الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يرميها، ويستأجرها مستمتعا بأجر، ولقد قال الله سبحانه وتعالى مبينا أن الفروج لا تحل إلا بالزواج، أو بملك الأيمان، فقال الله سبحانه وتعالى فى وصف المؤمنين: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ.
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ، فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ.
فهذا النص قاطع فى أنه لا تباح الفروج إلا بالزواج، أو ملك اليمين، وأن من ابتغى وراء الزواج أو ملك اليمين فهو عاد أثيم، فالذى يتخذ المتعة فى الفروج عاد أثيم.
ولقد نهى القرآن الكريم نهيا قاطعا عن اتخاذ الأخدان، وليست المتعة إلا من قبيل اتخاذ الأخدان أو اتخاذ الخلائل، كما ذكرنا، فتحريمها ثابت بنص قرآنى، إذ يقول الله سبحانه وتعالى: وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أى أحل لكم الزواج غير تلكم المحرمات السابقات أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ، وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ فاتخاذ الأخدان حرام بهذا النص، ويقول الله سبحانه وتعالى فى شأن زواج الإماء: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ، بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ، وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ.
وينهى عن اتخاذ الأخدان عند بيان حل النساء الكتابيات؛ فيقول سبحانه وتعالي: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ، وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ، وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ، إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ.
واتخاذ الأخدان أو اتخاذ الخلائل، الذى هو اتفاق مع امرأة على أن يتعاشرا من غير زواج مدة معلومة بأجر، فإذا انتهت المدة افترقا، وهو والمتعة شيء واحد.
نهى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عن المتعة:
549-
لم يرد عن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إذن بالمتعة صريح قط، إنما الذى ورد فيها نهى صريح عنها، وفهم الذين فهموا الإذن بها من النهى عنها، لأن النهى يجب أن يكون له موضوع ولا موضوع للنهى فى المتعة إلا إذا كان إذن بها.
ولقد اتفق العلماء على أن أول نهى عنها كان فى خيبر، ثم تتابع النهى بعد ذلك فى خمسة مواضع أخرى فنهى عنها فى عمرة القضاء، وفى غزوة تبوك وغزوة فتح مكة المكرمة، وعام الفتح، وفى
حجة الوداع، ولولا تضافر الأخبار بأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد أذن بها لقلنا أن ذلك التكرار كان لتأكيد المنع، إذ كانت عادة عميقة فى الجاهلية، فكان التأكيد لقلع جذورها من نفوسهم. ولكن تكاثرت الأخبار بالفعل قبل الإذن، فتقبل الأمرين الإذن من غير إباحة مطلقة، بل بضرورة الفردية الشديدة فى الحرب، والأمر الثانى النهى القاطع فى تحريمها إلى يوم القيامة. ويصح أن نقول أن النهى فى أوله كان لمن أذن له قبله. والنهى من بعد ذلك كان نهيا ناسخا إلى يوم القيامة.
وفوق ذلك بيان التحريم القاطع فى القرآن الكريم الذى لا إذن فيه قط، وهو العزيمة التى لا رخصة فيها، ولا مظنة لرخصة قط.
550-
فلننظر بعد ذلك فى أمرها. لقد أجمع فقهاء السنة جميعا أنها محرمة تحريما أبديا إلى يوم القيامة، وقد روى أن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما كان يترخص فيها للضرورة فى حال الحرب، وهى التى قيل أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أذن بها لشدة العزوبة فى بعض حروبه، وإذ كان لم يعرف أنه أذن بذلك فى حرب معينة، ولقد نهاه على كرم الله وجهه عن أن يفتى بهذه الرخصة، وبين له أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد نهى عنها، وقال مخاطبا ابن عباس:«إنك امرؤ تائه- لقد نسخها النبى صلى الله تعالى عليه وسلم- ووالله لا أوتى بمستمتعين إلا رجمتهما» .
ويروى أن عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما قد رجع عن ترخصه، وأفتى بالمنع.
ولم يقل أحد قط من علماء الجماعة أنها مباحة لضرورة الشباب الذين يتعذر عليهم الزواج، فتلك فرية من رجل لا يتحرج في قوله، ولا يتعمق في علم، ولا يهتم بحرام ولا حلال.
