الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ» (1)، فالسنة للمسلمين هكذا، أن ينادوا الصلاة جامعة، وأن يصلوا ركعتين، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بقراءتين، وركوعين، وسجدتين، ويطوّل في ذلك، كما طوّل النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يُكثر من الصدقة، والتهليل، والتكبير، والاستغفار، وعتق الرقاب، كل هذا من أسباب العافية من العقوبات، فالنُذر من اللَّه كثير، والواجب على أهل الإسلام، وعلى كل عاقل أن ينتفع من هذه الذكرى، ومن هذه النذارة، وأن يخشى اللَّه ويراقبه، وأن يستفيد من الآيات حتى يعد العدة، ويحذر أسباب الهلاك.
29 - باب صلاة الاستسقاء
157 -
عن عبد اللَّه بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال: «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ» (2).
وفي لفظٍ: «أَتَى (3) الْمُصَلَّى» (4).
158 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، «أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ،
(1) رواه البخاري، برقم 1041، ومسلم، برقم 911، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 154.
(2)
رواه البخاري، كتاب الاستسقاء، باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء، بلفظه، برقم 1024، ومسلم بنحوه، كتاب الاستسقاء، برقم 4 - (894) بلفظ: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى.
(3)
في نسخة الزهيري: «إلى» ، وهي في البخاري، برقم 1012، و1027.
(4)
رواه البخاري، كتاب الكسوف، باب الاستسقاء في المصلى، برقم 1027، ومسلم، كتاب الاستسقاء، برقم 1، 2، 3 - (894)، بلفظ: خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى.
فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» ، قَالَ أَنَسٌ: فَلا (1) وَاَللَّهِ، مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَاءِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ: فَلا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتاً، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ النَّاسَ (2)، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِماً، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُمْسِكَهَا عَنَّا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ، وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» ، قَالَ: فَأَقْلَعَتْ. وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ».
قال شَرِيكٌ: «فسألت أنس بن مالك، أَهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ قَالَ: لا أَدْرِي» (3).
قال المصنف رحمه الله (4): (الظِّرَاب) الجبال الصغار.
و (الآكام) جمع أكَمَة، وهي أعلى من الرابية، ودون الهضبة.
(1) في نسخة الزهيري: «ولا» ، وهو لفظ البخاري، برقم 1013، ومسلم، برقم 897.
(2)
«الناس» : ليست في نسخة الزهيري.
(3)
رواه البخاري، كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء في المسجد الجامع، برقم 1013، 1014، ومسلم، كتاب الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، برقم 897.
(4)
«قال المصنف رحمه الله» : ليست في نسخة الزهيري.
و (دار القضاء) دار عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سُمّيت بذلك لأنها بيعت في قضاء دينه (1).
39 -
قال الشارح رحمه الله:
هذان الحديثان الصحيحان الثابتان عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، كلاهما يدل على شرعية الاستسقاء، وهو طلب السُّقيا، أي طلب الغيث، ويقال: الاستغاثة: أي طلب الغوث، والغوث يكون في طلب إزالة الشدة بسبب الجدب، والقحط، وقلة المياه، يقال: استسقى طلب السُّقيا، واستغاث طلب الغوث لإزالة الشدة، ويقال: الغيث، وهو المطر، طلب الغيث الذي هو المطر. وهذا سنة مؤكدة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام فعلها، فدّل ذلك على سنيتها، وتأكدها، وفيها فوائد، منها:
الضراعة إلى اللَّه، واللجوء إليه، وإظهار العبودية، والمسكنة، والانكسار للمولى سبحانه وتعالى، واللَّه يحب من عباده أن ينكسروا إليه، وأن يعبدوه، وأن يعظموه، وأن يذلوا له، وأن يسألوه من فضله، حيث قال سبحانه:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2)، وقال عز وجل:{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (3).
وفيه من الفوائد: أنه ينبغي للأمة أن تفعل ذلك إذا وجد الجدب والقحط، ينبغي لهم أن يستغيثوا، ويسألوا اللَّه من فضله؛ لأن السراء،
(1) من قوله: والآكام جمع أكمة
…
إلى: في قضاء دينه»: ليست في نسخة الزهيري.
(2)
سورة غافر، الآية:60.
(3)
سورة النساء، الآية:32.
والضراء امتحان من اللَّه، يختبر بهما العباد، فالمؤمنون عند السراء يشكرون، وعند الضراء يصبرون، ويسألون ربهم الغيث، والهداية، والرحمة، والإحسان.
