الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
49 - باب العرايا وغير ذلك
271 -
عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ، أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا» (1).
ولمسلم: «بِخَرْصِهَا تَمْراً، يَاكُلُونَهَا رُطَباً» (2).
272 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه، «أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» (3).
273 -
عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما، أن رسولّ اللهِ صلى الله عليه وسلم (4) قال:«مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرُهَا (5) لِلْبَائِعِ، إلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» (6).
ولمسلمٍ: «مَنِ ابْتَاعَ عَبْداً فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ، إلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَ
(1) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب بيع المزابنة، وهو بيع التمر بالثمر، وبيع الزبيب بالكرم، وبيع العرايا، برقم 2188، بلفظه، إلا أن في أوله همزة: «أرخص
…
»، ومسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرطب بالثمر إلا في العرايا، برقم 60 - (1539)، بلفظ:«رخّص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها من التمر» ،.
(2)
رواه مسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، برقم 61 - (1539).
(3)
رواه البخاري، كتاب البيوع، باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب أو الفضة، برقم 2190، واللفظ له، ومسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، برقم 1541.
(4)
في نسخة الزهيري: «أن النبي صلى الله عليه وسلم» .
(5)
في نسخة الزهيري: «فثمرتها» .
(6)
رواه البخاري، كتاب البيوع، باب من باع نخلاً قد أبرت، أو أرضاً مزروعة، أو بإجارة، برقم 2204، واللفظ له، ومسلم، كتاب البيوع، باب من باع نخلاً عليها ثمر، برقم 1543 بلفظه ايضاً.
الْمُبْتَاعُ» (1).
73 -
قال الشارح رحمه الله:
الحديثان الأولان يدلان على تحريم بيع الكلب، وأن ثمنه خبيث، وزجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وعن ثمن السِّنَّوْر، وهو القِطّ، فلا يجوز بيع القطّ، ولا بيع الكلب، كما روى مسلم في صحيحه، قال:«زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن السنور والكلب» (2)، وهنا قال:«نهى الرسول عن مهر البغي، وثمن الكلب، وحلوان الكاهن» .
وفي حديث رافع: «ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ. وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ» ، هذا يدلّ على تحريم هذه المكاسب الخبيثة، التي هي ثمن الكلب، وثمن القط، كما تقدم، ومهر البغي، والبغي هي الزانية، ما تُعطاه في مقابل الزنى، يقال له مهر، ويقال له أجر، وهذا حرام؛ لأنه في مقابل الحرام، وما كان في مقابل الحرام يكون حراماً، فالزنى حرام، وما يدفع إليها في مقابل ذلك حرام، ومنكر، وسحت، هكذا حلوان الكاهن، وحلوان الكاهن ما يُدفع إليه ليخبر عن المغيَّبات، المشعوذين يُعطون
(1) رواه البخاري، كتاب المساقاة، باب الرجل يكون له ممر، أو شِرْبٌ في حائط، أو في نخل، برقم 2379، بلفظ:«من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع، ومن ابتاع عبداً، وله مال، فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع» ، ومسلم كتاب البيوع، باب من باع نخلاً عليها ثمر، بلفظ قريب من لفظ البخاري، برقم 80 - (1543).
(2)
أخرجه مسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب تحريم ثمن الكلب، وحلوان الكاهن، ومهر البغي، والنهي عن بيع السنور، برقم 1569، ولفظه:«عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا، عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ؟ قَالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ» .
فلوساً، حتى يُخبِّروا [عن ماذا يصير، وما لا يصير، فالمال الذي يُدفَع إليهم حرام](1)؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن سؤال السحرة، والكهنة، والعرافين، وعن تصديقهم، فما يدفع إليهم بسبب أخبارهم التي يدَّعونها عن المغيبات، كله منكر، والثمن حرام؛ فلا يجوز أن يدفع إليهم مال، ولا يجوز أن يسألوا، ولا يُصدقوا أيضاً، ولو بغير مال.
النبي عليه السلام قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» (2)، وسُئل عن الكهان قال:«لا تأتوهم ليسوا بشيء» (3)، وقال:«مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ عليه الصلاة والسلام» (4).
