الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - كتاب الجِهاد
407 -
عن عبد اللَّه بن أبي أوفَى رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ــ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ ــ انْتَظَرَ، حَتَّى إذَا مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ، فَقَالَ:«يا أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيُوفِ» ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ، وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ» (1).
408 -
عن سَهْل بن سعد الساعِدِيِّ رضي الله عنه، أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:«رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ من الْجَنَّةِ: خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أوِ الْغَدْوَةُ: خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عليهَا (2)» (3).
409 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «انْتَدَبَ اللَّهُ ــ وَلِمُسْلِمٍ:
(1) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة، والزلزلة، برقم 2933، وكتاب الجهاد والسير، باب كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، برقم 2965، و2966، وباب لا تمنَّوا لقاء العدو، برقم 3024، و 3025، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء، برقم 1742، واللفظ له.
(2)
في نسخة الزهيري: «وما فيها» .
(3)
رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل رباط يوم في سبيل اللَّه، برقم 2892، وباب الغدوة والروحة في سبيل اللَّه، وقاب قوس أحدكم من الجنة، برقم 2792، ومسلم [آخره فقط]، كتاب الجهاد والسير، باب فضل الغدوة والروحة في سبيل اللَّه، برقم 1881، واللفظ للبخاري.
تَضَمَّنَ اللَّهُ ــ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لا يُخْرِجُهُ إلَاّ جِهَادٌ فِي سَبِيلِي، وَإِيمَانٌ بِي، وَتَصْدِيقٌ بِرَسُولِي، فَهُوَ عَليّ ضَامِنٌ: أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أُرْجِعَهُ إلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلاً مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» (1).
410 -
(1) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب الجهاد من الإيمان، برقم 36، ولفظه بتمامه عند البخاري: عن أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي، أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، أَوْ أُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلُ» ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل اللَّه، برقم 1876، ولفظه بتمامه عند مسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي، وَإِيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي، فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ، لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ، وَرِيحُهُ مِسْكٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ» .
(2)
في نسخة الزهيري: «في سبيل اللَّه» ، والذي في المتن لفظ البخاري، برقم 2787.
(3)
رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل اللَّه، برقم 2787، واللفظ له، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل اللَّه تعالى، برقم 1878، ولفظه عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عز وجل؟ قَالَ: «لَا تَسْتَطِيعُونَهُ» ، قَالَ: فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ:«لَا تَسْتَطِيعُونَهُ» ، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ:«مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ، لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ، وَلَا صَلَاةٍ، حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى» .
122 -
قال الشارح رحمه الله:
هذه الأحاديث كلها تتعلق بالجهاد، والجهاد من أفضل القُربات والأعمال الصالحات، بل هو أفضل القربات عند جمع من أهل العلم.
[و](1) قد يكون واجباً على العين، أو يكون واجباً على الكفاية، وهو بجميع أنواعه من أفضل الأعمال الصالحات، فينبغي لأهل الإسلام أن يُعنوا بالجهاد، وأن يحرصوا عليه؛ لما فيه من إعزاز الإسلام وإعلاء الكلمة، ودعوة الناس إلى دين اللَّه، وجهادهم على ذلك، وتكثير المسلمين، ونصر الدين، وحماية بلاد المسلمين، ففيه مصالح عظيمة، واللَّه شرعه لما فيه من الخير العظيم بإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن إنقاذ الناس من الشر والكفر، ومن إعلاء كلمة اللَّه ونصر دينه، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (2).
فالجهاد من التجارة العظيمة الرابحة، قال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ
(1) ما بين المعقوفين أضفته لتجميل المعنى.
(2)
سورة الصف، الآيتان: 10 - 11.
كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (1)، قال اللَّه عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} (2) الآية، وهو واجب على ولاة أمر المسلمين بالجملة مع القدرة، ويجب في بعض الأحيان على العين، كما إذا حضر الصفين أو استنفره الإمام، أو هجم على بلده العدو، ويكون سنة إذا قام به من يكفي صار في حق الباقين سُنة.
ومما ورد فيه هذه الأحاديث: حديث عبداللَّه بن أبي أوفى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر حتى زالت الشمس، هذا يدل على أنه إذا ارتفع النهار الأفضل أن ينتظر الجيش حتى الزوال، حتى تهب الرياح وينزل النصر، فإذا زالت الشمس أغاروا.
وفيه: «لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا اللَّه العافية» ، فالمؤمن لا يتمنى لقاء العدو، ولكن يسأل ربه العافية، قال جماعة من أهل العلم: معناه لا تمنوا لقاء العدو على سبيل العُجب والأمن، ونحو ذلك، أو الفخر والخيلاء، أو الرياء، أما تمني لقاء العدو رغبة في الجهاد وحرصاً على الجهاد، فليس داخلاً في النهي؛ لأن اللَّه شرع للمسلمين أن يجتهدوا في الجهاد، وأن يشرعوا فيه، وأن يرغبوا فيه، وأن يساهموا فيه:«واسألوا اللَّه العافية» ، أي يسأل ربه العافية، لأنه قد يحضر الجهاد ويجبن وتتغير نيته، يسأل ربه العافية، فإذا لقي العدو فليصبر، وليخلص للَّه، وليقصد
(1) سورة التوبة، الآية:41.
(2)
سورة التوبة، الآية:111.
بجهاده: وجه اللَّه والدار الآخرة: وإعلاء دين اللَّه.
«واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» ، إشارة إلى أن الجهاد من أسباب دخول الجنة، وأن سلَّ السيوف في الجهاد في سبيل اللَّه، وهكذا استعمال الرماح وغيرها من أدوات الحرب، جملة من أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، لمن أصلح اللَّه نيته.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم» ، هذا فيه الحث على الجهاد والترغيب فيه والدعاء، وأن المسلمين يدعون ربهم أن اللَّه يعينهم وينصرهم على عدوهم، ولو كانوا أكثر الناس، فقد يُهزم الكثير وينصر القليل، فلا ينبغي أن يعجبوا بكثرتهم ولا بقوتهم: يسألون اللَّه العافية، ويستعينون به سبحانه وتعالى ، قال تعالى:{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} (1)، فالكثرة قد يؤخذ أهلها: إما لعجب، وإما لغير ذلك، فالواجب على أهل الإيمان، وإن كثروا أن يلجؤوا إلى اللَّه، ويتضرعوا إليه، ويطلبوه النصر، وأن لا يُعجَبوا بكثرتهم أو بقوتهم أو غير ذلك، بل عليهم أن يخلصوا للَّه، ويسألوه النصر سبحانه وتعالى (2)، [
…
] (3).
(1) سورة التوبة، الآية:25.
(2)
نهاية الوجه الثاني من الشريط التاسع عشر.
(3)
ما بين المعقوفين سقط يسير، لا يؤثر في المعنى.
في الحديث (1) الثاني: يقول عليه الصلاة والسلام: «رباط يوم في سبيل اللَّه خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل اللَّه، أو الغدوة خير من الدنيا وما فيها» .
هذا فيه فضل الجهاد في سبيل اللَّه، والمرابطة، وأن رباط يوم في سبيل اللَّه خير من الدنيا وما عليها.
الرباط: لزوم الثغر، ثغور المسلمين لحمايتها من العدو، لحديث سلمان:«رِبَاطُ يَوْمٍ أوَلَيْلَةٍ في سَبيلِ اللَّه خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ» (2)، فإن المرابط يجري عليه عمله، ويأمن من الفتان، يعني يأمن فتان القبر.
فالمرابطة في سبيل اللَّه من أسباب دخول الجنة، ومن أسباب أن العبد يجري عليه رزقه وعمله، ويأمن من فتنة القبر، بسبب جهاده وتقديم نفسه للَّه سبحانه وتعالى، صابراً محتسباً، لإعلاء كلمته.
وهكذا موضع سوط أحدكم في الجنة، موضع السوط شيء يسير، خير من الدنيا وما عليها، المقصود الإشارة إلى أن الجنة لا يعدلها شيء، وأن الشيء القليل منها خير من الدنيا وما عليها، كيف وأن أهل الجنة يُعطون فيها «ما لا عين رأت، ولا أُذن سمعت، ولا
(1) بداية الوجه الأول من الشريط العشرين.
(2)
أخرج مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرباط في سبيل اللَّه عز وجل، عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ» .
خطر على قلب بشر» (1) ، ويعطون ما طلبوا وما اشتهوا.
وهكذا الروحة في سبيل اللَّه أو الغدوة، وهي التوجه للقاء العدو في الصباح والمساء للقتال، خير من الدنيا وما عليها.
الحديث الثالث: يقول صلى الله عليه وسلم: «انتدب اللَّه لمن جاهد في سبيله ــ وفي رواية: تضمن اللَّه لمن جاهد في سبيله ــ وفي رواية: توكل اللَّه لمن جاهد في سبيله: إن توفاه أن يُدخله الجنة، وإن رده رده بأجر أو غنيمة» . فالمجاهد في سبيل اللَّه على خير عظيم إن قُتل أو سَلم، فهو على خير عظيم إذا أخلص للَّه سبحانه وتعالى ، واللَّه وعده وضمن له الجنة، وهو سبحانه الوفي الصادق جل وعلا، {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} (2).
وفي اللفظ الآخر: «مثل المجاهد في سبيل اللَّه، واللَّه أعلم بمن يجاهد في سبيله» ــ هو الذي يعلم بنياتهم ويعلم ما في قلوبهم ــ «مثل الصائم القائم» ــ يعني الصائم الذي لا يفطر، والقائم الذي لا يفتر. وفي اللفظ الآخر:«أما إنك لو قمت، كذلك لم تبلغ أجر المجاهدين في سبيل اللَّه» (3) ، لما سئل عن عمل يعدل الجهاد.
قال
(1) البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، برقم 3244، ومسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، برقم 2824، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ: «أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}» .
(2)
سورة التوبة، الآية:111.
(3)
أخرج البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، برقم 2785، عن أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ قَالَ لَا أَجِدُهُ قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّ فَرَسَ الْمُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ، وأخرجه مسلم بنحوه في كتاب الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل اللَّه، برقم 1878، وأخرج الترمذي في كتاب فضائل الجهاد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل الجهاد، برقم 1619، ولفظه: عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ؟ قَالَ: إِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَهُ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا تَسْتَطِيعُونَهُ، فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ:«مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَثَلُ الْقَائِمِ الصَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، وصححه العلامة الألباني في صحيح الترمذي، برقم 1619.
- عليه الصلاة والسلام: «هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تصوم ولا تفطر، وأن تقوم ولا تفتر؟» (1)، قال: ومن يطيق ذلك يا رسول اللَّه؟ (2) قال: «أما إنك لو قمت مثل ذلك لم تبلغ أجر المجاهدين» (3).
الجهاد له فضل عظيم، وعواقب حميدة، وأجور مضاعفة، وحسنات مضاعفة، فينبغي لأهل الإسلام أن يرغبوا فيه، وأن لا يعرضوا عنه.
وهو اليوم قائم موجود جهاد أعدى أعداء اللَّه من الشيوعيين على يد إخواننا الأفغان، ومن معهم من غيرهم، وهو جهاد إسلامي شرعي (4).
فينبغي أن يُشارك فيه المسلم إذا تيسر له ذلك بنفسه أو ماله (5)، وهكذا جهاد اليهود من طريق المسلمين في فلسطين، جهادهم
(1) البخاري، برقم 2785، وتقدم تخريجه في الحاشية السابقة.