الحديث الأول: حديث عبداللَّه بن زيد بن عاصم الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس إلى الصحراء، فصلى بهم في المصلى واستغاث، فرفع يديه ودعا وطلب السُقيا وحوّل رداءه ما على الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن، يعني قلب رداءه، وتوجه للقبلة يدعو بعدما قلب رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة (1).
وفي حديث ابن عباس - كما في السنن - أنه «صَلَّى كَمَا يُصَلِّي فِى الْعِيدِ» (2)،
فدّل ذلك على أنه عند الجدب، والقحط يُشرع لولي الأمر والمسلمين، أن يستغيثوا، ويستسقوا، ويُشرع للعامة أن يطلبوا من ولي الأمر ذلك إذا تأخر، حتى يستغيث لهم، كما فعله
(1) انظر: البخاري، كتاب الاستسقاء، باب تحويل الرداء في الاستسقاء، برقم 1012 بلفظ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَاسْتَسْقَى، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ»،وهو في مسلم، كتاب صلاة الاستسقاء، برقم 1،2، 3، 4 - (894).
(2)
هو في السنن: عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَبَذِّلاً، مُتَوَاضِعًا، مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى، - زَادَ عُثْمَانُ فَرَقِي عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ اتَّفَقَا - وَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ، وَالتَّكْبِيرِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ» . هذا لفظ أبي داود، كتاب صلاة الاستسقاء، باب جُمَّاع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها، برقم 1165، والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في صلاة الاستسقاء، برقم 558، والنسائي، كتاب الاستسقاء، باب جلوس الإمام على المنبر للاستسقاء، برقم 1510، وما بعده، وحسن إسناده الشيخ الألباني في صحيح أبي داود، 4/ 329 ..
المسلمون مع نبيهم عليه الصلاة والسلام، فإذا عزموا على ذلك خرجوا صباحاً، ويُبلّغ الناس، ويعلّمهم ويحدد لهم الوقت، فيجتمعون، فإذا طلعت الشمس وارتفعت، خرج وصلى بهم، وخطب بهم، وصلى بهم ركعتين، وهو مُخير إن شاء صلى أولاً، ثم خطب كما جاء في حديث عبداللَّه بن زيد، وإن شاء قدم الصلاة كما في العيد، ثم خطب بعد ذلك، كما في الرواية الأخرى، بدأ بالصلاة ثم خطب، هما سُنتان، ولعله فعلها صلى الله عليه وسلم تارةً وتارة، تارةً بدأ بالصلاة، وتارة بدأ بالخطبة، كما هنا في حديث ابن عباس: أنه صلاهما كما يصلي في العيد، يعني صلى ثم خطب، وفي هذه الصلاة، وفي هذا الدعاء يستغيث اللَّه، ويحث الناس على الاستغفار والتوبة والاستقامة على طاعة اللَّه، والحذر من المعاصي، ويذكر اللَّه، ويمجده سبحانه وتعالى، ثم يصلي ركعتين، وإن شاء قدم الصلاة ثم خطب الناس، وذكرهم واستغاث لهم، وطلب لهم الغيث من اللَّه جل وعلا، ويجهر بالقراءة في الصلاة كالعيد، يصلي صلاةً جهرية، يصلي ركعتين، يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام، وفي الآخرة خمساً غير تكبيرة النقل، ثم يقرأ بعد التكبيرات كالعيد، وله أن يستسقي في الجمعة، كما في حديث أنس المذكور، فإنه صلى الله عليه وسلم استسقى في خطبة الجمعة، «جاءه رجل، «وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْأمْوَال، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا، (وكان يخطب في الجمعة)، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، ودعا: اللَّهُمَّ أغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، قَالَ أَنَسٌ: فوَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ
سَحَابةٍ، وَلَا قَزَعَة (السماء خالية)، وَليس بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ (جبل معروف) بَيْتٌ، وَلَا دَارٌ (يعني
يشاهدون الجبل عندهم)، فبينما هم كذلك إذْ طَلَعَتْ سَحَابَةٌ مِنْ وَرَاءِ الجبل مِثْل التُّرْسِ (يعني صغيرة)، ثم انْتَشَرَتْ في السماء، ثُمَّ أَمْطَرَتْ» (1) بإذن اللَّه عز وجل، والناس في مسجدهم، ما بعد خرجوا من المسجد، وهذا فيه آية من آيات اللَّه القائل سبحانه:{إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (2)، كانت الإغاثة بسرعة بأمر اللَّه سبحانه وتعالى، في حالة الدعاء والصلاة.
