الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيّن لنا أن كل ما أنهر الدم سواء: من حديد، أو خشب، أو أي شيء كان له حد، إذا أسال الدم، هذه الذكاة الشرعية، إلا السن والظفر.
قال: «أما السن فعظم» فدل على أن العظام لا يُذبح بها، «وأما الظفر فمُدى الحبشة» ، فنهى عن التشبه بهم في الذبح بالظفر، ولو أن المصيد صغير، كالعصفور، وأشباهه، لا يُذبح بالظفر، يُذبح بالسكين، ونحوها، ولا يذبح بالظفر، ولا بالسن لا يعضُّ عليه بالسن، ولا بعظم آخر، ولا يذبح بالأظفار، فهذان النوعان لا يذبح بهما: لا بالسن، ولا بغيره من العظام، ولا بالظفر، ولكن يُذبح بغير ذلك، مما له حد ينهر الدم مع ذكر اسم اللَّه عند الذبح، يقول:(بسم اللَّه)، فإن نسي، ولم يُسم نسياناً، أو جهلاً حلت الذبيحة:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَانَا} (1)، أما الذي يتعمد يعلم أن التسمية مشروعة، ويتعمد ولا يبالي ما تحل الذبيحة.
62 - باب الأضاحي
397 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقَرْنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا» (2).
(1) سورة البقرة، الآية:286.
(2)
رواه البخاري، كتاب الأضاحي، باب التكبير عند الذبح، برقم 5565، بلفظه، ومسلم، كتاب الأضاحي، باب استحباب الضحية، وذبحها مباشرة بلا توكيل، والتسمية والتكبير، برقم 1966.
الأملح: الأغبر، وهو الذي فيه سواد وبياض.
118 -
قال الشارح رحمه الله:
في حديث أنس: «أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما» .
هذا يدل على شرعية الضحية: أنه يُشرع للمسلم أن يُضحي، كما ضحى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه ذبح أحدهما عنه، وعن أهل بيته، وذبح الثاني عمن وحد اللَّه من أمته عليه الصلاة والسلام، فالسنة ضحية واحدة عن أهل البيت، عن الرجل وأهل بيته، ولو كانوا كثيراً، واحدة تكفي، وإن ضحى بأكثر فلا بأس.
وهذا يدل على أن الكبش الأملح الأقرن أفضل من غيره، وإن ذبح شاة، أو ماعزاً، أو إبلاً، أو بقراً، لا بأس كله طيب، لكن إذا كان كبشين أملحين (والأملح: الذي فيه سواد وبياض)، أقرن (له قرنان)، هذا أفضل الضحايا، وإذا ذبح أسود أو أبيض خالصاً أو بلونٍ آخر أو بأنثى أو بكبش ليس له قرن، كله يجزئ، لكن هذا من باب الأفضلية.
وفيه أن السنة يتولاها المضحي بيده إذا استطاع، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يتولاها بيده، صاحب الضحية يتولاها بنفسه، ويذبحها بنفسه، هذا هو الأفضل، فإن كان ما يستطيع، أو ما يُحسن وَكَّل من يقوم مقامه ويذبح عنه، سواء رجل أو امرأة، حتى المرأة
تذبح لنفسها، إذا كانت تعرف وتُحسن.
وفيه أنه يضع رجله على صفاحهما (1)، حتى يتمكن من الذبح، ولا تحتاج إلى تربيط، إنما يطرحها على جنبها الأيسر، البقرة والشاة على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة، هذا هو الأفضل، والبعير ينحر نحراً في لبته، وهو واقف معقولة يده اليسرى، هذا هو الأفضل، ويأكل ويطعم من الضحية يتصدق، يطعم الأقارب والجيران، ويأكل منها، ويدخر منها إذا شاء قليلاً، لا بأس.
(1) صفح كل شيء: وجهه، وناحيته، ومنه الحديث:«غير مقنع رأسه، ولا صافح بخده» أي غير مبرز صفحة خدّه، ولا مائل في أحد الشقين. النهاية في غريب الحديث والأثر،
3 -
/ 33، مادة (صفح).