الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفد النخع
690-
هذا آخر الوفود التي قدمت على النبى صلي الله تعالي عليه وسلم، قدموا عليه فى مائتي رجل وقد نزلوا فى دار الضيافة، وقد جاؤا مقرين بالإسلام، وكانوا قد بايعوا قبل ذلك معاذ بن جبل رضي الله تعالي عنه عندما ذهب إلي اليمن داعيا إلى الإسلام.
وجاؤا إلى النبي صلي الله تعالي عليه وسلم نائبين عن أقوامهم معلنين الطاعة مقرين خاضعين موالين مناصرين غير خارجين عن طاعة، مع بعد الديار.
وحادثوا النبي صلي الله تعالي عليه وسلم وأفضوا إليه بذات نفوسهم، وكان فيهم رجل يقال له زرارة بن عمرو، وكان رجلا مجلو النفس، قويا في دينه قد رأي رؤيا فأراد أن يذكرها للنبى صلى الله تعالي عليه وسلم ليتأول هذه الرؤيا.
قال: رأيت في سفري عجبا، وقص علي النبي صلي الله تعالي عليه وسلم رؤياه، وجاء فيما قص من الرؤيا أن قال: رأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان مدملجان، وسكتان، قال عليه الصلاة والسلام «ذلك ملك العرب، رجع إلى أحسن زيه وبهجته» .
ورأيت يا رسول الله: عجوزا شمطاء قد خرجت من الأرض. قال عليه الصلاة والسلام: تلك بقية الدنيا.
ورأيت يا رسول الله نارا خرجت من الأرض فحالت بينى وبين ابن لي يقال له عمرو، وهي تقول لظي لظي، بصير وأعمي، أطعموني أهلكم وأموالكم.
قال عليه الصلاة والسلام: تلك فتنة تكون في آخر الزمان.
قال: يا رسول الله، وما الفتنة؟ قال يقتل إمامهم. ويشتجرون اشتجار أطباق الأرض- وخالف رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أصابعه- يحسب المسئ فيها أنه محسن، ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحلي من شرب الماء إن مت أنت أدركها ابنك.
قال: ادع لي يا رسول الله ألا أدركها، فدعا له رسول الله صلى الله تعالي عليه وسلم، وأدركها ابنه، وكان ممن اشترك فى خلع ذي النورين عثمان.
هذا ما جاء في كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم، ولم يذكر له سندا، كما لم يذكر كتابا من كتب الصحاح أخذ عنه ذلك الخبر.
ولذلك نكل إليه أمر هذه الرواية.
ومهما يكن من صحة ما جاء بالنسبة للرؤيا وتأويلها، فإنه مما لا شك فيه أنه جاء وفد النخع إلي النبي صلي الله تعالي عليه وسلم، وأعلنوا إسلامهم وإسلام من وراءهم، وأنهم قد علموا الإسلام، وأن معاذ بن جبل علمهم أمور دينهم، وحفظهم بعض القرآن الكريم، فجاؤا إليه مؤمنين.
وإن إرسال معاذ بن جبل إليهم معلما للإسلام، ومحفظا للقرآن الكريم، يشير إلى أن النبي صلي الله تعالى عليه وسلم. ما كان يرسل سرايا للحروب فقط، بل كان (خصوصا بعد الحديبية) يرسل سرايا لتعليم الإسلام، ولمجرد الدعوة، ولكنهم كانوا مقاتلين، لا يحملون السيف إلا إذا امتنعوا عن الإسلام والعهد، والله سبحانه وتعالي حامي دينه، وحامي دعوته لمن أرادها.