فهؤلاء يدّعون علوم الغيب، ويدعون معرفة المغيبات، هؤلاء لا يؤتون، ويعرف من حالهم، أو من فحوى كلامهم، ومن عاداتهم، ما
(1) ما بين المعقوفين أصل كلام الشيخ: «عن ويش يصير كذا، ويش يصير كذا، أنا باتزوج، كوني أبسط، أو ما أبسط، ويش جرى لكذا، ويش صار في كذا، مرضي كذا، ويش أسباب كذا، من هؤلاء المشعوذين هذا المال الذي يدفع إليهم حرام» .
(2)
مسلم، كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230.
(3)
البخاري، كتاب الأدب، باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء، وهو ينوي أنه ليس بحق، برقم 6213، ومسلم، كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228، ولفظه:«قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْكُهَّانِ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسُوا بِشَيْءٍ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَانًا الشَّيْءَ يَكُونُ حَقًّا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنَ الحق يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ، فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ، فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ كَذْبَةٍ» .
(4)
مسند أحمد، 15/ 331، برقم 9536، وكتاب السنة للخلال، 4/ 117، برقم 1302، وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، 8/ 246، ومسند ابن الجعد، ص: 289، برقم 1950، وحسنه محققو المسند، 15/ 331، وقال الصنعاني في فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار، 3/ 1714:«صحيح الإسناد، وقال العراقي في أماليه: حديث صحيح» .
يدلّ على أنهم يدّعون علم الغيب، أو استخدام الجن، هؤلاء لا يُسألون، ولا يُصدَّقون، ولا يُعطَوْن فلوساً، وكذلك الفلوس التي يُعطَونها، ويأخذونها حرامٌ عليهم، الواجب أن يزجروا، ويُمنعوا، ويستتابوا، فإن تابوا، وإلا وجب قتلهم إذا لم ينزجروا إلا بذلك، تعزيراً لهم حتى لا يقع فسادٌ في الأرض والذي يصرُّ على دعوى علم الغيب يكون كافراً، نسأل اللَّه العافية؛ لأن اللَّه عز وجل يقول:{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَاّ اللَّهُ} (1)، أما كسب الحجام، فهذا (2) سُمِّي خبيثاً [
…
] (3) كالبصل (4)، والكراث، فهو خبيث لما فيه من الرائحة الكريهة، والحجام كسبه خبيث؛ لما فيه من الدناءة؛ لكونه في مقابل استخراج الدم، فيه نوع الخبث لكن، لا يكون حراماً، ليس من جنس مهر البغي، ولا من جنس حلوان الكاهن، ولا من جنس ثمن الكلب؛ لأنه له خصوصية: خبثه، ورداءته، كسب رديء، ولكن ليس بحرام، مثل ما قال النبي في الثوم والبصل:«إنهما شجرتان خبيثتان» (5)،
فالحاصل أنه ينبغي أن يكون في غير
(1) سورة النمل، الاية:65.
(2)
آخر الوجه الأول من الشريط الثاني عشر، سُجِّل في 25/ 7/ 1409هـ.
(3)
ما بين المعقوفين سقط يسير لا يؤثِّر على المعنى.
(4)
أول الوجه الثاني من الشريط الثاني عشر.
(5)
روى مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوماً، وبصلاً، أو كراثاً، أو نحوها، برقم 567، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال وهو على المنبر:«.... ثُمَّ إِنَّكُمْ، أَيُّهَا النَّاسُ تَاكُلُونَ شَجَرَتَيْنِ، لَا أَرَاهُمَا إِلَّا خَبِيثَتَيْنِ، هَذَا الْبَصَلَ وَالثُّومَ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنَ الرَّجُلِ فِي الْمَسْجِدِ، أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ، فَمَنْ أَكَلَهُمَا فَلْيُمِتْهُمَا طَبْخًا» .
المأكل والمشرب.
وقد حجم النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له أبو طيبة، وأعطاه أجره على الحجامة (1)، ولو كان حراماً لم يُعطه عليه الصلاة والسلام.