(2)
لفظ البخاري، برقم 2785:«ومن يستطيع ذلك؟» ، وتقدم في التعليق السابق.
(3)
بحثت عن هذه الجملة: «أما إنك لو قمت مثل ذلك لم تبلغ أجر المجاهدين» ، فلم أجدها.
(4)
هذا الكلام أثناء شرح الشيخ رحمه الله لعمدة الأحكام، وذلك عام 1409هـ؛ لأن شرح هذا الباب بعد رمضان من ذلك العام، أو في أول عام 1410هـ.
(5)
يقصد الشيخ رحمه الله في ذلك الزمن عام 1410هـ.
شرعي فمن له قدرة من الأخيار يجاهد في فلسطين، ينبغي أن يُساعدوا على أعداء اللَّه من اليهود.
هكذا في الفلبين أيضاً، كذلك إخوةٌ لنا يجاهدون النصارى هناك، الذين اعتدوا عليهم، خرّبوا بلادهم، وقتلوا منهم الشيء الكثير.
والقاعدة كل جهاد في سبيل اللَّه تنبغي المشاركة فيه بالمال والنفس، والمسلمون إخوة يتناصرون بالحق، ويتعاونون على البر والتقوى.
411 -
وعنه قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّه، إلَاّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى (1)، اللَّوْنُ: لَوْنُ الدَّمِ (2)، وَالرِّيحُ: رِيحُ الْمِسْكِ» (3).
412 -
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ» ، أخرجه مسلم (4).
(1) في نسخة الزهيري: «يدمي» بالياء، وبدون الياء كالمتن للبخاري، برقم 5533.
(2)
في نسخة الزهيري: «لون دم» ، وهو لفظ البخاري، برقم 5533.
(3)
رواه البخاري، كتاب الوضوء، باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء، برقم 237، ولفظه: عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ المُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَكُونُ يَوْمَ القِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا، إِذْ طُعِنَتْ، تَفَجَّرُ دَمًا، اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، وَالعَرْفُ عَرْفُ المِسْكِ» وكتاب الذبائح والصيد، باب المسك، برقم 5533، بلفظ المتن إلا أنه قال:«اللون لون دم، والريح ريح مسك» ، وأخرجه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل اللَّه، برقم 1876 بلفظ: عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ، إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ» .
(4)
رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الغدوة والروحة في سبيل اللَّه، برقم 1883.
413 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ رَوْحَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» ، أخرجه (1) البخاري (2).
414 -
عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلَى حُنَيْنٍ ــ وَذَكَرَ قِصَّةً ــ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً ــ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ــ فَلَهُ سَلَبُهُ، قَالَهَا ثَلاثاً» (3).
123 -
قال الشارح رحمه الله:
هذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالجهاد وفضله، وما يحصل لمن قتل قتيلاً في سبيل اللَّه من الأجر، مع ما ينفعه في الدنيا.
الحديث الأول يقول عليه الصلاة والسلام: «ما من مكلوم يكلم في سبيل اللَّه إلا جاء يوم القيامة، وكَلمه يَدْمَى: اللون لون الدم، والريح ريح المسك» الكَلم: الجرح، والمكلوم المجروح، يعني ما من مسلم يُجرح في سبيل اللَّه بِرُمحٍ، أو سيفٍ، أو رمية، أو غير ذلك، إلا جاء يوم القيامة وكلمه يَدْمِي، يعني: يجري ــ يُقال دَمِيَ يَدْمَى
(1) في نسخة الزهيري: «وأخرجه البخاري» بزيادة الواو قبل أخرجه.
(2)
رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الغدوة والروحة في سبيل اللَّه، وقاب قوس أحدكم من الجنة، برقم 2792، وفي كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم 6568، واللفظ للبخاري من هذا الطرف، وأخرجه أيضاً: مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الغدوة والروحة في سبيل اللَّه، برقم 1880 بنحوه.
(3)
رواه البخاري، كتاب فرض الخمس، باب من لم يخمّس الأسلاب، برقم 3142، واللفظ له، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل، برقم 41 - (1751).
مثل رَضِعَ يَرْضَع ــ أي سال الدم، اللون لون الدم المعروف ــ والريح ريح المسك، لونه في نظر الناظر لون الدم، ولكن الريح ريح المسك، لكونه أُريق في سبيل اللَّه، واللَّه جل وعلا جعله في هذه الرائحة الطيبة لكونه دماً وقع في سبيله، وخرج في سبيله وطاعته سبحانه وتعالى ، مثل ما في الحديث الآخر:«لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ» (1)، خلوفه هو ما يتصاعد من جوفه من الرائحة حال صيامه أطيب عند اللَّه من ريح المسك، وهكذا دم الشهيد لونه لون الدم والريح ريح المسك، إظهار لفضله وشرفه.
في الحديث الثاني والثالث: الدَّلالة على فضل الغدوة في سبيل اللَّه والروحة، وأنها خير من الدنيا وما عليها وخير مما طلعت عليه الشمس، هذا فيه فضل عظيم للجهاد، لكون المؤمن يغدو صباحاً لقتال العدو، أو يروح رواحاً لقتال العدو خير من الدنيا وما عليها.
تقدم حديث سهل بن سعد يقول صلى الله عليه وسلم: «رباط يوم في سبيل اللَّه خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل اللَّه، أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها» (2)، وما ذلك إلا لأن نعيم الجنة نعيم باقٍ، لا مثيل له في الفضل، ونعيم الدنيا مهما كان فهو زائل مؤقت، فلا يستويان.
(1) رواه البخاري، كتاب الصوم، باب فضل الصوم، برقم 1894، ومسلم، كتاب الصيام، باب فضل الصيام، برقم 1151.
(2)
البخاري، برقم 2792، ومسلم، برقم 1881، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 408.
