المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عود إلي غنائم هوازن - خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم - جـ ٣

[محمد أبو زهرة]

فهرس الكتاب

- ‌ الجزء الثالث

- ‌رسائله صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌إلى خيبر

- ‌القائد حامل الراية:

- ‌الصلح والغنائم

- ‌خيانة وجزاؤها:

- ‌الأرض والنخيل:

- ‌فدك

- ‌حوادث ذات مغزى في خيبر

- ‌منها أمر الأسود الراعى:

- ‌ومنها قصة أعرابى يجاهد ويرد المغنم:

- ‌مؤمن يتحايل لماله بمكة المكرمة:

- ‌زواج النبي صلي الله تعالي عليه وسلم بأم المؤمنين صفية

- ‌غدر وسماحة

- ‌قدوم جعفر بن أبى طالب ومن معه من المهاجرين

- ‌وادى القرى

- ‌صلح تيماء

- ‌إجلاء عمر لليهود

- ‌الأحكام الشرعية التى تقررت في خيبر

- ‌إباحة المزارعة والمساقاة:

- ‌تحريم أكل لحم الحمر الإنسية:

- ‌تحريم سباع البهائم:

- ‌تحريم وطء الحبالى من السبايا وغيرهن:

- ‌قسمة الغنائم ومالا تقسم منها ووقتها:

- ‌الأمانة واجبة مع الأعداء:

- ‌النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تفوته الصلاة:

- ‌تحريم المتعة في خيبر

- ‌حقيقة المتعة:

- ‌وتختص بالأحكام الآتية:

- ‌نهى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عن المتعة:

- ‌تحريم ربا البيوع

- ‌الحكمة فى تحريم البيوع فيها إلا بالمثل:

- ‌علة القياس فى الأموال الربوية:

- ‌تنبيهات:

- ‌شرعية الجزية

- ‌صحيفة مكذوبة:

- ‌الجزية التى كان يأخذها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم:

- ‌وخلاصة عقد الذمة أنه تضمن:

- ‌سرايا بعد خيبر

- ‌سرية أبى بكر الصديق إلى فزارة

- ‌سرية عمر بن الخطاب

- ‌سرية عبد الله بن رواحة إلى يسير اليهودى

- ‌سرية بشير بن سعد إلى بنى مرة من فدك

- ‌سرية أبي حدود

- ‌عمرة القضاء

- ‌عمرة القضاء فى القرآن الكريم

- ‌حكم شرعى فى عمرة القضاء

- ‌سرية ابن أبى العوجاء السلمى

- ‌إسلام خالد بن الوليد

- ‌إسلام عمرو بن العاص

- ‌سرايا للتعرف في البلاد

- ‌إلي بني قضاعة

- ‌غزوة مؤتة

- ‌نتيجة الغزوة

- ‌سرية ذات السلاسل

- ‌سرية أبي عبيدة

- ‌سرية أبي قتادة

- ‌انتشار الإسلام فى البلاد العربية

- ‌بعث الرسائل إلى الملوك

- ‌كتابه إلى هرقل وأثره

- ‌كتابه إلي كسري ملك الفرس

- ‌كتابه إلى النجاشى

- ‌كتاب رسول الله صلي الله تعالى عليه وسلم إلى المقوقس

- ‌كتابه إلى المنذر بن ساوى

- ‌الكتاب إلى ملك عمان

- ‌كتابه عليه الصلاة والسلام إلى صاحب اليمامة

- ‌الذمى

- ‌الفتح المبين

- ‌نقض قريش لصلح الحديبية:

- ‌ذل الغدر

- ‌الاستعداد للفتح

- ‌خروج الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌قريش تتحسس الأخبار

- ‌اللقاء

- ‌دخول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مكة المكرمة:

- ‌إسلام أبى قحافة:

- ‌قتال فى جوانب من مكة المكرمة:

- ‌دخول النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المسجد الحرام:

- ‌العفو الكريم الشامل:

- ‌الأمان العام:

- ‌الأنصار يتوهمون أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يعود إلى مكة المكرمة

- ‌حرمة مكة المكرمة

- ‌محطم الأوثان

- ‌بعثة خالد بن الوليد إلى جذيمة

- ‌مدة إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة المكرمة

- ‌أحكام فقهية شرعت فى الفتح

- ‌مكة المكرمة وما يحرم فيها:

- ‌دية شبه العمد

- ‌الميراث بين المسلم والكافر

- ‌الولد للفراش

- ‌قطع اليد

- ‌المتعة وتحريمها

- ‌المبايعة على الإسلام

- ‌نفقة الزوجة

- ‌حكم الهجرة بعد الفتح

- ‌ملكية أرض مكة المكرمة

- ‌سب النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌غزوة هوازن

- ‌ابتداء المعركة:

- ‌الانهزام ثم الانتصار:

- ‌الانتهاء بالهزيمة الساحقة:

- ‌ أوطاس

- ‌ثمرات المعركة

- ‌موجدة الأنصار

- ‌الشفاعة في الغنائم بعد توزيعها

- ‌أحكام شرعية في غزوة حنين

- ‌العارية المضمونة:

- ‌عطاء المؤلفة قلوبهم من غنيمة هوازن

- ‌تبادل الرقيق بالحيوان

- ‌غزوة الطائف

- ‌عود إلي غنائم هوازن

- ‌عمرة الجعرانة

- ‌قدوم كعب بن زهير

- ‌السرايا بعد هوازن

- ‌سرية الضحاك بن سفيان:

- ‌سرية قطبة بن عامر:

- ‌سرية علقمة بن محرز:

- ‌سرية على بن أبى طالب لهدم صنم طيئ:

- ‌غزوة تبوك

- ‌الحال عند الغزو:

- ‌المسير

- ‌وصول رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم إلى تبوك وخطبته

- ‌نتائج تبوك

- ‌كتاب قيصر إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌مصالحته عليه الصلاة والسلام ملك أيلة:

- ‌سرية خالد إلى أكيدر دومة

- ‌عودة المسلمين من تبوك

- ‌القائد يرعى جنده حيا وميتا:

- ‌عصمة الله تعالى لنبيه صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌مسجد الضرار

- ‌الثلاثة الذين خلفوا

- ‌العبرة والتربية:

- ‌سبعة ربطوا أنفسهم بأعمدة المسجد

- ‌الوفود

- ‌وفد مزينة

- ‌وفد بنى تميم

- ‌وفد ثقيف

- ‌وفد بني عامر

- ‌وفد عبد القيس

- ‌وفد بنى حنيفة

- ‌وفد طيىء

- ‌وفد كندة

- ‌وفد الأشعريين وأهل اليمن

- ‌غدا نلقى الأحبة…محمدا وصحبه

- ‌وفد الأزد

- ‌وفد بني الحارث بن كعب

- ‌وفد همذان

- ‌قدوم وفد دوس

- ‌قدوم رسول ملوك حمير

- ‌671- كتاب آخر لليمن:

- ‌وفد نجران

- ‌ما يدل عليه أمر هذا الوفد

- ‌الإذعان والإيمان:

- ‌قدوم وفد بنى سعد بن بكر

- ‌وفد تجيب

- ‌وفد بنى سعد من قضاعة

- ‌وفد فزارة

- ‌وفد بهراء

- ‌قدوم وفد عذرة

- ‌وفد بلى

- ‌وفد ذى مرة

- ‌وفد خولان

- ‌وفد محارب

- ‌وفد صداء

- ‌قدوم وفد سلامان

- ‌وفد غامد

- ‌وفد الأزد

- ‌قدوم وائل بن حجر

- ‌وفد النخع

- ‌المغزى فى هذه الوفود

- ‌بعث معاذ بن جبل

- ‌بعث علي رضى الله عنه

- ‌وننبه هنا إلى أمور ثلاثة يوجب الحق التنبيه إليها:

- ‌أولها:

- ‌ثانيها:

- ‌ثالثها:

- ‌تولية على قضاء اليمن:

- ‌بعث الصديق ليكون أمير الحج

- ‌تنبيهان لا بد منهما:

- ‌697- التنبيه الأول:

- ‌التنبيه الثاني:

- ‌سورة براءة

- ‌ما اشتملت عليه سورة براءة:

- ‌غزوة تبوك فى سورة براءة:

- ‌لمز المنافقين فى الصدقات وغيرها:

- ‌جهاد النفاق والكفر:

- ‌أعذار النفاق:

- ‌ما بين الإيمان والضعف والنفاق:

- ‌بعض ما في سورة براءة من حكم وعبر

- ‌انتشار الدعوة الإسلامية

- ‌الحديبية:

- ‌حجة الوداع

- ‌الخروج لحجة البلاغ، وما قام به من مناسك:

- ‌الأماكن التى نزلها، والأدعية التى ذكرها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌دعاؤه صلى الله تعالى عليه وسلم فى عرفة:

- ‌العودة إلى المدينة المنورة

- ‌الوداع بعد التمام

- ‌بعث أسامة بن زيد

- ‌بعث اسامة إلى أرض فلسطين:

- ‌الوداع

- ‌أولها:

- ‌الأمر الثانى:

- ‌الأمر الثالث:

- ‌توديعه لابنته:

- ‌إنك ميت وإنهم ميتون

- ‌صلاة أبى بكر:

- ‌لكل أجل كتاب:

- ‌غسل الجثمان الطاهر ودفنه:

- ‌تركة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌زوجات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم

- ‌زواجه عليه الصلاة والسلام ببقية نسائه:

- ‌العبرة

- ‌أما بعد

- ‌فهرس المحتويات

- ‌المجلد الأول

- ‌المجلد الثانى

- ‌المجلد الثالث

الفصل: ‌عود إلي غنائم هوازن

عندما جاء ذلك الكتاب إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سر سرورا لا حد له، لأنهم جاؤه مسلمين، ولم تكن حرب تخرب الديار، وأمر بأن ينادى: الصلاة جامعة، فقرأ على المسلمين كتاب صخر، ثم دعا لقبيلة أحمس التى منها صخر هذا، وقال عشر مرات:«اللهم بارك لأحمس فى خيلها ورجالها» .

ولقد جاء صخر هذا ببعض ثقيف، ولكن لم يكن هو الوفد الذى جاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد ذكرنا أننا سنتكلم فى وفد ثقيف من بعد عند الكلام فى الوفود فى سنة الوفود.

‌عود إلي غنائم هوازن

632-

تكلمنا فى توزيع غنائم هوازن، ولعلها كانت أكبر غنائم غنمها من العرب، أو لعلها تماثل غنائم خيبر أو تقاربها، وفعلنا ذلك عقب هزيمة هوازن، ولكن لم نسر سيرا زمانيا، لأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يوزعها إلا بعد الانتهاء من حرب الطائف، فلم ننتظر حتى يجيء الزمان الذى وزعها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فيه، بل ذكرنا توزيعها فور الانتهاء منها.

والآن نبين زمان التوزيع، وإن كان متأخرا عن الغزوة لرأى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.

وقد ذكرنا ما أعطاه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المؤلفة قلوبهم، ولم يكن فى المؤلفة قلوبهم أحد من بنى عبد المطلب قط، فلم يكن فيهم العباس، ولا أولاد الحارث بن عبد المطلب ولا غيرهم ممن ثبتوا مع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم هم وأبو بكر وعمر ولم يثبت أحد غيرهم، ولم يجد أحد من المهاجرين فى نفسه شيئا، لأنهم يريدون عز الإسلام، ولا يريدون مالا ولا نسبا بل يريدون عزة الإسلام، فلم يجد فى نفسه أبو عبيدة، ولا عبد الرحمن بن عوف، ولا غير هؤلاء.

ولكن وجد الأنصار فى أنفسهم موجدة لا من أجل المال، ولكنهم حسبوا أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، نسيهم بقومه إذ التقى بهم، فقد كان الأنصار الذين آووا ونصروا لا يريدون المال، ولكن يريدون الرسول عليه الصلاة والسلام ذاته، يريدونه هم والمهاجرون، يريدون بقاء محبته لهم.

هؤلاء الأنصار كانوا أطهارا حتى فى موجدتهم، ولكن وجد ناس ليسوا مهاجرين ولا أنصارا، وليست الدعوة الإسلامية فى حسابهم، ولا تأليف القلوب التى لا يدخلها الإيمان فى نفوسهم قد تكلموا فى هذا ناكرين مما يدل على أنهم لم يكونوا أنصارا بل كانوا منافقين، وعدهم القرآن الكريم منهم.

لقد أعطى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم المؤلفة، فقام ذو الخويصرة من بنى تميم، فقال للنبى صلى الله عليه وسلم: يا محمد لقد رأيت ما صنعت فى هذا اليوم، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه

ص: 938

وسلم: فما رأيت؟ قال: لم أرك عدلت- فغضب النبى صلى الله عليه وسلم ولكنها غضبة الرفيق الحكيم، فقال: ويحك إذا لم يكن العدل عندى، فعند من يكون؟.

فقال عمر بن الخطاب: ألا نقتله؟ فقال الهادى الأمين صلى الله تعالى عليه وسلم: دعوه فإنه سيكون له شيعة، يتعسفون فى الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية.

