الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفد الأزد
688-
ذكر خبر الوفد أبو نعيم فى كتابه معرفة الصحابة بسنده وأبو الحافظ بسنده، وقالوا إنه قدم هذا الوفد على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مؤمنا، فدخلوا عليه، فأعجب رسول الله صلى الله تعالي عليه وسلم سمتهم وزيهم، فقال: من أنتم؟ قالوا قوم مؤمنون فتبسم عليه الصلاة والسلام، فقال: إن لكل قول حقيقة فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟.
قالوا خمس عشرة خصلة خمس منها جاء بها رسلك بأن نؤمن بها، وخمس أمرتنا أن نعمل بها، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية.
قال عليه الصلاة والسلام: فما الخمس التي أمرتكم بها رسلي أن تؤمنوا بها؟ قالوا أمرتنا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وأن نؤمن بالقدر خيره وشره، قال عليه الصلاة والسلام ما الخمس التى أمرتكم أن تعملوا بها؟ قالوا قد أمرتنا؟ أن نقول. لا إله إلا الله، ونقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، ونحج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلا، فقال عليه الصلاة والسلام وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية؟ فقالوا، الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والرضا بالقضاء، والصدق في مواطن اللقاء، وترك الشماتة بالأعداء.
فقال رسول الله صلي الله تعالى عليه وسلم: «حكماء علماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء» وإني أزيدكم فتتم لكم عشرون خصلة إن كنتم كما تقولون، لا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا فى شئ أنتم عنه غدا تزولون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون، وعليه تعرضون، وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخالدون» .
هذا وفد مؤمن حكيم، قد انصرفوا بعد أن أخذوا وصايا النبي صلي الله تعالي عليه وسلم، وعملوا بها، وتعهدوا بالأخذ بأحكام الإسلام، وبما به أمر، وما عنه نهي وأقاموا الخلق الكريم، والمعروف الذي تؤيده الأخلاق.
قدوم وائل بن حجر
689-
قال ابن عبد البر: إن وائل بن ربيعة كان أحد أقيال حضر موت وقد وفد إلي النبى صلى الله تعالي عليه وسلم عند قدومه، وبشر قبل مقدمه فقد قال عليه الصلاة والسلام قبل مقدمه. يأتيكم بقية أبناء الملوك، فلما دخل عليه رحب به، وأدناه من نفسه، وقرب مجلسه وبسط له رداءه، وقد جاء إليه
مسلما معلنا إسلام من وراءه من أتباعه فى اليمن، ورأي فيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم خيرا، فدعا له بخير، وقال فى دعائه:«اللهم بارك في وائل وولده، وولد ولده» .
وعلي طريقة النبي صلي الله تعالي عليه وسلم جعله واليا على الأقيال من حضر موت، وكتب كتبا بهذه الولاية، وكما يقول الحافظ ابن كثير، منها كتاب إلي المهاجر بن أمية، وكتاب إلي الأقيال والعباهلة.
ولقد أقطعه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أرضا من أرض الجنوب وهو إقطاع منفعة، لا إقطاع ملك، علي مال يقدمه لبيت المال.
وذلك لأن هذه أراض نائية عن أراضى المدينة المنورة، فلا يمكن أن يشرف عليها الإمام بالمدينة المنورة بنفسه، فيعطيها من يديرها، علي خرج يقدمه، كأجرة لها، أو يكون من بعضها.
ولما انصرف من حضرة النبي صلي الله تعالى عليه وسلم أرسل معه معاوية بن أبى سفيان، وسارا فى هذه الشقة البعيدة وهو راكب، ومعاوية راجل، فشكا معاوية حر الرمضاء، فقال في شكواه. انتعل ظل الناقة (أي لا ظل لها يستظل بها) ويغني عني ذلك، لو جعلتنى ردفا.
فقال وائل: اسكت، فلست من أرداف الملوك.
ولعل النبي صلي الله تعالى عليه وسلم أرسله مع ذلك القيل العنيف، ليري معاوية إذلال الملوك لمن معهم، فيكون رفيقا عندما يحول الخلافة إلي ملك عضوض، ويسير سير الملوك.
ومن العبر أن وائلا هذا عاش حتي آل الأمر إلي معاوية، وجعله ملكا عضوضا، يعض عليه بالنواجذ، يروى أن وائلا قدم علي معاوية، وهو علي هذه الحال، فعرفه معاوية وقربه وذكره بالرحلة التي كانت لهما، ثم عرض عليه جائزة سنية، فأبى أن يأخذها، وقال: أعطها لمن هو أحوج إليها مني.
وإن ذلك الرد عندي أعنف من رده عندما طلب أن يردفه، لأن مؤدي هذا الرد، أنك تعطي لتقرب وتدني، وتسكت الألسنة، ولتعالى اسمك بين الناس، والأولى بالعطاء المحتاج، وإن ذلك شأن الذين يبنون حكمهم علي شراء الألسنة، وإدناء ذوي السلطان، وعدم الالتفات إلي بر المحتاجين والضعفاء والمساكين يجعلون عطاياهم اتجارا، وصدقاتهم افتخارا.