وفي حديث أبي قتادة: الدَّلالة على أن من قتل قتيلاً له عليه بينة؛ فإنه يُعطى سلبه، هذا من تقدير المقاتل، والمجاهد، وتشجيعه على الإقدام، والجرأة، والشجاعة، حتى يقتل من أعداء اللَّه ما أمكنه، وتقدم أن المقصود من الجهاد دعوتهم إلى اللَّه وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ليس المقصود أموالهم، وليس المقصود نساءهم ولا ذرياتهم ولا قتلهم، ولكن المقصود أن نخرجهم من الظلمات إلى النور، وأن ننقذهم من أسباب الهلاك بدعوتهم إلى اللَّه، فإذا أبوا وعاندوا قاتلناهم، وهكذا فيمن تقبل منه الجزية لا بد من امتناعه من الجزية، فإذا امتنع من الجزية وامتنع من الإسلام قُوتل، وإذا كان ليس من أهل الجزية: كالعرب الوثنيين فإنهم يقاتلون: إما الإسلام، وإما السيف، وإنما تؤخذ الجزية من أهل الكتاب والمجوس.
فالواجب على المؤمن الإقدام، والقوة في هذا السبيل، وعدم الجُبن وعدم الخَوَر، والنفوس بيد اللَّه، والأرواح بيد اللَّه، متى تم الأجل فلا حيلة فيه، سواء جاهد أو لم يجاهد.
والسلب: هو ما مع القتيل من دابة: فرس، أو ناقة، هكذا سلاحه، وملابسه من درع وغيره، كلها يأخذها القاتل، فله سلبه أجمع، إذا بارزه في الحرب حتى قتله، أو قصد له في الصف فقتله، أو في أي مكان فقتله فله سلبه، إذا ثبت أنه قتله، فيعطى دابتَه، ويُعطى سلاحه، ويعطى ملابسه، وكل ما معه لهذا القاتل غنيمة معجَّلة، غير حقه في الغنيمة العامة، غير قسمه من الغنيمة، هذا شيء خاص.
415 -
عن سَلَمَةَ بن الأَكْوَعِ رضي الله عنه قَال: أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيْنٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ــ وَهُوَ فِي سَفَرِ ــ فَجَلَسَ عِنْدَ أَصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«اُطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ فَقَتَلْتُهُ، فَنَفَّلَنِي سَلَبَهُ» (1).
وفي رواية، فَقَالَ:«مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟» فَقَالُوا: ابْنُ الأَكْوَعِ، فَقَالَ (2):«لَهُ سَلَبُهُ أَجْمَعُ» (3).
416 -
عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إلَى نَجْدٍ، فَخَرَجْتُ فِيهَا، فَأَصَبْنَا إبِلاً وَغَنَماً، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا: اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيراً (4)» (5).
417 -
وعنه رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«إذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانِ (6)» (7).
(1) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان، برقم 3051، واللفظ له، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل، برقم 1754 مطولاً.
(2)
في نسخة الزهيري: «قال» ، ولفظ المتن لمسلم، برقم 1754.
(3)
رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب استحقاق القاتل سلب القتيل، برقم 1754.
(4)
في نسخة الزهيري: «بعيراً بعيراً» ، وهو لفظ البخاري، برقم 4338، ومسلم، برقم 36 - (1749).
(5)
رواه البخاري، كتاب المغازي، باب السرية التي قِبَل نجد، برقم 4338، ولفظه:«عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَكُنْتُ فِيهَا، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا» ، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الأنفال، برقم 36 - (1749)، ولفظه: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ:«بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً إِلَى نَجْدٍ، فَخَرَجْتُ فِيهَا، فَأَصَبْنَا إِبِلاً وَغَنَمًا، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنَفَّلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بَعِيرًا» .
(6)
في نسخة الزهيري: «غدرة فلان بن فلان» ، وهو لفظ البخاري، برقم 6177، ومسلم، برقم 10 - (1735).
(7)
رواه البخاري، كتاب الأدب، باب ما يُدعى الناس بآبائهم، برقم 6177، ولفظه:«إِنَّ الْغَادِرَ يُرفعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ بن فلان» ، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تحريم الغدر، برقم 9 - (1735)، ولفظه في 10 - (1735):«إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ» ، وهذا لفظ المتن.
418 -
وعنه رضي الله عنهما، «أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَقْتُولَةً، فَأَنْكَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (1) قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» (2).
124 -
قال الشارح رحمه الله:
هذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالجهاد، تقدم أن الجهاد في سبيل اللَّه من أفضل القُربات، ومن أعظم الطاعات، بل هو أفضل التطوعات عند المحققين من أهل العلم، لما فيه من الخير العظيم، والمصالح الجمة، وعز الإسلام، وإعلاء كلمته، ودحض الكفر وأهله، وتوسيع رُقعة الإسلام، ونشر الدعوة إليه، إلى مصالح كثيرة، وقد يكون فرض عين على الإنسان إذا حضره [
…
] (3).
419 -
[عن أنس بن مالك رضي الله عنه، «أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرَ ابْنَ الْعَوَّامِ، شَكياَ الْقَمْلَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي
غَزْوَةٍ (4) لَهُمَا، فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ، فَرَأَيْته (5)
(1) في نسخة الزهيري: «فأنكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان» ، وهو لفظ البخاري، برقم 3014.
(2)
رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب قتل الصبيان والحرب، برقم 3014، واللفظ له، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب، برقم 1744.
(3)
ما بين المعقوفين انقطع الشرح من الشريط العشرين، واللَّه المستعان.
(4)
في نسخة الزهيري: «في غزاة» ، وهذا لفظ البخاري، برقم 2920، ومسلم، برقم 26 - (2706).