وإن قائل هذا القول لا يمكن أن يكون مؤمنا، كما يبدو من لحن قوله فهو يقول فى ندائه للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله: يا محمد، ولم يقل يا رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكذلك قال قوله واحد مثله، فقد رأى بلالا فى ثوبه مال يوزعه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فقال اعدل يا محمد فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم «ويلك من يعدل إذا لم أكن أعدل، لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل» .

فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، أفأقتل هذا الرجل؟

فقال الرسول الحكيم صلى الله تعالى عليه وسلم «معاذ الله أن يتحدث الناس أنى أقتل أصحابى، إن هذا وأصحابه يقرأون القرآن الكريم لا يتجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية» .

ولقد بلغه أن بعض الناس عندما أعطى رسول الله المؤلفة قلوبهم قال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، قال:«رحم الله تعالى موسى، لقد أوذى بأكثر من ذلك» وهذه إشارة إلى قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا، وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً.

وأن هؤلاء أساس كلامهم، وإن كنت أحسب أنهم جميعا لم يدخل الإيمان قلوبهم، وهم من الأعراب الذين قال الله فيهم: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً، وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ (التوبة: 97) .

لقد فهموا خطأ طواعية لأهوائهم ومطامعهم، أن كل من حضر القتال له حق فيها يساوى غيره ممن حضروا، وظنوا أن هذه المساواة عادلة، وأخطأوا إذ أن المساواة قد تكون ظلما، فالمساواة بين العامل المجاهد، ومن وقف ينتظر النتيجة تكون لأى الفريقين تكون ظلما.

وفهموا خطأ أن الذين يحضرون الحرب فى الغنيمة لهم حقوق، وأن من يحول بينهم وبين ما زعموه حقا لهم يكون قد ظلمهم، وتلك أوهام قد أوجدتها المطالع، وهى باطلة، إن النبى صلى الله تعالى

ص: 939

عليه وسلم قد وضع الله تحت تصرفه خمس الغنيمة، والغنائم كلها تحت تصرف النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، يقيم القسطاس والعدل والرحمة فيها، ألم تره عندما رأى الرحمة ونظام الإسلام أن ترد السبايا إلى أهلهن، وأن يطلق سراحهن نفذ ذلك، وقد صارت السبايا إلى من هى فى أيديهن، فنزعها منهم بحكمته، قدمها المؤمنون طوعا واختيارا واتباعا للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ونفذها على بنى عبد المطلب، ولم يحاول أن يأخذ بغير رضا منهم ومن امتنع من المسلمين الذين لم يدخل الإيمان قلوبهم حملهم على رد السبايا وعوضهم.

فالغنائم كلها فى يده يتصرف فيها بما توجب النبوة والدعوة الإسلامية، والرحمة والعدل الإسلامى، لا طلب الأهواء الذى هو الظلم ذاته.

لقد وجد أن الدعوة الإسلامية توجب تأليف قلوب، لهم فى قومهم منزلة وليس لهم فى الإسلام جهاد ولم يدخل الإيمان قلوبهم، وقد أكلتهم الضغينة وقتل الجهاد والمجاهدون من قتل منهم، ويريد تأليفهم إلى الإسلام، ونسيان الإحن، فأعطى أبا سفيان وأولاده، وأعطى الأقرع بن حابس وغيره. لقد قال بعض أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: أعطيت الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، وتركت جعيل بن سراقة الضمرى، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مبينا سبب العطاء، وهو لم يمنع أحدا حقا له:

«أما والذى نفس محمد بيده لجعيل خير من مثل عيينة والأقرع، ولكن تألفتهما ليسلما، ووكلت جعيل بن سراقة لإسلامه» .

هذا هو أساس العطاء، وهؤلاء نظروا إلى الأموال، ولم ينظروا إلى واجب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى نشر الدعوة، وما يراه طريقا لتأليف القلوب.

وإن قوله تعالي: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ، فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا، وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (التوبة- 58) فهذه الآية نزلت فى المنافقين، والذين اعترضوا كانوا من الأعراب الذين هم أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً، وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ

(التوبة- 97) .

وما كان الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم ليخضع فى أمر الدعوة ومقتضياتها لناس حديثى عهد بجاهلية، وحسبه أن يكون معه المهاجرون والأنصار، والذين أخلصوا دينهم لله سبحانه وتعالى.

ص: 940