الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نبذة عن حياة مؤلف العمدة: الإمام عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي
أولاً: نسبه، ومولده، ونشأته، ومكانته العلمية:
هو الإمام المحدّث المحقّق المؤرِّخ حافظ عصره، تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر الجَمَّاعيلي المقدسي، ثم الدمشقي (1).
ولد سنة إحدى وأربعين وخمسمائة بجمَّاعيل (2)، وكان قدومه مع أسرته من بيت المقدس إلى مسجد أبي صالح خارج الباب الشرقي لمدينة دمشق أولاً، ثم انتقلت أسرته إلى سفح جبل قاسيون، فبنوا داراً تحتوي على عَدَدٍ كبيرٍ من الحجرات، دُعيت بدار الحنابلة، ثم شرعوا في بناء أول مدرسة في جبل قاسيون، وهي المعروفة بـ «المدرسة العُمرية» ، وقد عُرفت تلك الضاحية التي سكنوها بالصالحيّة فيما بعد نسبة إليهم؛ لأنهم كانوا من أهل العلم والصلاح.
وقد نَشَرَتْ هذه الأسرة الجليلة المذهب الحنبلي في الشام، فانتشرت مدارس المذهب لا في الصالحية فحسب، بل في دمشق ذاتها، وكثر أتباع هذا المذهب في ضواحيها كدومة، والرحيبة، والضمير، وبعلبك، وأثرت هجرتهم في مذهب الإمام أحمد، فقد استطاعوا بدراساتهم، وتآليفهم الفقهية أن يوجدوا كتباً قيّمة في مذهب الإمام أصبحت عمدة المذهب الحنبلي إلى أيامنا، وأثّروا
(1) انظر: سير أعلام النبلاء، للإمام الذهبي، 21/ 443 - 444.
(2)
انظر: المرجع السابق، 21/ 444.
أيضاً في علم الحديث، وظلّوا نحو مائة عام يعدّون من فطاحل علماء الحديث، وانتشرت في عصرهم دور الحديث في الصالحيّة ودمشق، وأدخلوا على هذا العلم اتجاهات جديدة كان لها أكبر الأثر في تنسيق علوم الحديث، وتصنيف أبحاثه المتعددة.
وقد تتلمذ الحافظ عبد الغني في صغره على عميد أسرته العلاّمة الفاضل الشيخ أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، ثم تتلمذ على شيوخ دمشق وعلمائها، فأخذ عنهم الفقه، وغيره من العلوم، ثم قصد بغداد سنة (560 هـ)، ونزل عند الإمام الشيخ عبدالقادر الجيلاني، فقرأ عليه شيئاً من الفقه، والحديث، وأقام عنده نحو أربعن يوماً، بعدها مات الشيخ الجيلاني، فأخذ عن الشيخ أبي الفتح بن المني الفقه والخلاف، ثم رحل إلى أصبهان، فمكث فيها وقتاً طويلاً يدرُس، ويُدرِّس، إلى أن عاد إلى بغداد مرة ثانية سنة (578هـ)، فحدّث بها، وانتقل من ثم إلى دمشق، فأخذ يقرأ الحديث في رواق الحنابلة من مسجد دمشق الأموي، فاجتمع الناس عليه، وكان رقيق القلب، سريع الدمعة، فحصل له قبول من الناس عظيم، فحسده بنو الزكي، وبنو الدَّوْلعي، وجهزوا الناصح ابن الحنبلي، فتكلم تحت قبة النسر في المسجد الأموي، وأمروه أن يجهر بصوته ما أمكنه حتى يشوش على الحافظ عبد الغني، وعند ذلك حوّل الحافظ ميعاد درسه إلى ما بعد العصر، فذكر يوماً عقيدته، فثار عليه القاضي ابن زكيّ الدِّين، وضياء الدين الدَّوْلعي، فعقدا له مجلساً في