(5)
في نسخة الزهيري: «ورأيته» ، الواو بدل الفاء، والذي في المتن لفظ البخاري، برقم 2920. كذا بأصول العمدة، وفي البخاري، ومسلم: «خاصة».
عَلَيْهِمَا» (1)] (2).
420 -
421 -
عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما قال: «أَجْرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا ضُمِّرَ مِنَ الْخَيْلِ مِنَ الْحَفْيَاءِ، إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ: مِنَ الثَّنِيَّةِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى» .
قال سفيان: «مِنَ الْحَفْيَاءِ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ: خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَمَنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ: مِيلٌ» (5).
(1) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الحرير في الحرب، برقم 2920، والسياق له، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب إباحة لبس الحرير للرجل، إذا كان به حكة أو نحوها، برقم 2076 بنحوه.
(2)
ما بين المعقوفين سقط من التسجيل فأثبته من أصل البخاري، ومسلم، وعمدة الأحكام.
(3)
كذا بأصول العمدة، وفي البخاري، برقم 2904، ومسلم، برقم 1757، بلفظ:«خاصة» .
(4)
رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب المجن ومن يتّرس بترس، برقم 2904، بلفظه، إلا قلوه:«يعزل نفقة أهله سنة» ، بدل منها في الصحيحين:«ينفق على أهله نفقة سنة» ، ورقم 4885، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب حكم الفيء، برقم 1757 مثل لفظ البخاري.
(5)
رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب هل يقال مسجد بني فلان، برقم 420، وكتاب الجهاد والسير، باب السبق بين الخيل، برقم 2868، واللفظ له، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، برقم 1870، ولم يذكر قول سفيان.
422 -
وعنه رضي الله عنهما قال: «عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1) يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةَ (2)، فَلَمْ يُجِزْنِي في المُقَاتَلَةِ (3)، وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (4)، فَأَجَازَنِي» (5).
125 -
قال الشارح رحمه الله:
هذه الأحاديث الأربعة تتعلق بأمر الجهاد، تقدم أن الجهاد من القُرب العظيمة، من أفضل التطوعات، بل هو أفضل التطوعات، لما فيه من نشر الإسلام والدعوة إليه، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وغير ذلك من المصالح العظيمة، وهو فرض كفاية في بعض الأحيان، وواجب على الأعيان في بعض الأحيان، وسُنة بالنسبة إلى
(1) في نسخة الزهيري: «عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم» .
(2)
«سنة» : ليست في نسخة الزهيري، وهي في البخاري، برقم 4097، ومسلم، برقم 1868.
(3)
«في المقاتلة» : ليست في نسخة الزهيري، ولم أجدها في الصحيحين.
(4)
«سنة» : ليست في نسخة الزهيري، وهي في البخاري، برقم 4079، ومسلم، برقم 1868.
(5)
رواه البخاري، كتاب الشهادات، باب بلوغ الصبيان وشهادتهم، برقم 2664، ولفظه:«عن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي» ، ورقم 4097، ولفظه:«عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْهُ، وَعَرَضَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَهُ» ، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب بيان سن البلوغ، برقم 1868 بلفظ: عنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:«عَرَضَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَعَرَضَنِي يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي» .
بعض الناس، وقد أكثر اللَّه من ذكره في كتابه العظيم والحث عليه بالنفس والمال، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (1)، ويقول: سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بأَمْوَالِكُمْ وَأنْفُسِكُمْ في سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (2)، ويقول عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (3) الآية، ويقول صلى الله عليه وسلم:«جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَأَنْفُسِكُمْ، وَأَلْسِنَتِكُمْ» (4)،
ويقول عليه الصلاة والسلام: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ــ وَاَللَّهُ أعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ ــ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ» (5).
فالجهاد له شأن عظيم في نصر الإسلام وحمايته، ونشر دعوته، وبسط أحكامه، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وتوسيع رُقعة الإسلام، إلى غير هذا من المصالح العظيمة.
(1) سورة الصف، الآيتان: 10 - 11.
(2)
سورة التوبة، الآية:41.
(3)
سورة التوبة، الآية:111.
(4)
مسند أحمد، 19/ 272، برقم 12246، وأبو داود، كتاب الجهاد، باب كراهية ترك الغزو، برقم 2504، والنسائي، كتاب الجهاد، باب وجوب الجهاد، برقم 3098، وابن حبان، 11/ 6، برقم 4708، والحاكم، 2/ 81، وقال:«صحيح على شرط مسلم» ، ووافقه الذهبي، وصححه محققو المسند 19/ 272، وصححه العلامة الألباني في صحيح أبي داود، 7/ 265، برقم 2262 ..
(5)
رواه البخاري، برقم 2787، ومسلم، برقم 1878، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 410.
وهذه الأحاديث منها حديث عبدالرحمن بن عوف والزبير في ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم لهما في لبس الحرير، هذا يدل على أنه إذا أصابت الإنسان حكة، أو مرض في الجلد ينفع منه الحرير، فلا بأس أن يلبسه المسلم لهذا العلاج؛ لأن تحريمه ليس تحريماً عاماً، وإنما هو تحريم خاص، للرجال خاصة، ومباح للنساء، فليس من جنس الميتة، وليس من جنس الخنزير، وإنما هو تحريم خاص كتحريم الذهب على الرجال دون النساء، فإذا كانت المصلحة تقتضي لبسه للرجل من أجل الدواء والعلاج فلا بأس، ولهذا رخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة من الغزوات في لبسه، لعلاج الحكة التي بهما بسبب القمل الذي أصابهم.
وفي الحديث الثاني: بيان أن ما أوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب، هذا يكون فيه الغنيمة وفيه الخمس لبيت المال، وأما ما لم يوجف عليه المسلمون، بل تركه الكفار خوفاً من المسلمين، أو أجلاهم ولي الأمر لمضرتهم وشرهم، فإنه يكون لبيت المال؛ ولهذا قال جل وعلا:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ ــ يعني الكفار ــ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1)، وصار هذا المال وهو مال بني النضير للرسول خاصة، يعني لبيت المال، يأكل منه صلى الله عليه وسلم، ويعزل نفقة
(1) سورة الحشر، الآية: 6 ..
