الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو منصور الديلمي من حديث أنس رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يقعن أحدكم على أهله كما يقع الحمار وليكن بينهما رسول» قالوا: وما الرسول؟ قال: «القبلة والكلام اللين» .
وفي الحديث: «إذا أراد الله بعبد سوءا أمسك عليه ذنوبه حتى يوافيه يوم القيامة كأنه عير» «1» . شبه لعظم ذنوبه بالحمار الوحشي، وقيل: أراد الجبل الذي بالمدينة اسمه عير وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرهه، فكان يضرب به المثل في المكروهات غالبا. وعير العين جفنها قال الشاعر:
زعموا أن كلّ من ضرب العير
…
موال لنا وأنّى الولاء
قال أبو عمرو بن العلاء: ذهب من كان يعرف معنى هذا البيت.
فائدة
: روي أن خالد بن سنان العبسي، لما حضرته الوفاة، قال لقومه: إذا أنا دفنت فإنه سيجيء عانة من حمير يقدمها عير فيضرب قبري بحافره، فإذا أنتم رأيتم ذلك فانبشوا عني فإني سأخرج فأخبركم بعلم الأولين والآخرين، فلما مات واتفق ما قاله لقومه أرادوا أن يخرجوه، فكره ذلك بعض ولده وقالوا: إنا نخاف أن ينسب إلينا إنا نبشنا قبر أبينا. ولو فعلوا لخرج إليهم وأخبرهم لكن أراد الله غير ذلك. وقد تقدم أن ابنته أتت النبي صلى الله عليه وسلم فبسط لها رداءه وقال لها: أهلا ببنت خير نبي أو نحو ذلك. وروي أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ
«2» فقالت:
كأن أبي يقرأ هذا. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ذاك نبي أضاعه قومه» . وقال الشاعر يهجو رجلا:
لو كنت سيفا كنت غير عضب
…
أو كنت ماء كنت غير عذب
أو كنت لحما كنت لحم كلب
…
أو كنت عيرا كنت غير ندب
أي غير صريع في الحاجات.
الأمثال
: قالت العرب: «معيوراء تكادم الأعيار» «3» جمع عير، والتكادم التعارض، يضرب مثلا للسفهاء تتهارش. وقالوا «4» :«نجي عيرا سمنه» قال أبو زيد: زعموا أن حمرا كانت هزالا فهلكت في جدب، ونجا منها حمار، كان سمينا فضرب به المثل في الحزم قبل وقوع الأمر. أي انج قبل أن لا تقدر على ذلك. ويضرب أيضا لمن خلصه ماله من مكروه. وقالت العرب: قد حيل بين العير والنزوان يضرب لمن أيس منه. قال «5» الشاعر:
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه
…
وقد حيل بين العير والنزوان
وذكر ابن خلكان في ترجمة أبي أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري من ذلك شيئا ينبغي الوقوف عليه. قال: كان الصاحب بن عباد يود الاجتماع بأبي أحمد العسكري ولا يجد إليه سبيلا، فقال لمخدومه مؤيد الدولة بن بويه: إن عسكر مكرم قد اختلت أحوالها وأحتاج إلى أن أكشفها بنفسي، فأذن له في ذلك فلما أتاها توقع أن يزوره أبو أحمد المذكور فلم يزره فكتب
الصاحب إليه «1» :
ولما أبيتم أن تزوروا وقلتم
…
ضعفنا فلم نقدر على الوخدان
أتيناكم من بعض أرض نزوركم
…
وكم منزل بكر لنا وعوان
نسائلكم هل من قرى لنزيلكم
…
بملء جفون لا بملء جفان
وكتب مع هذه الأبيات شيئا من النثر، فجاوبه أبو أحمد عن النثر بنثر مثله وعن هذه الأبيات بالبيت المشهور وهو:
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه
…
وقد حيل بين العير والنزوان
فلما وقف الصاحب على الجواب، عجب من اتفاق هذا البيت له، وقال: والله لو علمت أنه يقع له هذا البيت، لما كتبت إليه على هذا الروي. وهذا البيت لصخر أخي الخنساء. وهو من جملة أبيات مشهورة. وكان صخر المذكور قد حضر محاربة بني أسد، فطعنه ربيعة بن ثور الأسدي فأدخل بعض حلقات الدرع في جنبه، وبقي مدة حول في أشد ما يكون من المرض، وأمه وزوجته سليمى يمرضانه. فضجرت زوجته منه، فمرت بها امرأة فسألتها عن حاله، فقالت: لا هو حي فيرجى ولا ميت فينسى فسمعها صخر فأنشد «2» :
أرى أم صخر لا تمل عيادتي
…
وملت سليمى مضجعي ومكاني
وما كنت أخشى أن أكون جنازة
…
عليك ومن يغتر بالحدثان
لعمري لقد نبهت من كان نائما
…
وأسمعت من كانت له أذنان
وأي امرىء ساوى بأم حليلة
…
فلا عاش إلا شقا وهوان
أهم بأمر الحزم لو أستطيعه
…
وقد حيل بين العير والنزوان
فللموت خير من حياة كأنها
…
معرس يعسوب برأس سنان
وقالوا: «كل شواء العير جوفان» «3» ، قيل: اجتمع فزاري وثعلبي وكلبي في سفر، فاشتووا حمارا وحشيا، فغاب الفزاري في بعض حاجاته، فأكل صاحباه العير، واختبآ له غرموله، فلما جاء قدماه له وقالا: هذا قد اختبأناه لك، فجعل يأكل ولا يسيغه فضحكا منه، فاخترط سيفه وقال:
لأقتلنكما إن لم تأكلاه! فأبى أحدهما، فضربه بالسيف، فأبان رأسه. وكان اسمه مرقمة، فقال صاحبه: طاح مرقمة! فقال الفزاري: وأنت إن لم تلقمه أراد إن لم تلقمها طرحت رأسك. وقد عيرت فزارة بهذا الخبر حتى قال سالم بن دارة في ذلك «4» :
لا تأمنن فزاريا خلوت به
…
على قلوصك واكتبها بأسيار
لا تأمننه ولا تأمن بوائقه
…
بعد الذي امتل اير العير بالنار
أطعمتم الضيف جوفانا مخاتلة
…
فلا سقاكم إلهي الخالق الباري