بقي أن ننظر في الشيعة الإمامية فنقول أننا نرى المتأخرين منهم يفتون بها، ولا نري الأئمة أو الأوصياء قالوها، وإن وجد من ادعاها لهم.
وتنقل لك المصادر الفقهية الشيعية التي تنفي عن أئمة الشيعة المهديين وعلي رأسهم الإمام أبو عبد الله جعفر الصادق، وأبوه العظيم أبو جعفر محمد الباقر بن علي زين العابدين.
فقد روي أن بساما الصير في سأل أبا عبد الله جعفر الصادق عن المتعة، فقال رضي الله تبارك وتعالى عنه: إنها الزنا.
ولقد جاء في الكافي عن يحيي بن زيد فقيه العراق أنه قال: أجمع آل رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم على كراهة المتعة والنهي عنها.
ولقد روى البيهقى عن ابن شهاب الزهرى أنه قال أن ابن عباس رضى الله عنهما ما مات حتى رجع عن هذه الفتيا، ولقد قال سعيد بن جبير لابن عباس: ما تقول فى المتعة، فقد أكثر الناس فيها، وأنه نقل عنك الفتوى بجوازها، فقال ابن عباس: والله ما أفتيت بهذا، وإلا فهى كالميتة لا تحل إلا للضرورة ونحن لا نجد أى ضرورة تبيحها حتى يكون أقرها عند الاضطرار كالميتة، وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد صرح بأنه لا ضرورة عند الشباب تلجئهم إلى ذلك كما يدعى من لا حريجة للدين فى قلبه، فقد قال:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» ومادام باب الصوم مفتوحا فإنه لا ضرورة تسوغ المتعة، أو ترخص فيها.
وإن فقهاء الشيعة الإمامية الذين جاؤا بعد عصر أئمة الشيعة ادعوا أنه لا نسخ فيها واستدلوا على بقائها بما يأتى:
أولا: أنه ثبت الإذن بها بالإجماع، فقد أجمع المسلمون على أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد أذن بها، وإن الأدلة التى ثبت فيها النسخ أخبار آحاد، وهى لا تنقض الأمر المجمع عليه، وقد روى عن ابن مسعود أنه أفتى بها، وفى الصحيحين أنه قال: رخص رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لنا أن ننكح المرأة إلى أجل بالشيء، ثم قرأ قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ.
وأن عبارات النسخ التى وردت فى أقوال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إنما هى منصبة على الميراث والطلاق.
ثانيا: قالوا إن قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ تدل على إباحتها، وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ.
وإن هذا الكلام غير صحيح فى جملته وتفصيله، وهو جاء بعد عهد الأئمة والأوصياء، وهو باطل من وجوه:
أولها: أن الآية التى ساقوها هى فى بيان أحكام النكاح الصحيح المرتب لآثار، ولم يكن موضوعها المتعة، إنما موضوعها النكاح، لأنها بيان لنهاية المحرمات، إذ يقول سبحانه وتعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ
…
إلى قوله تعالى وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ، فالاستمتاع هو استمتاع الزوجين، يعرف هذا المدلول من له أدنى إلمام بالعربية، وفوق ذلك فإنه سبحانه وتعالى قال بعد ذلك: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ، وبدليل قوله
تعالى فى النص الكريم: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ ولا شك أن المتعة لا توجب إحصانا يوجب الرجم.
وثانيا: أن الإجماع لم ينعقد على إباحتها، والتعبير بإباحتها خطأ، فلم يقل المحققون بأنها كانت مباحة إنما أذن فيها، كما أذن بأكل الميتة، فإن الإباحة تكون لأمر ذاتى فى الفعل، أما الإذن فإنه يكون لضرورة سوغت الإذن، وإذا عبر بعض الأئمة بالإباحة فمن قبيل التسامح فى التعبير.