أهله، والباقي يجعله في الكراع السلاح عدة في سبيل اللَّه عز وجل ، وهكذا ولي الأمر، بيت المال ليس له، ولكن يأخذ منه حاجته وحاجة أهله بالقسط بالتوسط، والباقي يكون في مصالح المسلمين في الجهاد وغير ذلك من مصالح المسلمين.
وفيه من الفوائد: أنه لا بأس أن يعزل نفقة أهله سنة، لا بأس أن يجعل لها نظاماً خاصاً في حفظ بعض الأموال سنة كاملة للنفقة، ولا بأس إذا كان أكثر من ذلك، إذا أدَّى الحقوق من زكاة وغيرها فلا حرج، إذا كان عنده أموال كثيرة تجارة إذا أدَّى حقها.
وفيه من الفوائد:
حديث ابن عمر في إجراء الخيل للمسابقة، والمسابقة سُنة، تُعرف الفرس الطيبة والناقة الطيبة، كان النبي يسابق بين الخيل وبين الإبل، وكان ابن عمر ممن سابق في الخيل، وكانت الخيل قسمين: قسماً مضمراً يعني مهيأة للسباق، وقسماً غير مضمر، والمضمر هو الذي يُعنى به قبل السباق بعلف خاص وطريقة خاصة، حتى يستعد للسباق بخف [
…
] (1)، ويكون صالحاً للمسابقة، وهذا يكون أمده طويلاً، مسافة طويلة، أما الخيل [التي لم تُضمَّر](2) تكون مسافتها أقل؛ لأنها ما تتحمل، لم تُعدَّ.
قال سفيان: كان أمد الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة
(1) ما بين المعقوفين كلمة غير واضحة، ولا تؤثر في المعنى.
(2)
ما بين المعقوفين في كلام الشيخ أصله: «اللي ما ضمِّرت» .
أميال، والتي لم تُضمَّر كان أمدها ميلاً، يعني خمس مسافة المضمَّر.
هذا يفيد شرعية المسابقة الشرعية بين الخيل والإبل، حتى يُعرف جيِّدها من غيره، وحتى تكون مُعدة إعداداً صالحاً للجهاد، وهكذا المسابقة بالرمي حتى يكون المسلم جيد الرمي، إذا رمى أصاب الهدف، النضال: وهو المسابقة بالرمي مطلوب، حتى يعتاد الرمي يقوى تقوى يده على ذلك وبصره على ذلك، وحتى يتمرن على كيفية الرمي، وكيفية إصابة الهدف، حتى لا تطيش رمايته عن الهدف، إذا تعلم وتمرّن في المسابقة بالرمي صار ذلك من أسباب إصابته العدو إذا قصده.
والهدف يُسمَّى اليوم الشبح [يجعل شيئاً معلوماً](1): حجر، أو لوح، أو أشياء تكون هدفاً معروفاً (2) [
…
] (3) أما المسابقة بالأقدام، أو بحمل الأثقال، أو ما أشبه ذلك، فلا يكون فيها عوض، لا بأس بها، لكن بدون عوض.
لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا سبق» أي لا عوض «إلَاّ فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ» (4). النصل: الرمي، أو خف: الإبل، أو حافر: الفرس.
(1) ما بين المعقوفين أصله في كلام الشيخ «يحطّ شي معلوم» .
(2)
آخر الوجه الأول من الشريط العشرين.
(3)
ما بين المعقوفين سقط يسير، لا يؤثر على المعنى ..
(4)
أخرجه أبو داود، كتاب الجهاد، باب في السبق، برقم، 2574، والترمذي، كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرهان والسبق، برقم 1700، والنسائي، كتاب الخيل، باب السبق، برقم 3586، وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، 5/ 333، برقم 1506.
وفي حديث ابن عمر الحديث الرابع: الدلالة على أن الطفل إذا كمل خمس عشرة سنة صلح للقتال، وصلح لغيره مما يعمله المكلفون، وببلوغ خمس عشرة سنة صار مكلفاً، وصار من جملة الرجال.
قال ابن عمر: عرضت على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أُحد فلم يجزه في المقاتلة؛ لأنه دون خمسة عشر، وعُرض عليه يوم الخندق، وقد بلغ خمسة عشر فأجازه، وفي اللفظ الآخر:«فأجازني، ورآني قد بلغت» (1) ، فدل ذلك على أن من كان دون خمسة عشر لا يُجاز في القتال فهو طفل؛ لأنه قد يُخدَع، وقد لا يُتقن الرماية كما ينبغي، ولم يبلغ حد التكليف في الغالب، خمسة عشر ما بعد بلغ، لا بالإنبات ولا بالاحتلام، فالحاصل أنه إذا بلغ خمس عشرة سنة صار من المكلفين، وهذا حد واضح في السن، وقد يبلغ بغير السن: كالإنزال والاحتلام وغيره من أسباب الشهوة، وقد يبلغ بالإنبات: إنبات الشعر الخشن حول الفرج وهي الشعرة، هذه الأمور الثلاثة هي الدلائل على بلوغ الحلم، وهي الإنبات، والإنزال بشهوة، وإكمال خمس عشرة سنة.
وهكذا المرأة مثله إذا أنبتت، أو بلغت خمس عشرة سنة، أو أنزلت باحتلام أو غيره بلغت، وتزيد المرأة أمراً رابعاً، وهو
(1) أخرج ابن حبان، 11/ 30، برقم 4728، والدارقطني، 4/ 115، كتاب السير، برقم 40، ولفظه:«عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَلَمْ يَرَنِ بَلَغْتُ، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَأَجَازَنِي» ، وصححه محقق ابن حبان، وصححه العلامة الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، 5/ 8، برقم 1186.
