الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولذلك بعث النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من بعد ذلك بعلى بن أبى طالب فلما دنا من الجمع اليمنى المسالم، وإن لم يكن قد دخل كله فى الإسلام، وقد خرجوا فلم يقاتلهم ولم يدعهم إلى الإسلام بالقول، بل برسالة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، فصف من معه من المسلمين صفا واحدا، ثم تقدم فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
بعد قراءته كتاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أسلمت همذان كلها.
وهذا ما جاء فى صحيح البخارى.
وفى الحق أنه قد جاء فى أخبار الوفود كلام لم تثبت صحته، فقد قيل إن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم كلف همذان بقتال ثقيف، وهذا غير معقول فى ذات نفسه؛ لأن ثقيفا بالطائف وهمذان باليمن، ولأن ثقيفا كانت قد أسلمت برسالة وفدها، وهدمت اللات طاغيتهم.
وفى الحق أن تاريخ قدوم الوفود على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يدون بدقة.
قدوم وفد دوس
669-
قدم وفد دوس على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وهو يجاهد فى خيبر فهو لم يقدم عليه فى السنة التاسعة التى توصف بأنها عام الوفود، والدعوة إلى الإسلام عن طريقهم. وكان على رأس هذا الوفد المسلم الطفيل بن عمرو الدوسى. وقد أسلم والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم لم يهاجر إلى المدينة المنورة، وأمره النبى صلى الله تعالى عليه وسلم على قومه دوس يدعوهم إلى الإسلام فأسلم بعض عشيرته الأقربين، ولم يجيء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم موفدا من قومه المسلمين إلا بعد ذلك فى السنة السابعة وهو فى خيبر، ولقد أسهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لهم فى الغنيمة، لأنهم اشتركوا فيها.
وقصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسى ودعوته لقومه، ثم امتناعهم، ثم إسلامهم يحكيها رضى الله عنه، فلنتركه يحدثنا بها، إذ كان قد قدم مكة المكرمة وكان رجلا شريفا لبيبا، مستقيم النظر فأحاطت به قريش تمنعه من أن يستمع إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، وتقول له: إن كلامه كالسحر يفرق بين الرجل وولده وأبيه وزوجه.
أصاخ إلى كلامهم، ويقول فى ذلك «فو الله ما زالوا بى، حتى حشوت فى أذنى حين غدوت إلى المسجد كرسفا، فرقا من أن يبلغنى شيء من قوله فغدوت إلى المسجد فإذا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قائم يصلى، فقمت قريبا منه، فأبى الله تعالى إلا أن يسمعنى بعض قوله. فسمعت كلاما
حسنا، فقلت فى نفسى، وا ثكل أماه، والله إنى لرجل لبيب شاعر، ما يخفى على الحسن من القبيح، فما يمنعنى أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان ما يقول حسنا قبلت، وان كان قبيحا تركته.
فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى بيته، فتتبعته، حتى إذا دخل بيته، دخلت عليه فقلت: إن قومك قالوا لى كذا وكذا، فو الله ما برحوا يخوفوننى أمرك، حتى سددت أذنى بكرسف لئلا أسمع قولك، فأبى الله تعالى إلا أن يسمعنيه، فسمعت قولا حسنا
…
فاعرض على أمرك، فعرض على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الإسلام، وتلا عليّ القرآن الكريم، فو الله ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا رسول الله، إنى امرؤ مطاع فى قومى، وإنى راجع إليهم، فداعيهم إلى الإسلام فادع الله أن يجعل لى آية تكون عونا لى فيما أدعوهم إليه، فقال: النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: «اللهم اجعل له آية» ، وبعد أن ذكر هذه الآية، وهو نور جاء على وجهه، ثم على وسطه. قال بعد ذلك: «لما نزلت أتانى أبى وكان شيخا كبيرا، فقلت: إليك عنى يا أبت، فلست منى، ولست منك، قال: ولم يا بنى، قلت قد أسلمت وتابعت دين محمد، قال يا بنى دينى دينك. فقلت: اذهب فاغتسل وطهر ثيابك ثم تعال، حتى أعلمك ما علمت
…
ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم، ثم أتتنى صاحبتى فقلت لها إليك عني، فلست منك، ولست منى:
فقالت لم بأبى أنت وأمى؟ قلت فرق الإسلام بينى وبينك، أسلمت وتابعت دين محمد صلى الله تعالى عليه وسلم. قالت فدينى دينك، قلت فاذهبى فاغتسلى
…
ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت.
بعد ذلك انتقل من الدعوة الخاصة إلى دعوة دوس عامة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يستنكروا ولكن أبطأوا.
عاد إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله إنى قد غلبنى على دوس الزنا (أى اتباعهم لأهوائهم وشهواتهم) فادع عليهم، ولكن الهادى الأمين رسول رب العالمين صلى الله تعالى عليه وسلم لم يدع عليهم بل دعا لهم بالهداية، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم:«اللهم اهد دوسا» ثم قال لطفيل: ارجع إلى قومك فادعهم إلى الله تعالى وارفق بهم.
فرجع إليهم، واستمر بأرضهم يدعوهم إلى الإسلام، حتى استجابوا أو أكثرهم.
بعد هذا جئت إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بوفد، فنزلت المدينة المنورة بسبعين أو ثمانين فى وقت توزيع الغنائم من خيبر، فأسهم لهم مع المسلمين.