أما حديث زيد بن ثابت وأبي هريرة في العرايا، هما يدلان على جواز العرايا، والعرايا مثل ما بينها زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رخص في بيع العرية أن تؤخذ بخرصها تمراً يأكله أهله رطباً، وهكذا حديث أبي هريرة أن الرسول رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق، أو فيما دون خمسة أوسق، والصواب فيما دون؛ لأنه للشك: العلماء أخذوا فيما دون، لأن الراوي شك: هل قال خمسة، أو دون، فيؤخذ بالاحتياط، ويكون شرط ذلك أن يكون دون خمسة أوسق، والوَسق ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فالمعنى أنه لا بأس في العرايا في أقل من ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أن يكون الإنسان عنده تمر، ولا يكون عنده نقود، في الغالب ما يتيسر له الشراء بالنقود، فيشتري ثمر نخلة، أو نخلتين بالخرص، ويسلم لهم تمراً مقابل ذلك، فإذا خرصوا النخلة مثلاً عشرين صاعاً، أعطاه عشرين صاعاً من التمر، خرصوها ثلاثين، أعطاهم ثلاثين مثلاً بمثل، لكن هذا بالكيل، والرطب يكون بالخرص بما يؤول إليه
(1) أخرج البخاري، كتاب البيوع، باب ذكر الحجام، برقم 2102، ومسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب حل أجر الحجام، برقم 1577:«عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: حَجَمَ أَبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا مِنْ خَرَاجِهِ» .
تمراً، تخرص هذه النخلة، أو النخلات بما تؤول إليه إذا أتمرت، ويؤخذ مقابلها من صاحب العريَّة من صاحب المال الذي يريد الشراء، يأخذها مقابلها تمراً أصواعاً بأصواع، مثلاً بمثل هذه العرايا.
وشرطها أن يكون في أقل من خمسة أوسق، وشرطها أن يكون يداً بيد، هذا يسلم التمر، وهذا يخلي بينه وبين النخلة، أو النخلات، ويكون بالخرص خرصه تمراً، وإذا كان يستطيع النقود ينبغي أن يشتري بالنقود، ويدع هذا الأمر المشتبه، يشتري بالنقود حتى يكون أبعد له عن الشبهة.
حديث ابن عمر يقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ، فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ، إلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» ، إذا باع نخلاً قد لُقحت، التأبير: التلقيح، فالثمرة للبائع؛ لأنها قد ظهرت فتكون للبائع، تبقى على حساب البائع إلى أن تنضج، ثم يأخذها البائع مشروطة على المشتري، إلا أن يشترط المبتاع، يقول المبتاع ترى الثمرة لي، فإذا شرطها المبتاع فهي للمشتري إذا شرطها، وإلا فالأصل أنها بعد التأبير تكون للبائع، أما قبل التأبير فللمشتري إذا باع النخل قبل أن يؤبر، ولو كان قد أطلع لكن ما بعد شق، وما بعد أبر، يكون للمشتري، فإن كان أُبر فهو للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع المشتري إذا اشترط، قال: ترى النخل والثمرة لي، إذا اشترط هذا على البائع، تكون الثمرة له مع الأصل، هكذا من باع عبداً له مال، فماله للبائع إلا أن يشترط المشتري، فإذا باع عبداً له مال، باع عبداً له فرس، له
سلاح، فهي للبائع، ما تكون تبعه تكون للبائع، إلا أن يشترطه المشتري، قال: ترى فرسه معه، ترى سلاحه معه، إلا الثياب العادية، الثياب التي يلبسها الشيء الذي يتبعه عادة، هذا يكون تبعه الملابس العادية، تكون تبعاً له، سواء ثياب جمال أو غيرها، تكون تبعاً له، أما المال الذي ليس مما يتبعه في العادة كالسلاح: مثل المطية، مثل الفرس، مثل أثاث البيت، هذا يكون للبائع، إلا أن يشترطه المشتري إذا شرطه، فهو له، فالمسلمون على شروطهم.
274 -
وعنه بأنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» (1).
وفي لفظٍ «حَتَّى يَقْبِضَهُ» (2).
وعن ابن عباس مثله (3).
275 -
وعن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه، أنه سمع رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول وَهُوَ بِمَكَّةَ (4) عَامَ الْفَتْحِ: «إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ،
(1) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب الكيل على البائع والمعطي، بلفظه، برقم 2126، ومسلم، كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، برقم، 1526.