وفيه أيضاً دلالة على أنه رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام، وهذه من معجزاته كونه دعا فأُجيب في الحال فيما ينفع العباد، ولم يخرج الناس من المسجد إلا وهم يمشون في المطر، هذه من آيات اللَّه، ومن نعمه العظيمة، ومن الدلائل على قدرته العظيمة، وأنه رب العالمين، وأنه القادر على كل شيء، وأن محمداً هو رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام، حيث أجاب دعوته في الحال، وأرسل المطر في الحال على عباده المسلمين.
وفيه من الفوائد: أنه لا مانع أن يتكلم الإنسان مع الإمام في الحاجة وهو يخطب، الواجب على المسلمين الإنصات، لكن إذا كان هناك حاجة لا مانع أن يتكلم معه بعض الناس، كأن يقول: يا فلان، يا أبا فلان، يا إمامنا، ادع اللَّه لنا، استغث لنا، حصل كذا وكذا
(1) البخاري، برقم 1014، ومسلم، برقم 897، وتقدم تخريجه في حديث المتن رقم 158.
(2)
سورة يس، الآية:82.
مما يحتاج إلى التنبيه في الخطبة، لا بأس أن يتقدم بعض المأمومين، ويقول له شيئاً في الخطبة مما تدعو الحاجة إليه، حتى ينبّه عليه وهو في الخطبة.
ولا بأس أن يتكلم الإمام بما يرى في الخطبة من النصيحة، أو توجيه، أو تنبيه أحد، ولهذا في بعض الروايات لما رأى رجلاً دخل المسجد ولم يصلِ ركعتين قال:«قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» (1) تحية المسجد. وهو في الخطبة عليه الصلاة والسلام.
وفيه أنه «دَخَلَ رَجُلٌ فِي الْجُمُعَةِ الْأخرى» استمر معهم المطر سبتاً، أي أسبوعاً والسماء تمطر، فجاء رجل يوم الجمعة التي بعدها وقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عنّا، يمسك المطر، فَرَفَعَ يديه صلى الله عليه وسلم، ودعا:«اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ، وبطون الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَر، قَالَ: فَأَقْلَعَتْ (أي أقلعت السُّحب في الحال) وَخَرَجَ الناس يَمْشون فِي الشَّمْسِ» (2)،
هذه أيضاً من آيات اللَّه جلّ وعلا الدالة على قدرته العظيمة، وأنه يقول للشيء كن فيكون سبحانه وتعالى، ومن الدلالة على صدق رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول اللَّه حقاً، حيث أجاب اللَّه دعوته
(1) البخاري، برقم 931، ومسلم، برقم 875، وتقدم تخريجه في تخريج أحاديث شرح حديث المتن رقم 118.
(2)
البخاري، برقم 1014، ومسلم، برقم 897، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 158 ..
في الحال عليه الصلاة والسلام في المرة الأولى والثانية، وفي بعض الروايات أنه تبسَّم عليه الصلاة والسلام (1)؛ لما رأى من ضعف الناس وعدم تحملهم لما جاءه يقول له:«ادْعُ اللَّهَ يُمْسِكُها عَنَّا» (2)، في الجمعة الأولى يسأل هطول المطر، وفي الجمعة الثانية يطلب الإمساك، هذا يدل على ضعف بني آدم، وأنهم لا يتحملون الشيء الكثير؛ لأنه قد يُخرِّب بيوتهم، ويضرهم، ويضر أنعامهم.
وفيه أنه لا مانع من طلب مثل هذا الطلب: «اللَّهم حوالينا ولا علينا» ولم يقل: اللَّهم أمسكها عنا. قال: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا» ، فدّل هذا على أن هذا هو السنة أن يقول:«اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا، وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ، وبطون الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَر» .
الآكام: الأشياء المرتفعة.
بطون الأودية: معروف.
ومنابت الشجر: أي الأراضي التي يحصل فيها النبات، حتى
(1) أخرجه البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم 3582، ولفظه:«عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: أَصَابَ أَهْلَ المَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتِ الكُرَاعُ، هَلَكَتِ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ يَسْقِينَا، «فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا» ، قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ أَنْشَأَتْ سَحَابًا، ثُمَّ اجْتَمَعَ ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ المَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى الجُمُعَةِ الأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: تَهَدَّمَتِ البُيُوتُ فَادْعُ اللَّهَ يَحْبِسْهُ، فَتَبَسَّمَ، ثُمَّ قَالَ:«حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا» فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ تَصَدَّعَ حَوْلَ المَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ».
(2)
البخاري، برقم 1014، ومسلم، برقم 897، وتقدم تخريجه في حديث المتن رقم 158.