البحر حل فإن كان الطائر خارج الماء، ووقع فيه بعدما أصابه السهم، ففي حله وجهان. قطع البغوي، في التهذيب، والشيخ أبو محمد في المختصر، بالحل. وجميع ما ذكرنا فيما إذا لم ينته الصيد بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح، فإن انتهى إليها بقطع الحلقوم أو المريء أو غيره، فقد تمت ذكاته، ولا أثر لما يعرض بعد ذلك.
ومنها لو جرح الصيد جرحا لم يقتله، ثم غاب فوجده بعد ذلك ميتا، قيل يحل وقيل لا يحل، والأول أصح، لكن يشترط أن ينتهي الصيد بتلك الجراحة إلى حركة المذبوح ولا أثر لغيبته فإن لم ينته إلى حركة المذبوح، فإن وجد في ماء، أو وجد عليه أثر صدمة، أو جراحة أخرى لم