(2)
رواه البخاري، كتاب البيوع، باب ما يذكر في بيع الطعام والحُكرة، برقم 2133، ومسلم، كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، برقم 36 - (1526).
(3)
رواه البخاري، كتاب البيوع، باب ما يذكر في بيع الطعام، برقم 2132، بلفظ:«أن رسول الَّه صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الرجل الطعام حتى يستوفيه» ، ومسلم، كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، برقم 1525، بلفظ:«من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه» .
(4)
«وهو بمكة» : ليست في نسخة الزهيري، وهي في البخاري، برقم 2236.
وَالأَصْنَامِ»، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؟ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَالَ:«لا، هُوَ حَرَامٌ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، عِنْدَ ذَلِكَ:«قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ (1) شُحُومَهَا، جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» (2).
جملوه: أي (3) أذابوه.
74 -
قال الشارح رحمه الله
هذه الأحاديث الثلاثة:
الأول منها والثاني يتعلق ببيع الطعام، وما في حكمه، نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام إذا اشتراه حتى يستوفيه، يُنهى من اشترى طعاماً أن يبيعه حتى يستوفيه، كما دل عليه حديث ابن عمر، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما، وجاء في هذا المعنى عدة أحاديث، كلها تدل على أنه لا يجوز بيع الطعام حتى يُستوفى، قال ابن عمر: كنا نضرب على ذلك حتى ننقله من أعلى السوق إلى أسفله (4)، وفي اللفظ الآخر: حتى ننقله إلى رحالنا (5)، قال ابن عباس: وما أظن إلا غير الطعام مثله، فلا يُباع شيء
(1)«عليهم» : ليست في نسخة الزهيري، وهي في البخاري، برقم 4633، ومسلم، برقم 1581.
(2)
رواه البخاري، كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام، برقم 2236، ومسلم، كتاب المساقاة والمزارعة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، برقم71 - (1581).
(3)
«أي» : ليست في نسخة الزهيري.
(4)
أخرج الإمام أحمد، 8/ 338، برقم 4716، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:«كَانُوا يَتَبَايَعُونَ الطَّعَامَ جُزَافًا بِأَعْلَى السُّوقِ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يَنْقُلُوهُ» ، وصححه محققو المسند.
(5)
أخرج البخاري، كتاب البيوع، باب من رأى إذا اشترى طعاماً جزافاً أنه لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله، والأدب في ذلك، برقم 2137: عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ:«لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَبْتَاعُونَ جِزَافًا» يَعْنِي الطَّعَامَ، يُضْرَبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ، حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ».
حتى يُستوفى ويُقبض (1)،
ويدل على هذا أيضاً حديث زيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن تُباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (2)، وهكذا حديث عبداللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:«لا يحل سلم وبيع ولا بيع ما ليس عندك» (3).
وحديث حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبع ما ليس عندك» (4)، هذه كلها تدل على أنه لا يباع المبيع، وأنت ما قبضته،
(1) أخرج البخاري عن طَاوُس، قال: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، يَقُولُ: أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ» ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا مِثْلَهُ» ..
(2)
أخرج أبو داود، كتاب البيوع، باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى، برقم 3501، والحاكم في المستدرك، 2/ 40، وصححه، والدارقطني في سننه، كتاب البيوع، 3/ 13، برقم 36، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«ابْتَعْتُ زَيْتًا فِي السُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْتُهُ لِنَفْسِي لَقِيَنِي رَجُلٌ، فَأَعْطَانِي بِهِ رِبْحًا حَسَنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ» ، وحسنه لغيره الألباني في صحيح أبي داود، برقم 3501.
(3)
أخرج الإمام أحمد، 11/ 253، برقم 6671، وأبو داود، كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم 3506، والترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم 1234، والنسائي، كتاب البيوع، بيع ما ليس عند البائع، برقم 4611: عن عَمْرو بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذَكَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» ، وحسنه محققو المسند، 11/ 253، وحسنه الألباني في إرواء الغليل، 5/ 147، برقم 2257.