الحيض، إذا حاضت صارت مكلفة.
وفيه من الفوائد: أن الصبيان يمنعون من المقاتلة؛ لأنهم قد يفرطون، قد يسببون هزائم على الناس، لجهلهم وقلة بصيرتهم، وقد يضرون في اشتراكهم في القتال، لعدم بلوغهم حد التمييز والبصيرة، التي تعينهم على القتال والكرّ والفرّ، فماداموا لم يبلغوا فيمنعون، كما منع النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر حتى بلغ.
423 -
424 -
425 -
عن أبي موسى عبد اللَّه بن قيس الَأشْعَرِي رضي الله عنه (5) عن النَّبيِّ
(1) رواه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب سهام الفرس، برقم 2863، ولفظه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا» ، وفي كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، برقم 4228، ولفظه:«قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» قَالَ: فَسَّرَهُ نَافِعٌ، فَقَالَ:«إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ» ، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين، برقم 1762، واللفظ له.
(2)
في نسخة الزهيري: «وعنه أيضاً» .
(3)
في نسخة الزهيري: «من» ، وهو هكذا في البخاري، برقم 3135.
(4)
رواه البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين، برقم 3135، بلفظه، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب الأنفال، برقم 1750 بنحوه.
(5)
«الأشعري» : ليست في نسخة الزهيري.
- صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا» (1).
426 -
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الرَّجُلِ: يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (2).
126 -
قال الشارح رحمه الله:
هذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بالجهاد، والنفل، والإخلاص، سبق أن الجهاد فضله عظيم، ومصالحه كثيرة، وأصله فرضٌ على المسلمين فرضُ كفاية، وقد يجب على الأعيان، فإذا لم يكن فرضاً صار في حق الشخص سُنة، من أفضل العبادات وأفضل القُربات، وهو من وسائل إعلاء كلمة اللَّه، ومن وسائل نشر الإسلام، وتكثير المسلمين، وتنفيذ أحكام اللَّه، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وله مصالح كثيرة، ولهذا شرعه اللَّه لعباده، وأوجبه في الجملة، وعظَّم شأن أهله، حتى قال جل وعلا في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ
(1) رواه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من حمل علينا السلاح فليس منا» ، برقم 7071، بلفظه، ومسلم، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«من حمل علينا السلاح فليس منا» ، برقم 100 بلفظه أيضاً.
(2)
رواه البخاري، كتاب العلم، باب من سأل وهو قائم عالماً جالساً، برقم 123، وكتاب التوحيد، باب قوله تعالى:{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا} ، برقم 7458 بلفظه، ومسلم، كتاب الإمارة، باب من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه، برقم 1904بلفظه أيضاً.
وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} (1)، وقال جل وعلا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (2)، وقال جل وعلا:{انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (3)، والآيات في ذلك كثيرة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المجاهد في سبيل اللَّه، واللَّه أعلم بمن يجاهد في سبيله: كمثل الصائم القائم» (4)، في هذا يقول ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم:«جعل للفرس سهمين وللراجل سهماً» ، يعني في الغنيمة، وهذا لأن الفارس له أثر عظيم في الجهاد، والفرس لها مؤونة؛ فلهذا صار نصيب الفارس من الغنيمة أكثر، لأنه ينفع في الكرِّ والفرِّ وصراع الأعداء أكثر مما ينفع الراجل، فيكون له ثلاثة أسهم، الفرس لها سهمان والراجل له سهم، أما الراجل فله سهم واحد، فقوله: للفرس سهمين. يعني: للفرس سهمين غير سهم راكبها، فيكون الجميع ثلاثة أسهم، وللراجل سهم واحد.
(1) سورة التوبة، الآية 111.
(2)
سورة الصف، الآيتان: 10 - 11.
(3)
سورة التوبة، الآية:41.
(4)
رواه البخاري، برقم 2787، ومسلم، برقم 1878، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 410.
وفي الحديث الثاني يقول رضي الله عنه: كان صلى الله عليه وسلم ينفل بعض من يبعث في السرايا لأنفسهم خاصة، سوى قسم عامة الجيش، تنفيل للزيادة سُمِّيت أنفال: يعني ما يزاد للمجاهدين على سهامهم.
وتطلق الأنفال على الغنيمة؛ لأن اللَّه نفلها المسلمين، وسلمها للمجاهدين: النفل المراد هنا كونه يُعطى المجاهد زيادة على سهمه من أجل غنائه (1) لما حصل منهم في الإسلام، وكان ينفل بعض السرايا إذا بعثهم من الجيش، السرية قطعة من الجيش يبعثها ولي الأمر؛ لأن تغزو بعض القرى، أو بعض القبائل، ثم ترجع، فينفلهم شيئاً من الغنيمة، زيادة من الخمس؛ لأنهم في انفرادهم من الجيش قد يحصل لهم بعض الخطر، فإذا غامروا وصبروا يكون جديراً بأن يشجعوا ويعطوا زيادة.
وكان يعطي في البداءة الربع، والرجعة الثلث بعد الخمس، تشجيعاً لهم، وتقديراً لأعمالهم وجهادهم، فإذا رجعوا نزع لهم الثلث ووزعه بينهم، والباقي للغانمين بعد الخمس.
وفي البداءة يعطون الربع بعد الخمس؛ لأن في البداءة أكثر خطراً بخلاف ما إذا كان بعد رجوع الجيش، فقد يكون عليهم الخطر أكثر.
