الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فئتين التقتافئة تقاتل فى سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين، والله يؤيد بنصره من يشاء إن فى ذلك لعبرة لأولى الأبصار» .
وإننا نرى أن هذا يشبه ما قرره الله تعالى من أن عشرين صابرين يغلبوا مائتين، وأن مائة صابرة تغلب ألفا، وأنه عند قوة الإيمان وقوة الصبر يكون المؤمن الصابر يغلب مائة.
وقد كان ثلاثة آلاف قد غلبوا مائتى ألف، وصدق قول الله تعالى:«يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال، إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا، بأنهم قوم لا يفقهون» هذا هو الحق.
إن غزوة مؤتة أول غزوة تخرج عن دائرة الجزيرة العربية إلى دائرة أراض تحت سلطان الرومان، فإذا كانت النتائج تكون على هذه الشاكلة، فإن النصر سيكون لجيش الحق بإذن الله تعالى، وقد كان، فكانت اليرموك وما بعدها فى عهد الراشدين، فكانوا يفرون كما تفر الشاة أمام الأسود.
وإذا كانت بدر أول انتصار فى الأرض العربية، فمؤتة أول انتصار مؤزر خارج الجزيرة العربية، وهو ابتداء ليس له انتهاء أو مبتدأ له خبر.
سرية ذات السلاسل
573-
عندما أرسل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بلاد الشام سرية من ثلاثة آلاف لمنع فتنة الرومان للمسلمين، ولتأديب الغساسنة الذين قتلوا رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأقبل الرومان فى جيش بلغ تعداده مائة ألف، وانضم من أعراب الشمال من لخم وجذام وطييء وغيرهم مما ضاعف البلاء على المسلمين، ولكن كانت الغالبة، فكانت الفئة التى تقاتل فى سبيل الله هى الغالبة، وقد ذكرنا ذلك.
ما كان للنبى صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه أن يتركوا هؤلاء الأعراب من غير تأديب، وكما قال الله تعالى: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ (التوبة- 97) فكان لا بد أن يمنعهم من أن يسترسلوا فى الشر.
أرسل عمرو بن العاص يستنفر العرب ليستميلهم إليه بذرابة لسانه، وقد رأى عمرو رجلا ألكن لم يستطع بيانا، فقال رضى الله عنه: سبحان الله خالق لسان هذا هو خالق لسان عمرو بن العاص. ولأنه كما قيل كانت له صلة ببعض هؤلاء الأعراب، ومعه عدد قليل من المسلمين.
سار حتى وصل إلى جذام، ونزل ماء السلاسل.
ولكن لم يفلح فى استمالة أحد، ولم يكن كعبد الله بن رواحة يطلب من جيشه إحدى الحسنيين، ولذلك أرهبته كثرة عدوه، فلم يصنع شيئا، وأرسل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ليبعث إليه الرجال وبقى ينتظر المدد.
عندئذ بعث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم جيشا من المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر، والقائد أبو عبيدة عامر بن الجراح أمين هذه الأمة.
ولقد تحرك فى عمرو حب الرياسة التى ظهرت من بعد فى عهد عثمان عندما عزله، وفى عهد على التى تفرق بها وبغيرها أمر المسلمين.
قال لأبى عبيدة: إنما جئت مددا لى، وهو ما أرسل فى جيش من المهاجرين والأنصار، ولكن أرسل طليعة للتعرف والاستمالة.
وما كان من شأن أبى عبيدة أن يعطى رياسة الجند إلا بأمر الرسول لعمرو بن العاص الذى هو حديث عهد بالإسلام، ولكن أبا عبيدة لم يجابهه بأن الأمر له بل قال إجابة له لا، ولكنى على ما أنا عليه، وأنت على ما أنت.
ولكن عمرو أصر على قوله، وقال: أنت مددى.
وهنا بدت تقوى التقى المؤمن، فقال له: يا عمرو إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال لا تختلفا، وإنك إن عصيتنى أطعتك.
هذه صورة عمرو فى أول إسلامه، وهى صورته عند تولى الإمرة على مصر عندما عزله ذوالنورين عثمان بن عفان، لقد قال: كنت ألقى الراعى فأحرضه عليه. وهى صورته عندما اجتمع مع معاوية ضد إمام الهدى على لأنه يعلم أن عليا لن يعطيه إمرة فى شيء.
أخذ الجيش الإسلامى يطارد القبائل التى ظاهرت الروم، فتوغل الجيش الإسلامي، وكلما انتهى إلى قبيلة ولت الأدبار، ولم يصطدم إلا مرة واحدة، وانتهت بفرارهم.