(4)
أخرج أحمد، 24/ 26، برقم 15311، وأبو داود، كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم 3503، والترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم 1232، والنسائي، كتاب البيوع، بيع ما ليس عند البائع، برقم 4613، وابن ماجه، كتاب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك، وعن ربح ما لم يضمن، برقم 2187، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَاتِينِي الرَّجُلُ يَسْأَلُنِي الْبَيْعَ، لَيْسَ عِنْدِي مَا أَبِيعُهُ، ثُمَّ أَبِيعُهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ:«لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» ، وصححه لغيره محققو المسند، 24/ 26، والعلامة الألباني في إرواء الغليل، 5/ 132، برقم 1292.
لأنه مادام عند البائع، فهو ليس في قدرتك، وهو محل خطر قد تستوفيه، وقد لا تستوفيه، وقد يبدو للبائع أشياء تحول بينك وبين قبضه، فلا تبع حتى تستوفي وتقبض، سواء كان طعاماً، أو غير طعام، وإذا كان الطعام بالكيل حتى يكتال أيضاً، وإن كان بالجزاف حتى يقبض ويستوفى، وهكذا الإبل، والبقر، والغنم، والأموال الأخرى حتى تقبض، بما جرت العادة به، بالعرف الذي تقبض به، بالتخلية كالعقار، والأرض، ونحو ذلك، أو بالنقل، كقبض البعير، وقبض الشاة، وقبض المتاع، وقبض السيارة، يعني حتى تزول يد البائع، وحتى تستقر يد المشتري عليه.
وفي حديث جابر بن عبداللَّه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ، وَالْأَصْنَامِ» (1). خطب الناس يوم الفتح يعني فتح مكة، وبين لهم أن اللَّه حرم بيع الخمر لأنها خبيثة وبيعها إعانةٌ على شربها فاللَّه يقول جل وعلا:{وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالعُدْوَانِ} (2)،
وثبت أنه صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة: «لعن اللَّه
(1) البخاري، برقم 2236، ومسلم، برقم 1581، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 275.
(2)
سورة المائدة، الآية: 2 ..
الخمر، وشاربها، وساقيها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها» (1).
عشرة، الخمر نفسها معلونة، أي مذمومة وقبيحة ومنكرة وهكذا من ذُكر.
لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها، والشارب، والساقي، كلهم ملعونون، نعوذ باللَّه، فيجب الحذر من هذا الشراب الخبيث، الذي يغتال العقول، ويسبب الوقوع في أنواعٍ من الشرور بفساد العقل، وكل ما أسكر فهو خمر: من أنواع المشارب والمآكل: الحشيشة، والحبوب المسكرة، وأنواع الأشربة التي تغير العقل، كلها تسمى خمر، قال عليه الصلاة والسلام:«كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» (2).
وهكذا الميتة، حرم اللَّه بيعها؛ لأنها لا يجوز أكلها خبيثة نجسة، فلا
(1) أخرج الإمام أحمد، 8/ 405، برقم 4787 عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشْرَةِ وُجُوهٍ: لُعِنَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، وَشَارِبُهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعُهَا، وَمُبْتَاعُهَا، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَحَامِلُهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَآكِلُ ثَمَنِهَا» ، ولفظ أبي داود، برقم 3676، عن ابْنِ عُمَرَ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَشَارِبَهَا، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَعَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ» ، ولفظ الترمذي، برقم 1295، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: عَاصِرَهَا، وَمُعْتَصِرَهَا، وَشَارِبَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَسَاقِيَهَا، وَبَائِعَهَا، وَآكِلَ ثَمَنِهَا، وَالْمُشْتَرِيَ لَهَا، وَالْمُشْتَرَاةَ لَهُ»، ولفظ ابن ماجه، برقم 3380، عن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشَرَةِ أَوْجُهٍ: بِعَيْنِهَا، وَعَاصِرِهَا، وَمُعْتَصِرِهَا، وَبَائِعِهَا، وَمُبْتَاعِهَا، وَحَامِلِهَا، وَالْمَحْمُولَةِ إِلَيْهِ، وَآكِلِ ثَمَنِهَا، وَشَارِبِهَا، وَسَاقِيهَا» ، وصححه محققو المسند 8/ 405، بطرقه وشواهده، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، ص: 47، برقم 3371، وصحح حديث أنس في صحيح الترغيب والترهيب، 2/ 297، برقم 2357.