وقد ينفِّلهم عموماً على الغنائم التي صارت لهم من نفس الخمس
(1) الغَنَاءُ - بالفتح -: النَّفْعُ، والغَنَاءُ، بِفَتْحِ الْغَيْنِ ممدودٌ: الإِجْزاءُ والكفايَة، يُقَالُ: رَجُلٌ مُغْنٍ أَي مُجْزئٌ كافٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الغَنَاءُ مصدرُ أَغْنَى عنْكَ، أَي كَفاكَ. لسان العرب،
15 -
/ 138، مادة (غني).
زيادة من نفس الخمس: تقديراً لأعمالهم، وجهودهم، وجهادهم، كما تقدم في حديث ابن عمر: أن كل واحد حصل من الغنيمة اثنا عشر بعيراً، ونفلهم بعيراً بعيراً، زيادة من الخمس، وولي الأمر ينظر في المصلحة، ويعالج الأمور بما يقتضي تشجيع المجاهدين، وتقدير أهل النكاية في العدو أكثر من غيرهم، حتى يكون لهم من البلاء والجهاد أعظم من غيرهم، بسبب تقديرهم وتنفيلهم.
ويقول صلى الله عليه وسلم: «من حمل علينا السلاح فليس منا» (1)، هذا وعيد، والمعنى: أنه لا يجوز حمل السلاح على ولي أمر المسلمين،
والخروج عن الطاعة، بل يجب السمع والطاعة لولاة الأمور، وعدم شق العصا، فإن من حمل علينا السلاح، يعني خرج على ولاة الأمور بشق العصا، وتفريق الكلمة، وهي الثورات التي تحصل من بعض الناس على ولاة الأمور ويسمونها الانقلاب، أو ما يسببون الانقلاب، إذا كان ولي الأمر ثابتاً على الإسلام لم يأت كفراً بواحاً؛ فإنه لا يجوز الخروج
عليه، ولا شق العصا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:«من أتاكم وأمركم جميع، يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه» (2)، ويقول:«من حمل علينا السلاح فليس منا» .
وسئل عليه الصلاة والسلام عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ــ أي حمية لقومه وجماعته ــ ويقاتل رياءً، أي ذلك في سبيل اللَّه؟ فأجاب
(1) البخاري، برقم 7071، ومسلم، برقم 100.
(2)
مسلم، كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، برقم 1852.
- عليه الصلاة والسلام بقوله: «من قاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه» (1).
الذين يقاتلون من أجل إظهار الشجاعة [ليس](2) من أجل اللَّه، بل ليُقال إنه شجاع أو جريء، أو مقدام، هذا ليس من المجاهدين، وليس له أجر الجهاد، أو يُقاتل حمية لقومه، لا لقصد الأجر، بل حمية لعشيرته وجماعته، أو يُقاتل رياءً ليُثنى عليه، ويُقال: إنه كذا وكذا، هؤلاء ليسوا في سبيل اللَّه، وإنما المجاهد في سبيل اللَّه الذي يُقاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا فهو في سبيل اللَّه، يُقاتل لإعلاء الإسلام لنشر الإسلام؛ ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وللدفاع عن المسلمين، هذا هو الذي يقاتل في سبيل اللَّه، والموعود بالجنة والكرامة إذا قُتِل شهيداً في سبيل اللَّه، وقد يُبتلى الإنسان فإذا بُلي صار قتاله مشروعاً.
قتاله عن نفسه، أو عن دينه، أو عن أهله، أو عن ماله، هذا أيضاً يعتبر قتالاً شرعياً، إذا قتل صاحبه يكون شهيداً، لأنه يدافع عن حق، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (3) الحديث.
(1) رواه البخاري، برقم 123، ومسلم، برقم 1904، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 426.
(2)
ما بين المعقوفين أصله في كلام الشيخ: «ما هوب» .
(3)
أخرجه الإمام أحمد، 3/ 190، برقم 1652، وأبو داود، كتاب السنة، باب في قتال اللصوص، برقم 4772، والترمذي، كتاب الديات، باب ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد، برقم 1421، والنسائي، كتاب تحريم الدم، من قاتل دون دينه، برقم 4095، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» ، وقال الترمذي:«حسن صحيح» ، وقوّى إسناده محققو المسند، 3/ 190، وصححه العلامة الألباني في إرواء الغليل، 3/ 164، برقم 708.
وجاءه رجل فقال: يا رسول اللَّه يأتيني رجل يريد مالي ــ يعني يقاتلني، يريد أخذ مالي ــ قال:«لا تعطه مالك» ، قال: فإن قاتلني؟ قال: «فقاتله» ، قال: فإن قتلني؟ قال: «فأنت شهيد» ، قال: فإن قتلته؟ قال: «فهو في النار» (1)؛
لظلمه وعدوانه، فالذي يقاتل دفاعاً عن نفسه أو أهل بيته أو ماله أو دينه، بأن أُريد منه ما يخالف دينه فهو شهيد إذا قُتل.
(1) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق، كان القاصد مهدر الدم في حقه، برقم 140، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرج الطبراني في المعجم الكبير، 20/ 313، برقم 746، والأوسط، 2/ 170، برقم 1611، وابن أبي شيبة، 5/ 468، برقم 28043، والنسائي في المجتبى، برقم 4092، وفي السنن الكبرى،
3 -
/ 450، برقم 3530، عن مخارق قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الرَّجُلُ يَاتِينِي يُرِيدُ مَالِي؟ قَالَ: «ذَكِّرْهُ بِاللَّهِ» ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَذَّكَّرْ؟ قَالَ: «فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَنْ حَوْلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَوْلِي أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: «فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ السُّلْطَانَ» ، قَالَ: فَإِنْ نَأَى السُّلْطَانُ عَنِّي؟ قَالَ: «قَاتِلْ دُونَ مَالِكَ حَتَّى تَكُونَ مِنْ شُهَدَاءِ الآخِرَةِ أَوْ تَمْنَعَ مَالَكَ» ، وجوّد أسانيده العقيلي في الضعفاء، 4/ 301.