الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما حلت لى ساعة من زمان، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليعلم الشاهد فيكم الغائب» .
وكلام النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ليبين للناس حرمة مكة المكرمة الدائمة وإنه ليعرف الناس فجور الأمويين، وأتباعهم الذين رموا الكعبة الشريفة بالمنجنيق، فارتكبوا ما كان الجاهليون يتعففون عنه، فهم أشد جرما ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.
محطم الأوثان
604-
اتجه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم من بعد أن خضعت قريش راضية أو راهبة إلى تجديد بعض أجزاء البيت، فأمر أبا أسيد الخزاعى بذلك.
ولم ينغص على أحد نفسه، بل أخذ منهم الظاهر، وترك لهم ما بطن، ويروى البيهقى أن أبا سفيان كانت تحدثه نفسه أن يثير القتال بينه وبين النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وهو حديث لم يتكلم به ولم يطلع عليه أحدا وإذا بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم يقول له:«ليخزينك الله» وكان كأنه يحدث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم فى حديث بينهما، فقال أبو سفيان:
لا يعلم هذا أحد وإن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم يمر على الأصنام فيغمزها بقوسه، فتتساقط، وهو يقول:«جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا» وقد ذكرنا ذلك.
ولكنه لم يكتف بما صنع هو، فقد أرسل رجاله سرايا إلى أماكن الأوثان، فحطموا ما حول الكعبة الشريفة، ثم حطموا ما هو خارجها، فكسرت اللات والعزى ومناة الثالثة الآخرى ونادى فى أهل مكة المكرمة:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يدع فى بيته صنما إلا كسره» وصار الذين دخلوا فى الإسلام يتسابقون فى كسر ما تحت أيديهم من الأوثان، وبعث خالد بن الوليد إلى العزى لخمس بقين من شهر رمضان ليهدمها فخرج إليها فى ثلاثين رجلا حتى لا يكون من يستطيع مقاومتهم فهدمها.
ويقول الرواة إنه رجع إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبره فقال هل رأيت شيئا قال:
لا. قال فارجع إليها، فإنك لم تهدمها، فرجع خالد وهو متغيظ، فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عارية سوداء ناشرة شعر رأسها، فجعل السادن يصيح بها، فضربها خالد فقتلها، وجاء إلى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وأخبره، فقال له الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم نعم تلك العزى وقد أيست أن تعبد
فى بلادكم ويظهر أن هذه المرأة كانت تختفى وخالد لم يكن يراها، فلما رفع سيفه واعتقدت أنها لا محالة ظاهرة، ظهرت فقتلها.
وكانت بنخلة، وكانت قريش، وبنو كنانة، وكانت أعظم أصنامهم، وكان سدنتها من بنى شيبان.
ثم بعث عمرو بن العاص، إلى سواع، وهو صنم لهذيل ليهدمه، فانتهى إليه، وعنده السادن، قال: ما تريد؟.
قال: أمرنى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن أهدمه.
قال لا تقدر على ذلك، قال ولم؟ قال: تمنع. قال عمرو: حتى الآن أنت على الباطل ويحك فهل يسمع أو يبصر، فدنا منه فكسره، وأمر عمرو أصحابه أن يهدموه ثم قال عمرو للسادن:
كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله تعالى.
وهذا يثبت أن إيمانهم بهذه الأصنام مبنى على وهم توهموه فيها، فلما انكشف لهم كفروا بها.
وبعث سعد بن زيد الأشهلي، إلى مناة عند القديد، وكانت صنما للأوس والخزرج وغسان وغيرهم ممن يجاورون الشام أو فى طريقه.
فخرج سعد فى عشرين فارسا، حتى انتهى إليها وعندها سادن.
فقال السادن ماذا تريد؟ قال سعد هدم مناة، فقال أنت وذاك، وكأنه يتحداه، فأقبل سعد يمشى إليها، فخرجت إليه امرأة عارية سوداء وثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها فضربها سعد، فقتلها، وأقبل إلى الصنم فهدمه وكسره، ولم يجدوا فى خزائنه شيئا.
هذه عزمة قوية من محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، أزال بها ما كانوا يعبدونه من أحجار لا تضر ولا تنفع، وفعل ما فعله جده إبراهيم الخليل عليه السلام، فجعلهم جذاذا، ولم يبق كبيرا لهم، لأنه لا كبير يبقى أمام معول محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد جعلها جذاذا بعد أن فقدت الأوهام التى كانت تحيط بالنفس العربية حولها.
وبذلك انتهت دولة الأوثان فى البلاد العربية، ولقد رآها الذين كانوا يعبدونها، لا تدفع محطمها، ولا تمنعه، إذ هى لا تملك لنفسها نفعا، ولا ضرا وقد يئس الشيطان من بعدها أن يعبد فى بلاد العرب.