وإن العلماء من بعد نهى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم قد أجمعوا على نسخها فلا موضع للقول بالإجماع، وإذا كان قد أثر عن ابن عباس أنه أذن بها فى حال الضرورة الحربية فقط، فقد روى أنه رجع عن رأيه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ولقد قالوا- أى بعد عصر الأئمة والأوصياء عندهم- أن الإجماع انعقد على إباحتها بين الشيعة والسنة وانفرد أهل السنة بالنسخ، ونقول لهم أن الأدلة التى أذنت بها هى التى نسختها، فلا يقال إجماع على الإذن، وعدم إجماع على النسخ، فالأدلة ملزمة فى الأمرين.
وثالثها: أن ثبوت النسخ لم يكن بخبر آحاد، بل لأنها فى ذاتها محرمة كالميتة والخنزير والدم المسفوح، وما أهل لغير الله به، وذلك ثابت بالقرآن الكريم، فى قوله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ قاطعة فى إثبات التحريم، لأنه من المؤكد المتفق عليه أن علاقة المتعة ليست علاقة زوجية، فهى لا تعد زوجة بدليل أنه لا يجرى فيها طلاق ولا ميراث، ولا عدة زوجية، لا فى حال الموت ولا فى حال الانفصال.
والنهى عن اتخاذ الأخدان المتكرر يدل على تحريمها لأنها ليست إلا كذلك، والنبى صلى الله تعالى عليه وسلم عندما أذن بها كان لضرورة. فى مخالفة المحرم تحريما قاطعا كمبدأ عام، وقد قال العلماء فى ذلك: قاعدة الضرورات تبيح المحظورات.
وقد نسخ الإذن فى حال الضرورة فى حال الحرب ضرورة لما استأنس الناس بالإسلام، وأشربوا حبه وعودوا الصبر وضبط النفس بالإيمان.
وفى الحق أن المتعة من بقايا الجاهلية وهى كما قررنا من نوع اتخاذ الأخدان، فلما كان المؤمنون قريبى عهد بالجاهلية عد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك ضرورة لهم فى الحرب، فأذن بها للذين لا يزالون فى نفوسهم بعض العادات الجاهلية، ولذلك لم يؤثر عن أحد من المؤمنين الراسخين أنه استساغها كأبى بكر وعمر وعلى وأحد من المهاجرين الأولين والأنصار والسابقين، وهم كانوا يحضرون كل
حروب النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مجاهدين، وكان فيهم شباب أقوياء فى أبدانهم كعلى بن أبى طالب، والجميع كانوا أقوياء ولعل الذين شكوا العزوبة من الأعراب أو ممن لا قدم لهم فى الإسلام فالنهى عنها ثابت بالقرآن الكريم ونسخ الإذن للضرورة ثابت بالسنة، ونقول متحدين أأباحها أحد فى حال السلم والإقامة حتى تبيحوها معشر الشيعة فى الحل والترحال والسلم والحرب فى السفر والحضر. ويجيء من لا حرمة للحقائق عنده لتبليغ كلامهم لأنه يبيح المحرمات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ورابعها: أن ادعاء أن الحديث الناسخ خبر آحاد، ادعاء باطل، وذلك لأمرين:
(أ) أنه قاله فى جيش فتلقاه أكثر من خمسة وألف، فمستحيل أن يكون ناقله واحدا، بل الذى نقله يؤمن تواطؤه على الكذب، ونقله هذا الجمع إلى الأمة كلها، ففرض الآحادية باطل لا شك فى ذلك.
(ب) أن الأمة كلها أجمعت على ذلك ورمى على كرم الله وجهه وهو الوصى الأول عندهم ابن عباس فقال له إنك امرؤ تائه، ولقد كان ابن عباس فى وقت قول هذا الإذن غلاما، وكان فى مكة المكرمة، لم يهاجر أبوه إلى المدينة المنورة، ولذلك كان الوصف بأنه تائه، وصفا صحيحا من إمام الهدى على.
ونكرر القول هنا بأن أئمة الشيعة، أو الأوصياء فى لغتهم لم ينقل عن أحد منهم.
