الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبين سبحانه وتعالى أن الخور يعترى النفوس ويخلق المعاذير للاستئذان فى التخلف، ولا يستأذنك مؤمن إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (التوبة)
وقد بين الله سبحانه وتعالى أن المنافقين والمترددين يثيرون روح الضعف والهزيمة لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (التوبة)
وقد كشف الله نفوس أولئك المخذلين من أهل التردد وضعاف المؤمنين، وبين ما تنطوى عليه نفوس المنافقين من أنهم يتمنون الهزيمة للمؤمنين. إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ. قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (التوبة)
وقد كان منهم من يؤثر أن ينفق فى الجيش فرارا من أن يكون فى ضمن المجاهدين، فبين الله تعالى أنه لن تقبل نفقاتهم، لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، وما منعهم أن تقبل نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى، ولا ينفقون إلا وهم كارهون.
لمز المنافقين فى الصدقات وغيرها:
702-
النفاق هو داء الجماعات فى السلم وفى الحرب، ففى الحرب يخذلون، ويبثون روح التردد، والتشكيك فى الدعوة، الدعوة إلى الأثرة، والجهاد إيثار، وإلى الحرص، والجهاد فداء، وإلى متع الدنيا، والجهاد رهبانية إيجابية، يدفع إلى الحياة العاملة المكافحة.
أما فى السلم، فإنهم يشككون فى تصرفات الأبرار المخلصين، ليوهموا الناس، أن كل الناس مثلهم، ليس فيهم أخيار منزهون، وأبرار متقون.
فهم يلمزون كل عمل صالح، ويوهنونه، ويثيرون الريب، وإن اتقاءهم بعدم السماع لهم، فهم أثاروا القول حول الصدقات التى يوزعها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، يقول سبحانه وتعالى فى ذلك:
وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ، فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا، وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ، إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ.
وقد بين الله تعالى للأمة كلها مصارف الصدقات، حتى لا يمارى منافق وليطمئن كل مؤمن، وقد وزعها سبحانه وتعالى توزيعا فيه التكافل الاجتماعى الكامل.
والمنافقون يؤذون النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ويؤذون كل داعية للخير، لأنهم والخير نقيضان، إذا كشف أمرهم لا يقولون كشف الله تعالى سرهم، بل يقولون إن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، يسمع أخبارهم، ويتعرف أسرارهم، وأن له من يسعى عليهم، ويقول سبحانه وتعالى فى ذلك:
والمنافق دائما كثير الحلف بالله لضعفه النفسى، إذ النفاق منشؤه ضعف النفس لا مجرد إرادة النفع، فهو يحلف لستر موقفه، ولأنه مهين يريد رضا من ينافق معهم، ويخشى أن ينفضح سره، ويعرف أمره.
وإنهم مع كفرهم، وعدم إذعانهم للحق لفرط ضعفهم، يخشون أن تنزل سورة تكشف حالهم يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ، قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ
ومع هذا الهلع من أن يكشف سترهم يحادون الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، ويستهزئون بايات الله تعالى، ويتخذونها فى مجامعهم هزؤا وسخرية، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ، إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ
والمنافقون أشرار قد استمكن الشر فى نفوسهم، لأن الكتمان تفرخ فيه الرذائل، والضوء يكشفها، ولأن محاولتهم ستر أحوالهم، توقعهم فى رذائل مترادفة رذيلة بعد رذيلة وكل واحدة تجر أختها، حتى يستمرئوا الشر، ويكون دينهم، ويختم الله على قلوبهم فلا يصل إليها خير، ولا ينضح منه ومن اللسان إلا الشر، ولذلك قال الله تعالى: الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ، وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ، وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ، فَنَسِيَهُمْ، إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ
وقد بين سبحانه وتعالى عقابهم، وأنه عقاب الذين من قبلهم، وكانوا أشد قوة، واستمتعوا بالشر، ونالوا من الدنيا، وخاضوا فى أهل الإيمان مثل الذى خاضوا.