(2)
مسلم، كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام، برقم 2003.
تباع إلا ميتة السمك، فالجراد كالسمك، يباع حياً وميتاً، وهكذا السمك حياً وميتاً، فهو مباحٌ لنا، كما في حديث ابن عمر:«أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ، وَدَمَانِ، فالْمَيْتَتَانِ: الْجَرَادُ، وَالْحُوتُ، وَالدَّمَانِ: الْكَبِدُ، وَالطِّحَالُ» (1).
والخنزير كذلك هذا النوع الثالث: الخنازير محرم بيعها، وأكلها جميعاً لخبثها، فلا تؤكل، ولا تباع.
والأصنام: الصور، لا تباع؛ لأنها تشبيه بخلق اللَّه، ومضاهاة لخلق اللَّه؛ ولأنها من أسباب الشرك، فإن وجود الأصنام، والصور في البيوت، والمنازل وفي متعبدات من أسباب الشرك، ولاسيما إذا كانت من صور المعظَّمين: كالملوك، والرؤساء، وذوي المال، والعلماء، وأشباههم ممن يعظم، فإن المشركين كانوا في غابر الأزمان يعبدون صور ملوكهم، ومعظَّميهم، وهكذا من بعدهم، تبعهم في ذلك إلى يومنا هذا، فلهذا حرّم اللَّه بيع الأصنام كلها، سواء كانت على صور الحيوانات، أو بني آدم، أو الطيور، أو غير ذلك؛ لأن بيعها وسيلة إلى شرٍّ كثير؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:«أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون خلق اللَّه» (2)،
وفي اللفظ
(1) أخرجه الإمام أحمد، 10/ 16، برقم 5723، والشافعي في مسنده، ص 340، وابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال، برقم 3314، وحسن إسناده محققو المسند، 10/ 16، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 2/ 232، برقم 3305.
(2)
البخاري، كتاب اللباس، باب ما وُطئ من التصاوير، برقم 5054، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفرش ونحوه، وأن الملائكة عليهم السلام لا يدخلون بيتاً فيه صورة ولا كلب، برقم 2107، ولفظ البخاري: عن عائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَأَىهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَتَكَهُ وَقَالَ:«أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» قَالَتْ: فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ، ولفظ مسلم: عن عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَأَىهُ هَتَكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وَقَالَ:«يَا عَائِشَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ» .
الآخر: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ» (1)، فلا يجوز بيع الصور، لا النسائية، ولا الرجالية، ولا صور الحيوان البهيم، ولا صور بني آدم، كلها ممنوعة، لأن اللَّه حرمها وحرم ثمنها.
فقيل: يا رسول اللَّه أرأيت شحوم الميتة؟! الشحوم يُطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس. قال:«لا، هو حرام، قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ، لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ الشُّحُومَ جَمَلُوها، ثُمَّ بَاعُوها، وَأَكَلُوا أثَمَانَها» (2)، أي تحيّلوا، قالوا: ما حرم علينا إلا الأكل، ونحن لا نأكل، فجملوها، يعني أذابوها [ميَّعوها](3) على النار، حتى صارت ذوباً، وصارت دهناً، قالوا: ما بعنا شحماً، بعنا دهناً، ثم أكلوا الثمن، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بتعاطيهم هذه الحيل، واليهود أصحاب حيل، وجُرأة على محارم اللَّه، فلا يجوز للمسلم التشبه بهم
(1) رواه البخاري، كتاب اللباس، باب عذاب المصورين يوم القيامة، برقم 5950، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، وتحريم اتخاذ ما فيه صورة غير ممتهنة بالفرش ونحوه، وأن الملائكة عليهم السلام لا يدخلون بيتاً فيه صورة ولا كلب، برقم 2109.
(2)
رواه البخاري، برقم 2236، ومسلم، برقم 1581، وتقدم تخريجه في تخريج حديث المتن رقم 275.
(3)
ما بين المعقوفين كلمة غير واضحة، والظاهر أنها «ميَّعوها» ، وحذفها لا يؤثر في المعنى.