ولنختم الكلام فى المتعة التى هى أمر فاسد فى ذاته بكلمتين:
أولاهما: أن المتعة بحكم القرآن الكريم حرام، وإذا لم نلتفت إلى النص القرآنى (ولا يصح ذلك) لا تكون مباحة، لأن ما يكون معمولا به فى الجاهلية ويحرمه الإسلام، لا يقال أنه كان مباحا، ثم حرم، لأن الإباحة تقتضى أنه لم يكن فى ذاته قبيحا، وهو كذلك، بل يقال إنه قبل التحريم كان محل عفو، وكذلك كان التعبير فيما يحرمه، وقد كان أهل الجاهلية يستبيحونه عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ.
الثانية: نذكر ما يشترطه الشيعة فى شروط صحة المتعة مما ينأى بها عن معنى الزواج من كل الوجوه، لقد ذكروا لها شروطا وركنا.
أما الركن فهو إالايجاب والقبول، وأما الشروط فهى ثلاثة:
أولها: ذكر المهر، وهو الأجرة، فإذا لم يذكر الأجر تفسد المتعة، كالإجارة إذا لم تذكر الأجرة لا تنعقد الإجارة، فهى فى حقيقتها اجارة المرأة للمتعة كإجارتها للخدمة على سواء.
والشرط الثانى: ذكر الأجل أو المدة، وذلك لا بد منه فى الإجارة الخاصة بالأجير الوحد أو الأجير الخاص، بيد أن ذلك شرط فى الأجير الوحد إذا كانت الإجارة لمدة معلومة ولم تطلق من غير زمان كأن يستأجره لغير مدة على أن تكون الأجرة كل يوم، أو كل أسبوع كذا، أو كل شهر، والإجارة فى المتعة أخص من ذلك، لأن الأجرة فيها على مجموع المدة.
ثالثها: ويشترط لكى تستحق المرأة الأجرة كاملة أن تمكنه منها طول المدة، فإذا لم تقدم نفسها فترة من المدة المتفق عليها، فإنه ينقص من الأجرة بمقدارها، ومثلها فى ذلك من استأجر دارا ليسكنها، فتعذر الانتفاع بالسكن فيها مدة، فإنه ينقص من الأجرة ما يقابل الفترة التى تعذر الانتفاع فيها.
وقالوا فى أحكامها أن الولد الذى يجيء ثمرتها يثبت نسبه، ولكنه يقبل النفي، فإذا نفى النسب انتفى من غير لعان، وبذلك يكثر الأولاد الذين لا آباء لهم، إذ لا يوجد من يلحق نسبهم به، ولا حاجة إلى لعان فى نفى نسب إذ اللعان فى حال قيام الزوجية ولا زوجية.
وقد ذكرنا أن الانفصال فيها يتم بانتهاء المدة، كما تنتهى المدة بانتهاء مدة الإجارة تماما إذ كانت الاجارة الخاصة مقدرة بمدة معلومة، فهى إجارة لبضع المرأة، فحكمها كسائر الإجارات، وأيضا لا توارث بينهما، وعدتها استبراء الرحم بحيضتين بحيث لا تزيد على خمسة وأربعين يوما.
أيها الناس هذه هى المتعة، أو بعبارة أدق إجارة بضع المرأة لمدة معلومة فهل هى صالحة للتطبيق فى عصرنا إن فرضنا صحتها، وهو مستحيل، إنها لا تليق بكرامة المرأة، بل فيها أشد الامتهان لها، والنزول بها إلى مرتبة الخادم التى تستأجر فى شرفها وهى دون المرضع، ثم هى تكثر الأولاد غير الشرعيين.
فكروا أيها الناس إن كان ثمة موضع للتفكير.
إنها الزنا كما قال الإمام محمد الباقر، وابنه أبو عبد الله جعفر الصادق.
فهل مع هذه الأضرار الاجتماعية الخطيرة، نبيحها بغير إباحة الشرع لشبابنا، الذين لم يتزوجوا، ونقضى على الأسرة، ولا نقول لشبابنا ما قاله الرسول الأمين صلى الله تعالى عليه وسلم:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أحصن للفرج، وأغض للبصر ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» .
أيها الناس أطيعوا الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ولا تستمعوا إلى المتفيهقين المتعالين فى هذا الزمان، والله سبحانه وتعالى هو الهادى إلى سواء السبيل رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا، وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً.